استقرار سعر الدولار اليوم الثلاثاء في البنوك    مصر تشارك الأردن تجربتها الرائدة في إنشاء المدن الذكية وإسكان محدودي الدخل    أسعار الدواجن في الأسواق اليوم الثلاثاء 28-5-2024    متحدث الحكومة: الدولة لن تستمر في تحمل كل هذه الأعباء ولابد من تحريك الأسعار    أسعار اللحوم اليوم قبل عيد الأضحى.. «البلدي» تبدأ من 320 جنيها    رئيس وزراء إسبانيا: الدولة الفلسطينية حق مشروع لشعبها    لأول مرة.. أوروبا تجري مناقشات حول فرض عقوبات على إسرائيل    "فرنسا الدولي" يسلط الضوء على تداعيات اعتراف إسبانيا وأيرلندا والنرويج بالدولة الفلسطينية    منتخب مصر يبدأ معسكره الاستعدادي لمباراتي بوركينا وغينيا بيساو    سلتيكس يقصي بيسرز ويصعد لنهائي دوري السلة الأمريكي    مواعيد القطارات بين القاهرة والأقصر وأسوان طوال إجازة عيد الأضحى    منخفض جوي صحراوي.. الأرصاد تحذر من نشاط للرياح على المحافظات    أرقام جلوس الثانوية العامة 2024.. على موقع الوزارة الإلكتروني    مترو الأنفاق يكشف تفاصيل عطل الخط الأول «المرج الجديدة - حلوان»    اليوم.. الإعلان عن الفائزين بجوائز الدولة في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية    رحيل «الكابتن».. وفاة الفنان فؤاد شرف الدين    «الإفتاء» توضح سنن وأحكام الأضحية.. احرص عليها للفوز بأجرها    «الصحة» تبحث تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال مع الجانب الفرنسي    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية لقرية المثاني بالنجيلة لمدة يومين    حقوق الإنسان والمواطنة: هناك قضايا تحتاج للمناقشة فى الحوار الوطنى    فتح متحف التراث السيناوي مجانًا بمناسبة يوم الطفل    وزير الكهرباء يشهد افتتاح مشروع محطة طاقة الرياح بخليج السويس    ألمانيا تخصص مساعدات إضافية لقطاع غزة بقيمة 39 مليون يورو    حالة الطرق اليوم، أحجام مرورية بالدائري الأوسطي ومحور 26 يوليو    إخلاء ركاب طائرة هندية بمطار نيودلهي بعد تلقي تهديد بوجود قنبلة (تفاصيل)    الحالة المرورية اليوم.. سيولة على الطرق السريعة بمحافظة القليوبية    مصرع 10 أشخاص جراء انهيار محجر بسبب الأمطار فى الهند    تعرف على سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024    رئيس جامعة القاهرة يستقبل وفدًا صينيًا    توقعات برج الجدي اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024    أسعار السمك البلطي والبوري اليوم الثلاثاء 28-5-2024 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-5-2024    عضو الأهلي: عشنا لحظات عصيبة أمام الترجي.. والخطيب «مش بيلحق يفرح»    حسن مصطفى: الجيل الحالي للأهلي تفوق علينا    ما هي أعراض التسمم المائي؟.. وهذه الكمية تسبب تورم الدماغ    «الأزهر للفتوى» يوضح المواقيت المكانية للإحرام كما حددها النبي    هند البنا: جنود الاحتلال الإسرائيلي يعانون من اضطرابات نفسية بسبب حرب غزة    كوريا الشمالية تطلق صاروخا باتجاه أوكيناوا.. واليابان تحذر مواطنيها    حظك اليوم برج الجدي الثلاثاء 28-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    استشاري صحة نفسية: نتنياهو شخص «مرتبك ووحشي»    السبت.. مجلس أمناء الحوار الوطني يواصل اجتماعاته    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28 مايو في محافظات مصر    مدير المستشفى الكويتي برفح: أُجبرنا على الإغلاق بعد مصرع اثنين من العاملين    حكام مباريات اليوم في دور ال 32 بكأس مصر    تعرف على ترتيب جامعة المنيا في تصنيف الجامعات عالميا    هل يجوز الحج بالتاتو المؤقت؟ دار الإفتاء تجيب    شعبة الصيدليات: أزمة غلاء الدواء بدأت 2017.. وهناك 4 أسعار على أرفف الصيدليات    مفاجأة كشفتها معاينة شقة "سفاح التجمع" في مسرح الجريمة    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    محمود فوزي يرحب بدعوة مدبولي لإشراك الحوار الوطني في ملف الاقتصاد    إستونيا: المجر تعرضت لضغوط كبيرة لتفسير عرقلتها مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا    شوبير: الشناوي هو أقرب الأشخاص لقلبي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تستعد لإقامة احتفالية بمناسبة عيد دخول السيد المسيح أرض الكنانة    إدارة المقطم التعليمية تستقبل وفدا من مؤسسة "حياة كريمة"    ياسمين رئيس أنيقة بالأسود وفنانة تحتفل بعيد ميلاد ابنة شقيقتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    رئيس جامعة المنيا يشهد ختام فعاليات المُلتقى السنوي الخامس للمراكز الجامعية للتطوير المهني    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



! الغلابة.. اللى فوق
نشر في الوفد يوم 13 - 06 - 2011

في عمارات وسط البلد الدنيا مقلوبة .. البهوات هم اللي تحت.. والغلابة فوق،
الشقق الفخمة الواسعة تحت.. والغرف المتواضعة الضيقة فوق، 3حمامات لكل شقة تحت .. وحمام واحد ل عشرين أسرة فوق ، حتى الأسانسير بس للي ساكنين تحت ..والسلالم للي ساكنين فوق!
