يعيش صوته في وجدان الناس كباراً وصغاراً، لم ولن يختلف على صوته أحد، ودعته حشود من المصريين وشُيع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها سوى جنازة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والتى بلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 250 ألف شخص. في مثل هذا اليوم 30 مارس عام 1977، فارقنا العندليب الأسمر الفنان عبد الحليم حافظ بعد صراع طويل مع المرض، في مثل هذا اليوم يكون قد مر علينا 34 عاما منذ رحيله. ولد عبد الحليم علي شبانة في 21 يونيو عام 1929 في قرية الحلوات بمحافظة الشرقية، توفيت والدته بعد ولادته بأسبوع واحد، فنشأ يتيما من يوم ولادته، وقبل أن يتم عامه الأول توفي والده ليعيش بعدها في ميتم ثم في بيت خاله الحاج متولي عماشة، كان عبد الحليم هو الابن الرابع وسط إخوته وأكبرهم هو إسماعيل شبانة الذي كان مطرباً ومدرساً للموسيقى. كان عبد الحليم يلعب مع أولاد عمه في ترعة القرية، ومن ثم أصابه مرض البلهارسيا الذي دمر حياته، كبر وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للموسيقى العربية، قسم التلحين عام 1948، وعمل أربع سنوات مدرسا للموسيقى في طنطا ، ثم الزقازيق، وأخيرا في القاهرة، وقدم استقالته من التدريس عام 1959. تعاون مع العديد من الملحنين ومنهم محمد الموجي وكمال الطويل وبليغ حمدي، كما أنه له أغانٍ شهيرة من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب مثل: (أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا)، كما غنى للشاعر الكبير نزار قباني أغنية "قارئة الفنجان" و "رسالة من تحت الماء". قام بعمل حفلة تاريخية بعد حرب 1967 غنى فيها أمام 8 آلاف شخص في قاعة "ألبرت هول" في لندن لصالح المجهود الحربي لإزالة آثار العدوان، وقدم عبد الحليم في هذا الحفل أغنية المسيح كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي، وغنى أغنية عدى النهار، وهي أيضاً للأبنودي وبليغ، وهي واحدة من أبرز أغاني حفلات عبد الحليم على مدار تاريخه الطويل. أصيب العندليب الأسمر بتليف في الكبد سببه داء البلهارسيا، وكان هذا التليف سببا في وفاته عام 1977 م وكانت أول مرة عرف فيها العندليب الأسمر بهذا المرض عام 1956 م عندما أصيب بأول نزيف في المعدة وكان وقتها مدعواً على الإفطار بشهر رمضان لدى صديقه مصطفى العريف. توفي يوم الأربعاء في 30 مارس عام 1977 في لندن عن عمر يناهز الثمانية والأربعين عاما، والسبب الأساسي في وفاته هو الدم الملوث الذي نقل إليه حاملا معه التهاب كبدي فيروسي "فيروس سى" الذي تعذر علاجه مع وجود تليف في الكبد ناتج عن إصابته بداء البلهارسيا منذ الصغر، ولم يكن لذلك المرض علاج وقتها وبينت بعض الآراء أن السبب المباشر في موته هو خدش المنظار الذي أوصل لأمعائه مما أدى إلى حدوث نزيف وقد حاول الأطباء منع النزيف بوضع بالون ليبلعه العندليب لمنع تسرب الدم ولكن عبد الحليم مات ولم يستطع بلع البالون الطبي، فحزن الجمهور حزنا شديدا عليه حتى أن بعض الفتيات انتحرن بعد معرفتهن بخبر موته. لم يكن عبد الحليم مطربا عاطفيا فحسب بل شارك في التثقيف الثوري للشارع المصري عبر أغانيه الوطنية في نصرة الثورة، فدائما ما كان يقول على نفسه أنه " ابن الثورة"، فقد تغنى بالعديد من الأغاني الوطنية منها " العهد الجديد، إحنا الشعب، ابنك يقول يا بطل، حكاية شعب، أحلف بسماها، عاش اللي قال، أوبريت الوطن الأكبر والجيل الصاعد، وصورة، مطالب شعب، والبندقية اتكلمت"، ويبقي التساؤل ماذا كنت ستغني لثورة 25 يناير لو كنت بيننا الآن يا عندليب ؟.