انتشرت فى الآونة الاخيرة ظاهرة قتل الاطفال سواء على يد أزواج الامهات, او زوجات الآباء بعد تعذيبهم لساعات طويلة لا يتحملها بشر ولكن النتيجة واحدة , هى قتل البراءة بلا ذنب سوى انفصال الأبوين اما بوفاة احدهما او طلاقهما , الغريب ان القاتل يتجرد من جميع مشاعر الانسانية والرحمة فلا يرحم ضعف الصغير الذى لا يستطيع الدفاع عن نفسه الا بالدموع التى تتساقط من عينه محاولا بها استعطافه, او توسلات الام وصرخاتها ولكن لا حياة لمن تنادي. رصدت «الوفد» عدداً من تلك الجرائم والتى كان اكثرها بشاعة ما شهده شارع الطنانى بمنطقة امبابة عندما استيقظت الطفلة سماحسن «3 سنوات» من نومها وهى تبكى من شدة الألم بأذنها فى الساعة الثانية صباحا, وتستغيث بأمها صابرين عبدالجواد محمد اثناء مشادة كلامية بين الاخيرة وزوجها بسبب طلب الزوج حمادة سعيد محمد سلطان من الام كتابة عقد بيع له بالمنزل الذى يعيشون به ورفضت فقرر الانتقام منها بتعذيب ابنتها فقام بتوصيل التيار الكهربائى إلى جسد الطفلة ووضع وجهها فى «جردل مياه» وأطفأ سجائر فى جسدها وعلقها اعلى باب الغرفة واخذ يضربها بالمطرقة وعصا خشبية, وقام بتقييد الام حتى لا تتمكن من انقاذ ابنتها , استمر فى هذا التعذيب لمدة 8 ساعات متواصلة دون رحمة, ورغم سماع الجيران لصرخات الام واستغاثتها بهم الا انهم لم يستطيعوا الدخول وإنقاذها لأن زوجها مسجل خطر, وما تمكنوا من فعله هو طلب الشرطة التى حضرت بعد فوات الآوان. وبدأت «صابرين» والدة الطفلة حديثها قائلة: «لو شوفته دلوقتى هقتله من غير تفكير وحتى لو هتعدم مش مهم» واستكملت الام حديثها على زوجها قاتل ابنتها بأن كل ما حدث وشاهدته ابنتى من الوان العذاب قبل موتها, لا يزال فى ذهنى وكأنه حدث امس, مما يجعلنى لا استطيع ان يغمض لى جفن, واشعر وكأننى اريد اشعال النيران بجسدى لاطفاء نار قلبى التى لا اتحملها ابدا, انا وشقيقها اللذان يبكيان دائما على شقيقتهما ويتهماننى بأنى السبب, وصمتت قليلا وانهالت بكاء وهى تقول: ابنتى اتقتلت قبل العيد الماضى بأيام وكنت قد اشتريت لها ملابس العيد وإلى الآن استخرج هذه الملابس واقبلها وابكى بجوارها. وتعجبت الام لبطء القضاء حيث ان المتهم ما زال محبوساً احتياطيا على ذمة القضية ولم يتم احالته حتى الان وكأن التى قتلت «قطة» وليست انسانة , وقالت الام ان عائلة زوجى حاولوا استخراج شهادة وفاة طبيعية من احد الاطباء مقابل مبلغ 10 آلاف جنيه عقب الواقعة , وانا اخشى ان يقوموا بتغيير اى شىء فى تقرير الطب الشرعى بنفس الاسلوب لانهم ارسلوا لى مع اهل المنطقة ان زوجى سوف يخرج من القضية بسهولة وانهم واثقون من ان تقرير الطب الشرعى فى صالحه وسيكون سبب براءته , وهددونى بأننى سأحصل ابنتى بعد خروجه لعدم قبولى التنازل عن القضية , بعد طلبهم منى التنازل اكثر من مرة وانا ارفض وحاولوا التعدى علي بالضرب وارسال بعض البلطجية الى منزلى لانهم يقيمون بنفس المنطقة التى اقيم بها خاصة انهم يعلمون انى وحيدة ولا استطيع الوقوف امامهم بمفردى وحتى والد ابنتى لم يتحرك له ساكن وللاسف عقب وفاتها تزوج للمرة الثالثة . واكدت «صابرين»: انا اقمت دعوى طلاق عليه