قرار رفع الحد الأدنى للأجور وتداعياته على الأسعار وما تشهده الأسواق من وصول أسعار السلع وخاصة الخضراوات والفاكهة لأرقام فلكية ومعدل التضخم إلى 13.5% يثير تساؤلات حول أسباب هذه الارتفاعات هل تخضع لآليات العرض والطلب أم أنها تتم عشوائيا فى غياب الدور الرقابى للحكومة وخاصة أن وزير التموين لوح بفرض التسعيرة الجبرية مؤخرا فهل قادر على فعل ذلك أم قوانين السوق تغل يده ويصبح مجرد تهديد؟! أكد الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتجية أن قرار فرض تسعيرة جبرية على التجار الجشعين الذين يبالغون فى رفع الأسعار خطوة مهمة، خاصة أنه لا مانع أن تنتهج الدولة نظم الاقتصاد الحر وتراقب أسواقها وهذا ما تفعله أعتى النظم الرأسمالية مثل أمريكا ولكنه برأيى حل وقتى لخفض الأسعار ومن الضرورى أن تتبعها خطوات أخرى جادة من الحكومة على المدى البعيد وخاصة أن لعبة رفع أسعار السلع تتفنن فى إتقانها التجار. وأشار إلى أهمية أن تجد حلولاً للزيادات الفلكية قى الأسعار من خلال الاتجاه إلى إنشاء الجمعيات الفئوية التى يتم من خلالها بيع السلع الغذائية بالإضافة إلى دخولها كمستورد بجانب شركات القطاع الخاص المستوردة للسلع الغذائية مع الأخذ فى الاعتبار أن المنافسة بين الهيئات الاقتصادية الحكومية والقطاع الخاص سوف تسهم فى خفض الأسعار بنسبة لن تقل عن 20% بالإضافة إلى عمل منافذ تابعة لهذه المجمعات فى النقابات يستطيع العاملون التابعون لها الحصول على السلع بأسعار مخفضة وذلك ضرورى حتى لا تضطر الحكومة لزيادة المرتبات لمواجهة ارتفاع الأسعار. لافتا إلى ضرورة زيادة الأسعار وفقا لبرنامج زمنى للحد من زيادة معدلات التضخم التى هى بالفعل مرتفعة ببلوغها 13% بمقارنة بدول الأجور بها مرتفعة والمستوى المعيشى عالى مثل أمريكا التى يصل فيها معدل التضخم إلى صفر والإمارات 1%. وقال إن هناك قطاعات خاصة الكثيفة العمالة رفع مرتبات العاملين بها تؤثر على القدرة التنافسية للصناعة سواء بالداخل أو الخارج وخاصة فى ظل الهجمة الصينية داخل السوق المحلى والخارجى. كما أشار إلى نقطة أخرى مهمة وهى أن هناك قطاعات إنتاجية تابعة للقطاع العام معظمها خاسرة وزيادة مفاجئة بدون تدرج فى رفع المرتبات بها سوف تؤدى لخروجها من المنظومة الإنتاجية وبالتالى مزيد من الارتفاعات فى السلع. وأكد الدكتور حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات الأسبق أهمية دخول الحكومة السوق بقوة من خلال منافذها الاستهلاكية وطرح سلع بأسعار مخفضة عن السوق حتى لا يضيع الهدف من زيادة المرتبات فقيامها بالبيع بسعر التكلفة ضرورى لإيجاد توازن فى الأسعار للسلع الغذائية. وقال إنه على المدى البعيد لا حل لهذه المشكلة إلا بزيادة الإنتاج المحلى وتجويده بدلا من الاعتماد على السلع المستوردة بما يحقق الاكتفاء الذاتى للمنتج المحلى. كما أوضح أهمية الاستثمار فى كافة القطاعات التى يعتمد عليها المواطنون مثل القطاع الزراعى وقطاع الداجنى والأسماك واللحوم مما يسهم فى تحقيق الأمن الغذائى. وقال حرية السوق لا تعنى العمل بعيداً عن الحكومة فلابد من خضوع الأسواق للرقابة دون الإخلال بآليات السوق وهو نظام تسنه الدول الرأسمالية والمفروض تبدأ تتبع الأسعار من تجار الجملة وصولا لتجار التجزئة، معتبرا التسعيرة الجبرية إجراء مؤقتاً واستثنائياً ولا يطبق إلا فى فترة الثورات وهو الوضع الحالى لمصر. كما اعتبر المهندس إبراهيم العربى رئيس غرفة القاهرة التجارية ومجموعة توشيبا للإلكترونيات أن قرار زيادة المرتبات علاج مؤقت وستعجز الحكومة عن الاستمرار فى لجوئها لمثل هذه القرارات دائما كلما ارتفعت الأسعار فالحل الوحيد لمواجهة ارتفاع الأسعار والتضخم هو زيادة معدلات الإنتاج وهو الضمانة الوحيدة لطرح السلع وخاصة الغذائية بأسعار معقولة وتوافرها. وأوضح العربى أن هناك أسباباً موضعية لزيادة الأسعار وأهمها انخفاض معدل الإنتاج وارتفاع سعر الدولار. بالإضافة لارتفاع تكلفة النقل بسبب الصعوبات التى يواجهها التجار عند النقل. وأكد العربى ضرورة توفير الحكومة السلع الرئيسية من خلال زيادة التعاقدات التى تقوم بإبرامها مع الأسواق الخارجية ومنافذ البيع، فدخولها السوق كمنافس قوى للتجار سوف يؤدى لخفض الأسعار. وطالب بإعادة النظر فى الخريطة الإنتاجية وخاصة السلع الزراعية فلا يعقل أن تعتمد مصر على استيراد الفاكهة والخضراوات رغم أنها بلد زراعي منذ آلاف السنين وذلك بسبب عمليات تجريف الأرض الزراعية. مستطردا رفع المرتب يجب أن يتم وفقا لمنظومة متكاملة قى مقدمتها زيادة الإنتاج فلا يعقل أن يتم رفع المرتبات دون أن يقابلها أى موارد إنتاجية جديدة بالإضافة إلي ضرورة الأخذ فى الاعتبار نسبة التضخم من الاتجاه لزيادة المرتبات. وقال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية إن الادعاءات الحكومية بمسئولية التجار عن ارتفاع الأسعار هو محاولة للتغطية على فشلها فضرورى ألا نتجاهل عنصر التكلفة وسعر الدولار، فمعظم السلع يدخل فى مكوناتها الأساسية مواد خام يتم استيرادها من الخارج. وعندما يتراءى لنا أن الحكومة تعتمد على استيراد ما يزيد على 35% من المواد الغذائية فمن الضرورى أن نواجه ارتفاعات فى السلع بالإضافة لارتفاع أسعار لتأمين على البضائع المشحونة للسوق المصرى باعتباره سوقاً عالياً المخاطر بسبب الظروف الأمنية التى يمر بها. وأشار إلى أهمية إنشاء مصانع إنتاج السلع الغذائية باستثمارات عربية وأوربية مشتركة وخاصة فى مجال إنتاج الزيوت والسكر كبديل للاستيراد. كما أوضح محمد إسماعيل عبده رئيس شعبة المستلزمات الطبية بغرفة القاهرة التجارية أن ارتفاع الأسعار ليس مسئولية التجار بل يرجع لارتفاع التكلفة بالإضافة إلى أن تذبذب سعر الدولار يؤثر على أسعار السلع والخامات التى يتم التعاقد على استيرادها.