لم يكن أمراً مفاجئاً لي، ولا للكثير، غياب النجمة »إليزابيث تايلور« عن سماء هوليوود بالموت وهي علي أعتاب الثمانين، فما أكثر الأمراض التي هددت حياتها من حين لآخر، وما أكثر العمليات الجراحية التي أجريت لها، منذ أن وقعت فريسة لبعض غرائب الأورام، وهي تتقمص شخصية كليوباترا الملكة التي فضلت الانتحار علي عار الوقوع في أسر الرومان، تتقمصها في فيلم، كادت تؤدي ضخامة تكاليفه إلي إفلاس ستوديوهات فوكس المنتجة له، وذلك قبل خمسين عاماً إلا قليلاً »1963«، فأخبار ترددها علي المستشفيات وغرف العمليات والانعاش كادت تضارع في الأهمية أخبار أعمالها السينمائية، وترشيحها أكثر من مرة لجائزة أوسكار أفضل ممثلة رئيسية، وفوزها بها مرتين، بل وأخبار زيجاتها الثماني التي عادة ما كانت تصاحبها ضجة إعلامية كبري مدارها حمي الربيع التي أصابت قلبي المحبين الشهيرين، والحلي المرصعة بأحجار الماس النادر المهداة من الزوج العاشق إلي ربة الجمال. ومما هو جدير بالذكر هنا أن جميع الزيجات لم تكتب لها نهاية سعيدة، فإحداها انتهت بموت الزوج »مايك تود« في حادث طائرة، أما باقي الزيجات فانتهت بالطلاق، ومن بينها زيجتان مع نفس الرجل النجم »ريتشارد بيرتون«، وزواجها الأول استمر عشرة أعوام، بدأت أثناء التمثيل في فيلم »كليوباترا«، حيث كان يؤدي دور العاشق »مارك أنطونيو« وأثناء هذه الأعوام لعبا معاً في أكثر من فيلم، بعضها كان من الروائع، لمخرجين كبار من بينها أذكر »ترويض النمرة« لفرانكو زيفيريللي و»من يخاف فيرجينيا وولف« لمايك نيكولاس، وعندما بدأت التمثيل في هوليوود لم يكن لها من العمر سوي عشرة أعوام »1942«، ووقتها كان ولع الجمهور الأمريكي علي أشده بالممثلين والممثلات الصغار ولم تظهر موهبتها كممثلة قديرة إلا بعد ذلك بحوالي عشرين عاماً، بفضل أدائها لدور الفتاة الثرية في فيلم »مكان تحت الشمس« (1951) بعد ذلك، بحوالي سبعة أعوام تألقت في فيلم »العملاق« (1956)، ثم في أفلام أخري من بينها أذكر »قطة علي صفيح سقف ساخن« (1958)، و»فجأة.. الصيف الماضي« (1959) و»بترفيلد 8«، الفيلم الذي فازت عن أدائها فيه بالأوسكار (1960). ولا يعد »كليوباترا« من روائع أفلامها ميزته الوحيدة بالنسبة لها، أنها بفضله تعرفت علي »بيرتون« فوقعت في حبه، كما وقع هو الآخر في حبها، ولقد أثمر ذلك اللقاء السعيد درراً سينمائية، ستبقي في ذاكرة الإنسان علي مر الزمان. ورغم موهبتها وشهرتها في مشارق الأرض ومغاربها، فهي لم تعرف عندنا في مصر إلا بفضل تقمصها لشخصية »كليوباترا«، فلأمر ما لعله تبرعها لإحدي الجمعيات المناصرة لإسرائيل أو تفوههها بألفاظ غليظة في حق الزعيم الخالد، منعت جميع أفلامها من العرض العام، وعقب هزيمة الخامس من يونيو »حزيران« وخص بالعرض العام لفيلم »كليوباترا« ولأفلامها مع »بيرتون« ولأفلام أخري مع »مونتجمري كيلنفوس« و»مارلون براندو« غير أنه سرعان ما سحبت التراخيص بناء علي أمر من رئاسة الجمهورية، واستمر المنع إلي ما بعد العبور »1973« بقليل، حيث رخص لكليوباترا بالعرض العام، وسط ضجة إعلامية، توجت بزيارة »تايلور« لمصر، بدعوة من الرئيس!!