لا أخفى عليكم فقد كتبت فى حرية التعبير والصحافة والإعلام عشرات المقالات منذ ان قامت ثورة 25 يناير حتى أيام مضت، تناولت فى هذه المقالات كل ما يمكن أن يقال، وانتقدت هنا فى عمودى هذا بجريدة الوفد نائب رئيس حزب الوفد عندما تولى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء د.على السلمى، عندما تبنى وثيقة مبادئ عامة للحكومة تتضمن مادة «رقم 13» فرضت ثلاث عقوبات لأول مرة فى تاريخ مصر الدستوري على الصحافة، وهى الإيقاف والمصادرة والتعطيل، إضافة إلى عقوبة رابعة كانت تفرض في الحالات الاستثنائية وهى الرقابة، وللأمانة نقول إن وثيقة السلمى لم تكن من وضع الرجل ولا حتى من تأليف حكومته آنذاك، بل كانت نفس الوثيقة التي حررت فى مبنى جماعة الإخوان المسلمين ووقع عليها 40 حزبا سياسيا مدنيا وإسلاميا، وقد أضافت الحكومة وربما المجلس العسكري إلى الوثيقة مادتين وهما «9 و10» وقد أعطيتا صلاحيات سياسية للقوات المسلحة. وعندما صدرت وثيقة الجماعة بتوقيع الأحزاب كتبت ونبهت إلى المادة رقم 13 وسط صخب الانشغال بمادتي القوات المسلحة، وعندما أعلن د.السلمى عن وثيقة مبادئ وطالب رأى الأحزاب بها، واتضح أنها نفس الوثيقة، فكتبت ونبهت إلى خطورة فرض عقوبات مثل الإغلاق أو المصادرة أو التعطيل «حتى لفترة مؤقتة بحكم قضائي» على الصحيفة أو القناة الفضائية، وأكدت أن الخسائر المالية للعقوبات سوف تنعكس بشكل سلبى على حرية التعبير، فما الذى يجعل مالك الجريدة أو الصحيفة إلى المخاطرة بخبر أو مقال أو برنامج أو ضيف معارض إذا كانت النتيجة هي إغلاق أو تعطيل أو إيقاف وخسائر بالملايين، وذكرت كذلك أن هذه العقوبات تعمل بالمثل العسكري القائل: «الحسنة تخص والسيئة تعم»، وهو ما يتعارض مع المبدأ الدستوري: «العقوبة شخصية»، فلماذا أعاقب صحيفة أو قناة أو محطة إذاعية بالإغلاق أو التعطيل أو الإيقاف أو المصادرة بسبب خطأ محرر أو كاتب أو مذيع أو معد أو ضيف؟، ما هو ذنب سائر العاملين بالجريدة أو القناة من صحفيين وعمال وفنيين وموظفين وسائقين ومصححين ومخرجين وعمال إضاءة وصوت وديكور وإخراج؟، لماذا نغلق الجريدة أو القناة ونهدد هذه البيوت بالخراب؟. ولخطورة المادة اتصلت بالعديد من الكتاب والصحفيين والإعلاميين لكى نتصدى بشكل حازم لهذه العقوبات، وكان من بينهم الشاعر فاروق جويدة ولم يهتم، ونقيب الصحفيين الحالي ضياء رشوان وفوجئ بضياء يبرر العقوبات «وقد كان حوارنا التليفونى فى ظل المجلس العسكرى» وقال لى بالحرف: كل دساتير العالم تتضمن عقوبات، والدساتير كلها امامى اهه، ضحكت يومها بسخرية وقلت له: هو أنت الوحيد اللى بتعرف تقرأ، غير صحيح ما تقوله، وقلت له: أفهم من كده انك مع تقييد حرية التعبير بعقوبات دستورية، للحق ارتبك ووعد باستشارة د.نور فرحات، وانتهت المكالمة ولم يكتب كلمة فى هذا الشأن، وقد اتصلت بالصديق حمدى رزق وكان أيامها رئيسا لتحرير مجلة المصور، وطلب منى أن أرسل مقال لنشره فى المجلة وفعلت، وأذكر أننى اتصلت بالإعلامى خيرى رمضان وكان عائدا لتوه من أداء فريضة الحج ووعد وأثار بالفعل القضية فى برنامجه، واتصلت بالعديد من الزملاء لا أذكر الأسماء الآن. قبل هؤلاء جميعا اتصلت بالصديق الكاتب يحيى قلاش سكرتير عام النقابة السابق، وأرسلت له على الايميل نص الوثيقة وملفاً يتضمن المواد الخاصة بالصحافة وحرية التعبير فى دساتير مصر منذ دستور 1923، وملفاً آخر يتضمن جميع المواد التى تعاقب بالحبس فى قانون العقوبات، وطلبت منه أن يستغل تشعب علاقاته ونفوذه فى التيار الناصرى بالنقابة لكى يقوم مجلس إدارة النقابة بتبنى هذه القضية والقيام بتشكيل لجنة من المستشارين وشيوخ المهنة لوضع مواد حرية التعبير، ونرسلها فيما بعد باسم النقابة للدكتور الكتاتنى رئيس مجلس الشعب لكى يدرجوها فى الدستور الذى تعتزم جماعة الإخوان المتأسلمين وضعه، واقترحت علي الصديق قلاش «وهو من الشخصيات المخلصة جدا للمهنة» أن نتمسك بمواد حرية التعبير الموجودة فى الدستور الدائم الذى كان معمولا به أيام الرئيس حسنى مبارك، واقترحت أن نحذف كلمة حبس من مواد قانون العقوبات وتبديلها بالغرامة، إضافة إلى العقوبات التي تفرضها النقابة طبقا لميثاق الشرف الذي يتم وضعه، واقترح هو أيامها ان تضاف مادة تسمح بإصدار الصحف بالإخطار، واقترحت عليه بأن يدفع بعض الزملاء لعرض القضية فى الفضائيات، وطرحنا بعض الأسماء كان بينها الكاتب صلاح عيسى، وجمال فهمى وغيرهما، بعد فترة اتصل بى الصديق قلاش وأخبرني بأنه تم تشكيل لجنة لوضع مواد الصحافة بالدستور، وطلب منى أن أحضر وأشارك بالرأى، لكنني اعتذرت وأذكر أنه احتد على قائلا: هو أنت هتعملى فيه كاتب ومفكر وأنت قاعد في بيتكم وخلاص.