حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة "التوكيلات" لسقوط النظام تؤكد شعور المصريين بحكم "الاحتلال" وليس "الإخوان"
94 عاماً علي ثورة 1919.. ولايزال المصريون يتعلمون منها
نشر في الوفد يوم 09 - 03 - 2013

اليوم.. تمر الذكري ال94 لثورة 1919.. تمر الأيام والسنوات وكأننا نري ونعيش هذه الثورة العظيمة.. الأحداث السياسية التي شهدتها مصر قبل وأثناء وبعد ثورة 25 يناير تؤكد أن ثورة 19 هي مصدر شعاع الحريات.
منها انتزع المصريون حقوقهم وإليها سار العالم خلفها بعد أن لفتت الأنظار بعد أن قضت علي الحلم البريطاني في مصر،فالثورات لا تعرف طريقها إلا للشعوب الحرة، فلا ثورة لخائف أو جبان أو العبيد وإنما الثورة حرة وجعلت للأحرار.
في مثل هذا اليوم نتذكر سوياً عظمة الشعب المصري وزعامته ونتعلم من ثورة 1919 سهولة تحقيق أي شيء مهما كانت صعوبته طالما أن هناك إيماناً بالقضية ومبادئ لا تتجزأ وهدفاً واحداً ومحدداً ولا سبيل غيره وهو رفعة هذا الوطن وليس حالة التشرذم وسعي فصيل واحد للسيطرة علي مفاصل الدولة وتنفيذ خطة التمكين –كما يحدث الآن من قبل جماعة الإخوان المسلمين.
كانت الأعوام السابقة علي الثورة أشبه بتنفيذ حكم السخرة عليه جزاء الاحتلال البريطاني وسوء حكم الملكية والمعاملة القاسية التي عانها الشعب من قبل البريطانيين والأحكام العرفية صدرت ضد المصريين ورغبة الشعب في الحصول علي الاستقلال.
كانت الأربع سنوات وهي مدة الحرب العالمية الأولي ما بين 1914-1918 بمثابة الظلم والاستغلال ضد الشعب حيث مصادرة ممتلكات الفلاحين حتي تتمكن إنجلترا من توفير متطلبات الحرب بل وإجبار الفلاحين علي زراعة محاصيل تتناسب مع متطلبات الحرب لصالح إنجلترا وتجنيد الآلاف للمشاركة فيها.
ونتج عن ذلك كله نقص السلع الأساسية وتدهورت الأحوال المعيشية لكل سكان الريف والحضر، وشهدت العاصمة والمحافظات مظاهرات للعاطلين وأعمال النهب والسلب، كذلك تعرض العمال ونقابتهم لهجوم بسبب إعلان الأحكام العرفية وإصدار القوانين التي تحرم التجمهر والإضراب وذل الاحتلال وفقدان الحرية والسيادة الوطنية.
من وسط هذه الجو المظلم جاء شعاع النور حاملاً سعد زغلول ليكون بمثابة الزعامة والزعيم.. قاد الشعب المصري ضد الاحتلال.. كافح من أجل الحصول علي الاستقلال.. التف حوله الشعب الغاضب ضد الظلم والطغيان.. بدأ التاريخ يسطر ملحمة الوطنية المصرية في ثورة وشعب ثائر.
وجاءت لسعد زغلول فكرة تأليف وفد مصري للدفاع عن القضية المصرية عام 1918 ضد الاحتلال الإنجليزي حيث دعا أصحابه وممثلي طوائف الشعب إلي اجتماع في مسجد وصيف وكانت بمثابة لقاءات سرية للتحدث فيما ينبغي عمله بعد الحرب العالمية الأولي لعرض قضية مصر دولياً وإطلاع العالم عليها.
وتشكل الوفد المصري الذي ضم سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وأطلقوا علي أنفسهم «الوفد المصري» وبدأت حركة التوكيلات حيث قاموا بجمع توقيعات من أطياف الشعب لإثبات صفتهم التمثيلية للسعي بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلا في استقلال مصر تطبيقاً لمبادئ الحرية والعدل.
ولم تتوقف احتجاجات المدن على التظاهرات وإضرابات العمال، بل قام السكان في الأحياء الفقيرة بحفر الخنادق لمواجهة القوات البريطانية وقوات الشرطة، وقامت الجماهير بالاعتداء على بعض المحلات التجارية وممتلكات الأجانب وتدمير مركبات الترام، وشاركت المرأة في المظاهرات مع الشيوخ لتصبح أول ثورة شعبية.
وقامت جماعات الفلاحين بقطع خطوط السكك الحديدية في قرى ومدن الوجهين القبلي والبحري، ومهاجمة أقسام البوليس لإخراج المعتقلين المصريين.
وبناء علي ما سبق تم اعتقال سعد زغلول ورفاقه ونفيهم إلي جزيرة مالطة بالبحر المتوسط في مارس 1919 لتنفجر ثورة الشعب المصري في اليوم التالي نتيجة نفي سعد ورفاقه لتبدأ الزعامة الحقيقية لسعد زغلول واضطرت إنجلترا إلي عزل الحاكم البريطاني وأفرج الإنجليز عن سعد وزملائه وعادوا للبلاد وسمحت للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلي مؤتمر الصلح في باريس ليعرض عليه قضية استقلال مصر.
ولم يستجب أعضاء مؤتمر الصلح بباريس لمطالب الوفد المصري فعاد المصريون إلي الثورة وازداد حماسهم وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية ليأتي اعتقال ونفي سعد زغلول للمرة الثانية ولكن إلي جزيرة سيشل في المحيط الهندي فازدادت الثورة اشتعالا وحاولت إنجلترا القضاء عليها لكنها فشلت مرة أخري لتنجح ثورة الشعب المصري.
