انطلق اليوم بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة المؤتمر السنوى لشباب حزب الوفد الذى تمتد فعالياته الى 27 محافظة، وشارك الدكتور السيد البدوى شحاتة رئيس الحزب فى المؤتمر الذى يستمر ثلاثة أيام ودعا البدوى الشباب الى المشاركة الفعالة فى الحياة السياسية، والتصدى لكل محاولات النيل من الوحدة الوطنية، ومن الدستور الذى يرسم خارطة مستقبل الأجيال القادمة، وأثنى البدوى على المواقف النبيلة لشباب حزب الوفد منذ نشأة الحزب إبان ثورة 1919 بقيادة الزعيم سعد زغلول وحتى اندلاع ثورة 25 يناير التى شارك فيها شباب الوفد وقدموا خلالها أرواحهم فداء للوطن ولإزالة 30 عاما من الفساد. وأكد شباب حزب الوفد أن ثورة 1919 ستظل التعبير الحقيقى والواقعى للحالة الوطنية المتأصلة داخل جموع الشعب المصرى والباحث عن الحرية والديمقراطية والمتمسك بكافة حقوقة منذ نشأة الخليقة وستظل ثورة سعد زغلول هى الامتداد الفعلى لكل الثورات المصرية الشعبية حتى ثورة 25 يناير المجيدة التى حمتها دماء الشهداء من شباب هذا الوطن. وقال طارق تهامى عضو الهيئة العليا للوفد ورئيس لجنة الشباب ان المؤتمر سيناقش عدداً من القضايا المهمة على رأسها قضية الدستور، وسيتحدث فى احدى ندوات المؤتمر الدكتور السيد البدوى شحاتة رئيس الوفد عن آخر التطورات التى تشهدها اللجنة التأسيسية للدستور وموقف الوفد منها. كما سيناقش المؤتمر مبدأ استقلال القضاء باعتباره أول أعمدة بناء الوطن الديمقراطى الدستورى المدنى الحر، بالاضافة الى قضية حرية الصحافة. فعقب انتهاء الحرب العالمية الأولى لاقى الشعب المصرى معاملة قاسية من قبل الاحتلال الإنجليزى وصدرت ضده أحكام عرفية كما تمت مصادرة ممتلكات الفلاحين من ماشية ومحاصيل لأجل المساهمة فى تكاليف الحرب، وأجبر الاحتلال الفلاحين على زراعة المحاصيل التى تناسبهم، وشرائها بأسعار متدنية. وتم تجنيد مئات الآلاف من الفلاحين بشكل قسرى للمشاركة فى الحرب فيما سمى ب «فرقة العمل المصرية» التى استخدمت فى الأعمال المعاونة وراء خطوط القتال، تدهورت الأوضاع المعيشية لكل من سكان الريف والمدن، وشهدت جميع المدن مظاهرات للعاطلين ومواكب للجائعين تطورت أحيانا إلى ممارسات عنيفة تمثلت فى النهب والتخريب. ولم تفلح إجراءات الحكومة للتخفيف من حدة الأزمة، كذلك تعرض العمال ونقاباتهم لهجوم بسبب إعلان الأحكام العرفية وإصدار القوانين التى تحرم التجمهر والإضراب وبدأ الشعب الثورة عندما التف حول قائد ومناضل اكد على وحدة الامة وقاد دفة هذا الوطن انه سعد زغلول زعيم ثورة 1919 وقائدها وخطيبها المفوه ، وبسبب تلاحم الشعب المصرى فقد حققت ثورة 1919 الكثير من النتائج التى صنعت نواة لانطلاق هذا الجيل لبناء وطن حديث بسواعد أبنائه، وكانت ثورة حقيقية اهم ما يميزها انها ثورة مكتملة أنجبت أول دستور يكتب بأيدى المصريين وبرضاهم وهو دستور 1923 والذى يسمى بأبوالدساتير المصرية. وتعد ثورة 25 يناير الامتداد الحقيقى لثورة 1919 لأن من قام بها شعب مصر من المطحونين والبسطاء وخيرة أبنائها، فقد خرج الشعب المصرى بكافة طوائفه فى ثورة يناير على نظام مبارك الذى استبد سنوات وانتهك حقوق هذا الشعب ولكن هناك الكثير أمامها لم يتحقق بعد مثل إقرار دستور جديد للبلاد والقضاء على فلول الفساد الرهيب فى عصر مبارك واللحاق بركب التطور والعصر وإلغاء قانون الطوارئ، والانتقال إلى الحياة المدنية. وثورة 1919 كانت لها قيادة ومحرك عظيم ممثلة فى الزعيم سعد زغلول عكس ثورة يناير التى كانت بلا قيادة، ولكن الثورتين جاءتا تعبيراً من مطالب الشعب وكافة أحزاب المعارضة، فسعد زغلول اختاره الشعب ليمثلهم بما يملك من أدوات فى الخطابة والتفويض لزعامة الأمة معتمدا