نرسل هذه الكلمات الموجزة إلى السادة أعضاء لجنة الخمسين الذين شرفوا بحمل أمانة صياغة الدستور الجديد في عمر مصر الحبيبة أم الحضارات داعين الله لهم وللأمة كل توفيق لصالح الأجيال الحاضرة والقادمة . ولكون الدفاع عن الحقوق والأموال العامة هو الشغل الشاغل للجميع على اختلاف أعمارهم وانتماءاتهم السياسية، كذلك كان الفساد المالي من الأسباب الرئيسية لقيام ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013 نتيجة التشريعات الفاسدة التي صدرت خلال السنوات الماضية، وعلى سبيل المثال وليس على سبيل الحصر صدور القانون رقم 10 لسنة 1986 الذي منح محامي هيئة قضايا الدولة الصفة القضائية والاستقلالية عن السلطة التنفيذية بغرض الدفاع عن الحقوق والأموال العامة بالشخصيات الاعتبارية العامة بالدولة وفي نفس الوقت لم يمتد هذا الاختصاص وهذا الاستقلال وتلك الصفة القضائية إلى محامي الشخصيات الاعتبارية العامة الأخرى بالهيئات والمؤسسات والبنوك والشركات العامة الخاضعين للقانون رقم 47 لسنة 1973 بالرغم أن هؤلاء يدخل في اختصاصاتهم واجب الدفاع عما يزيد على 90% من الحقوق والأموال العامة بالدولة وقصد المشرع الفاسد من جراء تبعية محامي الهيئات والبنوك والشركات العامة للسلطة التنفيذية ليأتمرون بأوامرهم ونواهيهم لسلب ونهب المليارات من الجنيهات والاستيلاء على ملايين الأفدنة المملوكة للشعب كملكية عامة والأمثلة كثيرة ويعلمها الكثير. والذي يدعو للأسى والحزن الشديدين أن هذا قد حدث أيضا للدستور 2012 المعطل وكذلك بالمسودة المقدمة من اللجنة القانونية لتعديل هذا الدستور الفاسد تاركة الأمر للجنة الخمسين بالرغم من أن رجال القانون يعلمون جميعا وجيدا أن محامي هيئة قضايا الدولة ومحامي الهيئات والبنوك والشركات العامة الواجبات عليهم واحدة للدفاع عن الحقوق والأموال العامة للشخصيات الاعتبارية العامة وقد يقفون معا وسويا يترافعون في دعاوى واحدة أمام كافة دوائر القضاء بل تزيد اختصاصات محامي الهيئات العامة للتحقيق في مخالفات مالية وإدارية وأعمال قانونية أخرى لا تقل أهمية عن ذلك. يا سادة إن الصفة القضائية والاستقلالية تم منحهما لمحامي هيئة قضايا الدولة من اجل المهام التي يقومون بها للدفاع عن الحقوق والأموال العامة وليس للأشخاص بها كتمييز لهم على آخرين لكون الحقوق والأموال واحدة التي تدخل في اختصاص هؤلاء وهؤلاء ويجب علينا تقديم صالح الدولة والشعب جميعا على المصالح الشخصية لبعض الأفراد، فالمراكز القانونية لهؤلاء وهؤلاء واحدة والمنصفين من رجال القانون يعلمون ذلك جيدا، أما المعارضون منهم لعصبية جاهلية فنحن على استعداد لمناظرتهم مهما كان موقعهم بالحجج والأسانيد القانونية ونكتفي لضيق المساحة بالمبدأ الدستوري الصادر بالدعوى رقم 86 لسنة 18 ق دستورية بتاريخ 6/12/1997 (وكان استقلال المحامين في أداء أعمالهم واحتكامهم إلى ضمائرهم وسلطان القانون دون غيرها ينفي بالضرورة تبعيتهم لجهة عمل تتولى توجيههم وفرض رقابتها عليهم). ولقد شرفنا بالطلبات الرسمية الصادرة من نقابة المحامين وعلى رأسهم الأستاذ النقيب الجليل سامح عاشور للجنة التعديلات الدستورية بضرورة تمتع محامي الهيئات والمؤسسات والبنوك والشركات العامة الخاضعين للقانون رقم 47 لسنة 1973 لكافة الحقوق والضمانات المقررة لمحامي هيئة قضايا الدولة لصالح التقاضي وحقوق وأموال الشعب كافة. لذلك نقترح على لجنة الخمسين الموقرة ورود ضمانات دستورية لمحامي الهيئات والبنوك والشركات العامة بالدستور ينصاع لها المشرع القانوني للحفاظ على الحقوق والأموال العامة، فالرقابة السابقة خير من الرقابة اللاحقة وليكن نص المادة رقم (168) الوارد بالمسودة على النحو التالي (المحاماة مهنة حرة وهي ركن من أركان العدالة يمارسها المحامي في استقلال ويتمتع أثناء تأدية عمله بالضمانات التي تكفل حمايته وتمكينه من مباشرة هذا العمل ويتمتع محامي الإدارات القانونية بالشخصيات الاعتبارية بكافة الحقوق والضمانات المقررة لأعضاء هيئة قضايا الدولة وذلك على النحو الذي ينظمه القانون).