لم تنج الآثار المصرية من الأعمال الإجرامية يوم «الأربعاء الأسود»، الذي شهد أعمال عنف وشغب غير مسبوقة من مؤيدي الرئيس المعزول في كل المحافظات على خلفية فض اعتصامات رابعة العدوية والنهضة. وتعرض عدد من المتاحف والمواقع والكنائس الأثرية، والمباني ذات الطابع الخاص، لاعتداءات مختلفة إما بالسرقة أو التدمير أو الحرق. ووفق مصادر بتلك المواقع فإن ضعف تأمين تلك المناطق كان سبباً مباشراً في سهولة مهاجمتها والتعدي عليها، رغم المسئولية المباشرة لشرطة السياحة والآثار عن تلك المواقع الأثرية. في محافظة المنيا تعرض متحف مدينة ملوي الإقليمي المجاور لمركز الشرطة لهجوم من مؤيدي المعزول، الذين قاموا بالهجوم فى البداية على مركز الشرطة وأطلقوا النار عليه. في الوقت نفسه هاجمت مجموعة مسلحة المتحف في الثالثة من عصرا، مستقلين سيارة نقل، قبل إغلاقه بساعات، وأطلقوا النار على سامح أحمد «صراف ومسئول قطع التذاكر» حتي أردوه قتيلا. ثم دخلوا المتحف الذي يضم 1089 قطعة أثرية تعود إلي عدة حقب تاريخية من العصر الفرعوني والبطلمي، ومستخرجة من عدة مناطق أثرية بمحافظة المنيا منها تل العمارنة، والأشمونين، والكوم الأحمر، مقابر بني حسن، وأخري من مناطق أثرية بمحافظة أسيوط ومنها.. البرشا، والشيخ عبادة، ومير. وقام المسلحون بسرقة كل القطع الذهبية المحفوظة في خزائن المتحف، وحطموا فترينات العرض كلها وتم تهشيم وحرق مومياوات الطيور المحنطة. والغريب أن عملية السرقة ونقل المحتويات ظلت مستمرة حتى الثالثة فجرا! الدكتورة مونيكا حنا باحثة المصريات بجامعة بيزا الإيطالية قالت: إنه تمت سرقة تمثال نادر يجسد إحدي بنات الملك اخناتون تم استخراجه من منطقة تل العمارنة، مؤكدة انه يعود تاريخه إلى عصر الدولة الحديثة، على خلفية أن آثار حقبة حكم الملك اخناتون تعتبر قليلة نظرا لتعرضها للاندثار خلال العصور التاريخية اللاحقة، حيث اعتبر ملوك الفراعنة «إخناتون» خارجا عن ديانة «آمون» وجري تدمير آثاره. موضحة أن صاحبة التمثال المسروق مجهولة الاسم. وذكرت «حنا» التي تعكف حاليا مع أثريين لحصر محتويات متحف ملوي، ل «الوفد» انه تم حصر ما بين 35 إلي 40 قطعة كانت متناثرة علي أرضية المتحف، وتم تحريزها وتسليمها إلي متحف الأشمونين، لحفظها وإعادتها للمتحف بعد تجهيز المتحف وإزالة أثار العدوان عليه. وأن القطع الأثرية التي تم إتلافها لم يجر حصرها حتي الآن. وعن استعادة تلك الآثار قالت «حنا» إن الآثار المسروقة لن يستطيع حائزوها بيعها، لأنها مسجلة في وزارة الآثار المصرية، وأنها حتي لو بيُعت ستباع بثمن بخس لا يوازي قيمتها الأثرية. مبدية أسفها لقيام من هاجموا المتحف بتهشيم تماثيل نادرة من الفخار، و5 توابيت من عصر الدولة الوسطي. وتهشيم المقتنيات الحجرية الثقيلة التي عجزوا عن سرقتها. وفى السياق ذاته قالت الأثرية مروي الزيني، إخصائية الترميم بالمتحف المصري، إن «الحملة المجتمعية للرقابة علي الآثار والتراث» رصدت خلال الأيام الماضية إضرام النيران في كنيسة العذراء الأثرية بقرية «دلجا» بمحافظة المنيا التي تعود للقرن الرابع الميلادي، ومحاولات لإحراق الكنيسة اليونانية الأثرية بالسويس، وسطو مسلح على المنطقة الأثرية أو التل الأحمر ب «الشرونة» بمحافظة المنيا، وتصدي له الأهالي والشرطة، وسطو أخر على المخزن المتحفي للآثار بالبهنسا مركز بني مزار بمحافظة المنيا وهو من أكبر المخازن المتحفية للآثار بصعيد مصر. وتابعت « تم إضرام النيران في مدرسة الراهبات الفرنسيسكان بمحافظة بني سويف، وهي من المباني ذات الطابع الخاص وقام بافتتاحها الخديوي إسماعيل في سنة 1875، وتحوي عددا كبيرا من الصور والمقتنيات النادرة، حتي احترقت كاملةً». وكشفت «الزيني» عن سرقة القطعة رقم 290 من متحف رشيد الإقليمي وهو عبارة عن إبريق من العصر العثماني. واعتبرت «الزينى» السطو على متحف «ملوي» خسارة فادحة لمصر، موضحة أنه من أقدم المتاحف الإقليمية في مصر وانه يضم حفائر عالم المصريات د. سامي جبره في منطقة «تونا الجبل» بالمنيا في ثلاثينيات القرن الماضي، فضلا عن احتوائه قطعاً أثرية مستخرجة من حفائر منطقة الأشمونين، وأخري من البرونز للمعبودات الفرعونية (أوزير وايزيس وحورس). وأضافت الباحثة الأثرية ،أن الآثار المصرية تعرضت لانتهاكات خطيرة منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، وأنها تزايدت خلال العام الأخير، منتقدة ضعف الحراسات على المواقع الأثرية. من جانب آخر أدان أثريون بقنا، قيام أنصار المعزول عقب فشلهم في اقتحام ديوان عام المحافظة، بعد تصدي الشرطة لهم، إضرام النيران فى أحد القصور القديمة والذي تشغله وزارة الري بمنطقة حوض 10 غرب مدينة قنا، حيث تهدم القصر بسبب كميات المياه الكبيرة التي استخدمها قوات الحماية المدنية لإخماد الحريق.