واضطرت إنجلترا بسبب اشتعال الثورة إلي إعطاء مصر بعض حقوقها من بينها إصدار تصريح 28 فبراير 1922 الذي نص علي إلغاء الحماية البريطانية عن مصر وإعلان مصر دولة مستقلة، وصدور أول دستور مصري عام 1923، وتشكيل أول وزارة برئاسة سعد زغلول عام 1924، وأفرج عن المسجونين السياسيين ،إلا أن إنجلترا لم تترك مصر بعد هذا التصريح فقد أبقت بعض قواتها متمركزة عند قناة السويس ورحل آخر جندي إنجليزي عن أرض مصر عام 1956.
وخرج حزب الوفد كأقدم وأعرق الأحزاب المصرية من رحم الثورة بزعامة ورئاسة سعد زغلول ليستمر نضال الحزب منذ نشأته إلي اليوم لتحقيق طموحات وآمال الشعب المصري.
والحديث عن ثورة 1919 يحتاج إلي الكثير من الوقت والمساحة ،ونحن الآن لا نلقي الضوء علي هذه الثورة العظيمة بقدر ما ندقق في عظمتها لنتعلم منها الدروس في مقاومة الظلم ومقارنة ذلك بما يحدث علي الساحة السياسية.
وبالنظر إلي ما يحدث الآن في مصر نجد أمامنا أن الشعب المصري لا يزال يتعلم من ثورة 1919 حيث استخدم لأول مرة حركة التوكيلات لإقصاء الاحتلال ونظام الحكم الذي جثم علي أنفاس المصريين وهو ما حقق نجاحه بالفعل.
وحركة التوكيلات لم تتكرر لإقصاء أي نظام سواء بعد ثورة 19 أو عهد الرؤساء محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، حيث انتهت أنظمتهم إما بالإقصاء أو الموت أو الاغتيال أو الثورة لكننا لم نر توكيلات تجمع للمطالبة بسقوط نظام الحكم أو تكليف أحد بإدارة شئون البلاد.
ويبدو أن الشعب المصري لايزال يتذكر تاريخه.. ويستلهم منه طريقة الخلاص..ويلاحظ أن ثورة 19 كانت ولا تزال المعلم الأول ولعل خير دليل علي ذلك هو تكرار ما حدث مع الاحتلال في جمع التوكيلات ضد الاحتلال في جمع توكيلات حالياً تطالب الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع بإدارة شئون البلاد بعد أن فشل الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في إدارتها.
وإذا كان الشعب المصري علي مدار تاريخه لم يستخدم حركة التوكيلات إلا ضد الاحتلال فقط ،فإن عودة حركة التوكيلات الآن تدل علي أن الشعب المصري بعد ثورة 25 يناير في ظل نظام حكم الإخوان الحالي لديه شعور بأن من يحكمه هو سلطة الاحتلال التي تريد احتكار السلطة والثروة والسيطرة علي مفاصل الدولة لصالح تنفيذ مخطط الجماعة وليس نظام حكم!.
ولعل الدرس الثاني من الثورة الآن هو الدعوة للعصيان المدني والإضراب في كل مؤسسات الدولة الاعتصامات التي وصلت لقطاع الأمن المركزي نفسه وقيام بعض ضباط الشرطة بعمل احتجاجات بين الحين والآخر وطريقة التصعيد هذه ضد نظام الحاكم استخدمها الشعب المصري أيضاً خلال ثورة 19.
إن التاريخ والأحداث تثبت يوماً بعد يوم عظمة هذه الثورة كأول ثورة شعبية تعبر عن نبض المواطن دون تدخل أي فئات معينة بل اختلطت فيها دماء المسلمين والمسيحيين وخرجوا جميعاً للشوارع للتنديد بالاحتلال وتكرار نفس المشاهد وأدوات التصعيد من توكيلات تجمع وإضرابات وعصيان يتصاعد هو أكبر دليل علي شعور المصريين بحكم الاحتلال وليس حكم الإخوان!.
فما أشبه اليوم بالبارحة.. الأجواء التي عاشها الشعب المصري ضد الاحتلال يكاد يعيشها الآن ونفس أسلوب المقاومة وطرق التخلص من النظام وكأننا نعود بالوطن إلى زمن الاحتلال وليس زمن الإخوان، وكأن مصر تعود لخلف 94 عاماً رافضة التقدم للأمام.
كتب - صلاح شرابي:

يوم الشهيد.. انتصارات عسكرية لا تنسي.. وذكري الجنرال الذهبي
تحقيق – نشوة الشربيني
كثيرون يمرون كل يوم على ميدان الشهيد.. ذلك الميدان الملاصق والملتحم مع ميدان التحرير بوسط العاصمة القاهرة.. ومعظم هؤلاء لا يرون ولا يهتمون بالتمثال الشامخ فى وسط الميدان.. ومعظمهم أيضاً لايعلمون ان هذا التمثال لقائد عسكرى فذ، من الطراز الفريد.. إنه الشهيد البطل عبد المنعم رياض صاحب الميدان وصاحب البطولات الذي استشهد في 9 مارس 1969 والملقب ب «الجنرال الذهبي» – والذي اختارت القوات المسلحة هذا اليوم المميز في حياة الكثيرين ليكون عيداً لشهداء مصر وتخليداً للماضي في ذكراه التي تظل في القلوب المتألمة ثقافية بذور بناء صرح المستقبل، وهو ما يعبر عن أصالة الجندي المصري من خير أجناد.. رئيس أركان حرب القوات المسلحة الذي فقد روحه إبان حرب الاستنزاف أثناء وجوده في الخط الامامي للقتال مع إسرائيل.
الفريق أول عبد المنعم رياض.. يعتبر واحدًا من أشهر العسكريين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، الذي شارك في الحرب العالمية الثانية ضد الألمان والإيطاليين بين عامي 1941 و1942، وشارك في حرب فلسطين عام 1948، والعدوان الثلاثي عام 1956، ونكسة 1967 وحرب الاستنزاف.
