أعلنت جوائز الدورة الثالثة والستين لمهرجان برلين السينمائي لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي تضمنت 19 فيلما. واقتنص الجائزة الكبرى لأحسن فيلم «الدب الذهبي» الفيلم الروماني «سلوك أطفال Child's Pose» للمخرج الروماني كالين بيتار نيتزر, وهو فيلم يتناول الفساد والرشوة التى تقوم بها أم من الطبقة المخملية لعبت دورها جيورجيو ومينيتا، لاقناع الشهود بالشهادة لصالح ابنها الذى كان يسوق سيارته مسرعاً. والمخرج كالين بيتر قام من خلال الفيلم بنسج بانوراما للمجتمع الروماني الكبير. كما يقوم فيلم «سلوك أطفال» بتسليط الضوء على مختلف الطبقات الاجتماعية في رومانيا، التي يتميز مجتمعها بالرأسمالية. لامساً قضايا الإنسان في الوقت الحالي، ومعبراً عن مشاكله وهمومه اليومية. فهذه الأسرة مفككة أب سلبي، وأم متسلطة، وابن يشعر بالرفض تنهار الحياة الزائفة للأسرة بعد أن يتسبب الابن بسبب تهوره في قيادة السيارة، في حادث سير يروح ضحيته صبي في الرابعة عشرة من عمره يصدمه الابن أثناء عبوره الطريق. أما جائزة الدب الفضي التي يطلق عليها أيضا «جائزة لجنة التحكيم الخاصة» فقد فاز بها الفيلم البوسني البديع «فصل في حياة جامع الحديد» للمخرج دانيس تانوفيتش. وتكلف إنتاجه حوالي 17 ألف دولار فقط، ويتناول محنة المرأة بعد تعرضها لمضاعفات بسبب الإجهاض ورفض مستشفى محلي استقبالها لأنها ليس لديها تأمين. وقال المخرج تانوفيتش: «لقد توقفت الحرب.. لكن ليس لدينا إستراتيجية إلى أين ستتجه هذه الدولة. تعاني بلادي من أزمة منذ 25 عاما». وأوضح أنه سافر إلى القرية للقاء العائلة والاستماع إلى قصتهم «كإنسان أكثر منه كمخرج». وكانت النتيجة فيلما يعد مزيجاً من فيلم وثائقي وروائي، ويظهر أفراد الأسرة بشخصياتهم الحقيقية في الفيلم، الذي يلقي الضوء أيضا على الفقر المدقع الذي يعاني منه الغجر في كثير من الأحيان في أوروبا في العصر الحديث. من جانبها، قالت سينادا اليمانوفيتش، المرأة التي كانت محور الفيلم «كان الأمر مؤلما.. لا أريده أن يحدث لأي شخص آخر. لذلك أنا سعيدة للغاية أن دانيس أخرج هذا الفيلم حتى يتمكن الناس من رؤية ما عانيت وذهبت جائزة أخرى «الدب الفضي» منحت تكريما لاسم مؤسس المهرجان للفيلم الكندي «فيك وفلو شاهدا دبا» للمخرج دينيس كوتيه. وجائزة الدب الفضي لأحسن مخرج: حصل عليها المخرج ديفيد جوردون جرين عن فيلم «إنهيار الأمير الجليدي» Prince Avalanche أو برينس افالانش من الولاياتالمتحدة. وأما جائزة الدب الفضي لأحسن ممثلة فقد حصلت عليها الممثلة التشيلية بولينا جارثيا بطلة فيلم «جلوريا» من شيلي. ... وقد تألقت الممثلة بولينا جارثيا خاصة أنها لم تجد حرجاً في أداء المشاهد الجريئة. واستمد المخرج قصة الفيلم من الحياة العادية لاشخاص واقعيين وجعل ممثلين غير محترفين يؤدون الادوار امام كاميرا استعارت تلك الواقعية الاجتماعية لمقاربة عمل يضج بالتلقائية وهو ينقل شجاعة تلك العائلة وكفاحها المستمر للاستمرار ويكتسب هذا