الدكتور فهيم فتحي عميداً لكلية الآثار بجامعة سوهاج    محافظ قنا يستقبل وفدا من مطرانية دشنا لتقديم التهنئة بعيد الأضحى    طلاب جامعة حلوان يشاركون في حلقة نقاشية بأكاديمية الشرطة    2450 مخبزا و30 مجزرا، تفاصيل استعدادات القليوبية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    أسعار الأسمنت اليوم الخميس 13-6-2024 في محافظة قنا    وزير الري يبحث مع محافظ الفيوم الارتقاء بالحياة المائية لبحيرة قارون    «القليوبية» تحذّر من التعدي على الأراضي الزراعية في العيد: سننفذ حملات مفاجئة    وقف استيراد إطارات التوك توك حتى نهاية العام الجاري.. تفاصيل    تعرف على أهم توصيات وزارة الزراعة لمزارعى الذرة الشامية خلال يونيو    وزير المالية الإسرائيلي يطالب بوقف المفاوضات مع حماس والتصعيد في غزة    زيلينسكي: أوكرانيا ستوقع اتفاقات أمنية مع أمريكا واليابان في قمة مجموعة السبع    أمريكا توافق على حزمة مساعدات عسكرية جديدة تؤمن لأوكرانيا أنظمة دفاع جوية    الخارجية الإيراني: يجب إيقاف الإبادة الجماعية في غزة دون قيد أو شرط    كيف ستبدو السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا في حالة فوز ترامب أو بايدن بالرئاسة؟    حسام غالي يُغني في حفل زفاف محمد هاني (فيديو)    بوفون: لدينا فريق قادر على المنافسة في يورو 2024    رياضة القليوبية تستعد لانعقاد الجمعيات العمومية بمراكز الشباب    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    إحالة تشكيل عصابي لتزوير المحررات الرسمية للمحاكمة الجنائية    الصحة: تقديم خدمات الكشف والعلاج ل15 ألفا و361 حاجا مصريا في مكة والمدينة    11 سبتمبر.. نظر محاكمة 4 متهمين شرعوا في قتل مزارع بالجيزة    ضبط قرابة ال 26 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط شخص بالجيزة لقيامه بمزاولة نشاط إجرامى تخصص فى تزوير المحررات مقابل مبالغ مالية    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 9 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    إخماد حريق داخل محل فى إمبابة دون إصابات    هند صبري تنشر صورا من عقد قران سلمى أبوضيف وعريسها    «اللعب مع العيال» يحتل المركز الثاني في شباك التذاكر    نائب محافظ الوادي الجديد تتابع سير العمل بمستشفى الخارجة التخصصي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 13-6-2024    تحذير لمرضى الكبد من الإفراط في تناول اللحوم.. واستشاري تغذية: تؤدي إلى غيبوبة    أستاذ طب نفسى: اكتئابك مش بسبب الصراعات.. إصابتك بالأمراض النفسية استعداد وراثى    اليوم.. موعد عرض فيلم "الصف الأخير" ل شريف محسن على نتفليكس    انتهاء 96 % من أعمال ترميم مسجد أبو غنام الأثري بمدينة بيلا    إسرائيل تدرس طرد كبار مسؤولي الأمم المتحدة من أراضيها (تفاصيل )    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    5 أعمال لها ثواب الحج والعمرة.. إنفوجراف    مقتل شخص وإصابة 4 في مشاجرة بين بائعي «أيس كريم» بسوهاج    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    الخشت يتلقى تقريرًا عن جهود جامعة القاهرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    افتتاح ملتقى التوظيف الأول للخريجين بكلية الحاسبات والمعلومات في المنيا    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    وزيرة الهجرة تشيد بتشغيل الطيران ل3 خطوط مباشرة جديدة لدول إفريقية    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    فطيرة اللحمة الاقتصادية اللذيذة بخطوات سهلة وسريعة    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    «هيئة القناة» تبحث التعاون مع أستراليا فى «سياحة اليخوت»    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجه آخر لعبدالرحمن سوار الدهب