وولد الفريق محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله في قرية سبرباي إحدى ضواحي مدينة طنطا محافظة الغربية في 22 أكتوبر 1919، وكان والده العقيد محمد رياض عبد الله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية والتي تخرجت على يديه الكثيرين من قادة المؤسسة العسكرية.
وفي عام 1941 عين بعد تخرجه في سلاح المدفعية، وألحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات في المنطقة الغربية ،حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا.
وخلال عامي 1947 – 1948 عمل في إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبي لقدراته العسكرية التي ظهرت آنذاك.
وفي عام 1951 تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات وكان وقتها برتبة مقدم.
في عام 1953 كما وأنه عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية
من يوليو 1954 وحتى أبريل 1958 تولى قيادة الدفاع المضاد للطائرات في سلاح المدفعية.
في 9 إبريل 1958 سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وقد لقب هناك ب «الجنرال الذهبي» وبعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية عام 1960.
وأصبح عام 1961 نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي.
وفى عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحد
ورقي في عام 1966 إلى رتبة فريق، وأتم في السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا.
وحصل على العديد من الأنواط والأوسمة ومنها ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة ووسام الجدارة الذهبي ووسام الأرز الوطني بدرجة ضابط كبير من لبنان ووسام الكوكب الأردني طبقة أولى ووسام نجمة الشرف.
وفي 11 يونيو 1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها.
وفي عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربية.
وقد حقق الشهيد عبد المنعم رياض انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس وذلك في آخر يونيو 1967، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968.
وقد عينه الرئيس جمال عبد الناصر بعد النكسة رئيساً للأركان، وخاض العديد من العمليات العسكرية التي أسفرت عن تدمير 60% من تحصينات خط برليف الذي تحول من خط دفاعي إلى مجرد إنذار مبكر، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968.
كما أنه أشرف على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969م موعداً لبدء تنفيذ الخطة، وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف واسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973.
توفي عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه. وقد نعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه رتبة الفريق أول ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر، واعتبر يوم 9 مارس من كل عام هو يومه تخليدا لذكراه، كما أطلق اسمه على أحد الميادين الشهيرة بوسط القاهرة وأحد شوارع المهندسين ، وكذلك وضع نصب تذكاري له بميدان الشهداء في محافظة بورسعيد والاسماعيلية ومحافظة سوهاج.
وتأتي اليوم ذكري يوم الشهيد في الوقت الذي يسقط فيه عشرات الشهداء علي أرض الوطن، وهو ما يشعل إرادة المواطن المصري نحو تذكر بطولة شهدائه.
ولا جدال في ان يوم 9 مارس الذي تضافرت معه تلك التواريخ المهمة تدل علي مدي أهمية هذا اليوم التاريخي في وجدان حشود الجماهير الواعية.
لكننا نحتفل بهذا اليوم في ظل ما يعانيه الشعب من مناخ عدم الاستقرار وفقدان الآمن والأمان وتزايد سقوط الشهداء يوماً عن يوم في كل محافظات مصر، في ظل نظام حكم استبدادي يفتقر لأدني درجات الخبرة السياسية التي تؤهله لقيادة هذا الوطن مما يجعل هذا اليوم نقطة انطلاق نحو آفاق ثورة جديدة لاسترداد الثورة الأم التي اغتصبت من الشعب المصري، وأيضاً لاسترداد قوة وإرادة الشعب لتحقيق مطالبها الثورية.
اليوم نحتفل بذكري إصدارها اليومي
صحيفة "الوفد" 26 عاماً في مواجهة الاستبداد
تحقيق – نشوة الشربيني
اليوم نحتفل بالذكري ال 26 للإصدار الأول لصحيفة «الوفد» اليومية العريقة التي صدرت يومياً في 9 مارس عام 1987 وهو ما يذكرنا ببداية انطلاق الشرارة الأولي لثورة 1919، حيث ظلت صامدة علي مواقفها مؤمنة بمبادئها علي أسس ديمقراطية سليمة وإيماناً منها بالحرية والوحدة الوطنية كرسالتها السامية ليظل الوفد المرآة الصادقة للواقع والمنبر الحر المعبر عن كل الآراء والأفكار السياسية والثقافية والاجتماعية في ظل غيوم سياسية حديثة وأوضاع مضطربة يشهدها الشارع السياسي الآن، لهذا نحاول ان نضئ مشعلاً من الحرية يقود الحركة الوطنية بقيادة الوفد والوفديين.
فمنذ نشأة الوفد عام 1984 وهو يتواجد في الحياة السياسية ويبني قواعده الجماهيرية، ولم يكن أبداً حزباً للطبقة الأستقراطية بل كان ملتحماً مع القواعد الشعبية والجماهير المصرية المنتشرة في ربوع الوطن حتي قيل إذا انتخب حجر سوف ينتخب الوفد وظل يمارس دوره القيادي والسياسي مستخدماً قواعده الجماهيرية وقوته السياسية بقيادته الوطنية المتميزة.. فأصبح للوفد مكان ومكانة وقامة وقيمة في الحياة السياسية المصرية.. فلا تذكر الحركة الوطنية، إلا ويذكر الوفد معها يتصدر المشهد السياسي وفاعلاً في الحياة السياسية منذ نشأته وحتي الآن مؤمناً بأن الحق فوق القوة وأن الوطن فوق الجميع وأن الوحدة الوطنية هي أساس المواطنة وبناء مصر الحديثة، ومازال الوفد يؤمن بهذا الشعار ويتخذه نبراساً له في كل أدائه السياسي.. نتناول الذكريات مع قيادات الوفد.
