افترض معى لو كان الصحفى الذى صدر ضده قرار من المحكمة بحبسه احتياطياً الأسبوع الفائت ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين وتصرف معه الرئيس «د. محمد مرسى» بنفس النبل والفروسية التى تعامل بها مع رئيس تحرير جريدة الدستور وأصدر قراره بإلغاء عقوبة الحبس الاحتياطى للصحفيين بعد ساعات من قرار المحكمة مع الإلزام بتطبيقه فوراً وقبل نشره فى الجريدة الرسمية كما حدث مع الصحفى «إسلام عفيفى»، تخيل معى ماذا كان سيحدث؟ وماذا كان سيُقال؟ بالطبع كانت ستقوم الدنيا ولن تقعد ولكن ليست كما قامت يوم الخميس الماضى ولن ينزل المثقفون نُصرة لحرية الرأى والفكر ودعماً للصحافة الحرة ولكن كانوا سينزلون دعماً للقضاء واستقلاله وتنديداً بعدم إحترام أحكامه والتدخل فى شئونه والالتفاف على أحكامه كما فعلوا بعد قرار الرئيس بإلغاء قرار حل مجلس الشعب، وكانوا سيكيلون الاتهامات للرئاسة وإنها تدار من مكتب الإرشاد وأن فضيلة المرشد هو الذى أصدر هذا القرار لنصرة ابن الجماعة الصحفى فلان الفلانى!! وهذا تدخل سافر فى شئون القضاء وستتعالى الأصوات وتصرخ وتولول على أخونة الدولة وضياع الدولة المدنية ودولة القانون، وسيتناسى الجميع الشعارات المرفوعة حالياً من نوعية حرية الصحافة وحرية التعبير وحرية الفكر إلخ إلخ! للأسف هكذا أصبح حالنا أو بالأحرى حال نخبنا الأشاوس الذين يخوضون معاركهم للكيد السياسى وليس للمبادئ ولا نصرة للحق والعدل أو إرساءً للديمقراطية فى أرض المحروسة! وتذكروا معى واقعة الفنان نور الشريف منذ أكثر من عامين حينما شهرت به إحدى الصحف الخاصة وانبرت وسائل الإعلام المختلفة للدفاع عنه والهجوم على تلك الصحيفة وذلك الصحفى بل تصدى المجلس الأعلى للصحافة لهذا التطاول والتجاوز وأمر بإغلاق الصحيفة وأدان الصحفى وأحيل للقضاء وانتهى به الحال بالحبس ولم ينبر أحد من السادة الذين أسرعوا بالنزول فى ميدان طلعت حرب للدفاع عنه ولا عن حرية الصحافة كما لم يندد أحد بسياسة تكميم الأفواه كما حدث مع رئيس تحرير الدستور والذى لم نر للمجلس الأعلى للصحافة موقفاً تجاه ما ينشره من أكاذيب وأباطيل فى حق الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين، فلا حس ولا خبر، أين هو من تلك الصحف التى يتصدر عناوينها «الرئيس الفضيحة»، «الرئيس الفاشى «الرئيس الخادم لأمريكا وقطر «الرئيس الأهبل»، زمن الكلاب إلى آخره من تلك البذاءات والتى يُعاقب عليها القانون! أين هم من الميثاق الشرفى للصحافة وأمانة الكلمة وشرف المهنة ولماذا لم يتصدوا لتلك الصحف ولتلك الهجمة غير مسبوقة على رئيس الجمهورية المنتخب كما تصدوا فى واقعة نور الشريف !! هل هيبة الدولة وموقع الرئاسة أقل من هيبة الفنان!! هذه الفوضى الإعلامية وهذه السيولة من الأكاذيب والشائعات التى اجتاحت صحفنا وإعلامنا وشوهت رسالته السامية وحولتها إلى رسالة (سُموية) أى تبث سموماً للقارئ والمشاهد، هذا العبث الإعلامى لابد أن يتوقف ولابد أن يتحمل المجلس الأعلى للصحافة ونقابة الصحفيين ووزارة الإعلام مسئوليتها وتطبق مواثيق الشرف المهنى ويطهر مسئولوها أنفسهم بأنفسهم ويجازون كل لعان سباب شتام، فهؤلاء المتطاولون يسيئون للصحافة وللمجتمع الصحفى بشكل عام! فهناك فرق بين حرية الصحافة وحرية الصفاقة والمتباكون على حرية الصحافة يجب أن يكونوا أول المهاجمين على حرية الصفاقة وليسو المدافعين عنها فلا يستوى الاثنان ولا يستقي الاثنان بعد هذا التداخل الرهيب الذى بدا بينهما بعد الثورة خاصة بعد انتخاب الرئيس محمد مرسى! فأصلحوا ذات البين يا معشر الصحفيين أولاً، القلم أمانة ومسئولية كبيرة أمام الله سيحاسبنا عليها أشد حساب لقد أقسم به سبحانه وتعالى «ن والقلم ومايسطرون» صدق الله العظيم يا ليت الصحفيين يدركون خطورة ورهبة وجسامة تلك المسئولية الملقاة على كلمته! وحسبنا الله ونعم الوكيل على كل العابثين به وارتكبوا أعظم الجرائم باسمه! فكم من الجرائم ارتكبت باسم حرية الصحافة!!