أمامنا 20 - 30 سنة حتي نستعيد السلوك السليم في الشارع المصري.. أقصد الالتزام بإشارات المرور وعدم الوقوف كصف ثان أو كسر الاشارات أو حتي السير في الاتجاه المعاكس بل واحترام رجال الدولة من الوزير والمحافظ إلي المأمور والغفير.. فها هو سائق بلطجي يصفع مأمور قسم.. وها هو محافظ الإسكندرية يستنجد ويطلب حمايته من الناس.. وهو ما لم نسمع به من أيام محمد علي باشا، عندما اعتدي الجند والناس علي خورشيد باشا الوالي الذي عينه السلطان العثماني لعجزه عن دفع مرتباتهم.. وكان هذا منذ أكثر من قرنين من الزمان.. ومن يشاهد الفوضي العارمة في الشارع المصري الآن يتأكد أن أمامنا أجيالاً وأخري لكي نستعيد القوانين والسلطة والاحترام.. فالشارع المصري تسيطر عليه الان سلوكيات رهيبة.. إذ فضلاً عن فوضي سائقي السيارات رزقنا الله بفوضي الموتوسيكلات.. وإذا كان عددها قبل الثورة قد زاد علي الحد.. إلا أن عددها أصبح لا يطاق بعد الثورة.. ولا نعرف من الذي سمح باستيراد كل هذا العدد.. ومن الصين بالذات، حيث الواحد منها لا يصل سعره إلي 3000 جنيه، ويباع بالتقسيط.. وبالبطاقة وبس.. ونزلت هذه البلوة إلي شوارعنا بعشرات الألوف في المدن الكبري والصغري.. وحتي القري.. واذا كان من حق المواطن ان يركب ما يشاء.. الا ان حق الوطن أن يركب الناس هذه الموتوسيكلات بعد ان يتعلموا ركوبها ويعرفوا قواعدها.. والأهم أداء ركوبها، وهذا ما يهم الناس.. فهذه الموتوسيكلات تتلوي بين السيارات كما تشاء.. تجرح هذه السيارة.. وتخرشم تلك.. تكبس علي واحدة من اليمين أو تدخل علي أخري من الخلف.. والمشكلة أن الموتوسيكل الواحد يركب عليه أحيانا الزوج والزوجة وولد أما الزوج وبنت خلف الزوج.. ورضيع ثالث علي كتف الزوجة.. والويل كل الويل ان يسقط الموتوسيكل - بكل هذه الحمولة البشرية - وهو يتلوي بين السيارات.. فإذا سقط ترقع الزوجة بالصوت الحياني.. وإلحقونا يا ناس.. يعني »خدوهم بالصوت« ليطالبوا بالتعويض.. وأي شيء مقبول خصوصاً إذا كان سائق السيارة واحد »متريش«! وإذا نجونا من هذه الموتوسيكلات.. دخلنا في بلوة موتوسيكلات »التيك أواي« أي موتوسيكلات توصيل الطلبات للمنازل .. ومع كثرة المطاعم والسوبر ماركتات والصيدليات كثرت هذه الموتوسيكلات، حتي ولو طلبنا ساندويتشات فول وطعمية!! ولأن هذه المحال لا تدفع مرتبات - في الغالب - لسائقي هذه الموتوسكيلات ذات الصناديق التي جهزت لوضع الوجبات الساخنة وجعلها تخرج عن مساحة الموتوسيكل من الجانبين، لأن هذه المحال والمطاعم لا تدفع شيئاً لهؤلاء الموظفين، فإنهم ينطلقون بأقصي سرعة بهذه الموتوسيكلات ليوصلوا الطلبات ويعود بسرعة ليحملوا غيرها، طمعاً في البقشيش الذي هو كل ما يحصلون عليه.. ومن أجل أن يعودوا بسرعة ليحملوا طلبات جديدة فإنهم يقتحمون الشوارع.. لاتهمهم السيارات.. ولا المشاة.. المهم ان ينطلقوا والسلام.. وأصبح المواطن صريع السيارات مرة وصريع الموتوسيكلات مرات.. وضاعت المسئولية.. ومع استمرار الثورة.. وفوضي الشارع وغياب السلطة والشرطة زحف التوك توك.. كان يمشي ويعمل فقط بين القري، وعلي حواف المدن الصغيرة.. واحيانا في المناطق العشوائىة كبديل للحناطير أو حتي عربات الكارو، نقول مع استمرار الثورة.. والفوضي نزل التوك توك إلي داخل المدن الكبري.. بل ورأيناه يتهاوي بين أغلي السيارات في شارع طلعت حرب، اشهر شوارع وسط القاهرة.. وللاسف لم يجد من يوقفه.. يسحب ترخيصه.. إن كانت له تراخيص في الأصل.. والمؤلم أنه وإن عادت نسبة قليلة من الشرطة إلي الشوارع الرئيسية.. إلا أن الشرطة لم تجد شجاعة كافية لكي تنزل إلي الشوارع الخلفية.. خشية اعتداء البلطجية ليس فقط بما يحملون من أسلحة نارية وبيضاء وشوم ولكن ايضا خشية تلقي الصفعات.. ولقد زاد عدد عفاريت الطرق، أي الموتوسيكلات.. وزاد عدد أشباح التوك توك التي تتعمد السير في الاتجاه العكسي في كل شارع.. وفي الطرق الخارجية زراعية وغيرها.. بما يهدد حياة الكل.. والمؤلم أنه عندما يتسبب موتوسيكل أو توك توك في أي حادث - ويكون هو أو ذاك - مسئولا عن الحادث يتجمع حولك الناس وهم يستعطفون السائق أن يعفو عن سائق الموتوسيكل .. بل ويطالبون سائق السيارة أن يسهم في اصلاح الموتوسيكل أو التوك توك.. لأنه مصدر رزقه.. أما ما يحدث للسيارة.. فلا يهم.. وليس علي لسان الناس - في هذه الحالات - الا تعبير واحد: أتقبل العوض؟! فإذا قلت ومن يتحمل تكاليف اصلاح السيارة.. جاءك الرد: يا بيه كله في الصفيح.. أو اللي في الريش بقشيش.. ومع استمرار الفوضي سوف نري الكثير.. وسوف نحتاج لسنوات طويلة لاستعادة القانون والنظام..