استفحل الإرهاب وتوحش فى البلاد بعد ان أعاد تنظيم أوراقه ليعلن بكل وقاحة وخسة دخول مصر في عهد جديد من الاغتيالات السياسية، التى ستطول رموز الشرطة والجيش والقضاء والاعلام على السواء وبعد أن كنا نسمع بين الحين والآخر عن دوى انفجار قنبلة بدائية الصنع فى مكان أو آخر، استيقظنا على عملية إجرامية تمت بحرفية عالية واستهدفت المقدم محمد مبروك وهو فى طريق عودته الى منزله، ضابط الأمن الوطنى والشاهد الوحيد قى قضية اتهام الرئيس المعزول مرسى بالتخابر، وله باع طويل فى مكافحه الإرهاب. الطريقة التى اغتيل بها المقدم محمد مبروك ضابط أمن الدولة أكدت أن الحادث مدبر وأن هناك عزما وتصميما من جماعة الإخوان المسلمين على تصفية واغتيال هذا الضابط بأي ثمن لأنه يلعب دورا في محاكمة محمد مرسي، من أجل تعطيل محاكمته. الخبراء الأمنيون أكدوا أن هذا الحادث بداية لعهد آخر من الاغتيالات السياسية من أجل الثأر للمعزول مرسى وإرهاب الشعب ومؤسساته، وطالبوا بضرورة الكشف عن الجناة فى أسرع وقت ممكن وتوقيع أقصى عقوبة عليهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه أن يعبث بأمن مصر. وصف الخبير الأمنى محمود قطرى الحادث بالخسيس، والمخالف لكل المبادئ، وعبر عن أسفه الشديد لفقدان مصر ضابطا مثل محمد مبروك، الذى له صولات وجولات فى مكافحة الارهاب، ثم يقتل فى غفلة، رغم أنه معلوم أنه مستهدف من قبل جماعة الإخوان وجماعات الإرهاب السياسى، وكان لابد من توفير حماية خاصة له، لا أن يترك يطعن فى ظهره ويستشهد على يد الإرهاب الإثم. وحمل الخبير الأمنى الداخلية مسئولية استشهاد هذا الضابط قائلا: دم هذا الضابط فى رقبة الداخلية لأنها لم توفر له الحماية الأمنية الكافية، وهو الشاهد الوحيد فى قضيه الهروب الكبير من وادى النطرون، منتقدا عدم وجود منظومة للأمن الوقائى من شأنها حماية الشوارع من تغلغل الإرهابيين فيها وممارسة الإرهاب بهذا الشكل، محذرا من حدوث سلسلة اغتيالات بحق رموز الدولة من الشرطة والقضاء وهو أمر ينبغى عدم التهاون معه لأن فترة حكم مرسى تم خلالها السماح لكافة الفصائل الارهابية الدخول الى البلاد وأصبحت مصر ملاذا لها، ومن ثم فهى ستسعى إلى الثأر للمعزول بأى ثمن، خاصة بعد أن انتشروا فى محافظات مصر وأصبحت أيديهم تعبث فى كل مكان بالتخريب. وأشار إلى أن الهدف الأساسي من اغتيال ضابط الأمن الوطني هو تعطيل العدالة والمحاكمات، وأن الجماعة ستطارد كل من يمثل خطرا حقيقيا عليها وخاصة ضباط الأمن الوطني لأن هناك علاقة عداء مشتركة بينهم لأنه يملك الكثير من المعلومات عن الجماعة. وناشد «قطرى» وزير الداخلية ضرورة تغيير استراتجية عمل وزارته بشكل أكثر جدوى وبما يحافظ على أرواح الضباط ويحميهم من الإرهاب الذى يعشش فى كل شبر فى مصر. واتفق معه فى الرأى الخبير الأمني محمد ربيع الدويك مؤكدا أن واقعة اغتيال المقدم البطل محمد مبروك، فى غاية الخطورة لعدة أسباب منها أن هذا الرجل فى مقدمة الضباط الذين وهبوا أنفسهم وأرواحهم لله وفداء للوطن، وتولى ملفا من أخطر ملفات عمل جهاز الأمن الوطنى وهو بالغ الأهمية والخطورة على الأمن القومى المصرى كما ان الشهيد مبروك يجمع بين نشاطى مكافحة الجاسوسية ومكافحة التطرف والإرهاب وأنجز فى هذا الملف انجازا منقطع النظير وتمكن من إثبات تورط رئيس الجمهورية فى جريمة تجسس وتخابر وتطرف وإرهاب. وكشف الخبير الأمني عن تورط كل من جهاز المخابرات الأمريكية والتركية وأجهزة معلومات الحلف الأطلنطى فضلا عن التنظيم الدولى للإخوان المسلمين فى حادث اغتيال المقدم