يمثل سرطان الكبد أحد أخطر المضاعفات المحتملة لالتهابات الكبد المزمنة وتليف الكبد، ويمثل أكثر الأورام الخبيثة انتشاراً على مستوى العالم. حيث يأتي خامساً في الترتيب بين هذه الأورام في الذكور والثامن في الاناث، ويمثل أكثر ثلاثة أورام خبيثة انتشاراً في أكثر المناطق ازدحاماً في العالم مثل الصين ودول جنوب شرق آسيا ويمثل في مصر السرطان رقم واحد في الجهاز الهضمي والكبد حيث يمثل حوالي 45٪ من هذه الأورام وهو الثاني بعد سرطان المثانة في الذكور في مصر. ويقول الدكتور رضا الوكيل - استاذ الكبد والجهاز الهضمي بطب عين شمس: تمثل الاصابة بالفيروس الكبدي الوبائي «بي» السبب الرئيسي لسرطان الكبد في كثير من بلدان العالم، وعلى رأسها دول شرق وجنوب شرق آسيا ودول ما تحت الصحراء في أفريقيا حيث يتوطن فيها الاصابة بفيروس «بي»، وفي مصر تشير الاحصائيات إلى أن معدل حدوث هذا السرطان في تزايد في العقود الأخيرة حيث كانت تبلغ نسبته 4٪ عام 1993 وقد تزايدت لتبلغ 7.2٪ عام 2002 وتبلغ نسبة المصابين بأمراض مزمنة في الكبد الذين يعانون من سرطان الكبد ما يقرب من 5٪ حيث تمثل الإصابة بفيروس «سي» و«بي» أحد العوامل الرئيسية لحدوث سرطان الكبد، ويصيب سرطان الكبد الرجال أكثر من النساء، وقد تصل الاصابة في الرجال أربعة أضعاف الاصابة في النساء، ويمثل الاكتشاف المبكر لسرطان الكبد وسيلة النجاة المؤكدة من هذا المرض الخطير حيث أنه قد ثبت في الأبحاث أن في حالة اكتشاف المرض بعد ظهور الأعراض على المريض فإن احتمال فرص استمرار الحياة أكثر من خمس سنوات لا تزيد على 10٪ بينما المرضى الذين يكتشف لديهم المرض مبكراً قبل ظهور الأعراض وذلك بوسائل الكشف المبكر والمسح المستمر فإن فرص الحياة تتضاعف لتصل الى أكثر من 50٪، وفي حالة اكتشاف ورم صغير في الحجم لدى مريض يمكن استئصاله وعلاجه بوسائل الاشعة التداخلية المتاحة الآن فإن احتمالات نجاح علاجه كبيرة جداً، ومع تطور وسائل حديثة لعلاج سرطانات الكبد فإن الاكتشاف المبكر يأتي في مقدمة أولويات علاج هذا المبكر الخطير. وينشأ سرطان الكبد أساساً بعد تعرض خلية الكبد لبعض العوامل التي تحدث فيها التغيرات السرطانية وفي مقدمة هذه العوامل الاصابة بفيروس الكبد «بي» و«سي» وتناول الكحوليات والأسباب الأخرى لالتهابات الكبد المزمنة وأمراض التمثيل الغذائي مثل ازدياد نسبة الحديد والنحاس في خلايا الكبد والتي تؤدي بدورها في النهاية الى تليف الكبد حيث تزداد نسبة الألياف في الكبد، وينشط الكبد في تكوين خلايا جديدة لتعويض الخلايا المصابة حتى يتمكن من أداء عمله وفي أثناء حدوث ذلك قد تنشأ خلايا بها تغيرات عن الخلايا المعتادة تحدث بها بعض الطفرات وشارك في ذلك عشرات العوامل والمحفزات وعوامل النمو وبعض الكيماويات التي قد تحدث بعض الطفرات السرطانية في خلايا الكبد ومن غير المعلوم على وجه التحديد متى تحدث هذه التغيرات لدى مريض تليف الكبد وكيف تتداخل هذه العوامل وتضافرها والثقل النوعي لكل منها في إحداث هذه التغيرات السرطانية، ويعد إحدى أدوات الاكتشاف المبكر المستخدم حالياً اجراء المسوح، وذلك باجراء فحوصات للمرضى الأكثر استعداداً للاصابة بهذا المرض، والمراقبة المستمرة بإجراء الفحوصات لذات المريض على فترات محدودة وذلك من أجل الاكتشاف المبكر لهذا المرض، وتعد الوسائل المستخدمة في الاكتشاف المبكر إما وسائل معملية أو وسائل عن طريق الأشعة، أما الوسائل المعملية فأكثرها شهرة هى دلائل حدوث سرطان الكبد وعلى رأسها الفاثيبتوبرونين، وعلى رأس الأشعة الفحص بالموجات الصوتية والفحص بالموجات الصوتية مع الصبغة والأشعة المقطعية الحلزونية ثلاثية الأطوار والرنين المغناطيسي مع الصبغة، ومن أهم الوسائل التي تعتمد على مستوى الألم الآن الفحص بالموجات الصوتية حيث أنه وسيلة رخيصة ومنتشرة ولا تحتاج الى مجهود كبير ويجب اجراء فحص كل ستة أشهر في المرضي المعرضين لظهور السرطان، وفي حالة اكتشاف الورم يتم التعامل الفوري معه حيث يتضاعف حجمه كل ستة أشهر. ويضيف الدكتور رضا الوكيل: يتوقف اختيار الوسيلة في علاج سرطان الكبد على المرحلة التي يتم اكتشافه فيها حسب حجمه وموقعه في الكبد وعلاقته بباقي الأعضاء المجاورة، وفي الحالات المبكرة يكون هناك التدخل الجراحي إذا كانت حالة الكبد تسمح ولا يوجد استسقاء في البطن وحالة المريض تسمح بذلك، وهو الأصل في التخلص من المرض تماماً إما عن طريق استئصال جزئي من الكبد أو عن طريق زرع كبد جديد للمريض، أما وسائل الأشعة التداخلية فتتمثل في الكي بالتردد الحراري بواسطة إبرة لها عدة شعب تدخل من بين الضلوع وتخترق الورم مسترشدين بالفحص بالموجات فوق الصوتية حيث تقوم موجات التردد بإحداث ذبذبات ترفع درجة الحرارة لتخترق الورم وهذه الوسيلة فعالة في حدود معينة فالأورام الكبيرة لا يمكن أن نخترقها بكفاءة والأورام القريبة من الأوعية الدموية الكبيرة داخل الكبد لا تستجيب لهذه الوسيلة، وكذلك لا يمكن استخدامها في أورام الكبد السطحية القريبة من غلاف الكبد حيث أن فرص النزيف كبيرة في مثل هذه الحالات والوسيلة الأخرى الحقن الكيماوي عن طريق القسطرة الشريانية حيث يتم عمل قسطرة للوصول الى الشريان الذي يغذي الورم حيث تحقن مادة كيماوية ثم يغلف الشريان الذي يغذي هذا الورم مما يؤدي الى وقف نموه وعلاجه ولها بعض العيوب حيث لا يمكن اجراؤها في مرض استسقاء البطن.