أيامنا الحالية أصبحت فرصة لمختلف الفئات للمطالبة بإلغاء وإيقاف كل ما ليس علي «كيف ومزاج» هذه الفئات!، ومجرد مثال علي هذا المنحي الأزمة التي يفتعلها أصحاب سيارات النقل الثقيل وسائقو شاحناتهم ذات المقطورات! ، فهذا النوع من شاحنات النقل ومقطوراتها مثار جدل ونقاش وسط دوائر الرأي العام والبحث والدراسة من جانب الحكومة منذ سنوات ما قبل الثورة وحتي الآن!، ولأن الحكومة كانت قد اتخذت قرارا بإلغاء مقطورات الشاحنات نظرا لما ارتكبته سيارات النقل بالمقطورة من مخالفات السائقين وانحرافات بعضها وأوزان المنقول الزائدة علي الحمولة المقررة!، فإن الحكومة قد رأت أنه من الأوفق وقف عمل المقطورات دون أن تكون هناك أي مفاجأة بهذا القرار!، فالحكومة أعلنته قبل الإجراءات التنفيذية للإعمال به مع العقوبات التي ألحقت بالقرار علي من يخالفه!، وأمهلت الحكومة أصحاب شاحنات النقل بمقطورة لتنفيذ القرار اعتبارا من أغسطس القادم، وإذن.. فما المفاجأة في ذلك!، ولكن الفوضي التي غرقنا فيها حتي الآن قد أصبحت مغرية لكل من رآها من جانبه للتملص والتخلص من أي قانون أو قرار رأت الحكومة أنه من الصالح العام للناس!، وهذا هو ما بدا لأصحاب شاحنات النقل بمقطورة وسائقيها لتنظيم إضراب يقطع به أصحاب الشاحنات وسائقوها الطرق الرئيسية التي تعتبر خطوط سير رئيسية لهذه الشاحنات!، وتوقف الذين قطعوا الطرق بسياراتهم الثقيلة عن التوجه الي الموانئ لشحن البضائع الملقاة علي أرصفتها تنتظر تحميلها دون جدوي لأيام متوالية مضت!، ولأن فرصة الفوضي عندنا قد أصبحت واسعة فإن الذين قطعوا الطرق بشاحناتهم الثقيلة منعوا غيرهم الذين لم يشاركوا في الإضراب عن العمل وهددوا بأن يكون منع هؤلاء بالقوة!، وكان لابد أن تتوجه قوات الأمن الي حيث مواقع هذا الإضراب لمحاولة فضه!، وهو ما وجد فيه المضربون فرصة فوضوية أخري يفاقمون بها الأمر بما يشبه الإنذار المستفز!، إذا ما تعرضت مصفحات الأمن لهم بادعاء أنها تستفز المضربين وما يحدث من نتائج إذا ما اشتبكت السيارات التي تقطع الطرق بقوات الأمن!. أما مطالب «انتهاز الفرصة» من ملاك الشاحنات والسائقين، فيخلصون فيها الي أن تبادر الحكومة أولا بإلغاء قانون منع تشغيل المقطورات في أغسطس القادم!، وهكذا انتفع هؤلاء بالمهلة المقررة حتي تنتهي بإلغاء القانون!، وفي إطار «انتهاز الفرصة» رفع هؤلاء سقف مطالبهم - مقابل فض الإضراب - الي تخفيض رسوم «النولون - النقل»!، ورسوم الحمولات الزائدة، ثم بالمرة إقامة استراحات للسائقين علي الطرق لزوم «الراحة وما يحبون أن يفعلوه أثناء الرحلات»!، ثم بالمرة أيضا حساب المخالفات علي السائقين وليس السيارات!، فإذا كانت الحكومة قد رأت في القانون ما يمثل صالح الناس وصالحها، فإن تضحية الحكومة اليوم «واجبة» بالعودة لاستئناف النشاط «وعربدة» بعضهم بالسيارات ومقطوراتها أيا ما كانت الأضرار وخسائر الاقتصاد والناس!، وهذا هو «القليل» الذي يرضي به المضربون وإلا.. توعدونا بمضاعفة ما يفعلون.. وهل بعد ذلك وغيره ما يؤكد أننا في مصر الدولة والحكومة؟!