عامان كاملان.. ومازالوا يدفعون الثمن.. تحل علينا الذكرى الثانية لثورة 25 يناير والمذاق يختلف بالتأكيد عند هؤلاء الذين كانوا وقودًا للثورة وضحوا بدمائهم من أجل إسقاط النظام البائد والإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك وداخليته التي طالما أذاقتهم "الأمرين" لمجرد أنهم يشجعون فرقهم في كرة القدم بطريقة مختلفة ومميزة.. إنهم شباب روابط الألتراس على مختلف انتماءاتهم خاصة ألتراس أهلاوي الرابطة الأكبر في مصر، والتي تعيش ذكرى الثورة برؤية مختلفة وبعيداً عن البهجة التي قد يعيشها الشعب المصري للاحتفال بذكرى إسقاط الطاغية مبارك وتحول مصر نحو الديمقراطية.. وهو ما نرصده خلال السطور القليلة القادمة. الألتراس والثورة إذا عدنا للخلف قليلاً ومنذ عامين بالتحديد نجد أن شباب الألتراس دخلوا في مشاكل مع النظام، فقد ضاقوا ذرعاً بإدراج أسمائهم في المطلوبين أمنياً والمرصودين من جانب أمن الدولة في داخلية «حبيب العادلي» لمجرد أنهم يشعلون الشماريخ ابتهاجاً بإحراز الأهداف في مباراة للكرة وهي عادة لم يخترعونها ولكنها موجودة بالعديد من دوريات العالم وتعتبر سمة رئيسية لروابط الألتراس في العالم كله، وبالفعل دخل الألتراس في اشتباكات بالجملة مع الداخلية على رأسها مباراة غزل المحلة والاتحاد السكندري في الدوري الممتاز وحينها قام ضباط الشرطة بتعذيب مجموعة من مشجعي ألتراس المحلة وظهر الأمر في مناوشات بين ألتراس أهلاوي والشرطة بأكثر من لقاء. وكان من الطبيعي أن يشارك مشجعو الألتراس باختلاف انتماءاتهم في ثورة يناير مع الإطلالة الأولى لها نظراً لكراهيتهم أفعال النظام وكل المضايقات العنيفة ضدهم بلا مبرر، وبالفعل كان ألتراس الأهلي والزمالك في مقدمة الصفوف منذ يوم 25 يناير للمطالبة برحيل مبارك وإسقاط النظام والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، ولعب الألتراس دوراً بارزاً في إنجاح الثورة في ظل إجادتهم عمليات الكر والفر مع الشرطة خاصة في يوم 28 يناير وهو اليوم الفاصل في تاريخ الثورة بعد سقوط الداخلية بقيادة حبيب العادلي. واحتفل الألتراس يوم 10 فبراير بإسقاط مبارك والآمال تحذوهم في إشراقة للحرية وإنهاء عصر التطرف والعنف الذي يحيط بهم لفترات طويلة، إلا أن آمالهم لم تدم طويلاً، حيث كان حكم المجلس العسكري يشمل درجة من القمع والعنف وهو ما رفضته روابط الألتراس وخاصة أهلاوي وزملكاوي وشاركت بقوة في أحداث شارع محمد محمود وسقط المهندس محمد مصطفى كأول شهيد للألتراس أهلاوي، وأعلنت الرابطة الحداد وشاركهم البرتغالي مانويل جوزيه المدير الفني السابق للأهلي في لقاء مصر المقاصة بارتداء قميص الحداد. ثمن الثورة بعد بزوغ نجم الألتراس في إجهاض القمع ومحاربة العنف والقهر في عهد مبارك وأيضاً بعض المخلفات التي عاشها حكم المجلس العسكري، كان التخطيط محكماً لإسقاط الألتراس بعد أيام قليلة من الاحتفال بذكرى ثورة يناير وبالتحديد يوم الأول من فبراير 2012 ومسرح الجريمة كان ستاد بورسعيد، حيث مباراة الأهلي والمصري البورسعيدي، وتاريخياً هذا اللقاء يحمل نوعاً من التعصب الجماهيري وهي سمة ليست مقصورة على الدوري المصري فقط بل موجودة في كل دوريات العالم، فهناك مباريات صعبة أمنياً ومحفوفة بالمخاطر جماهيرياً وفي مصر يتصدر لقاء المصري والأهلي والإسماعيلي والأهلي، هذه اللقاءات للعداء بين فرق القناة وجماهير القلعة الحمراء ولكن لم يكن يتخيل أكثر المتشائمين أن يتطور الأمر إلى دماء وشهداء وفقدان الشباب أرواحهم بهذه السهولة. شباب الألتراس فقدوا 72 من ذويهم في مباراة المصري بمؤامرة محكمة وجريمة اختلط فيها الحابل بالنابل ليدفعوا ثمن ثورة يناير التي شاركوا فيها وبذلوا دماءهم لإنجاحها. جرائم الثورة والمجزرة الغريب أن الألتراس عندما تم التنكيل بهم واغتيال ثمرة براءتهم وقتلهم جهاراً ذهبوا في جريمة أشبه بجرائم الثورة التي يتم قيدها ضد مجهول وهو المصير الذي ينتظر قضية المجزرة في ظل وجود علامات استفهام على رأسها التقصير الأمني الرهيب سواء من الشرطة أو الجيش في هذا اللقاء وأيضاً إغلاق بوابات الاستاد وإطفاء الأنوار عقب اللقاء، وبالتالي فقضية المجزرة والتي يتم النطق فيها غداً السبت يخشى الجميع أن يتم القيد ضد مجهول بعد أن دفع ألتراس أهلاوي ثمن دفاعه عن الثورة وأيضاً ألتراس جرين إيجلز لإفساح المجال للطرف الثالث للاقتصاص من شباب الألتراس وزرع الفتنة بينهم للابتعاد عن قضيتهم الأساسية بمحاربة القمع والعنف. الألتراس يلتزم الصمت حاولنا التواصل مع عدد من قيادات وأعضاء رابطة الألتراس أهلاوي وزمالكاوي لمعرفة مشاعرهم بالذكرى الثانية للثورة إلا أنهم رفضوا الحديث والتزموا الصمت التام لحين القصاص لزملائهم شهداء مجزرة ستاد بورسعيد في ظل تجاهل الدولة تكريم هؤلاء الشهداء أو القصاص لهم أو تعويضهم مالياً أو معنوياً. «الإخوان.. والتجارة بالألتراس» أحاديثنا مع أعضاء الألتراس لمسنا بها حالة من الغضب تجاه جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة بسبب التجارة «عيني عينك» بقضيتهم رغم تجاهل الجماعة للقصاص لهم بشكل رهيب بمجرد توليها الحكم عقب نجاح الدكتور محمد مرسي في انتخابات رئاسة الجمهورية. الألتراس يعيش حالة من الاستياء من التصريحات المتعاقبة لقيادات الجماعة مثل خيرت الشاطر الذي يرفض الهجوم عليهم ويحاول التقرب منهم في وسائل الإعلام وأيضاً عصام العريان الذي أشاد بهم، وأكد أنهم قوة سياسية ملموسة، وينبع الاستياء من تجاهل الحزب الحاكم التواصل معهم والقصاص لشهدائهم وتكريمهم بالشكل اللائق، وبالتالي لم يكن غريباً أن ينذر الألتراس الرئيس ب«جرافيتي» على قصر الرئاسة قبل أيام من قضية المجزرة «القصاص أو الفوضى».