مأساة حقيقية يعيشها الآلاف من أبناء قرى بنها والقناطر وخاصة الواقعة على طرق خط 12، فرائحة نواتج حرق الفحم تسببت في إصابة المئات بالأمراض الصدرية وأمراض العيون. ورغم أن مشاهد جبال الأخشاب الجاهزة للحرق وشكائر الفحم الجاهز للبيع ظاهرة وبشكل علني إلا أنه لم يجرؤ مسئول واحد على إزالتها ورفع المعاناة عن هؤلاء المواطنين البسطاء الذين تعودوا على رائحة الدخان وعلى تنفس غاز ثاني أكسيد الكربون. ومنذ سنوات أعلن وزير التنمية المحلية السابق عن إغلاق كل مكامير الفحم بجميع المحافظات وإيقاف تشغيلها نهائيا خلال الفترة من أول يوليو وحتى نهاية شهر نوفمبر المقبل وإزالة المكامير المخالفة بالتنسيق مع الجهات الأمنية بكل محافظة. وقال: إنه يجري التنسيق بين وزارة التنمية المحلية ووزارة البيئة والمحافظات لمواجهة النتائج السلبية المترتبة علي ظاهرة الاحتباس الحراري ومايصاحبها من تجمع الأدخنة والعوالق في الهواء ومايطلق عليه ظاهرة السحابة السوداء الأمر الذي يستلزم تضافر كل الجهود للحد من العوامل المساعدة علي ظهور تلك الظاهرة وأهمها الحرق المكشوف للمخلفات ومكامير الفحم وقمائن الطوب. وأوضح الوزير وقتها أنه يتم أيضاً وبالتنسيق مع وزارة البيئة والمحافظات وضع خطط قصيرة المدى وطويلة المدى للتعامل مع كل مصادر التلوث لتحسين نوعية الهواء عن طريق الرصد البيئي والحد من عوادم السيارات والاستفادة الاقتصادية من المخلفات الزراعية وتطوير ونقل الصناعات الصغيرة والمتوسطة والحد من الحرق المكشوف للمخلفات الصلبة. ورغم تصريحات الوزير السابق ومرور أكثر من يوليو إلا أن شيئا لم يحدث ولا زالت المعاناة مستمرة. ولم يجب أحد على سؤال الأهالي، متى تغلق تلك المكامير نهائيا؟. ففي القليوبية وحدها يوجد ما يقرب من 166 مكمورة فحم نباتي، تهدد المواطنين بأمراض الربو وحساسية الصدر وتصيبهم بالاختناق وذلك رغم صدور قرارات بإزالتها منذ عام 1993 لم تنفذ حتى الآن. وكان المهندس ماجد جورج وزير البيئة قد أكد أن هذه المكامير تمثل خطرا جسيما على صحة المواطنين لأنه ينتج عنها أكسيد النيتروجين بالاضافة لوجود جسيمات عالقة بالجو من حبيبات الكربون والمركبات العضوية المتطايرة حيث يوجد 124 مكمورة في مدينة طوخ وحدها بمحافظة القليوبية تسبب تلوثا كبيرا وأضاف أن سبب الكارثة يرجع إلي التمسك بالوسائل القديمة في عملية انتاج الفحم حيث يتم تفحيم الخشب بمعزل عن الهواء ودون تحكم في الانبعاثات الصادرة عنه في مساحة بارتفاع 20 مترا وبعمق 10 أمتار ويستمر التشغيل لمدة 20 يوما متواصلة وهذه المكامير العشوائية تستنزف 60% من وزن الخشب ويتبقي 40% من إجمالي الكمية ويحتوي الفحم المنتج علي نسبة عالية من القطران الضار بصحة الإنسان. ويشير وزير البيئة إلي أنه أرسل خطابات كثيرة لمحافظة القليوبية للتوصل لحل بشأن توفيق أوضاع تلك المكامير. فيما كشف تقرير صادر عن مركز المعلومات بمحافظة القليوبية عن وجود 166 مكمورة فحم نباتي في قري ومدن المحافظة، منها 124 في طوخ و27 في شبين القناطر و5 في بنها و3 في الخانكة و3 في حي شرق شبرا الخيمة و2 في كفر شكر، وتعمل هذه المكامير بطريقة بدائية ينتج عنها تلوث الهواء بأكسيد الكربون الضار علي صحة الإنسان. يقول سعيد عفيفى – أحد سكان منطقة المكامير إن قرية أجهور وحدها بها أكثر من 100 مكمورة، وهي أكبر قري مركز طوخ من حيث عدد السكان والتلوث البيئي الناتج عن هذه المكامير التي تنتشر داخل الكتلة