قالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن الوثائق السرية التى كشف عنها مؤخرا، تظهر العديد من الحقائق المهمة حول سياسة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة "مارجريت تاتشر". فقد أظهرت وثائق رفعت السرية عنها مؤخرا أن الولاياتالمتحدة زودت بريطانيا بالمعلومات وبأجهزة اتصالات وبمعدات عسكرية أثناء حرب فوكلاند عام 1982، فى الوقت نفسه ابدت " تاتشر" استعدادها للتفاوض مع الارجنتين بعد غزو جزر فوكلاند ، فيما يتعلق بوضع الجزر ومسألة السيادة الريطانية، وذلك تحت الضغوط الامريكية. كما أظهرت إحدى الوثائق شعور المسئولين البريطانيين العميق بالامتنان للولايات المتحدة "لمساعدتها السرية"، وهي مساعدة حرصت الولاياتالمتحدة على تكتم أمرها. وجاء في رسالة من وزارة الدفاع البريطانية "أوضحت الولاياتالمتحدة أنها لا ترغب في الإعلان عن حجم المساعدة التي تقدمها لنا، إنها قلقة بشدة على تأثير ذلك على علاقتها بأمريكا الجنوبية". وفي رسالة مفعمة بالمشاعر من رئيسة الوزراء البريطانية السابقة "مارجريت تاتشر" إلى الرئيس الأمريكي الأسبق "رونالد ريجان" أثناء حرب فوكلاند وصفته فيها بأنه "الشخص الوحيد" الذي يمكن أن يفهم موقفها. وكشفت الوثائق التي تعود للعام 1982 ورفعت السرية عنها في الآونة الأخيرة النقاب عن اتصالات بين تاتشر وريجان بشأن الأزمة ومدى الضغوط التي شعرت بها "تاتشر" عندما غزت الأرجنتين الأرخبيل النائي الواقع في جنوب المحيط الأطلسي. ففي إحدى الوثائق وصفت تاتشر -صاحبة الحديث الصارم الصريح- مرحلة الغزو الأرجنتيني قائلة إنها "الاسوأ على ما أظن في حياتي"، كما تشير رسائلها لريجان في ذلك الوقت إلى أنها كانت تعول عليه وعلى علاقة العمل الوثيقة بينهما. وفي إحدى رسائلها إلى ريجان قالت "أكتب اليك لأنني أعتقد أنك الشخص الوحيد الذي سيفهم مغزى ما أحاول أن أقوله"، وقالت إن مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة في خطر. وتظهر الوثائق أن "تاتشر" كانت تعول على العلاقة الخاصة بين البلدين وهي تطلب مساعدة "ريجان" في خطاب ذيلته بعبارة "مع تحياتي الشخصية الحارة مارجريت". وكتبت تقول: "أظن أيضا أن الصداقة القائمة بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا لها تأثير بالغ جدا على مستقبل العالم الحر". مناورات تاتشر في المقابل تكشف الوثائق أن "تاتشر" فعلت ما بوسعها لمنع فرنسا من بيع صواريخ "إيكزوسيت" ل"بيرو" خوفا من نقلها بعد ذلك إلى الأرجنتين التي استخدمت عددًا منها لإغراق سفن بريطانية. وفي برقية إلى الرئيس الفرنسي حينذاك "فرنسوا ميتران" مؤرخة في 30 مايو 1982، حذرت "تاتشر" من أنه "إذا علم العالم -وهذا الأمر سيحدث على الأرجح- بأن فرنسا تسلم الآن "بيرو" أسلحة ستنتقل بالتأكيد إلى الأرجنتين لاستخدامها ضدنا نحن حلفاء فرنسا، فسيكون لذلك تأثير مدمر على العلاقات بين بلدينا". وأضافت "سيكون لذلك تأثير كارثي على الحلف"، في إشارة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي اليوم التالي، أبلغ الدبلوماسي الفرنسي "فرانسيس جوتمان" المستشار الخاص لتاتشر المكلف بملف فوكلاند بأن الصواريخ لن تسلم. وكشفت وثائق أخرى رفعت السرية عنها أن "المرأة الحديدية" قاومت ضغوط الرئيس الأمريكي رونالد ريجان الذي كان يحاول إقناعها بقبول نشر قوة لحفظ السلام في الأرخبيل. وانتهى نزاع فوكلاند الذي استمر من 2 أبريل إلى 14 يونيو ، بهزيمة الأرجنتين ومقتل حوالي 900 جندي من الجانبين (649 جنديا أرجنتينيا، و255 جنديا بريطانيا). من جانب آخر تكشف الوثائق التي أميط عنها اللثام بعد 30 عاما المناورات السياسية التي قامت بها تاتشر في أحداث أخرى في العام 1982 ومنها الحرب العراقية الإيرانية والغزو الإسرائيلي للبنان. وفي وثيقة أخرى أشارت "تاتشر" إلى أن "الولاياتالمتحدة لا تدرك الاستياء الذي تسببه في الشرق الأوسط"، في حين ورد في برقية لوزارة الخارجية البريطانية بشأن "ريجان" أن الرئيس الأمريكي "يعرف أقل بكثير مما يبدو أنه يعرفه".