نشر في الوفد يوم 11 - 12 - 2010

توقفت طويلا في الحوار المهم الذي اجراه الزميل‮ »‬محمد الجداوي‮« مع المشير‮ »‬عبدالرحمن سوار الدهب‮« رئيس المجلس العسكري الانتقالي الاسبق في السودان‮ - المصري اليوم‮ 20‮ نوفمبر‮ - أمام قوله‮: »‬إن الديمقراطية في السودان تكاد تكون عادت بنسبة‮ 99٪‮ وان الشريعة الاسلامية،‮ ليست مفروضة علي كل الولايات السودانية،‮ فلكل ولاية وفقا للدستور الحق في تطبيق ما تراه مناسبا،‮ وان الولايات العشر الجنوبية لا تطبق الشريعة،‮ وانه حتي في شمال السودان،‮ لا يوجد تطبيق واسع للشريعة،‮ سوي في عدم وجود محال للمشروبات الكحولية،‮ وبعض الاشياء المخالفة للشرع‮«‬،‮ ومعني الكلام ان تطبيق الشريعة،‮ كما اضاف لم يؤثر علي الجنوبيين في أي شيء،‮ وليس سبباً‮ فيما يسعون إليه الآن كي يسفر الاستفتاء علي حقهم في تقرير المصير في التاسع من يناير المقبل‮ - بعد اقل من شهر‮ - علي انفصالهم عن الشمال في دولة مستقلة‮.. يقول المشير سوار الدهب ذلك رغم اعترافه في الحديث نفسه ان الجنوبيين قد اعتبروا انفسهم مواطنين من الدرجة الثانية،‮ عندما اصدر الرئيس الراحل‮ »‬نميري‮« قوانين سبتمبر عام‮ 1983‮ التي عرفت باسم‮ »‬قوانين الشريعة‮«‬،‮ ورفضه لهذا التصور،‮ مستشهدا بأن نائب رئيس الجمهورية الآن في السودان مسيحي،‮ وهو سلفا كير رئيس حكومة الجنوب،‮ ومؤكدا عدم اعتراضه علي ان يكون رئيس الجمهورية السودانية‮ »‬مسيحياً،‮ مادامت بلادنا ستبقي موحدة‮«.‬
لعب‮ »‬سوار الدهب‮« دورا مهما في تاريخ السودان المعاصر،‮ فقد كان قائدا عسكريا لحامية مدينة الابيض التي ولدبها عام‮ 1935‮ حين قام الرائد هاشم العطا بانقلابه اليساري الشهير،‮ فرفض ان يسلم له الحامية،‮ حتي استطاع نميري ان يسيطر علي مقاليد السلطة،‮ ويجري محاكمات هزلية لقادة الحزب الشيوعي السوداني انتهت بإعدامهم جميعا،‮ برغم ان معظمهم لم يكن مؤيداً‮ للانقلاب،‮ ولم يحفظ له نميري هذا الدور الذي ربما مكنه من إفشال انقلاب هاشم العطا،‮ وأبعده تعسفيا عن الجيش في عام‮ 1972‮ فغادر الي قطر حيث أسس هناك الجيش والشرطة القطريين،‮ لكنه حين أشتدت أزمات نظامه أعاده في مارس‮ 1985‮ قائدا أعلي للقوات المسلحة،‮ قبيل نحو شهر من العصيان المدني العام الذي قامت به النقابات والاحزاب السودانية،‮ الذي تبلور في انتفاضة شعبية،‮ نجحت في إسقاط نظام نميري،‮ حين انحاز الجيش اليها بقيادة سوار الدهب،‮ حيث عاد نميري من الولايات المتحدة الامريكية الي القاهرة لاجئا سياسيا بها،‮ وتولي سوار الدهب رئاسة المجلس العسكري الانتقالي،‮ الذي شكل بدوره حكومة مدنية انتقالية برئاسة الدكتور‮ »‬الجزولي دفع الله‮« طبيب مناظير الجهاز الهضمي اللامع التي هيأت خلال عام الاجواء لإجراء انتخابات عامة،‮ اتسمت بالنزاهة والشفافية،‮ لنقل السلطة الي حكومة مدنية منتخبة،‮ ولعلي كنت واحدة من صحفيين عرب قلائل كنا شهودا علي أحداث الانتفاضة،‮ وعلي نزاهة الانتخابات التي جرت بعد انقضاء العام الانتقالي‮.‬
