نحن جزء أصيل من الدولة الوطنية المصرية الوفد أمام مرحلة تاريخية مهمة، وتحديات جسيمة، يمر بها أقدم الأحزاب السياسية المصرية، وهى جزء من تحديات أكبر، يمر بها الوطن فى ذات الوقت. هذه هى الإجابة، التى جعلها رئيس الوفد الأستاذ الدكتور عبدالسند يمامة عنواناً للمحور الرئيسى لحوارى معه. المحور هو «الوفد ومصر..والمستقبل».. فى أول حوار لرئيس الوفد، إلى صحيفة الحزب، يكشف عن نقاط هامة تتعلق بهذه التحديات منها الدور المستقبلى لحزب الوفد فى الساحة السياسية واستكمال بناء مؤسساته الداخلية، وفى مقدمتها انتخابات الهيئة العليا للحزب، التى ستجرى غداً الجمعة. فى الجزء الأول من الحوار، يحدد رئيس الوفد ملامح المرحلة المقبلة ومتطلباتها، مؤكداً على أن ثبات الحزب وبقاءه وفعاليته يتوقف على إرادة الوفديين واختياراتهم.. وإلى الحوار.. أقف على مسافة واحدة من الكل فى انتخابات الهيئة العليا والتحالفات بين المرشحين «ظاهرة طبيعية» ساعات تفصلنا عن انتخابات الهيئة العليا لحزب الوفد، وهو العرس الانتخابى المهم، الذى يشهده الحزب كل أربعة أعوام.. إذا حددنا محورًا لبداية الحوار وليكن تحت عنوان «الوفد.. ومصر..والمستقبل»..كيف ترى هذه الانتخابات على وجه التحديد لمصر..وللوفد؟ فى البداية دعنى أؤكد على نقطة مهمة جداً، وهى أن الوفد أمام مرحلة تاريخية مهمة، وتحديات جسيمة، يمر بها أقدم الأحزاب السياسية المصرية، وهى جزء من تحديات أكبر، يمر بها الوطن فى ذات الوقت. فلا حديث لشأن سياسى داخلى ما لم يكن مرتبطًا بالدولة الوطنية المصرية، ففى اعتقادى أن أمامنا - كوفديين- «فرصة تاريخية» لإعادة بناء الوفد، بانتخاب هيئة عليا جديدة، ونحن - أيضاً - كحزب جزء أصيل من الدولة الوطنية المصرية، فلا يمكن للوفد كواحد من أعرق الأحزاب أن يعمل بمعزل عن الدولة الوطنية، ولا يمكن للدولة أن تتجاهل الوفد.. أقول لأعضاء الهيئة الوفدية: المهمة كبيرة والتحديات جسيمة.. ولن يتقدم حزبنا إلا بمشاركة الجميع مصدر القوة لماذا؟ لأنه ببساطة، الوفد هو خير من مثل الأمة المصرية على مدى قرن من الزمان، وهو المعبر الحقيقى عن آمال الأمة وتطلعاتها، ولديه القدرة على أن يقدم جديدًا فى الحياة السياسية المصرية، وهناك مقولة أؤمن بها دوماً: «أن الوفد فى أضعف حالاته قوى»، والقوة هنا مصدرها الأساسى هو إيمان الوفد بالأمة المصرية وسعيه على مر تاريخه، نحو رقيها والدفاع عن حقوقها. بعد مائة وأربعة أعوام..كيف ترى تأثير وعمق حزب الوفد فى الحياة السياسية؟ هنا يجب أن نتوقف قليلاً.. لأن الوفد له طبيعة خاصة يعرفها كل الناس، فالوفد جزء أصيل من السياسة المصرية، وإن كان قد أصابه بعض الوهن فإن ذلك لا يقلل من قيمته، فالوفد يمرض ولا يموت.. إرادة الوفديين هذا عن الماضى..وماذا عن المستقبل؟ أنا على يقين من أن إرادة الوفديين سيكون لها التأثير الأكبر فى المرحلة المقبلة. وهذا ليس تمنيًا ولكنه إقرار للواقع وفعل التاريخ، وربما ستكون الانتخابات ونتائجها مؤشراً، لأن الوفد مطلوب منه دور كبير، يليق بعمقه وتاريخه، ولا بد للوفديين أن يدركوا ذلك. اتجهنا إلى التصويت الإلكترونى.. وأرى أن الوفد تأخر كثيراً فى هذا الاتجاه بصراحة ألا يقلقك.. الخلاف الداخلى..