على التواصل بين جموع الشعب المصرى الحالمين بالتغيير وتحويل حلمهم فى ديمقراطية حقيقية فى العالم الافتراضى التى انقلبت إلى ثورة شعبية حقيقية. وإبان تلك الاضطرابات التى انتشرت فى أرجاء ربوع الوطن فقام الزعيم سعد زغلول بتأليف الوفد المصرى للدفاع عن قضية مصر ودعا أصحابه للنقاش فى تلك الأمور، وتم تشكل الوفد المصرى الذى ضم سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وعبد العزيز فهمى وعلى شعراوى وأحمد لطفى السيد وآخرين. وأطلقوا على أنفسهم «الوفد المصري، وقام الوفد بجمع توقيعات من أصحاب الشأن وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية وجاء فى الصيغة: «نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول و.. فى أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعى سبيلاً فى استقلال مصر تطبيقاً لمبادئ الحرية والعدل التى تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى»، ثم اعتقل سعد زغلول ونفى إلى جزيرة مالطة بالبحر المتوسط هو ومجموعة من رفاقه فى 8 مارس 1919م فانفجرت ثورة 1919م. وقام طلبة الجامعة فى القاهرة بإشعال شرارة التظاهرات. عندما قامت السلطات البريطانية باعتقال الزعيم الوطنى المصرى سعد زغلول وأعضاء الوفد، وفى غضون يومين، امتد نطاق الاحتجاجات ليشمل جميع الطلبة بما فيهم طلبة الأزهر. وبعد أيام قليلة كانت الثورة قد اندلعت فى جميع الأنحاء من قرى ومدن. وتأكيداً لروح المواطنة التى أعلاها حزب الوفد على مر تاريخه تتجلى فى روح الوحدة الوطنية بين طوائف الشعب المصرى الذى يعتبر نسيجا واحداً، فالقمص سرجيوس الذى أسماه الزعيم سعد زغلول خطيب الثورة، ولقبه البعض ب «خطيب المنبرين» بعدما خطب على منبر الأزهر ومنبر الكنيسة. ثائراً محباً لوطنه ومصريته، فتشنا فى أوراق التاريخ لنجده أمامنا معلنا عن نفسه بعبارات شهيرة يرددها هذا الجيل دون أن يعرف صاحبها مثل: «إذا كان الإنجليز يتمسكون بوجودهم فى مصر بحجة حماية الأقباط، فليمت الأقباط ويحيا المسلمون أحراراً» و «لو احتاج الاستقلال إلى مليون قبطى فلا بأس من التضحية» كما يظهر بهيئته الحقيقية فى مشهد النهاية لفيلم «بين القصرين» عندما كان يعتلى منبر المسجد. وتم اعلان الإضراب العام من مسلمى ومسيحيى هذا الوطن، وقام الشعب بإتلاف محولات حركة القطارات وابتكروا عملية قطع خطوط السكك الحديدية – التى أخذها عنهم الفلاحون وأصبحت أهم أسلحة الثورة، ولم تتوقف احتجاجات المدن على التظاهرات وإضرابات العمال، بل قام السكان فى الأحياء الفقيرة بحفر الخنادق لمواجهة القوات البريطانية وقوات الشرطة، وقامت الجماهير بالاعتداء على بعض المحلات التجارية والممتلكات الأجنبية وتدمير مركبات الترام، وعندما أرسل الانجليز سفينة مسلحة إلى أسيوط، هبط مئات الفلاحين إلى النيل مسلحين بالبنادق القديمة للاستيلاء على السفينة ، واوقعت القوات البريطانية أول الشهداء بين صفوف الطلبة أثناء المظاهرات السلمية فى بداية الثورة، وادت تلك الثورة الى نتائج عظيمة فقد قامت انجلترا بعزل الحاكم البريطانى وافرج الانجليز عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفى إلى مصر. وسمحت انجلترا للوفد المصرى برئاسة سعد زغلول بالسفر إلى مؤتمر الصلح فى باريس ليعرض عليه قضية استقلال مصر. لقد تحملت مصر عقودا من الظلم والاستبداد بالحكم وتهميش الشعب المصرى وإقصاء أبنائه من المشاركة فى تقرير مصيرهم مما أصاب شباب مصر بخيبة أمل وعدم انتمائهم للوطن وقتل الحماس بداخلهم، ولأن حزب الوفد من اعرق الأحزاب السياسية على مر التاريخ والذى استشعر قيادته وشبابه بالاستبداد الجائر على أبناء هذا الوطن حتى طالت حزب الوفد العريق وكادت تعصف بوجوده