فعلى أسطح شيكوريل.. جرين.. الإيموبيليا.. بهلر.. خريستو، العمارات التي يعود تاريخ بنائها لأكثر من مائة عام مضت، ينظر السكان للدنيا من فوق.. مع أنهم في واقع الأمر فقراء يرون أن أفضل مميزات الإقامة في السطوح هو عنوان محل الإقامة المشترك بينهم وبين كبار المشاهير جيرانهم في نفس العمارة .
زي ما هديت السلم
ولأن سكان السطوح مختلفون عن بقية سكان العمارة فقد تم عزلهم بعيدا عنهم، فحرموا من صعود الأسانسير ومن السلم الرئيسي أيضا، مما يضطر (الناس اللي فوق) إلى الدخول والخروج من خلال فتحة في جدار المنور ارتفاعها متر تقريبا يصلون من خلالها لسلالم الخدم المؤدية للسطوح.
وبسبب ضيق سلم الخدم وظلمته على الدوام يرفض الجميع الصعود لفوق من خلاله (فيما عدا سكان السطوح طبعا) حتى في حالات الطواريء ..
يقول سيد جمعة( 34 سنة ) من مواليد سطوح جرين : رفض رجال الإسعاف الصعود للسطوح ونقلى على كرسي الإسعاف الذي لم يمر عبر هذا السلم الضيق، وتركوني وانصرفوا رغم حالتي الصعبة وعدم مقدرتي على الحركة .
سيد سبق له إستئصال جزء من المعدة بسبب مرض خبيث أصابه، وتقوم والدته على رعايته وهما مقيمان في غرفة اتساعها 2 متر في 2 متر. وكثيرا ما تصيبه نوبات ألم شديدة يحتاج أثناءها للانتقال السريع للمستشفى، لكن حتى في هذه الحالة يمنع من استخدام الأسانسير أو سلم العمارة الرئيسي.
أما نجاة فقد أصيبت إصابات بالغة في قدميها وظهرها بعد سقوطها من على سلم السطوح وهي تحمل إناء كبيرا مملوءا بالماء على رأسها .
تقول الحاجة رتيبة ،من سكان جرين، والتى شاهدت حريق القاهرة من فوق سطوح العمارة التي التهمت النيران واجهتها بالكامل قبل 60 عاما : هددنى مسئولو شركة الشرق للتأمين المالكة للعقار بالطرد من العمارة أكثر من مرة كانت آخرها منذ عدة أشهر، وسبق أن أرغمونى على التوقيع بالرحيل من العمارة منذ 7 سنوات.. يعني بالعربي بيطفشونا..لكن ده بعدهم لأن السكن هنا ثروة مستحيل أفرط فيها أو أتنازل عنها مهما كان الثمن وكفاية ان عنواني في البطاقة يشرف.
وتصف الحياة من فوق قائلة: العيشة فوق السطوح صعبة .. مبعرفش أنزل في الشارع بسبب ضيق السلم وطبعا الأسانسير متحرم علينا ..لأنه للبهوات بس واحنا غلابة، حتى ماية الشرب مابنشوفهاش بأمر شركة الشرق للتأمين التي منعتنا من مد مواسير المياه للسطوح وهو ما يجعلنا نوفر ما نحتاجه في جراكن كبيرة، وفي كثير من الأحيان نصبح بدون ماء لصعوبة نزولي وعدم مقدرتي على حمل الجراكن المملوءة بالمياه.
البال مرتاح
موسى عبد الفتاح إبراهيم ،من سكان السطوح وحارس العقار، دخلنا غرفته المطلة على سينما ريفولى ودار القضاء العالي فوجدنا فرشة نومه بسيطة على الأرض..لاحظ نظرتنا لغرفته البسيطة في العمارة الفخمة المقامة على مساحة 1400متر فبادر بقوله : صحيح أنا نايم على الأرض لكني مرتاح البال.. يقدر حد من أصحاب الملايين و المليارات ينام نومتى دى) ده الهم في كثرة المال وليس في قلته يا أستاذ .