أو الاختلاف عموماً؟. الاختلاف عمومًا هو ظاهرة صحية، ولكن دعنى أؤكد أن هناك فارقاً كبيراً بين الخلاف و«الاستخفاف»، أو التقليل من شأن البعض للبعض الآخر. الوفد له تقاليده حتى فى الخلاف أو المعارضة. فعلى مر التاريخ، كانت هناك اتجاهات متعددة داخل الوفد، وأيديولوجيات مختلفة وبعضها كل على يسار الوفد كالطليعة الوفدية وغيرها. ورغم ذلك الكل ظل يتحدث بكل صراحة دون تجريح أو خروج عن حدود اللياقة وآداب الحوار.. وهذه سمة فى الوفد بالمناسبة.. عائلة واحدة هل ترى أن هذه السمة خرجت فى بعض الأحيان عن آداب الحوار أو حدود اللياقة؟ ممكن.. لكن يجوز احتواء ذلك، لأننا فى النهاية أبناء عائلة واحدة..وبيت يمثل الأمة المصرية. هنا أؤكد على مبدأ هام أن الحرية الحقيقية ليست «سبابًا».. ولكنها قائمة على آراء تبنى ولا تهدم. أتمنى كوفدى هيئة عليا تمثل كل الوفديين.. وتسعى بتجرد لإنقاذ الحزب من عثراته وما الأسباب وراء ذلك من وجهة نظرك؟ عديدة، وبدأت تتكشف للجميع، وبعضها محل دراسة، وربما التحولات التى شهدها المجتمع المصرى، خلال السنوات العشر الأخيرة، كانت سببًا فى حدوث خلط كبير فى مفهوم الحرية، فشرائح كثيرة ترى الحرية فى الضجيج والصوت المرتفع، وهذا خطأ كبير.. ما السبب فى ذلك؟ هو تراكم..ووقتما تحين الفرصة للفوضى تحدث الجميع بلا حسيب أو رقيب! قتل معنوي وما هى الأدوات؟ فى اعتقادى أن وسائل التواصل الاجتماعى وتكنولوجيا العصر قد ساهمت بشكل كبير فى عدة جرائم ليس فى الحريات فقط، ولكن فى القتل المعنوى وتشويه الناس، فالجريمة الإلكترونية فى حد ذاتها التى أصبحت جزءاً من سمات العصر كله. نعمل على علاج مشكلات ضخمة منها ديون الحزب المتراكمة ولم الشمل ووأد الفتن ولو طال الهجوم شخصك؟ أنا عمومًا لا التفت لمثل هذه الصغائر.. وشخصى وموقعى يجعلنى دوماً أترفع عن الرد.. رغم أن بعضه يدخل تحت طائلة القانون.. أقبل الخلاف .. وهل تقبل الخلاف فى الرأى.. أو معارضتك؟ نعم أقبلها.. بل إن المعارضة من أدبيات الوفد التى نتوارثها، ونعلمها للأجيال الجديدة، التى ستتناقلها من بعدنا.. المعارضة ظاهرة صحية طالما كانت فى حدود آداب الحوار. خلال ساعات سيشهد الوفد عرسًا جديدًا فى الانتخابات لاختيار هيئة عليا جديدة..كيف تنظر إلى هذه الانتخابات؟ حقيقة منذ تسلمى لأعباء المهمة كرئيس لهذا الحزب الكبير فى مارس الماضى، وأنا أعمل بقدر الإمكان على علاج جزء كبير من المشكلات، خاصة تلك المتعلقة بديون الحزب المتراكمة من ناحية، ولم الشمل ووأد الفتن وغيرها من ناحية أخرى، هذه القضايا المهمة، تتطلب علاجًا بشكل متوازٍ، ولا يمكن أن ننظر إلى قضية واحدة بعينها، دون أن ننظر إلى بقية القضايا. وفى رأيى أن القضية المهمة، التى يجب أن ننظر إليها بعين الدقة، هى قضية استعادة حزب الوفد لدوره السياسى المعبر عن الأمة المصرية، وهنا فالمسئولية ليست مسئوليتى وحدى، ولكنها مسئولية كل الوفديين، ولذلك فإننى أرى أن هذه الانتخابات على وجه التحديد ستكون حاسمة، وستمثل مرحلة مهمة فى تاريخ الوفد، خاصة أن المهمة كبيرة والتحديات كثيرة ولن يتقدم حزبنا إلا بمشاركة الجميع، ومن موقعى كرئيس للوفد، فإننى أعلنها بكل صراحة أننى على مسافة واحدة من الكل فجميعهم إخوتى وأبنائى ولا انحاز مطلقًا لأى طرف ضد آخر. نسعى لتطوير خطابنا السياسى برؤية جديدة تعتمد على المحور الثقافى التوعوى ثوابت الوفد البعض يتحدث عن «قوائم».. ورموز وفدية تدعم، وتحالف يعقد هنا أو هناك..