واعلنته فى محبسه ولكن لم يتم اى جديد حتى الآن. كما شهدت قرية فيشا سليم بمركز طنطا بمحافظة الغربية جريمة بشعة عندما قام عامل أحذية بقتل ابنة زوجته «4 شهور» بسبب بكائها المستمر وإزعاجه اثناء نومه. كانت البداية عندما تزوجت ام الطفلة عرفيا من «جزمجى» ونسبت طفلتها من زوج آخر له ولم تستخرج لها شهادة ميلاد,وفى يوم الواقعة خرجت الام لقضاء بعض متطلباتها وتركت الطفلة بصحبة زوجها, الذى حاول النعاس لكنه لم يتمكن بسبب بكاء الطفلة المستمر فقذفها بأحد حوائط المنزل وعضها بالبطن واطبق بإحدى يديه على رقبتها لتفارق الحياة وحال عودتها فوجئت بها فى حالة اعياء شديدة ومصابة قامت على الفور بنقلها إلى مستشفي طنطا الجامعي فى حالة سيئة للغاية وفارقت الحياة متأثرة بإصابتها بكدمات بالبطن والظهر. تم إخطار النيابة العامة بالواقعة وقررت ندب الطب الشرعى لبيان سبب وفاة الطفلة، وتبين من تقرير الطب الشرعى أن السبب وراء وفاة الطفلة عضة بالجانب الأيمن بالبطن أدت إلى تهتك الكبد والقولون مع وجود كسور بالضلوع. وفي منطقة الدرب الاحمر وقعت جريمة بشعة ارتكبها زوج الام, وساعدته الاخيرة فى اخفائها عندما قام المتهم عيسي تاج الدين قطب بضرب الطفلة رضوي محمد خليل»6 سنوات» لتاخرها فى احضار كوب ماء له, حتى فقدت الوعى فقام وامها بحملها الى مستشفي الحسين الجامعي في محاولة لإنقاذها مدعيا سقوطها من مسافة عالية للهروب من العقاب ولكن ضباط المباحث تمكنوا من كشف حيلته وألقوا القبض عليه كما قام بحار بضرب طفل لم يتجاوز عمره «3 سنوات» ضربا مبرحا ولم يشفع بكاء الطفل الصغير من شدة الألم أو توسلات امه وصرخاتها بل زاد في قسوته وقام بكي الطفل مما احدث حروقا في صدره ووجهه وتوفي في الحال. واخرا وليس آخراً فى مثل هذه الجرائم ما شهدته منطقة بولاق الدكرور عندما قام سائق بقتل ابن زوجته الذي يبلغ من العمر خمس سنوات بسبب بكائه المستمر. تبدأ المأساة عندما انفصلت ام الطفل عن والده وتزوجت من سائق, «مدمن مخدرات» , الذى أجبر الام على العمل كخادمة فى المنازل ,و اعتاد ضرب الطفل الصغير بخرطوم المياه, وقد سبق أن حبسه في غرفة بمفرده عدة أيام وضربه , وصعقه بالكهرباء, ومنعه عن الطعام والشراب وذلك بسبب كثرة بكائه لغياب امه عنه ساعات كثيرة وشدة جوعه , وتبوله اللاإرادى الذى كان سببا فى مقتله يوم الحادث عندما قام زوج الام بتوثيقه بالحبال وانهال عليه ضربا حتى فارق الحياة. وعن عقوبة تلك الجرائم البشعة اكد المستشار الدكتور عبد الفتاح مراد رئيس محكمة الاستئناف العالي بالإسكندرية أستاذ القانون الدستوري أن العقوبة فى مثل هذه القضايا تكون اما بالاعدام او السجن المشدد على حسب ظروف كل قضية, فإن كان المتهم يقصد موت الطفل وثبت ذلك تكون عقوبته الاعدام وفى حالات الضرب الذى يفضى الى موت تكون العقوبة السجن المشدد وهذا يعود الى السلطة التقديرية للقاضى فإما ان يحكم بالحد الاقصى للعقوبة , واما ان يحكم بالحد الادنى فحسب ما يتراءى للقاضى من خلال ظروف كل قضية. واشار المستشار «مراد» إلي أنه قد عُرضت عليه جرائم من هذا النوع أثناء رئاسته لدوائر الجنايات بمحاكم الاستئناف العالي