الفيلم تميزه من روعة وجمال الخصائص التي اضفاها المخرج على البطلة «جلوريا» المرأة المحبة للحياة ما جعل الجمهور يتعلق بها ويتعاطف معها في أدائها المتقن. وقالت باولينا جارثيا، التي جسدت دور جلوريا إنها سيدة تعثرت في علاقة تعيسة بعد حفل تعارف للعزاب - إنها «اضطرت إلى النظر إلى الحياة بأسلوب لم تنظر به من قبل». وأضافت أن البطلة « تبحث عن ضوء ساطع». ويدورالفيلم حول امرأة مطلقة في الستينيات من العمر، وتجسِّد قصة لجيل كامل غالبا ما يتعرض للتجاهل في العالم الحالي المهووس بالشباب، وفقا لما يقوله مخرجه التشيلي سيبستيان ليلو. وقال ليلو في مؤتمر صحفي بالمهرجان إن « بلوغ سن الستين لا يعني الاختباء في المنزل.. ما يعنيه هو أن فصلا جديدا بدأ في الحياة». وأضاف « هناك نساء كثيرات على غرار جلوريا في إيطاليا وفرنسا وهناك أخريات في أنحاء العالم... لكن أحيانا نعيش في عالم يركز بصورة مبالغة على الشباب. وحصل على جائزة الدب الفضي لأحسن ممثل نظيف موجيتش بطل الفيلم البوسني «فصل من حياة جامع الحديد» وكانت هذه بمثابة المفاجأة الليلة بحصول نظيف موجيتش الغجري البوسني المتعطل عن العمل على جائزة احسن ممثل بعد ان اقنعه صناع الفيلم بالقيام بدوره الحقيقي على هامش المجتمع البوسني . وجائزة أحسن سيناريو حصل عليها الإيراني جعفر بناهي عن فيلمه «الستائر المغلقة». يحكي الفيلم قصة كاتب يختبئ في فيلا على الشاطئ ويعيش مع كلبه الذي يعتبر في إيران حيوانا نجسا، بينما لا يريد الكاتب الافتراق عن رفيقه الصغير، لذلك اختار المنفى. في الفيلم نفسه ويظهر المخرج بناهي في دور مخرج أيضا. إنها لعبة الحلم والحقيقة، الخيال والتمثيل، وهو ما لا ينتهي بنهاية الفيلم. وطبعا فإن حكاية المخرج نفسه تطغى على الفيلم، وتبدو هناك تقاطعات بين قصة الفيلم وقصة المخرج. وأعتقد أن فوز الفيلم بإحدى جوائز البرلينالة، للنظر اليه من الجهة السياسية وليس كعمل فني، ورغم الضجة الكبيرة للفيلم إلا أن البعض يرى أنه لم تنجح فكرة الفيلم على المستوى الفني، ، ولم يشعر المشاهد بأزمة المخرج الذي بدا وكأنه مهووس بذاته وبظهوره. وحصل فيلم «دروس الانسجام» Harmony Lessons من كازاخستان على جائزة أحسن إبداع سينمائي في التصوير، وهو من انتاج ألماني وكازخستاني مشترك ومن اخراج أمير بانجازم ، الذى يقول: «أنا متحمس جدا، وأشعر بسعادة غامرة الآن» .. وقصة الفيلم تدور حول طفل عمره 12عاماً يقطن في منزل جده الواقع على المنطقة الحدودية في كازاخستان ويعيش في حياته اليومية تفاصيل قاسية في المدرسة حيث يتعرض للابتزاز من قبل بعض الطلاب في صفه لأنه شخص مسالم .