لأن المصري له طبيعته الخاصة التي تميل إلى التراث، فقد ابتكر رقصة.. سفيرة له ومعبرة عنه في كافة البلدان؛ رقصة اشتهرت بالأداء العالي المتميز .. إنها رقصة "التنورة" التى تغلغلنا داخل أنسجتها لنتعرف على معناها ..نشأتها ..كيفية انتشارها .. أسرارها.... التنورة..كلمة معربة من الفارسية، تم تفسيرها على أنها نوع من أنواع الأسلحة، فتسمى "الدرع الواسعة" في السريانية، وفى الإغريقية "الذي يلبس جلدا طويلا " . رقصة التنورة رقصة مصرية، ذات أصول صوفية تعتمد على الحركات الدائرية، فتنبع من الحس الاسلامى الصوفي، الذي له أساس فلسفي، بأن الحركة في الكون تبدأ من نقطة وتنتهي عند ذات النقطة، أما الغناء المصاحب فهو الدعاء إلى الله ومديح النبي محمد صلى الله عليه وسلم ،وبعض الأغاني والمواويل عن موضوعات شعبية حول الصداقة، والسلام، والكرم، والمحبة والتنورة أصلها تركي ، تم تقديمها منذ القرن الثالث عشر، وتشير بعض الدراسات إلى أن الفيلسوف والشاعر التركي الصوفي جلال الدين الرومي ، هو أول من قدم رقصة الدراويش أو المولوية؛ فالفن الأصلي عبارة عن تنورة يلف الراقص بها، ولكن المصريين طوروها وحدثوها، فأضافوا لها الدفوف والفانوس وجعلوها فنا استعراضيا متكاملا، فأصبحت حركات التمايل من خلال الثبات التي نراها في حلقات الذكر هي النوع الأول من الرقص الاسلامى ، وأكثر الطوائف التي استخدمت هذا النوع من الرقص هم الصوفيون. وتعتبر الطريقة المولوية هي أحد أشهر الطرق الصوفية في مصر، والتي اعتمدت في حلقات ذكرها على رقصة التنورة، والقصة بدأت ب "التكايا "، فكان كل أمير وشيخ طريقة من الطرق الصوفية ينشئ تكية ، وهى مضيفة لأبناء السبيل والفقراء والغرباء والدراويش، فيقيم حلقات الذكر في الليل ،وتبدأ بحلقة لاتقل عن أربعين درويشا بملابسهم المختلفة الألوان ، مابين الأخضر ، والأحمر والأسود والأبيض . فيرددون لفظ الجلالة ،ويحنون رؤوسهم ، وأجسادهم مع كل ترديدة ،ثم يخطون في اتجاه اليمين، فتلف الحلقة وبعد فترة قصيرة يبدأ درويش منهم بالدوران حول نفسه ، ويسرع في حركته ، فتنتشر ملابسه "تنورته " على شكل مظلة ، أو شمسية، ويظل يدور عشر دقائق ، ثم ينحني أمام شيخه الجالس داخل الحلقة ، فينضم للدراويش الذين يرددون اسم الله ، فيقفزون بدلا من الخطو ، بعدها يكون ستة دراويش حلقة داخل الحلقة الكبيرة ، فيضع كل منهم ذراعه على كتفي جاره ، ثم يسرعون في الذكر لعشر دقائق، فيجلسون للراحة 15 دقيقة ، ينهضون للذكر ثانية ، فيتبعهم شخصان يرقصان، وفى يديهما دفوف يدقون عليها. وتعد الرقصات الشعبية نتاجا للبيئة المحيطة وضرورة للتعبير العاطفي والنفسي والروحي لمجتمعاتها ، فنحن نجد "الحاناتى " وهو الراقص المؤدى لرقصة التنورة، يعبر عن مشاعره باللف والدوران حول الذات فغالبا لا يكون مرتديا تنورة واحدة بل ثلاثة أو أربعة يتم صنعها من القماش الخشن الذي يصنع منه الخيام ، ليتحمل الاستخدام الشاق، وتيارات الهواء المتدفقة أثناء الدوران .." أبدأ باللف حول نفسي من الشمال إلى اليمين ، ذراعي اليمين متجها إلى السماء ، والأيسر إلى الأرض . فكلما زاد صوت الايقاع أزيد من سرعة اللف ، فأشعره بأنه ارتفعه عن الأرض، ويبدأ بخلع سترته العلوية ثم في فك التنورات كل واحدة منها ألعب بها بكافة الأشكال حول خصري ،وبكلتا يدي ، والى اليمين ، والى اليسار وأعلى وأسفل؛ يتجرد من التنورات، ومع الأخيرة يطبقها على شكل مولود إشارة إلى ميلاد العام؛ وبداية الخليقة بانفصال الأرض عن السماء . والتنورة تصنع من طبقتين يفصلهما أثناء اللف، والطبقتان هما الأرض والسماء، أما التنورة في بداية الرقصة فتعنى العالم قبل انفصال الأرض عن السماء، وكلما تخلص الراقص من التنورة تخلص من تعلقه بالأرض، وارتقى للسماء " وراقص التنورة يجب أن يتناسب طوله مع وزنه، لايهم أن يكون قصيرا أو طويلا، المهم أن يكون ماهرا فهو فن يعتمد على الممارسة والخبرة، وقدرة الراقص على التخلص من الدوخة التي تعتبر عدوه الأول. وأصعب حركات الرقص بالتنورة بالفانوس، فبعد الاستعراض بمجموعة من الدفوف يحمل الراقص فانوسا كبيرا ويدور به .. فيكون الجسم والعين والدماغ مركزة على الفانوس حتى لا يسقط منه. وتُصنع التنورة من قماش عادى مع الشيفون واللامية، بداخلها سير دائري عند الأطراف وهو الذي يسبب الانفراد والانفتاح أثناء الدوران، فتقدم شكلا جماليا. فيديو..شاهد رقصات التنورة