مبروك، نظرا لما قام به هذا الضابط من إنجاز للعمل فى وقت قياسى وتقييمه للادلة الدامغة على إدانته، حيث قدم للعالم نموذجا فريدا من الاجرام، وهو أن يكون رئيس الجمهورية جاسوسا وعميلا ومن ثم فإن عملية إثبات التهم عليه من أصعب ما يكون، خاصة أن هذه القضية أثيرت ومرسى فى سدة الحكم، وحوله حاشيته وتنظيمه الإرهابى الذى لا يتوقف عن ممارسة الإرهاب المنظم وفقا لخطط دولية. وعبر عن اسفه لفقدان مصر بطلا مثل المقدم محمد مبروك الذى كان له دور هام فى كشف المخطط الامريكى الصهيونى المسمى بالشرق الأوسط الجديد، ومخطط الفوضى الخلاقة الذى أنفقت عليه أمريكا المليارات من أجل تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ كما حدث فى العراق والسودان، وما يحدث الآن فى سوريا وليبيا. ولفت «الدويك» الى أن جريمة الاغتيال هى جريمة بالغة الدقة فى التخطيط وفى التنفيذ والإخراج الإجرامى، وهو ما ظهر من تعمد جماعة الإخوان إعداد مظاهرة خصيصا عقب صلاة العشاء لتهيئه مسرح الجريمة ويتمكن الجناة من الهرب. وأكد أن تنفيذ الجريمة بهذه الحرفية العالية يشير الى بدء مرحلة جديدة من الاغتيالات السياسية المخطط لها بدقة وأحكام من قبل محترفين للإرهاب، وهو ما يستلزم إعادة خطط تأمين الشخصيات المهمة والمنشآت الحيوية وتأمين سرية المعلومات والتحركات فضلا عن تغيير أسلوب المواجهة من مواجهة الإخوة التى تشجع على مزيد من الارهاب وعمليات الاغتيال إلى مواجهة حاسمة تغلق هذه الآليات بالغة الخطورة على الأمن القومى والدولة المصرية بكافه أجهزتها. مضيفا: لا يعقل أن تتم مواجهة الرصاص الحى والخرطوش والعدوان الإرهابى بالغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه فهذه مهزلة أمنية وليست خططا أمنية. وشدد الخبير الأمنى على ضرورة تكثيف خدمات تأمين الشوارع ورموز رجال الدولة والشخصيات المهمة بعربات حراسة وأفراد على قدر عال من الكفاءة والتسليح ولديهم القدرة على التعامل الفورى وإحباط أى محاولة اغتيال أو أى عملية إرهابية، مشيرا الى أهمية استعمال أسلوب الردع فى مواجهة الجرائم الإرهابية بكافة صورها، لأن الإرهاب لا دين له ولا وطن ومتجرد من كل القيم الإنسانية موضحا أهمية توسيع دائرة الاشتباه بشقيه السياسى والجنائى، فضلا عن التوعية الإعلامية بخطورة الإرهاب وخلق وعى شعب أمنى لدى الجمهور بالإبلاغ عن أى معلومات أو ملاحظات حال الاشتباه بحدوث جريمة. وفى نفس السياق وصف اللواء فاروق حمدان مساعد وزير الداخلية الأسبق مشهد اغتيال الضابط مبروك بالخسيس والذى قام به إرهابيون مأجورون تنفيذا لتوعد المعزول بالانتقام من القيادات الأمنية، مؤكدا أن هذا الحادث يعتبر علامة فارقة فى تاريخ الإرهاب الأسود، لأنه نال هذه المرة من أحد الضباط الشرفاء الأكفاء والذى له باع كبير فى مواجهة التطرف والإرهاب. وأعرب عن تفاؤله بقدرة الداخلية والجيش على ردع الإرهاب، بما خطت يد الضابط الشهيد من تحريات وأدله دامغة على تورط المعزول وجماعته فى قضيه التخابر والتجسس، مؤكدا أن هذا الحادث سيكون الشعلة التى ستوقد الحماس داخل نفوس الضباط وتزيدهم إصرارا على مواجهه الإرهاب، وليس معنى اغتيال الشهيد «مبروك» أن تغلق ملفاتهم وانما هناك آلاف من الضباط الذين لديهم اصرار شديد على حماية الوطن بأرواحهم ويطلبون الشهادة فى سبيله بأرواحهم الطاهرة. واختتم حمدان حديثه قائلا: المعركة مع الإرهاب مستمرة وعلينا أن نضع كافه الاحتمالات ونتخذ كافة الإجراءات الاحتياطية لأن التنظيم الدولى مازال يعقد الاجتماعات السرية ليحيك المؤامرات بالوطن.