وفي صباح‮ 26‮ أبريل عام‮ 1986‮ كنت وغيري من الصحفيين،‮ أزاحم جماهير سودانية‮ غفيرة،‮ أحاطت بقاعة الشعب،‮ في العاصمة السودانية الخرطوم،‮ كي انفذ الي داخلها،‮ لمتابعة حدث عربي هو الاول من نوعه،‮ فأعضاء الجمعية التأسيسية المنتخبة،‮ يتوافدون الي صحن القاعة،‮ تترامي الي أسماعهم،‮ أصوات الجماهير التي تحيط بالمبني،‮ الذي شيدته رومانيا في طراز معماري يتسم بالجمال والبساطة،‮ وهي تردد أناشيد الانتفاضة وترفع شعاراتها وتدعو نواب الشعب الي المضي قدما نحو تحقيق اهدافها‮.. وفي لحظة اختلطت فيها المشاعر،‮ تحلقت انظار الجميع بالفريق أول عبدالرحمن سوار الدهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي،‮ وهو يعترف في خطابه ان الحكم الانتقالي لم تتوفر له الاسباب لإنجاز ما كان يجب إنجازه،‮ ويدعو جون قرنق إلي إلقاء السلاح والمشاركة في بناء السودان والتمسك بالديمقراطية نهجا وممارسة،‮ ثم وهو يقف كي يسلم رئيس الجلسة أكبر الاعضاء سناً‮ قراري حل المجلسين العسكري والوزاري،‮ ليكون السودان هو البلد الاول الذي سلم فيه العسكريون السلطة،‮ لا لحكم عسكري بديل،‮ بل لممثلي الشعب،‮ ولحكامه من المدنيين الذين تم انتخابهم بحرية ونزاهة‮.‬
في العام الانتقالي كان سوار الدهب قد وعد بإلغاء قوانين سبتمبر التي نسبت زوراً‮ إلي الشريعة وكانت سباباً‮ من اسباب تصاعد حدة المواجهة مع الجنوبيين،‮ والتي عجلت بانتفاضة أبريل،‮ لكنه تراجع عن هذا الوعد،‮ بعد ان تصاعدت حملة الإخوان المسلمين بقيادة د‮. حسن الترابي للدفاع عن بقائها،‮ وتهديد الذين يطالبون بإلغائها واعتبارها مكسباً‮ شعبياً‮ لا سبيل للتراجع عنه‮.. وردا علي سؤالي في الحوار الذي اجريته معه في العام الانتقالي،‮ هل سيلغي قوانين سبتمبر؟‮.. أجاب سوار الذهب‮: »‬إن الشريعة الاسلامية،‮ يدين بها معضم سكان السودان،‮ وإن كانت هناك من مراجعة،‮ فربما تكون لبعض الفقرات التي لم يحسن القائمون بوضع تلك القوانين صياغتها،‮ بطريقة تتماشي مع روح الاسلام،‮ وربما تكون هناك مراجعة لبعض الفقرات الخاصة ببعض القوانين وعقوباتها‮«.. سلم سوار الذهب السلطة لحكم مدني،‮ اصبحت قوانين الشريعة،‮ هي أهم مشاكله وأداة من أدوات الايتزاز والصراع السياسي علي امتداد السنوات الثلاث لحكم الديمقراطية الثالثة في السودان،‮ لتزداد الفرقة بين الشمال والجنوب ويتسع نطاق الحرب الاهلية،‮ بعد أن اعلن الصادق المهدي زعيم حزب الامة،‮ بعد فوز حزبه بالاغلبية في الانتخابات،‮ ان نتائجها قد حسمت انحياز الشعب السوداني الي نهج الصحوة الاسلامي الذي طرحه حزبه آنذاك،‮ بينما دعا الحزب الاتحادي الي تجميد قوانين سبتمبر لا إلغائها،‮ وتشكيل جمهورية إسلامية،‮ كما دعا الإخوان المسلمون الذين اصبح اسمهم الجبهة الاسلامية الي الإبقاء علي تلك القوانين والمطالبة بدستور إسلامي‮.. لم يقدم سوار الدهب علي الخطوة التي كان من شأنها،‮ ان تنقذ حكم الانتفاضة من الانهيار بإلغاء قوانين سبتمبر،‮ التي بقيت موضوعا للسجال الحزبي والمناورات السياسية،‮ والتي ادخلت في روع الجنوبيين مخاوف من حكم ديني يسلبهم حقوق المواطنة،‮ وهي مخاوف سرعان ما تحققت بانقلاب الجبهة الإسلامية للإنقاذ في يونيو عام‮ 1989‮ الذي سانده وعمل في ظله سوار الدهب‮.‬
وحين يقول المشير سوار الذهب اليوم إنه يرضي برئيس جمهورية مسيحي يحكم السودان،‮ مشترطاً‮ أن يؤدي ذلك إلي الوحدة،‮ فما هو الأساس الموضعي الذي يمكن أن يقود إلي ذلك،‮ ولماذا يفترض أن نصدقه؟‮!‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.