يقول الكاتب الكبير عباس الطرابيلي: صدرت جريدة الوفد الأسبوعية في مارس 1984 بينما بدأ الإصدار اليومي في 9 مارس 1987، وبعد صدور «الوفد» اليومي وأصبح للصحيفة إصداران أحدهما يومي والثاني أسبوعي، لتصبح أول وأكبر جريدة يومية معارضة في مصر.
وأضاف «الطرابيلي»: إن صحيفة «الوفد» تجمع بين سلاحين قويين هما النور والنار.. فالنور الذي ينير الطريق للمقاومة الشعبية والنار الذي يشعل الطغاة والمفسدين، حتي إن توزيعها في بعض الأيام وصل إلي 800 ألف نسخة.
وأضاف: أنه في اليوم التالي لإصدار جريدة «الوفد» اليومية اشتعلت مصر من أقصاها إلي أقصاها وبدت أعظم ثورة شعبية في تاريخ الأمة، ثم بعدها نقل الزعيم الوطني سعد زغلول ورفاقه إلي بورسعيد تمهيداً لنفيهم إلي جزيرة مالطة، ولكن الهدف من صدورها هو محاولة إشعال غزوة الشعور الوطني في ذكري ثورة 1919 لتظل في ذاكرة وأذهان الجماهير.
ويؤكد «الطرابيلي»: أن من يقرأ «الوفد» في تلك الايام يكشف أننا كنا نكشف النظام بكل مساوئه ونحن لا نتكلم من فراغ فأمام الجميع مجلدات الصحيفة منذ وقت صدورها عبارة عن عرائض دعاوي تكشف خطايا النظام مستخدمة كل المحاولات لإظهار الحقيقة، وكانت الصحيفة تضم مقالات الكتاب والمفكرين والمثقفين، هذا في الوقت الذي كان آخرون في الجحور ومنهم حكام هذا الزمان وهو ما يرفع لواء المعارضة ؛ لأن النظام السابق كان في أبشع صوره.
موضحاً أن صحيفة الوفد مستمرة في نضالها ولا تزال تحاول ان تكشف خبايا وخطايا النظام الحالي، كما كشفنا النظام القديم.
ويتوقع «الطرابيلي» وصول الوفد إلي نفس النتيجة السابقة وهي إسقاط نظام الحكم الحالي.
أحمد عودة – نائب رئيس حزب الوفد، قال: يعد يوم 9 مارس يوماً تاريخياً مجيداً، فهو كان بداية انطلاق الشرارة الأولي لثورة 1919، ومازالنا نعتز بهذا التاريخ ونحيي ذكري الزعماء الثلاثة سعد زغلول ومصطفي النحاس وفؤاد سراج الدين، فعندما دعا الباشا فؤاد سراج الدين رحمه الله إلي عودة حزب الوفد إلي الساحة السياسية عام 1978 ثم عاد إلي تجميد نشاط الحزب وتثبيت إعلان بداية ديكتاتورية جديدة وحجر علي الأحزاب لمدة تزيد علي عامين ليستعيد نشاطه بالكامل في عامي 1983 و1984. وانطلقت صحيفة «الوفد» تعبر عن الوفد والوفديين بل والمصريين جميعاً لكون الوفد دائماً يسعي إلي تحقيق مصلحة مصر بالدرجة الأولي واستمرت الجريدة علي نفس النهج تطالب بالديمقراطية والحرية الكاملة وتحارب الديكتاتورية والفساد والمفسدين، ولعل حملة الجريدة علي إثر انسحاب الوفد في مرحلة الإعادة في انتخابات 2010 كانت ركناً أساسياً لإشعال ثورة 25 يناير وتجميع الثوار في ميدان التحرير ومساعدة الثوار ونشر أخبار الثورة بلا اقتراف بسلطات النظام السابق الديكتاتوري الفاسد حتي تمت إزاحة النظام السابق واستمرت الجريدة تمثل شعلة نار ونور.. نار تحرق الفساد والمفسدين.. ونور يضئ الطريق للثوار ويؤكد تمسك المصريين بثوراتهم حتي تتحقق أهدافها بالكامل.. فتحية للوفد ولفريق العمل بأسرة تحريرها.. وندعو بالرحمة لرؤساء تحرير صحيفة «الوفد» السابقين الذين انتقلوا إلي جوار رب العالمين ونذكر منهم المرحوم جمال بدوي والمرحوم سعيد عبد الخالق والمرحوم مجدي مهنا.
ويعبر «عودة» عن آمله متمنياً لصحيفة «الوفد» كل تقدم وازدهار وأن ننتقل دائماً من الحسن، إلي الأحسن فالأحسن بفضل تعاون أسرة تحريرها بالكامل داعياً لهم بدوام التوفيق.
المهندس حسين منصور – عضو الهيئة العامة بحزب الوفد، قال: جاء أول إصدار لجريدة «الوفد» اليومية في 9 مارس 1984 بالتزامن مع يوم ثورة 1919، فكان الإصدار الأول يحمل للشعب خير ظهور أول جريدة معارضة بعيداً عن فلك الاتحاد الاشتراكي وتنظيماته ومنابره وهذا كان أول إصدار من هذا النوع يضم التوليفة الصحفية الجاذبة واللغة المفيدة المملوءة بالإثارة الدفعة للمتابعة لذا تلقفها المواطنون الذين كانوا بانتظارها.
وأضاف المهندس «منصور» أن الإصدار اليومي كان الأول من نوعه؛ حيث خرج إلي الشارع المصري بتوليفته الجديدة علي سوق الصحافة. مضيفاً أنه لا شك في ان سبب صدور جريدة «الوفد» اليومية بهذا الشكل الهائل هو تعاون روح فريق العمل الذي يجمع بين الأجيال الجديدة من الشباب الواعي بقيادة الأساتذة العظماء من مصطفي شردي وجمال بدوي وعباس الطرابيلي وسعيد عبد الخالق وعبد النبي عبد الباري، واشترك في فريق العمل التنفيذي بهذه التوليفة المتألقة من كتيبة المحررين وشبابهم تحت القيادة التي استطاعت أن تنظر بنظرة ثاقبة بقدرتها علي إخراج أفضل ما لدي هؤلاء الشباب الناضج.
