تتجلى مقاصد سورة الإنسان بشكلٍ عام ببيان حال الإنسان، فقد استهل الله -سبحانه وتعالى- السورة بالتعريف بالإنسان وكيفية خلقه وذلك بقوله: {هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}،في مقصدٍ منه بأن يبيّن للإنسان أنّه ومنذ فترةٍ من الزمن لم يكن موجودًا وأنّ الله بقدرته وعظمته هو من خلقه ووهبه من نعمه كالسمع والبصر وغيرها. ثمّ أكمل بقوله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}،أي أنّه وبعد خلقه الإنسان علّمه وأرشده وهداه إلى السبيل الصحيح وبعدها كان إمّا شاكرًا عابدًا لله وإمّا من الكافرين وهذا من مقاصد سورة الإنسان بأنّ كفر الإنسان أو صلاحه هو باختياره من صنع يديه ولهذا سيحاسبه الله على كلّ صغيرةٍ وكبيرة. ومن مقاصد سورة الإنسان أنّ الله -تعالى- خاطب عباده بأسلوب الترغيب والترهيب، فتارةً يذكر ما أعدّه للكافرين من عقابٍ وعذابٍ وذلك بقوله: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا}،وتارةً يذكر صفات الجنة التي أعدّها للمسلمين الأبرار وعباده المخلصين فقد قال: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا}،بمقصدٍ منه أن يهدي الناس لطريق الصواب إمّا خوفًا من الله وعقابه أو استبشارًا وشوقًا لجزاءه وجناته. ويتبين أيضًا من مقاصد سورة الإنسان أنّ الله -سبحانه وتعالى- أراد التعريف بالأبرار بشيءٍ من التفصيل فجعل يصفهم ويصف أفعالهم بقوله: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}،ثمّ إنّه وصف حالهم في جنات الخلد التي جزاهم الله -تعالى- بها على صبرهم وإحسانهم وإيمانهم فقال -جلّ وعلا-: {مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۖ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا}. وأيضًا وصفهم في قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ۖ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}،وقد بيّن -تبارك وتعالى- أنّ هذا حال من كان من عباده مؤمنًا صبورًا شكورا. وأمّا آخر مقاصد سورة الإنسان كان التأكيد على أنّ السبيل إلى الفوز بجنات النعيم يكون بعبادة الله وحده والتقرّب إليه ودعاءه وذكره والمداومة على الحمد والسجود والتسبيح والاستغفار، فقد قال -جلّ وعلا-: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا}،[13]ثمّ ختم -سبحانه وتعالى- السورة كما ابتدأها بأنّه هو خالق الإنسان ومرشده وأنّ من اتبع هداه فقد فاز في الدنيا والآخرة أمّا من ضلّ وكفر واستكبر فله جهنم وبئس المصير، وهذا ما بيّنه -جلّ وعلا- في قول: {نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ۖ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا * إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ ۖ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ۚ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}،وبهذا يؤكد الله -تعالى- على أنّه يهدي من يشاء ويدخله في رحمته وبأنّ من ظلم نفسه وكفر واستكبر فإنّ الله قد أعدّ له عذابًا أليمًا.