كشف مصدر مطلع بوزارة المالية عن أسباب رفض الحكومة للقرض السريع المعروض من صندوق النقد الدولى بواقع 750 مليون دولار. أكد المصدر أن قبول مصر لهذا القرض كان سيعنى إلغاء المفاوضات الدائرة مع مسئولى الصندوق بشأن الحصول على القرض الأصلى المطلوب بواقع 4.8 مليار دولار، وأوضح أن رفض الحكومة المصرية لهذا القرض الطارئ قد يؤدى إلى تعثر المفاوضات المقبلة مع صندوق النقد، وتأجيلها لأجل غير مسمى بعدما كان من المفترض أن يحدد مسئولو الصندوق التوقيت المناسب لاستئناف المفاوضات نهاية شهر مارس الجارى، خاصة أن هذا العرض تم تقديمه بعد قيام الحكومة بإرسال ملف مبادرة الإصلاحين الاقتصادى والاجتماعى منذ ما يقرب من أسبوعين، مما يعنى أن تعديلات برنامج الإصلاح الاقتصادى لم تلق قبولاً لدى مسئولى الصندوق، وأضاف أن عرض القرض السريع من صندوق النقد يأتى كأحد أشكال «الترضية» لتعويض مصر باعتبار أنه سيعد بديلاً للقرض الأساسى، باعتبار أنه سيتم صرفه بشكل عاجل دون انتظار لمفاوضات أو ربطه بشروط أو برنامج إصلاحى. وأكد مسئول وزارة المالية أن هذا القرض السريع يتعلق بحالات الطوارئ التى يتعرض لها ميزان المدفوعات بالدول الأعضاء بالصندوق، موضحاً أنه بذلك لن يحقق الهدف الحقيقى الذى تخطط له الحكومة من جراء القرض الأصلى، والذى يتمثل فى منح الاقتصاد المصرى الجدارة الائتمانية والحصول من الصندوق علي شهادة دولية بأن الاقتصاد المصري قادر علي التعافي والنهوض، بهدف جذب الاستثمارات والحصول علي المساهمات والمنح والقروض، وذلك لتجاوز الاختناقات التمويلية الراهنة وتغطية عجز الموازنة العامة، فضلا عن مساندة الاحتياطي النقدي لدي البنك المركزي. وأشار المصدر إلى وجود حالة غضب وارتباك شديدين داخل مجلس الوزراء بسبب هذا الموقف من صندوق النقد، موضحاً أن عدم حصول مصر على القرض بواقع 4.8 مليار دولار سيؤدى إلى حدوث خلل كبير وشبه توقف لعمليات التنمية المقررة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع زيادة الفجوة التمويلية لتبلغ حالياً 19.5 مليار دولار، مشيراً إلى أن القرض كان سيؤدى إلى منح قدرة لمصر لطلب مساعدات ومنح خارجية لسد تلك الفجوة، ولكن مع رفض الصندوق للقرض سوف تزيد هذه الفجوة دون وجود موارد لتعويضها، وبالتالى ستواجه الموازنة شبح زيادة كبيرة فى العجز!! وشدد مسئول وزارة المالية على أن الحكومة لن تستسلم أمام موقف صندوق النقد وستجدد دعوتها لاستئناف المفاوضات مع مسئوليه خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الحكومة قد انجزت المطلوب منها بإعداد وتنفيذ برنامج الإصلاحين الاقتصادي والاجتماعي، موضحاً أن مصر عضو مؤسسة في صندوق النقد الدولي، وتبلغ حصة مصر فى الصندوق نحو 1.5 مليار دولار، وأضاف أن من حق مصر الحصول على نسبة تصل إلى نحو 600% من قيمة حصة مصر، وأن المطلوب حصوله بواقع 4.8 مليار دولار يبلغ نسبته 300% من الحصة، لافتاً إلى أنه لا يمكن فى الوقت الحالى استبدال الاقتراض من الصندوق بالاقتراض المحلى من البنوك، نظراً لحجم الفائدة المنخفض من الصندوق، فى حين تمثل الفائدة من البنوك المحلية 10 أضعاف هذه النسبة، كما أن الصندوق يمنح مصر فترة سماح لسداد القرض تصل إلى 39 شهراً من تاريخ الحصول على القرض. وفى المقابل كشفت مصادر حكومية أن الحكومة استقبلت رداً من صندوق النقد يفيد أن الصندوق أبدي اعتراضه علي البرنامج الاقتصادي الجديد الذى تم إرساله مؤخراً بناء على طلب الصندوق لضمان استئناف المفاوضات وتوقيع اتفاق الحصول علي القرض الذي يجري التفاوض عليه منذ ما يقرب من عامين. وقال الصندوق إن هذا البرنامج لا يكفى وغير فعال لتحقيق الإصلاح الاقتصادى بمصر. وكشفت المصادر أن الصندوق يرى أن برنامج الاصلاح الاقتصادى لا يشمل ضمانات لتنفيذه، خاصة فى ظل تذبذب قرارات الحكومة، وهو ما ظهر فى موقف الرئيس محمد مرسى المتردد فى اتخاذ إجراءات زيادة الضرائب، وكذلك توقف عمليات إجراء الانتخابات بعد قرار القضاء الإدارى، كما اعترض الصندوق على البرنامج من حيث اعتماده على خطوات بطيئة ومنهج تدريجى للإصلاح الاقتصادى وإجراءات التقشف الحكومى وخفض دعم الطاقة، في الوقت الذي تراجعت فيه احتياطيات النقد الأجنبي إلي معدل حرج بلغ 13.5 مليار دولار فقط، والذي لا يكفي أكثر من 3 أشهر للواردات الخارجية!! وكشف رد صندوق النقد الدولى على الحكومة عن وجود شكوك لدى مسئولى الصندوق فى حدوث استقرار سياسى خلال الفترة الحالية، خاصة أن تنفيذ أى إجراءات إصلاحية للاقتصاد أو زيادة ضرائب جديدة أو خفض الدعم قد يؤدى إلى سلسلة جديدة من الاعتراضات الشعبية التى قد تمنع تطبيقها وتراجع الحكومة المصرية عن تنفيذ هذا البرنامج الإصلاحى.