ورغم عمله هو ووالده في العمارة لسنوات طويلة إلا أنه مهدد بالطرد هو الآخر من الشركة المالكة للعقار، ويتساءل : أروح فين أنا وأبنائي. أنا أقسم وقتى في حراسة العقار بينى وبين أحد أبنائي، وسكان العمارة جزاهم الله كل خير يتكفلون بدفع راتب لي حتى يساعدنى على المعيشة بجانب مرتبى البسيط الذي أتقاضاه من الشركة نفسها.
حال حارس العمارة لا يختلف عن بقية سكان السطوح فجميعهم يتكدسون في غرف ضيقة أسقفها من الخشب.. ينامون فوق الأسرة وتحتها، ويتشاركون في حمام واحد يستخدمه كل أسر السطوح .
أطفال السطوح كانت لهم وجهة نظر باستمرار البقاء في السطوح ورفض الرحيل منه.. فهذه مي ،الطفلة الصغيرة التي لا يتعدى عمرها 9 سنوات تتشبث بالسكن فيه وتعتبره النادي الخاص بها وتدعو زميلاتها في المدرسة في أيام الاجازات للعب معها فيه.
تقول مي ،التي تحلم أن تصبح طبيبة مشهورة مثل جارتها اللي في الثالث: إحنا بنشوف مصر كلها من هنا وسطوحنا واسع وجميل كل اصحابي بيحسدوني عليه نسيبه ونروح فين؟!
في شكوريل الطاق طاقين
ومن جرين لشيكوريل بشارع 26 يوليو الحال لا يختلف كثيرا، فعلى سطح العمارة الفخمة التي أنشئت عام 1888 قابلنا أم طارق التى تسكن فيه منذ ربع قرن، تشكو من الغلاء في وسط البلد الذي لا يفرق بين البهوات والغلابة، وتقول في سخرية: إن أسعار الشراء هي الشيء الوحيد الذي يتساوون فيه مع سكان العمارات رغم اختلاف المعاملة في كل الأمور الأخرى ..وهو ما يجبرها على الذهاب لسوق روض الفرج أو شبرا الخيمة يوميا لشراء احتياجات البيت.
تقول : رغم أننى لو نظرت بخلف العمارة لوجدت سوق التوفيقية، لكن الحاجة فيه الطاق طاقين .
وتقول نهى غريب، 14 سنة، جارتها في السطوح :أنا مبسوطة بالعيشة هنا ويكفي إن محلات شيكوريل القديمة وصيدلية دلمار وحلوانى تسيباس وكافتريا كوكب الشرق هي ما أطل عليه يوميا.
وتستطرد: حتى زميلاتى يأتون لزيارتى باستمرار ويحسدونى على الموقع وعلى الهواء النظيف، لكن هذا لايغنى بالطبع عن حالة الفقر التى تعيشها أسرتى بسبب قلة الدخل، خاصة وإن جيراننا كلهم ناس واصلة.. لكن يا خسارة عمرهم ما حاولوا يساعدونا لو وقعنا في مشكلة، أو يسعوا لنا في وظيفة عليها القيمة رغم أن معظمنا فوق مؤهلات عليا لدرجة اننا ساعات بنحس انهم مش بس مش حاسين بوجودنا معاهم في عمارة واحدة لأ دول يمكن ما يكونوش شايفنا أصلا..
حجرة عم أمين
عم أمين محمد أحمد ( 60 سنة ) هو الآخر من سكان سطوح شيكوريل.. يقيم مع زوجته وطفليه أحمد وهبة في غرفة واحدة بدون دورة مياه، الغرفة تضم سريرا واحدا وبوتاجاز وحوض مياه ودولاب صغير، يضطر وأسرته لدخول دورة مياه مشتركة مع أسر آخرين وهذا يعرضه للحرج الشديد.. ورغم ذلك الحرج إلا أنه لا يفكر في ترك السطوح ليس لأنه فرصة متميزة كما يقول جيرانه.. ولكن لأنه مجبر على السكن فيه.
يقول عم أمين : كنت أعمل في إحدى المحال التجارية بالمنطقة منذ عام 1966 وبعدها بعامين أقمت في سطوح شيكوريل، ومعاشي لا يكفي لشراء العلاج وتربية وتعليم الأولاد .. يبقى ها يكفي إيجار شقة محترمة ازاي؟!
الحاجة صفية وابنتها منى من أشهر سكان سطوح شيكوريل وتقيمان في غرفة آيلة للسقوط بسبب التصدعات والشقوق تقول : كنا نقيم في شارع حسن صبري بالزمالك ونعيش حياة هانئة، ولكن بعد وفاة الزوج في أواخر الستينات اضطررت للمجيء إلى سطح شيكوريل بسبب غلاء مصروفات الإقامة والدراسة في حى الزمالك.
ترى صفية أن أهم مميزات السطوح الهواء النقي الذي لا يشعرون معه بحر الصيف ، لكن عندما تأتي الشتاء فكما تقول: يا ويلنا من الأمطار ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.