التدبر فى كتاب الله من اسباب زيادة الايمان والثبات على الحق وقال اهل العلم يأتي أول أهداف سورة السجدة بالتنويه إلى عظمة القرآن الكريم وبأنّه هو وحده جامع الهدى والسبيل للنور والحق، فقد استهلّ الله -جلّ وعلا- سورة السجدة بقوله: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}. في إشارةٍ منه على كلّ من كان يكذّب القرآن ويتّهم النبيّ الكريم بأنّه افتراه، ثمّ بيّن -تعالى- عظمة خلقه وأنّه وحده خالق كلّ شيءٍ ومصور كلّ شيء بقوله:{للَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ ۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} وهذا من مقاصد سورة السجدة بأنّه هو الإله الواحد وأنّ الأصنام وما يعبد المشركون لا تملك نفعًا ولا ضرًا ولن تكون شفيعًا لهم يوم الحساب. ومن مقاصد سورة السجدة التذكير بيوم القيامة والبعث وأنّ الله خالق الأرض ومدبرها وأنّه قد أنعم بنعمه التي لا تُحصى على المشركين الذين لم يُقدّروا هذه النعم ولم يتوبوا إلى الله بل كانوا في كفرهم يتفاخرون وكفرا بالنعم وبخالقها، وذلك في قوله -تعالى-: {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ۚ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} ثمّ إنّ الله -تعالى- ذكر أنّ جزاء كلّ من آمن وعمل صالحًا هو جنات الخلد وذلك بقوله: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَىٰ نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. ويتبين أنّ من مقاصد سورة السجدة أيضًا الثناء على المؤمنين وتفضيلهم على الفاسقين فهم لا يستوون. وكان التذكير بالأقوام التي أهلكها الله بسبب كفرهم وعصيانهم من مقاصد سورة السجدة أيضًأ، فقد قال -سبحانه وتعالى-: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ ۖ أَفَلَا يَسْمَعُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ}. وقد ذكر الله -جلّ وعلا- عظمة خلقه في أنّه يسوق الماء من السماء ويخرج به الزرع الذي يأكلون منه هم وأنعامهم لكنّ كفرهم وعصيانهم جعلهم عميًا لا يبصرون. وقد كان آخر مقاصد سورة السجدة هو ما جاء في قوله -تبارك وتعالى-: {وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ}. فقد أمر الله نبيّه الكريم بالإعراض عن الكافرين وما يقولون في مقصدٍ منه بأنّ يقلل من شأنهم ويحقرهم مع التأكيد على سوء ختامهم وأنّ الله قد أعدّ لهم سوء العذاب.