المقولة المصرية الشهيرة التى تقول: لكل زمان دولة ورجال لم تأت من فراغ.. فالدولة الجديدة أى دولة جديدة أو نظام جديد لا تقبل باستمرار ر جال الدولة السابقة أو النظام القديم بل عليه أن يبعدهم ويضع مكانهم رجاله الذين يؤمنون بمذهبه، أو بإدارته فى الحكم.. فها هو صلاح الدين الأيوبى فى انقلابه الشهير على الدولة الفاطمية يطارد أقطاب النظام الجديد، ويطردهم.. ويضع مكانهم من رجاله من يريد، كان يريد أن يقضى تماماً على «فلول» النظام الفاطمى القديم: هذا النظام الشيعى لكى يضع مكانهم رجالاً يؤمنون بالمذهب السنى.. ولكنه للحقيقة استمر فى الاستعانة ببعض خبراء النظام القديم، ولو إلى حين، حتى انه استعان بعدد من اليهود الذين تحول بعضهم إلى الإسلام بينما بقى أكثرهم على ديانته اليهودية.. ولجأ صلاح الدين المسلم السنى الكردى للاستعانة بعدد من هؤلاء تحت مسمى الاستعانة بالخبرات النادرة.. تماماً كما استعان النظام الجديد فى مصر بعدد من رجالات النظام القديم، سواء الذين تحولوا إلى النظام الجديد، أو ظلوا ولو فى الباطن يدينون بالنظام القديم إلى أن تمكن من تكوين كوادره الخاصة. حقيقة طارد صلاح الدين ورجاله، رجال العهد البائد رغم أنه كان يشغل المنصب الأول فيها عندما كان هو شخصياً وزيراً للخليفة الفاطمى السابق.. إلا أنه طارد حتى الأموات فى قبورهم فسمح لرجاله بنبش قبور الخلفاء الفاطميين وصنع منهم ومن عظامهم تلال الدراسة الحالية وسمح لأحد رجاله وهو جهاركس الخليلى بأن يبنى الخان الشهير باسم: خان الخليلى مكان مدافن ومقابر الخلفاء الفاطميين والفلول الذين عملوا معهم.. وبدأ صلاح الدين يعين رجاله فى كل المواقع. فى الوزارة.. وفى قيادة الجيش وكبار الموظفين ومن هم فى رتبة المحافظين وغيرهم.. وهذا تماماً ما يجرى الآن.. من مطاردة «نظام الإخوان» لرجال العهد البائد.. وطرد الفلول.. وتعيين رجالهم فى هذه المواقع.. وأهو: كله انقلابات.. والناجح يعين رجاله، فى كل المواقع. رأينا ذلك فى البداية فى لجنة إعداد الدستور الجديد ورأيناه في تشكيل الحكومة.. ثم فى تعيينات المحافظين وأيضاً رؤساء الشركات الكبرى والهيئات الحكومية.. وكذلك فى المجلس الأعلى للصحافة.. ورؤساء تحرير وإدارات الصحف القومية.. والمجلس القومى لحقوق الإنسان..وسوف نجد ذلك قريباً فى رؤساء المدن والمراكز والقرى، أى سوف نجدهم فى كل مكان، وعلى المعترض أن يبلع لسانه قبل أن يقطع لسانه أحد قبضايات العهد الجديد. و للإخوان الحق فى كل ذلك، وربما أكثر، فقد صمتوا طويلاً وعاشوا وراء الجدران عشرات السنين وكان الواحد منهم محروماً من أى وظيفة قيادية، وفى أي موقع مدنى أو عسكرى. بل حتى أقاربهم كانوا أيضاً مطاردين ومحرومين من هذه المناصب.. هنا يحق لهم أن يعوضوا ما فاتهم. والقضية أن عدد الإخوان المقيدين فى قوائم تنظيماتهم يصل كما يقول أحد قياديهم وهو الدكتور عصام العريان إلى حوالى 400 ألف شخص.. فهل ننتظر أن يتم تسكين كل هؤلاء فى الوظائف من فوق لتحت حسب تاريخه النضالى وربما سنوات سجنه واعتقاله وكم مرة تم حبس حريته. وإذا كنا نعرف كثيراً من أعضاء الإخوان إلا أننا نفاجأ هذه الأيام بظهور أسماء عديدة كانت كلها تحت السطح.. تعمل فى صمت، انتظاراً للحظة الخروج إلى النور. وهكذا نجد الألوف من «عبده مشتاق» كل واحد بل وواحدة تنتظر الموقع الذى سيهبط عليه ليديره باسم الإخوان ومن طائفة عبده مشتاق هذه نجد الكثيرين يمتطون صهوة خيول النضال وقاموا بتوزيع انفسهم جيداً على كل وسائل الإعلام، وبالذات القنوات الفضائية.. وكل واحد منهم «متخصص» ومنهم من يدعى المعرفة بكل شىء يتكلم فى الطب، كما فى الاقتصاد.. بل ويتكلم أيضاً فى الكوسة والباذنجان واللحية تزين الوجه، والزبيبة أيضاً.. والطريف أننا لا نجد واحداً منهم يتبسم.. بل كل وجوههم عابسة مكفهرة وقد رسم بعضهم علامة «111» على الجبين!! والكارثة أن معظمهم يدعون قربهم من مراكز اتخاذ القرار سواء فى رئاسة الجمهورية.. أو فى مكتب الارشاد بالمقطم بل منهم من يتكلم وكأنه يحمل تفويضاً بالحديث باسم السيد رئيس الجمهورية..وأحدهم أشاع طويلاً أنه وزير الصحة القادم.. فلما جاء التشكيل الوزارى خالياً من اسمه.. أشاع أنه فى مقدمة المرشحين لمنصب محافظ الإسكندرية وهو يتكلم بارعاً في الزراعة.. وفى الصناعة... أيضاً فى الطاقة النووية والطاقة الشمسية والطاقة الهوائية. وربما أيضاً فى طاقية الإخفاء. نعم من حق الإخوان وقد تم تسليم الدولة لهم بكل سهولة وخنوع أن يقيموا دولتهم.. ولكن ليس من حقهم أن يفرضوا 400 ألف عضو أو حتى«4» ملايين غيرهم على كل مقدرات الأمور فى البلاد لأن مصر فيها الآن ما يقرب من 90 مليون إنسان.. أما كارثة «المتحولين» فى الإعلام فهم الداء كله وكلهم يلهث ليفرض نفسه فى موقع معين وكله من أجل الفلوس.. فنحن شعب غنى.. وحكومة فقيرة.. وغداً حكاية وبلاوى هؤلاء المتحولين!!