مما دفع أبناءه إلي اتخاذ القرار فى ممارسة حقهم السياسى كحزب يرسخ بداخل الوطن الأمل والرجاء ليأتى القرار التاريخى بانسحاب الوفد من مهزلة الانتخابات التشريعية لعام 2010 والتى سيسجلها التاريخ فى أحلك صفحاته سوادا وبؤسا، فقد أفاق حزب الوفد من ردته وإعادة للحياة فلم يكن مقبولا أن يعود الوفد مرة أخرى إلا بهذا القرار الشجاع الذى لم يأت أبدأ إلا من الأقوياء وعاد إلى سيرته الأولى وإلى أمجاد ثورة 1919 المجيدة وباعثا من جديد نضال سعد زغلول ورفاقه من أجل الاستقلال والدستور، الأمر الذى دفع نخبة جليلة من شباب الوفد الشرفاء بالاجتماع لرئيس الوفد من أجل مشاركة حزب الوفد فى الصفوف الاولى لهذه الثورة العظيمة، لتتوالى المواقف الوطنية لحزب الوفد وشبابه الذى يؤكد مواقفه انه دائما فى مقدمة الصفوف فقد أعلن حزب الوفد المشاركة فى هذه الثورة العظيمة وجاء ذلك من خلال الاجتماع الذى جمع رئيس الوفد د. السيد البدوى شحاتة بشباب وقيادات الوفد يوم 23 يناير وطالب شباب الحزب من الدكتور السيد البدوى المشاركة في ثورة يناير على كافة مستوى مؤسسات الحزب، وقام على الفور رئيس الحزب بتشكيل لجان لمتابعة شباب الحزب داخل ميادين مصر التى خرج منها أعظم الثورات ووفرت لجنة الإعاشة المأكل والمشرب والأدوية وكميات كبيرة من الخيام والبطاطين. وصدر أول بيان فى الثورة من داخل أروقة مبنى حزب الوفد الذى أعلن فيه رئيس حزب الوفد د. السيد البدوى أن شرعية النظام قد سقطت فى ظل غياب كثير من الأحزاب والقوى السياسية التى كانت تختبئ فى الظلام. وكان وقود ثورة يناير فى ميدان التحرير وجميع ميادين الثورة الحركة الشبابية الوطنية التى شكلت غالبية الملايين المحتشدة لإسقاط النظام وحطمت خط الدفاع الأول ممثلا فى جهاز الشرطة مروراً بنزل الجيش إلى الشوارع ثم تنحى الرئيس السابق وطالب شباب الوفد بالحرية والعدالة والديمقراطية ومازال شباب الوفد يتقدمون الصفوف فى اللحظات التاريخية الحاسمة تعبيرا عن مطالب كل قوى الشعب الرامية للإصلاح والتغيير. وليس غريباً على حزب الوفد الموقف الجليل الذى اتخذه بشأن أزمة النائب العام، فالذى فعله الحزب يأتى من مسئوليته التاريخية ومواقفه الوطنية، فقد عودنا الوفد على مدار تاريخه الطويل ان ينحاز الى الشرعية وسيادة القانون ودولة المؤسسات التى لا تتعدى فيها مؤسسة على اخرى بالقول أو الفعل، ولا تجور فيها مؤسسة على اخرى فى الاختصاص.. تلك قضية الوفد الرئيسية التى تتمثل فى ضرورة تطبيق الديمقراطية وعدم جور مؤسسة على أخري، فلا يجوز للسلطة التنفيذية أن تسلب حقوق أى سلطة أخرى كما كان يحدث طيلة ستين عاماً منذ اندلاع ثورة 23 يوليو، وما فعله شباب الوفد يعد وساماً جديداً على صدورهم يضاف الى الأوسمة الأخرى التى حققوها من خلال مواقفهم الوطنية الرائعة فى الثورة وقبل الثورة، ايماناً منهم بدولة المؤسسات وسيادة القانون والسعى الى تحقيق الديمقراطية التى تنشدها مصر، للعبور بالبلاد الى بر الأمان.. لقد عكست تصرفات شباب الوفد وما فعله أمام مكتب النائب العام لتسهيل دخوله إلى مكتبه، المواقف الوطنية المشرفة للوفد حزباً وقيادة يفتخر بهاكل مصرى وكل شاب وفدى ورث الوطنية الحقيقية من زعامات الوفد ورؤسائه، فلم يدخر جهداً أو يضن بمسئوليته عن الدفاع عن الحرية والديمقراطية وسيادة القانون.. لقد كان هذا الشباب الوفدى مرآة صادقة وأصيلة لسياسة حزب الوفد الذى ينادى بدوله المؤسسات وعدم اعتداء أى سلطة على الأخري.. فما فعله الشباب الوفدى يستحق منا كل تقدير وإعزاز وفخر ويذكرنا بالمواقف الرائعة للشباب الوفدى أثناء ثورة 1919 والذى كان يتلقى الرصاص من الانجليز فى صدره، ايماناً منه بضرورة جلاء هذا المستعمر الغاشم عن البلاد.