كانت سعادتى لاتوصف وأنا أرى الوفد الشعبى يزور إيران فى إطار الدبلوماسية الشعبية الناجحة التى يقوم بها فى العديد من الدول التى اتخذ النظام البائد مواقف عدائية تجاهها بدون أسباب وبلا أى مبررات سوى أنه نظام غبى غاب عنه المصالح العليا للوطن وضاعت منه النظرة الإستراتيجية لموقع مصر الأقليمى ومكانتها فى العالم ودورها فى رسم السياسات العالمية وقزَّمها ليجعل منها دولة تدور فى الفلك الصهيوأمريكى لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية فقط ولو على حساب »مصلحة مصر« وشعبها بل أكثر من ذلك فجعل مصر العظيمة دولة تابعة فى ذيل السعودية تحركها كيفما تشاء وفى أى اتجاه يخدم مصالحها!! وجاءت تلك الدبلوماسية الشعبية لتصلح ما أفسده النظام الساقط مع دول حوض النيل وها هى تقوم بنفس الدور البناء مع إيران ولولا تلك الفرقعة الإعلامية التى سبقت سفر الوفد بساعات قليلة لإفساد تلك المهمة الوطنية لأكتملت فرحة الشعب المصرى كله بلا تعكير وأقصد به طبعا الإعلان عما قيل إنه جاسوس إيرانى وبدون الخوض فى تفاصيل الخبر وطريقة صياغته ومدى صدقيته من عدمه، إذ إننى لا أعرف بالضبط كيف تم الربط بين التجسس على مصر ودول الخليج فى آن واحد وهو دبلوماسى يعمل فى مصر منذ خمس سنوات ؟! ولماذا الإعلان عنه فى هذا التوقيت بالذات وكأن هناك مَن يضرب كرسىاً فى الكلوب لإفساد الفرح! ولأن السيناريو كان رديئاً والإخراج سيئاً فجاء الفيلم ضعيفاً ومتخلفاً بل وفجاً أيضا ينتمى لمدرسة ماقبل 25 يناير! وهو ماجعل السفير المحترم" محمد رفاعة الطهطاوى" والذى كان بين أعضاء الوفد الشعبى إلى التصريح بأن هناك قوى تعمل على تعطيل التقارب المصرى الإيرانى ،مثل هذه الأفلام كانت ما قبل الحداثة المصرية، أى ماقبل 25 يناير تنتج فى الغرف المظلمة فى مباحث أمن الدولة وكنا أيضا لا نتقبلها ولا نستسيغها رغم الترويج الإعلامى الذى كان يصاحبها من الجوقة الإعلامية المعروفة آنذاك فبالله عليك كيف سنتقبلها الآن ؟! ومن ذلك العبقرى صاحب إنتاج هذا الفيلم الهابط والذى مازال يعيش فى ظلمات الزمن الغابر، الزمن الساقط الذى أُسقطت فيه كل المعايير الوطنية والأخلاقية والمهنية فى مستنقع العمالة والخيانة ومن الطريف أن تلك الجوقة الإعلامية مازالت تكتب فى الصحافة ولكنها لم تسمعنا صوتها هذه المرة لأن مايسترو الأوركيسترا وحواريه قابعون فى الزنازين خلف الأسوار وإن كان فلول أمن الدولة قد حاولوا أن يصطادوا فى الماء العكر ويفسدوا فرحتنا كعادتهم! ولكن الحمد لله تمت الزيارة ونجحت فى إذابة الثلج بين البلدين وإقامة جسور التواصل بينهما بعد أن هدمها النظام البائد، فكلا البلدين مهم للآخر وهما يمثلان ثقلاً إقليميا لايستهان به إذا توحدت جهودهما والمشترك بينهما كثير، دين يدعو إلى الحرية والعدالة والعزة وتاريخ مشترك يؤكد أننا مركز العلم والحضارة فى المنطقة، فالشعبان المصرى والإيرانى صنعا التاريخ وقادا التحضر حين ساد الجهل والتخلف فى مناطق أخرى من العالم، إن الحضارتين المصرية والإيرانية تؤهلنا إلى أن نكون رواداً لهذه المنطقة والعالم أجمع فليست كل الشعوب تملك هذا الإرث الحضارى الرائع الضارب فى أعماق التاريخ إننا نستطيع أن نحقق حلمنا لو اتحدنا ونستطيع أن نتصدى لكل من يروننا عبيداً لهم، وقد عبر عن هذا الرئيس محمود أحمدى نجاد أثناء استقباله للوفد المصرى قائلاً "إذا توحدنا سنهزم أعداء هذه الأمة وسنكون قوة لاتقهر ولن نحتاج لحرب مع إسرائيل لأنها ستتلاشى تلقائياً إذا توحدت مصر وإيران ، إن الشعب المصرى والإيرانى على وجه الخصوص هما محل خوف من الغرب إذا