في كل عام تهل علينا أيام الامتحانات وتحمل معها أجواء غاية في الصعوبة على كل أسرة وفي كل بيت, مما يؤدى إلى رفع مستوى التوتر والقلق والاضطراب وأحيانا الشجار والمشكلات الزوجية بل والأزمات الأسرية أيضا وذلك كله انطلاقا من حرص كل أب وأم على التفوق الدراسي لأبنائهما، وقد تنتقل كل تلك المشاعر السلبية بدورها للأبناء فتؤثر على قدراتهم المعرفية، ويصبح من الصعب عليهم تحصيل دروسهم على النحو المطلوب خلال هذه الفترة العصيبة. هذا هو جو أسرنا في هذه الأيام, فكيف نتعامل معها؟ وكيف نتجنب الأفكار الخاطئة التي يمكن أن تأتي بنتائج مخيبة للآمال في نتيجة الامتحانات، وما هي العادات التي يجب أن تتجنبها الأسرة لضمان التفوق لأبنائها؟ نظام وراحة وترفيه ترى د.عزة كٌريم ،أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن التركيز المبالغ فيه في النتيجة، والشعور باقتراب وقت الامتحان، وعدم إمكانية تحصيل أو استيعاب الكم المتبقي من المناهج لضيق الوقت، كل هذه العوامل تسبب الشد والجذب وتوتر الأعصاب بداخل الأسرة. ولتفادى ذلك تنصح كل أم أن تساعد الابن في وضع جدول للمذاكرة حتى يتمكن من تدارك عامل ضياع الوقت وعامل الخوف من عدم التحصيل الكامل للمنهج، وتحذر من الوقوع في خطأ مطالبة الأبناء بالمذاكرة طوال اليوم، فالإنسان العادي لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يستوعب أكثر من ساعتين متصلتين، مع مراعاة أن أعلى نسبة تركيز تكون في الساعات الأولى من المذاكرة بعدها تقل نسبة الاستيعاب، مع ضرورة توفير قسط من الراحة كي يتمكن الطالب من مواصلة التحصيل على ألا تقل أقساط الراحة بين فترتي المذاكرة عن ربع لنصف ساعة، ولا يقوم الطالب خلال هذه المدة بأي نشاط يرهق ذهنه كالقراءة أو مشاهدة التلفاز. وتوضح د.عزة أن من أسوأ العادات التي يرتكبها الطالب أثناء فترة الامتحانات أن ينام وهو يشاهد التلفاز، لأن العقل يظل في حالة عمل أثناء الاستماع للأصوات أثناء الاستعداد للنوم، كما تحذر من النوم أيضا أثناء المذاكرة، وتنصح بأخذ قسط من الراحة قبل النوم والاسترخاء لنصف ساعة يقضيها في الهواء الطلق . وتضيف أن دور الأسرة في خلق جو من الهدوء أثناء فترة الامتحانات عليه عامل كبير في مساعدة الطالب على التركيز ويجب أن يكون ذلك بتجنب المشاحنات أمام الأبناء، وتوفيرالوجبات والمشروبات الصحية للطالب، كذلك توفير وسائل الترفية لتجديد النشاط للمذاكرة. وتؤكد د.عزة على كل طالب بتلخيص الموضوعات إلى عناصر لضمان الاسترجاع الجيد للمعلومات أثناء الامتحانات، وأن يكون التلخيص أعلى الفقرات في الكتاب كي يسترجعها الطالب فور رؤيته للمعلومة ، كما يفضل ألا يذاكر سوى الفقرات الملخصة فقط ليلة المراجعة النهائية فلا يضيع وقته في قراءة المنهج بأكمله ، ويجب على الطالب ألا يعتقد أنه نسى دروسه أثناء أداء الامتحان لأن هذا توهم خاطئ يقع فيه معظم الطلاب. ويرى د. يوسف صبري ،أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية،: أنه على الأسرة أن تخلق نوعا من الهدوء في المنزل خلال فترة الامتحانات، وأن تبتعد عن المشاكل لمساعدة الطالب على التركيز، كما يجب أن تزرع بداخله الحافز للاجتهاد في المذاكرة ورفع حالة الإحباط التي تصيبه أثناء تلك الفترة وإنماء ثقته بنفسه. كما يطالب الأسرة بإعداد مكان جيد للمذاكرة يتوافر فيه التهوية والإنارة الجيدتين، وتوفير الوجبات الغذائية الثلاث لأنه ثبت أن هناك علاقة موجبة بين نوعية الغذاء ونمو القدرات العقلية للطالب، وأن تعود الأسرة الابن على أن يقسم الموضوع لعدة عناصر، وأن يبدأ المذاكرة من الأسهل إلى الأصعب، وأن يقوم برسم أشكال توضيحية تساعده على فهم الموضوعات بطريقة سهلة وبسيطة. الإفطار يساعد على التركيز أما أ.د فاروق جبر،استشاري الكيمياء الحيوية بالمعهد القومي للتغذية والأمين العام للجمعية المصرية للتغذية، فينصح الأسرة بالاهتمام بوجبة الإفطار لأنها تساعد الطالب على التركيز والتحصيل الجيد، وتقديم كوب الزبادي مع البيض المسلوق عند الإفطار، لما تحتويه هذه الوجبة من عناصر غذائية تساعد على زيادة نسبة التركيز لدي الطالب وإنعاش ذاكرته، كما أنها تحسن الحالة المزاجية لديه وتشعره بالنشاط والحيوية، والسبب أن البروتين الموجود في الزبادي يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية للجسم، كما أن الزبادي يحتوي أيضا على الأحماض الدهنية وفيتامين ب المركب، أما البيض المسلوق فيحتوي على الكالسيوم والماغنسيوم اللذين يشعران بالاسترخاء وهما مهدئان للقلق وتقلب المزاج، بالإضافة إلى أن البيض يحتوي أيضا على مادة المثيونين المقاومة للضعف العضلي والمساعدة على النشاط والتركيز المطلوبين في هذه الفترة .