فهذه ظاهرة متكررة ولو تصفحنا علم النفس الجنائي في هذا المجال لوجدنا أنه لا يوجد إنسان بشري طبيعي صحيح نفسياً بنسبة 100% ولما كان الشخص الذي تزوج زوجة سبق لها الزواج من قبل ولديها أطفال آخرون من زوج آخر فإنه عند مشاهدته لهؤلاء الأطفال يشغلون وقت زوجته واهتماماتها ويعكرون عليه صفو حياته الزوجية فإنه تثور لديه نزعات إجرامية مكبوتة نتيجة للغيرة وإحساسه بأن هؤلاء الأطفال يشاركونه في حب زوجته وإخلاصها له وتفرغها الكامل لشخصه. ويزيد الأمر خطورة إذا كبُر هؤلاء الأطفال وشعروا أن هذا الشخص ليس والدهم فإنهم يبدأون في عناده ويناصبونه التحدي بالتحدي والقيام ضده بردود أفعال مماثلة للقسوة التي يعاملهم بها ويترتب على ذلك قيامه بالانتقام منهم إما بالضرب المبرح وإحداث إصابات جسيمة بهم أو بالتخلص منهم بالقتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد حتى يخلو له الجو مع والدتهم. وقد صادفنا أثناء رئاستنا لدوائر الجنح بالمحاكم الابتدائية وقائع ضرب متعددة صادرة من أزواج انحرفت أنفسهم الشريرة وقاموا بإحداث إصابة أبناء زوجاتهم وقدمتهم النيابة العامة للمحاكمة الجنائية عن أفعالهم الإجرامية وقمت بإدانتهم عن جرائم الضرب التي ارتكبوها. وقال الطبيب هانى نجيب استشارى الطب النفسى ان ذلك النوع من الجرائم تحرمه الاديان وترفضه النفوس السوية وأن من اهم اسباب وقوع تلك الجرائم سوء الاختيار فى الزواج الثانى سواء للرجل او المرأة يلعب دورا كبيرا فى هذه الجرائم البشعة ولذلك فلا بد من التأكد من سلامة الصحة النفسية والعقلية للزوج الثانى او الزوجة, والسبب الثانى ان يكون الزوج مدمن لاى نوع من المواد المخدرة , فلا يكون مدركاً لافعاله وهذا يحدث كثيرا. ورجح «نجيب» انه يفضل فى الزواج الثانى ان تكون ظروف الزوجين متشابهة, اى ان يكون لديه اطفال او العكس ويتم تربية الاثنين فى منزل واحد فكل منهم يكون حريصا على معاملة اطفال الطرف الثانى بطريقة حسنة حتى يلاقيه فى ابنائه. واشار «نجيب» إلي ان هذا العنف يتطلب تكاتف المجتمع بأكمله لمواجهة هذه الظاهرة التى طرأت حديثا بصورة كثيفة على نسيج المجتمع, ونبدأ من الدولة اولا حيث انها قضيتها الاولى التى من المفترض ان تهتم بها كل وزاراتها وتعدل فى تشريعاتها لتجرم كل اشكال العنف ضد الاطفال , وأن يغلظ القضاء العقوبة نحو اى شكل من اشكال العنف فمثلا فى امريكا اذا تعدى الاب نفسه على ابنه بالضرب يتم حبسه, كما يجب ان تتعاون الجمعيات الاهلية والقطاع الخاص مع الدولة لإيجاد فرص عمل مناسبة لحماية الافراد من البطالة والحرمان ومساعدتهم فى تحقيق ذاتهم واشباع كل احتياجاتهم بطريقة سوية حتى يكون افراد المجتمع جميعهم اسوياء ولا تظهر مثل هذه الظواهر. واضاف «نجيب»: يجب على القضاء ايضا اعطاء الحق للاطفال للابلاغ عن جرائم العنف التى تقع عليهم سواء من الاسرة او الشارع كما يحدث بالبلاد المتقدمة , وقد ثبت ان 99% تقريبا من جرائم القتل تكون بسبب اضطراب ذهينى «مرض عقلى» او تحت تأثير ادمان المخدرات او ما شابه ذلك وغالبا ما يكون القاتل لحظتها فى حالة «هلاوس» وخارجاً عن نطاق العقل وهذا يسمى بالجنون اللحظى.