اتحدا لأننا شعوب تملك حضارة وتاريخاً يمكن أن يقود العالم ويغير شكله ،يريدون إشعال نار التعصب المذهبى ليفرقونا حتى ننشغل عنهم ،يجب أن نتذكر أننا كنا رواد العالم وكانوا هم فى دائرة التخلف والحروب الوحشية والخرافات إن عزة مصر هى عزة لإيران وتطور مصر هو تطور لإيران ،علينا مسئولية مشتركة تتمثل فى نقل مشروعنا الإنسانى والحضارى إلى العالم فبعد فشل الرأسمالية والماركسية يتطلع العالم إلى مشروع إنسانى جديد قوامه العدل والكرامة وعزة الفقراء والمهمشين والمستضعفين وهذا ما نستطيع أن نفعله معا " ثم أخذ الحضور إلى تخيل مشهد رائع يلوح فى أذهاننا جميعا ويدغدغ عواطفنا ونتمنى رؤيته فى الواقع وفى القريب العاجل أيضا إذ قال "تخيلوا لو اجتمعت الآن قوة الشعوب الثلاثة مصر وإيران وتركيا إننا نمتلك مركز الطاقة فى العالم ونمتلك القوة البشرية ونمتلك التاريخ والحضارة ولو تكون هذا التجمع فسوف نعيد للأمة مكانتها التى تستحقها، إن أمامنا فرصة تاريخية" نعم إنها حقا فرصة تاريخية ولحظة فارقة فى تاريخنا يجب ألا نضيعها وإلا سيحاسبنا عليها الله سبحانه وتعالى أشد الحساب فلماذا لم نوحد الكلمة ولم نجمع شمل الأمة المبعثرة هنا وهناك كغثاء السيل تتكالب عليها الأمم كما وصفها رسولنا الكريم (ص) الرجل أبدى استعداده لعودة العلاقات بين البلدين فورا إذا أعلنت مصر موافقتها وبنص كلامه "لن تغيب شمس اليوم إلا وقد عينا سفيراً لمصر ولن تكون هناك شروط مسبقة فنحن إخوة "إذا لماذا التأخير ولماذا التراجع عن النصريحات الإيجابية التى صرح بها د.نبيل العربى تجاه إيران؟ هل لإرضاء دول الخليج وعلى الأخص السعودية والتى تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية على أعلى مستوى بل إن حجم الإستثمارات الإيرانية فى أبو ظبى بالذات والتبادل التجارى بينهما يفوق مئات المليارات من الدولارات وإن تلك الجزر الثلاث التى يقولون إن إيران تحتلها ولم نسمع عنها إبان حكم الشاه على الرغم أنه هو الذى وضع يده عليها بعد انسحاب الاحتلال الإنجليزى منها عام 1971وعملت اتفافية أومقايضة بين الجزر الثلاث وانفصال البحرين عن إيران ووقعها الشاه مع الملك فيصل آنذاك وكان سعيدا بهذه الاتفاقية لذلك لم نسمع تلك الأصوات التى تنادى بتحريرها إلا بعد سقوط الشاه وتحول قبلة إيران من أمريكا وإسرائيل إلى قبلة العرب والمسلمين أليست هذه مفارقة تستحق الوقوف عندها ،ففى الوقت الذى تغلق فيه السفارة الإسرائيلية وتنزل علم إسرائيل وترفع بدله العلم الفلسطينى وتدعم القضية الفلسطينية وتساندها وهى التى كانت أكبر حليف لإسرائيل ، ثم نحاربها على مدار ثمان أعوام وهى فى بداية ثورتها لإجهاضها وإضعافها ثم نقع فى الفخ الأمريكى وفزاعة الملف النووي بينما لم نعبأ ولم يرجف لنا جفن من القنابل النووية المكدسة فى المخازن الإسرائيلية ليتحول الصراع العربى الإسرائيلى الحقيقى إلى صراع وهمى مصطنع بأيد خبيثة وشريرة لا تريد الخير للعرب ولا للمسلمين ليصبح صراعاً عربىاً فارسىاً تارة وصراعاً سنىاً شيعىاً تارة أخرى مع الأسف والأسى الشديدين وتستعمل الآلة الإعلامية الجهنمية لنشر الأكاذيب والخرافات والخزعبلات لبث الفرقة بين المسلمين وزرع بذور الفتنة والأحقاد بين خير أمة أخرجت للناس! إننى فقد أريد أن أسأل سؤالاً ألم تكن إيران دولة شيعية إبان حكم الشاه لماذا لم تتصاعد أى من ألسنة هؤلاء أصحاب النعرات المذهبية والطائفية التى تملأ الفضائيات فى السنوات الأخيرة اتقوا الله يا أمة الإسلام "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" صدق الله العظيم [email protected]