كيف تنظر إلى ذلك كرئيس للحزب العريق؟ التحالفات شىء طبيعى وهى ظاهرة فى أى انتخابات، ونحن فى حزبنا العريق لدينا ثوابت فيما يتعلق بالرموز الوفدية فى المحافظات، فلكل رمز من هذه الرموز شعبية واحترام وتقدير من الوفديين لدوره التاريخى، وأنا أرى أن التمثيل يجب أن يراعى ذلك، وبالطبع الاختيار أولاً وأخيراً سيكون للوفديين وللهيئة الوفدية صاحبة القرار والصانع الرئيسى له. الحرية الحقيقية ليست «سباباً».. ولكنها قائمة على آراء تبنى ولا تهدم ..وما هى أمنيتك.. وما تنتظره من الهيئة العليا الجديدة؟ حقيقة أمنياتى كثيرة للوفد، وللأمانة أنا - كوفدي- أتمنى أن تكون هناك هيئة عليا تمثل كل الوفديين، تكون قادرة على حل المشكلات، وفى مقدمتها لم الشمل، وأن تسعى هذه الهيئة بكل قوتها لإنقاذ الحزب من عثراته، وهنا لا أتحدث عن الموقف المالى فقط ولكنى أتحدث عن الرؤية، التى يجب أن نصنعها جميعًا لصياغة مستقبل الوفد. انتخابات حرة وما الجديد الذى سيضاف لرصيد الوفد خلال هذه الانتخابات؟ الوفد له تاريخ طويل فى الانتخابات، وعليه فإننى أكرر أننا سنجرى انتخابات حرة تليق بمصر وبنا كحزب سياسى، ولهذا اتجهت فى التفكير إلى التصويت الإلكترونى أو ما يطلق عليه السادة القضاة «التصويت المميكن» وأرى أن الوفد تأخر كثيرًا فى هذا الاتجاه. هى تجربة فريدة من نوعها تضاف إلى رصيد الوفد فى العمل الديمقراطى وفى العملية السياسية عموماً. وهنا من حق كل الوفديين أن يفخروا بهذه التجربة، التى ستضاف إلى رصيد حزبهم فى الشارع السياسى. ولكن كانت هناك بعض الاعتراضات..كيف ترى ذلك؟ الاعتراض أمر طبيعى والاختلاف - أيضاً- كذلك، فنحن فى حزب سياسى لا بد أن تكون الآراء متعددة ومتنوعة، ولكن فى النهاية الصالح العام يقتضى أن يظهر الوفد بتاريخه وعمره فى هذا الإطار. نحن حزب له تاريخ ومن حقنا أن نجرى تجربة فريدة تحقق الهدف المنشود فى أقل وقت ممكن مستعينة بلغة العصر فى كل شىء. انتصار للوفد وماذا عن دور الإشراف القضائى ولجنة الانتخابات الداخلية؟ اسمح لى هنا أن أوجه كل الشكر إلى السادة القضاة بهيئة النيابة الإدارية، الذين سيشرفون على العملية الانتخابية بالكامل من بدايتها وحتى إعلان النتيجة، وأشكر اللجنة الداخلية المشرفة على سير إجراءات الانتخابات والتجهيز لها برئاسة الدكتور راغب مصطفى والفريق المعاون له، فقد تحملت الكثير من الأعباء- وما زالت تتحمل- وأعتقد أن النتيجة أولًا وأخيراً ستكون انتصارًا للوفد وانتصارًا لأقدم الأحزاب المصرية. إرادة الوفديين ..وماذا تتوقع لمستقبل الوفد؟ هذا ما ستحدده إرادة الوفديين.. فالهيئة الوفدية هى التى ستصنع المستقبل باختيارها للكوادر القادرة على التطوير فى جميع المجالات.