وأشار المهندس «منصور» إلى أن صحيفة «الوفد» ضمت كافة الشخصيات العامة ومنهم إسماعيل فهمي وزير الخارجية الأسبق، ولعلي أتذكر أنها عرضت حديثاً قصيراً للباشا فؤاد سراج الدين حول استعداد الوفد لخوض انتخابات إبريل 1984 وحوت الصحيفة العديد من المقالات لأقطاب الوفد ومنهم وحيد رأفت والدكتور محمد عصفور والدكتور إبراهيم عبده وإحسان عبد القدوس. وأوضح المهندس «منصور» أنه لا شك ان باب العصفورة في جريدة «الوفد» كان فتحاً جديداً في الصحافة المصرية. مضيفاً أن أهم القضايا التي نالت اهتمام الوفد هي مستقبل مصر الاقتصادي ورؤية الوفد لآفاق العلاقات المصرية العربية والاهتمام بوضع القضية الفلسطينية والدفاع عن حق عودة الفلسطينيين واستعادتها عربية والقدس عاصمة لها، وضمن اهتمامها أيضا مجالات التعليم والصحة والمرافق والمحليات، بالإضافة إلي قيام الوفد بإعداد قوائم انتخابية بالمحافظات المختلفة لتضم اسماء مرشحي الوفد، وكان من ضمن الوفديين البارزين المستشار ممتاز نصار وإبراهيم باشا فرج والمستشار مصطفي الطويل.
الدكتور أحمد يحيي – نائب رئيس لجنة الشئون الاجتماعية الأسبق بحزب الوفد والعاشق لسياساته ومبادئه، قال: يذكرنا يوم 9 مارس بذكريات وطنية وقومية ترتبط ارتباطا وجدانياً وعاطفياً وثورياً مع قيام ثورة 1919 وما أعقبها من حراك سياسي وبزوغ الإرادة المصرية نحو الاستقرار ونهضة القوي الوطنية في إشارة واضحة إلي رفض الاحتلال والسعي وراء امتلاك إرادة المصريين بقراراتهم وصناعة مستقبلهم ويمثل هذا كله في بزوغ حزب الوفد الذي قاد مسيرة هذه الثورة ومواقفها ضد الاحتلال والملك وتحمل في سبيل ذلك كل ما يجب ان يتحمله الثوريون الصادقون وقدم منذ بداية تاريخه قيادات وفدية سياسية مصرية صادقة بداية من الزعيم الوطني سعد زغلول ومروراً بالزعيم السياسي مصطفي النحاس ؛ علاوة علي رموز حزب الوفد مثل إبراهيم فرج ووحيد رأفت ومنير فخري عبد النور .. وغيرهم ؛ تحت قيادة رشيدة وحكيمة ووطنية بزعامة الباشا فؤاد سراج الدين ؛ وكان الوفد هو قاطرة الاستقلال نحو بناء مجتمع سياسي مصري مستقل وتمثل هذا في الإنجاز العظيم الذي تحقق في دستور 1932 ثم سانده وأيده حكومات الوفد المتتالية التي وقفت بحزم وحسم ضد طغيان القصر ومليكه وضد الاحتلال وسطوة.
وأوضح الدكتور «يحيي» أن رجال الوفد تحملوا في سبيل ذلك كل الموبقات السياسية التي تمثلت في الاعتقال والسجون والتآمر والاتهامات والشائعات التي طالت كل الزعمات وظل الوفد صامداً قوياً مؤمناً برسالته ملتحماً مع الشعب مؤيداً لكل ما في مصلحة للبلاد والعباد حتي ناله ما نال باقي الأحزاب بعد ثورة يوليو 1952، ثم كان البعث السامي بقيادة زعيم الوفد فؤاد باشا سراج الدين ودوره في إعادة بناء قواعد الوفد علي أسس ديمقراطية تؤمن بالحرية والوحدة الوطنية وتحرص علي المشاركة السياسية ثم كان جريدته برئاسة الصحفي النابغة مصطفي شردي ورفاقه مرآة صادقة للواقع المصري ومنبراً حراً لكل الآراء والأفكار السياسية والاجتماعية والثقافية، وكان الوفد دون غيره في عهد «السادات» و«مبارك» هو الصوت الحقيقي للمعارضة القوية المؤمنة بالحرية والديمقراطية وبناء القواعد الشعبية حتي أصابتها ما أصاب الحياة السياسية من تهميش واستقطاب واتهامات واعتقالات لصالح الحزب الوطني المنحل ؛ ورغم ذلك ظل الوفد مشاركاً في الحياة السياسية والبرلمانية وتنتشر قواعده في ربوع الوطن، ونأمل أن يستعيد الوفد مكانته في الواقع السياسي الجديد والذي يسعي أيضا إلي تهميش قوي المعارضة ومنها صحيفة الوفد لصالح جماعة الإخوان وكأن الوفد يعيد التاريخ لمحاربة ذلك التوغل والهيمنة والسيطرة التي تمارسها الجماعة ضد القوي السياسية المعارضة كما كان يحدث قبل ثورة 1952، وهذا هو قدر الوفد بأن يواجه الطغيان والاستقطاب وان يبعث الحياة ضد اليأس والخوف والاستسلام، ويمكن ان نطلق علي مواقف الوفد القديم الحديث أنه لا تراجع ولا استسلام، وسيظل الوفد منبراً للحرية ومشعلاً للديمقراطية ومنارة لاستقلال الإرادة المصرية، وهذا ما نأمله ونرجوه من الوفد الجديد في العصر الحديث.
