تناولت منذ أيام واحدة من أهم القضايا التى يعانى منها الشعب هى قضية العلاقة بين ملاك الشقق ومستأجريها.. وهى علاقة تتصل بكل الناس لأن الكل إما مالكًا وإما مستأجرًا.. وكان المقال بعنوان «الايجار الجديد.. قنابل تهدد المجتمع» . وجاءتنى فى بريدى العادى والالكترونى رسائل عدة وردود وآراء كثيرة.. ولكن كان منها رسالة شدتنى. كانت تتضمن رسالة من المهندس الاستشارى إبراهيم القرضاوى، ومعها مقال لسيادته سبق أن نشرته جريدة الوفد يوم 19 ابريل 1994 عنوانه: العلاقة المقطوعة فى أزمة المساكن والاسكان.. ولأهمية ما جاء فى هذا المقال من أفكار أطرح بعض ما جاء فيه. مثلاً سيادة المهندس الاستشارى إبراهيم القرضاوى يقترح كحل لمشاكل المساكن القديمة المقامة قبل يوليو 1952 إلغاء جميع العقود السابقة لهذه المبانى وتحرير عقود جديدة بأن تكون مدة التعاقد طول حياة المستأجر الأصلى وأحد أبنائه فقط على أن تنتهى المدة بعد ذلك بقوة القانون، أى إيقاف حكاية الايجار الأبدى للمساكن.. وأن يتم تحديد قيمة الايجار عن طريق لجنة كما كان متبعًا فى «لجان تقدير القيمة الايجارية» فى الستينيات أى يتم عن طريقها تحديد الايجار القديم وتقسيمه علي سنوات معينة وتضاف هذه القيمة على الايجار القديم ليصل فى نهاية المدة إلى مستوى الايجارات السارية. ويرى الكاتب أنه إذا عجز المستأجر عن سداد قيمة الايجار بهذه الطريقة تقوم الدولة بسداد الزيادة من صندوق تنشئه على أساس أنها هى التى قامت بتخريب العلاقة بين الملاك والمستأجرون.. كما يهاجم الكاتب وله حق الاعلام الذى انحاز إلي جانب دون آخر هم المستأجرين وتجاهلوا حقوق الملاك الذين استثمروا أموالهم فى العقارات، ومنهم من يعيش على ايراد هذه المساكن وحدها. وهنا يؤكد الاستاذ القرضاوى أهمية إقرار العدل لكى تقوم علاقة سوية بين طرفى هذه العلاقة.. حتى لا تقع فتنة بينهما بسبب موضوع البعد الاجتماعى مؤكدًا أنه لا حيازة بدون وجه حق ولا انحياز للمالك ولا للمستأجر، ولكن تطبيق حدود الله والعدل على الجميع فى إطار الشرع وكما رسمته جميع الأديان السماوية. والحقيقة أن العلاقة نوعان: علاقة بين مالك ومستأجر للشقق السكنية وعلاقة بين مالك ومستأجر للاماكن غير السكنية. أى هنا لابد من وضع نظام لكل نوع، حتى لا تجور فئة على أخرى. وإذا كان المعمول به فى قانون إيجار الشقق السكنية هو استمرار العلاقة الايجارية حتى بعد وفاة المستأجر الأصلى.. فإن المقترح الذى يشير إليه الأستاذ القرضاوى هو إلا يستمر عقد ايجار الأماكن غير السكنية بموت المستأجر الأصلى إلا مرة واحدة لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلى.. وفى رسالة لى مع مقاله القديم يقول الاستاذ القرضاوى، إن هذا الموضوع الحديث القديم تم طرحه منذ أيام فى برنامج الاعلامى حافظ المرازى، وحضر اللقاء مجموعة من ممثلى الطرفين.. ولكن للأسف فإن الكثير مما طرح كما يقول الكاتب جانبه الصواب أو جانب الصواب.. وأرى أن هذه القضية من أخطر ما يتعرض له المجتمع.. بل يمكن أن تمزق العلاقة بين الطرفين.. وأتمنى أن يعطى النظام الجديد اهتمامًا خاصًا لهذه القضية بعد أن سادت فى السنوات الأخيرة حكاية «القانون الجديد» الذى أطلق قيمة الايجار وتركها حرة بين الطرفين. أى للمالك حق تحديد الايجار وحق زيادته كما يشاء دون أى ضوابط.. وكما كتبت أنا منذ أيام نقلاً عن شكوى لمواطن من المنصورة، من أن المالك يقوم بزيادة الايجار الجديد كل عام وما كان ايجاره 500 جنيه صار الآن 1000 جنيه فما العمل. وهؤلاء المستأجرون يوافقون على أى زيادة مقننة أى معروفة مسبقًا حتي يعرف المستأجر حقوقه.. وأيضًا يعرف حقوق المالك. أما فى المساكن القديمة التي لا يتعدى ايجار الشقة فيها جنيهات قليلة هنا الكارثة بكل معانيها.. لأن الايجارات هنا ثابتة رغم تزايد الدخول لكل الفئات موظفين أو غيرهم. ولم يعد ايجار أى شقة منها يشترى ربع كيلو لحمة أو حتى نصف فرخة.. وربما يكفى بالكاد لشراء كيلو طماطم.. فهل هذا هو العدل الذى نبحث عنه، خصوصًا إذا عرفنا أن فى مصر عائلات كثيرة تعيش علي إيراد هذه المساكن.. ممن بنوها لتكون سندًا لهم فى مستقبل الأيام.. ولم تعد تكفى لشراء كيلو طماطم. وأقول للمهندس الاستشارى الكبير إبراهيم القرضاوى أنا مع ما تطالب به من إقامة العدل لكل الأطراف: أى للقانون الجديد.. وللقديم أيضًا بل وللمحال التجارية التي يحصل فيها المستأجر على مئات الألوف كخلو رجل لو شاء تأجيره لغيره تحت لعبة «الجدك» وغيرها.. العدل ولا شىء غير العدل إذا أردنا مجتمعًا ينعم بالعدالة.. فهل العدل بات أمرًا صعبًا.