لذلك كان على الطفل أن يرسم استراتيجية للنجاة من هؤلاء الطلاب والانتقام منهم ومع جرعة العنف في الفيلم، إلا أننا لن نرى مشهد القتل، أو محاولته الانتحار بقطع شريان الرقبة، ويستعرض الفيلم شخصية فتاة محجبة متزمتة،يحاول البطل أن يصادقها ولكنها ترفض. ونوهت لجنة التحكيم الدولية التي رأسها المخرج الصيني من هونج كونج، وونج كار واي، بفيلمي «الأرض الموعودة» «أمريكا»، وفيلم «ليلى فوري» Layla Fourie من جنوب إفريقيا وفيلم الأرض الموعودة» تدور قصته حول قضية التشقق الهيدروليكي المثيرة للجدل، بعدما قوبل برد فعل فاتر في الولاياتالمتحدة. ويلعب ديمون، الذي ساعد في كتابة وإنتاج الفيلم، دور الشخصية الرئيسية ستيف باتلر، وهو رجل مبيعات يتم إرساله إلى بلدة صغيرة للتحدث مع السكان لبيع حقوق استخراج الغاز الطبيعي من تحت أراضيهم الزراعية إلى شركة طاقة كبيرة. وقال ديمون إن فكرة الفيلم الذي أخرجه جوس فان سانت لم تتناول قضية التشقق الهيدروليكي إلا لاستكشاف مفهوم الهوية الأمريكية وفقدان الإحساس المجتمعي في البلاد. والفيلم عودة أمريكية تقليدية إلى تلك «المثل العليا» للطبقة الوسطى الأمريكيةالبيضاء وإلى ذلك الحس «الليبرالي» الذي تمسكت به هوليوود التقليدية «الأخلاقية» منذ نشأتها حتى الآن، من أجل أن تنجح في مخاطبة الجمهور العريض الذي ينتمي لتلك النوعية وهي الغالبة على تكوين جمهور السينما في الولاياتالمتحدة. وبطل الفيلم «ستيف» «مات دامون» يعمل مندوبا لشركة عملاقة تدعى جلوبال، وهو ينتقل بين مختلف الولايات لتأمين الحصول على موافقة الأهالي هنا وهناك على البحث عن الغاز واستغلاله من طرف الشركة في الأراضي التي يمتلكونها، مقابل الحصول على مبالغ مالية ضخمة وبعض الخدمات الأخرى تقدم لسكان القرى والبلدات. وأما فيلم «ليلى فوريه» فيدور حول أم وحيدة لصبي صغير تقبل وظيفة في كازينو لذلك تترك وابنها مدينة جوهانسبيرج من أجله.. وتنطلق ليلى خائفة ويقع لها حادث يكون ضحيته رجلاً كان يقف أمام سيّارتها في تلك الساعة المتأخرة من الليل في طريق مهجور وما تلبث ليلى أن تصدمه بقوّة. وبعدما فشلت ليلى في إنقاذ الرجل الذي مات في سيّارتها تلقي الجثّة فى القمامة..النقاد يرون أن أداء الممثلة راينا كامبل في دور ليلى هو واحد من تلك العناصر المهمة فى الفيلم. فيما فاز فيلم «انهيار الدائرة المكسورة» للمخرج البلجيكي فليكس فان جرونينغن بجائزة الجمهور في المهرجان السينمائي الدولي. وفاز فيلم المخرج الأمريكي المولد جوشوا أوبنهايمر «عملية القتل» بجائزة الجمهور لأفضل فيلم وثائقي حيث يحكي هذا الفيلم عن تصفية الشيوعيين في اندونيسيا بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في 1965. وقرر مهرجان برلين منح جائزة الدب الذهبي الشرفي للمخرج الفرنسي كلود لانزمان، البالغ من العمر 87 عاما، عن مجمل أعماله وذلك تكريما لمسيرته الفنية والسينمائية. وبهذه المناسبة عرض المهرجان فيلما وثائقيا من أعمال لانزمان حول ضحايا محرقة النازية «هولوكوست» بعنوان «شواه». وخلال الفيلم، الذي يستمر تسع ساعات والنصف من الوقت، أعطى المخرج الفرنسي من أصل يهودي الفرصة لجناة وضحايا للتحدث عن تجاربهم الواقعية حول العنف ومعاداة السامية. وبهذا ينهي مهرجان برلين السينمائي الدولي فعاليات دورته الثالثة والستين، ليتجدد الموعد بعد عامين، كون المهرجان يقام مرة كل سنتين.