مذبحة بورسعيد.. قصة كرة تلعبها أقدام السياسة
أهالى بورسعيد ينتظرون الأحكام النهائية اليوم.. وألتراس أهلاوى يهدد باقتحام وزارة الداخلية
كتبت - دعاء جمال البادى:
مقعد وعلم ولافتة وحذاء.. هذا ما تبقى من القصة أو من أبطالها.. فى غفلة الضوء وعتمة ملابس الشرطة السوداء وأمام الملايين قتلوا وانسكبت دماؤهم بعلم ناديهم.
البداية كانت بلا شىء غريب يلوح فى الأفق.. فإذا ما وقفوا وقف، ولو هموا بالهتاف علت حنجرته معهم، وما إن يرفع أحدهم العَلم يبادر هو بإمساك لافتة تأييد وضعها أسفل المقعد البلاستيكى الذى يجلس عليه منذ حين. ابتسامته تذيب الإرهاق المتسرب إلى عينيه جراء السفر، وحماسه لفريقه يبدد كل التخوفات التى حملها معه من القاهرة مع علم ناديه بسبب تهديدات انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعى التى يُتابعها رغم تحذيرات والدته كونها تعطله عن مذاكرة دروسه.
يُتابع أُناس يتحركون بخفة فوق تلك البقعة الخضراء التى تفصله عن مشجعى الفريق الآخر، وهؤلاء المتحركون هم محور حياته فيتابع أخبارهم ويحضر تدريباتهم ويلوح بهم فى كل مبارياتهم ويفتخر بصوره الفوتوغرافية مع غالبيتهم، وإذا ما حان وقت النوم شاركوه فى أحلامه كى لا يتركوه وحيداً فهو دونهم فرد أما هم فالحياة ذاتها.
يواصل الهتاف رغم تقدم النادى المنافس بهدفين، يرى من مكانه وسط زملائه مشجعى فريق «المصرى» يرفعون لافتات عدائية لناديه «الأهلى»، وهتافات فرحة بالنتيجة غير المعتادة على متابع مباريات الفريقين فى الدوريات الكروية.
ويعزيهم فى النتيجة الحارقة لآمالهم، فالمباراة مُقامة على أرض بورسعيد ووسط جمهور «المصرى»، لذا فحتماً سيلقنون النادى البورسعيدى درساً كروياً فى اللقاءات المقبلة.
لم يتقبل الطفل أنس محيى الدين نتيجة المباراة التى عانى السفر من أجل مشاهدتها إلا أنه واصل مع ألتراس الأهلى التشجيع، فيبتسم إلى زميل آخر استدان من والدته خمسين جنيهاً لكى يسافر إلى بورسعيد لمشاهدة المباراة على وعد بإرجاع النقود حال عودته.. هو لا يعرف اسم الزميل لكن كليهما يعشق النادى الأحمر.
والقصة هنا لا تنتهى عند ابتلاع «أنس» وزملاؤه النتيجة وعودتهم إلى القاهرة حيث يُحضّرون إلى المباراة التالية كما العادة، فما إن انطلقت صافرة الحكم المنبهة لانتهاء الشوط الثانى، حتى زحف مشجعو النادى البورسعيدى نحو مدرجات ألتراس أهلاوى ولا أحد يعلم ماذا يدبرون.
هناك شىء غريب يلوح فى الأفق، ومازال «أنس» ذو الرابعة عشر عاماً يتابع من مقعده البلاستيكى ممسكاً بعلمه الأحمر يُلوح به إلى اللا شئ، ففريقه الخاسر هرول لاعبوه بعيداً لتفادى هجمة مشجعى «المصرى» أمام الملايين الذين يشاهدون خلف شاشات التلفاز.
ولا يعرف «أنس» لماذا تذكر فى تلك اللحظة تحديداً الوصية التى تركها فى رسالة هاتف ويطلب فيها أن يُكفن بعلم مصر وتُشيع جنازته من ميدان التحرير ويتم التبرع بقرنيته لمن فقدوا أعينهم خلال ثورة 25 يناير وما تبعها من اشتباكات مع الشرطة كأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء.
صوت يتلفع بالأمل أشار إلى البوابة الحديدية التى من المفترض أنها مخرج لهم عقب انتهاء المباراة، لكن الصوت تحشرج ثم اختفى مع اكتشاف «لحام» قفل البوابة.
ولأن لا مجرم يستمتع بجريمته فى الضوء، فقد أغقلوا للقتلة كشافات الاستاد.. واختفى النور مثلما تاه رجال الشرطة فى ملابسهم السوداء، وربما ضاعت أسلحتهم فى جيوبهم.
وعلى إيقاع الصرخات.. اختفت ابتسامة أنس التى تتسرب رغم الإرهاق أو ربما الوطن هو الذى اختفى أمام نظرات الصغير الباحث عن منفذ للحياة؛ ليترك القتلة يمارسون عملهم فى ديناميكية فقد استكثروا عليه العودة إلى حجرته الصغيرة وتنبيهات أمه لاستذكار دروسه.
قُتل أنس وخالف زميله وعده فلن يعود ليعيد النقود إلى أمه، قُتلا الاثنان مع واحد وسبعين شهيداً، تاركين مقاعد ملطخة بالدماء.. وأعلاماً حمراء امتصت الدماء.. ولافتات تاهت كلمات التأييد العالقة بها من الدماء.. وأحذية تركتها جثث أصحابها غارقة فى الدماء.
ورغم الموت لم تنته القصة التى بدأت فى ليلة الأول من فبراير العام الماضى، فالموت الجسدى أتى بموت معنوى لأعضاء الألتراس الذين حملوا القصاص لزملائهم على أعناقهم علهم يوفون قدراً مما يستحقونه.
وطوال عام من المذبحة واصلت الجهات القضائية عملها وتم تشكيل لجنة تقصى حقائق للوصول إلى حقيقة ما جرى وانتفضت الفضائيات التليفزيونية تحلل وتتهم وتُبرئ، وكثرت الروايات ما بين أن القتلة ليسوا من أبناء بورسعيد أو أنهم من أهل المدينة لكنهم مأجورون لصالح شخصيات تحاول إشعال الموقف السياسى، فيما قال آخرون إن جهاز أمن الدولة المنحل المُخطط الحقيقى، وفى جميع الحالات فالروايات تؤكد تواطؤ رجال الشرطة فى الجريمة عبر التزام الحيادية أثناء قتل أبرياء، ولم تنس أصابع الاتهام الاشارة إلى المجلس العسكرى المسئول عن إدارة شئون البلاد فى تلك الفترة.
وأكد تقرير لجنة تقصى الحقائق أن قوات الأمن سهلت وقوع المذبحة عبر عدم تقدير خطورة إقامة المباراة رغم الأجواء المشحونة التى تنذر بكارثة، حيث تهديدات من جانب ألتراس النادى المصرى لنظيره الأهلاوى، إلى جانب عدم تفتيش الجمهور البورسعيدى الداخل إلى الاستاد الذى كان بحوزته أسلحة بيضاء، كما ذكر التقرير مسئولية هيئة استاد بورسعيد فى لحام الأبواب الحديدية التى من المفترض أنها منفذ لخروج المشجعين وإطفاء الكشافات قبل رحيل آخر مشجع كما تنص اللوائح، إلى جانب اتحاد الكرة المصرى الذى يشارك فى تأمين المباريات.
وحمَّل التقرير الإعلام الرياضى المسئولية الكبرى بسبب إثارته لجماهير الناديين وتغطيته أنشطة الألتراس دون محاولة ترشيدهم ،إلى جانب النبرات التحريضية على مواقع التواصل الاجتماعى.
وأمام مماطلات لا هدف أو سبب لها، فاض الكيل بألتراس الأهلى فبدأ فى تنظيم التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية إلى أن اقتحم مقر اتحاد الكرة فى سبتمبر الماضى؛ اعتراضاً على قرار عودة الدورى العام قبل القصاص للشهداء.
وواصل الألتراس احتجاجه حتى قبل موعد الحكم فى القضية حيث قطعوا الطرق وهددوا بأعمال تخريبية حال صدرت أحكام لا تقتص لمن قُتلوا، فزادت حدة توتر المشهد.
وفى صباح يوم 26 يناير الماضى أصدرت محكمة جنايات الاسماعيلية المنعقدة بأكاديمية الشرطة قرارها بإحالة 21 متهماً فى المذبحة إلى فضيلة المفتى، ورغم فرحة مشجعى النادى الأهلى إلا أنهم توجسوا من تأجيل الحكم على باقى المتهمين إلى يوم 9 مارس الجارى.
ولا تنتهى المأساة عند قتل 73 مشجعاً والقرار بإعدام 21 قاتلاً، فتتجسد الكوميديا السوداء، فى خروج أهالى بورسعيد محتجين على قرار المحكمة فيقتل منهم 47 مواطناً، وتخرج أيضاً روايات عديدة حول الجناة فى الحادث الأخير فتذهب بعضها إلى فلول الحزب الوطنى المنحل وتشطح أخرى إلى مسئولية أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين بغية التشويش على فشل الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية فى إدارة شئون البلاد.
وأمام الرؤية الغامضة والتشكك من ضياع القصاص، هدد ألتراس أهلاوى بحدوث أحد ثلاثة سيناريوهات ترتبط بما ستؤول له الأحكام ضد المتهمين، تحت شعار «مصر مش هتنام من فرحتنا أو فوضتنا»، أولها ستعم الفرحة البلاد عبر إطلاق شماريخ وألعاب نارية والباراشوتات بحسب وصفهم إذا ما تم الحكم علي قيادات وزارة الداخلية والمجلس العسكري بأحكام مرضية، وثانيها الدخول فى موجة من عدم الاستقرار عبر قطع الطرق والكباري وغلق الهيئات الحكومية فى حال أعلن تأجيل النطق بالحكم فستدخل البلاد في سلسلة، أما السيناريو الثالث والأخطر فسيحدث إذا لم تتم إدانة قيادات الشرطة والمجلس العسكري حيث أكدوا اقتحام وزارة الداخلية وإحراقها.
يقول أبو العز الحريرى عضو لجنة تقصى الحقائق فى مذبحة بورسعيد ووكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إن مذبحة بورسعيد تعتبر نتيجة مباشرة لعهد طويل من الظلم والقمع وخلق منافسات كروية للتشويش على التنافس الانتاجى والثقافى والإبداعى.
ووصف الحريرى المذبحة بالمؤامرة المدبرة التى شارك فيها كثيرون «من الكبار» بحسب قوله، موضحاً أن «الصغار» هم من تحملوا العقوبة، معتبراً رجال الجيش والشرطة الذين مرروا ارتكاب الجريمة مشاركين فى القتل.
وأضاف أن اليوم يعبر عن أزمة نظام ووطن، فإذا ما أصدرت المحكمة حكماً ينصف الألتراس فستشهد مدينة بورسعيد أحداثاً دامية كما حدث فى 26 يناير الماضى، أما لو صدرت أحكام مخففة على المتهمين فسينفذ مشجعو النادى الأهلى تهديداتهم وستدخل البلاد فى حالة فوضى.
واستنكر عضو لجنة تقصى الحقائق تجاهل رئيس الجمهورية للأزمة، مؤكداً أن «بورسعيد» أصبحت تعيش حالة من التحفز للثأر من النظام الحالى.
واقترح تشكيل لجنة مصالحة بين أهالى بورسعيد ومشجعى « الأهلى» تضم شيخ الأزهر والمفتى وممثلين عن جبهة الإنقاذ الوطنى وحزبى الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الاخوان المسلمين والنور التابع للتيار السلفى، إلى جانب قيادات من المدينة والنادى الأهلى؛ للتصالح بين الطرفين، مشيراً إلى ضرورة وقف العنف قائلا:» يكفى قتل 73 من الأهلى و74 من بورسعيد وإعدام 21، فأنا أرى أنا ذلك بمثابة قصاص للطرفين».
واتفق جورج اسحاق عضو جبهة الإنقاذ الوطنى، مع الحريرى فى ضرورة تشكيل لجنة لادارة الأزمة يدخل فى عضويتها علماء نفس واجتماع إلى جانب سياسيين وقانونيين.
وانتقد اسحاق غياب مسئولى الدولة عن إدارة الأزمة، واصفاً الحكومة ب «الفاشلة»، وتابع: «هناك نطاعة سياسية من جانب النظام الحاكم».
ولفت إلى أن مذبحة بورسعيد يتم استغلالها سياسياً، متوقعاً اندلاع أحداث عنف خطيرة أياً كانت الأحكام الصادرة بحق المتهمين.
وقال أحمد بهاء الدين شعبان المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، إن اليوم سيشهد كارثة بكل سيناريوهات الأحكام على المتهمين، موضحاً أن تأجيل النطق بالحكم لن يحل المشكلة.
وأكد شعبان رداءة أداء السلطة الحاكمة المصابة بغيبوبة كاملة عن الأحداث، مرجعاً ذلك إلى تركيز النظام على إنجاز عملية التمكين والسيطرة على مفاصل الدولة فيما يعرف ب «أخونة أجهزة الحكم».
وأضاف المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، أن الجهل وضيق الأفق جعل الوطن ينتقل من جريمة بحق الألتراس إلى كارثة ضد أهل بورسعيد عقب صدور الحكم الأول فى 26 يناير، مشيراً إلى مرور الحادث دون تحقيقات ناجزة وشفافة وهو ما ينذر بأزمة كبرى.
وحول موقف الألتراس من عدم احترام أحكام القضاء، أشار إلى أن جماعة الاخوان المسلمين هى التى بدأت بالتزام هذا النهج عندما حاصر أنصارها المحكمة الدستورية العليا فى ديسمبر الماضى، وتساءل:» هل تفصيل الاخوان دستوراً على هواهم لا يعد عدم احترام للقضاء والقانون؟»، وتابع:» هذا العبث مسئولية نظام الحكم فإذا كان الكبير ينتهك القانون فلا عيب على الشباب لأن السمكة تفسد من رأسها».
وناشد منسق الجمعية الوطنية للتغيير، مشجعى «الأهلى» وأهالى بورسعيد ضبط النفس لتفادى الكارثة، موضحاً أن اليوم هو لحظة تاريخية فى حياة المصريين.
وأوضحت جورجيت قلينى عضو مجلس الشعب السابق أن القضاء يعانى منذ اندلاع الثورة من السقوط فى فخ عدم احترام الشرعية والقانون والذى أدى إلى هدم هيبة الدولة.
وتساءلت: «كيف يمارس القضاة دورهم فى ظل هذا الإكراه المادى والمعنوى؟»، وتابعت: «مشفقة على القضاء فلم يعد هناك المناخ المواتى لإرساء العدالة»، مؤكدة ضرورة تدخل الدولة لحماية المحاكم دون عنف مع الشباب.
وتوقعت الدكتورة كاميليا شكرى عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن يكون اليوم مشتعلاً من الجانبين خاصة مع تجاهل المسئولين للأزمة، موجهة لومها للنظام الحاكم الذى لم يهتم بجمع المعلومات الكاملة عن المذبحة للكشف عن الجناة فى ظل حالة الغموض التى تحيط بذلك الحادث.
وقالت شكرى إن السلطة الحاكمة لا تتمتع بالكفاءة أو امتلاك الرؤية الواضحة لجعل قضية الألتراس وبورسعيد على رأس أولويات الدولة، محملة إياها الفوضى المتوقع حدوثها يوم النطق بالحكم.
وأضافت عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إن طوال ثمانين عاماً لم يستطع أحد القضاء على جماعة الاخوان المسلمين مثلما فعل أعضاؤها فى الشهور القليلة الماضية سواء عبر الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية الذى فاز بالسلطة منذ ثمانية أشهر أو الدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة الذى تولى منصبه قبل سبعة أشهر أو أعضاء حزب الحرية والعدالة فى البرلمان المنحل الذى استمر عمله ثلاثة أشهر.
من جانبه قال الدكتور جمال نصار القيادي بجماعة الإخوان المسلمين ورئيس منتدى السياسات والاستراتيجيات البديلة، إن البلاد تعيش حالة من الانفلات غير المسبوق جراء عدم احترام أحكام القضاء.
وأضاف «نصار» أن المشهد السياسي يعاني من الارتباك ويحتاج الى إعطاء الفرصة لمؤسسات الدولة للقيام بدورها الى جانب عدم التضييق على رجال القضاء.
وأشار إلى استفادة بعض الأطراف من الأحداث الجارية، مؤكداً أن ذلك لا يخدم المصلحة العليا للبلاد.
وحول دور النظام الحاكم في اشتعال الأزمة أوضح القيادي بجامعة الاخوان المسلمين أن الظرف الراهن يحتاج الى تكاتف السلطة والمعارضة «لإنقاذ ما يمكن إنقاذه» بحسب وصفه، وأبدى أسفه من تكرار مشاهد العنف، وتابع: «للأسف العنف أصبح سلوكاً يومياً وهذا لا يبني دولة عانت من الفساد والاستبداد عقوداً».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.