السكنية رغم صدور قرارات بإزالتها منذ عام 93 وإعطاء أصحابها أكثر من مهلة للتطوير أو الغلق. ويضيف قائلا إن معظم أطفال أجهور مصابون بحساسية الصدر بسبب التلوث الناتج عن هذه المكامير، وطالب بسرعة إيجاد أماكن بعيدة عن الكتل السكنية لنقل هذه المكامير إليها، مشيراً إلي أنها أصبحت مصدر دخل لعدد كبير من المواطنين، ومن الصعوبة غلقها. ويشير عبد المجيد جودة عضو مجلس محلى القليوبية، إلي أن خط 12 من بنها حتي القناطر الخيرية يوجد عليه ما يزيد علي 150 مكمورة فحم نباتي، حيث تعمل ليلاً حتي لا يتم تحرير محاضر لأصحابها، بينما تتكون السحب السوداء علي طول الطريق فيصعب الرؤية ليلاً، كما تصيب هذه الأدخنة السامة الأهالي بالربو والحساسية الصدرية، لافتاً إلي أن المجلس المحلي ناقش هذه المشكلة مراراً وأن جميع القرارات التي توصل إليها حبيسة الأدراج. وأوضح احمد المسلمى عضو المجلس المحلى للمحافظة ( وفد) أن مكامير الفحم تمثل مشكلة في غاية الخطورة علي المواطنين خاصة في الصيف نظراً لارتفاع درجة الحرارة، وكذلك ارتفاع نسبة الرطوبة في الجو مما يؤدي إلي اختناق المواطنين وأشار الى أن الحل يكمن في تخصيص أراض لها في صحراء الخانكة لنقلها إليها، مثلما حدث في مسابك شبرا الخيمة، فهذه المكامير كانت بالفعل خارج الكتلة السكنية ولكن المباني والعشوائيات زحفت إليها، فلابد من البحث عن حلول سريعة للحفاظ علي صحة المواطنين. أما عصام غالي وكيل لجنة الأمن بمحلى القليوبية فيقول تحولت مكامير الفحم إلى بؤر تلوث خطيرة حيث أصاب الدخان الأسود المتصاعد والانبعاثات الصادرة من صناعة الفحم النباتي بالطرق العادية الآلاف من السكان بالأمراض الصدرية بسبب تصاعد غاز أول وثاني أكسيد الكربون وثالث أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين علي مرأي ومسمع جميع المسئولين. وأوضح ان كل دول العالم تقيم مصانع بمواصفات معينة لمكامير الفحم ولكننا مازلنا نتمسك بالطرق التقليدية القديمة ونرفض التطوير بكل أشكاله . وطالب محمود عبد العزيز -المحامى-ومدير مركز الحرية لحقوق الانسان بالقليوبية بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد أصحاب هذه المكامير التي تصدر عنها انبعاثات خطيرة تودي بحياة الكثيرين وتصيب البعض الآخر بالأمراض مشيرا إلي ان الاهالى قاموا بإرسال العديد من الشكاوي للمسئولين دون جدوي لأن كل التصريحات التي صدرت حبر علي ورق لم ينفذ منها أي شيء حيث أصدر م.ماجد جورج وزير البيئة قرارا بوقف العمل بتلك المكامير ولم يتغير أي شيء. وأضاف أن أصحاب المكامير يضربون عرض الحائط بكافة القوانين بقرارات الوزراء فهل هناك مصالح متبادلة ؟ ويؤكد د.أحمد يوسف -أن تطوير مكامير الفحم باستخدام الأفران المطورة يؤدي إلي خفض الملوثات بنسبة أكثر من90%. وتساءل لماذا لم يتم تطوير مكامير محافظة القليوبية حتي الآن رغم الخطابات المتتالية التي أرسلتها وزارة البيئة للمحافظ المستشار عدلي حسين والمرفق بها المواصفات المعتمدة من الهيئة العامة المصرية للمواصفات والجودة. ويشير إلى أن محافظ القليوبية كان قد أعلن أن هناك تنسيقا مع وزارة البيئة والصندوق الاجتماعي لتمويل أصحاب المكامير العشوائية لتطوير أدائهم وشراء معدات وآلات حديثة بالإضافة إلي تخصيص قطعة أرض كبيرة لإنشاء مصانع فحم مطور بمدينة العبور لإتاحة فرص عمل لآلاف الشباب وانتاج فحم خال من الشوائب ولتلافي الاضرار الناتجة من الانبعاثات ولكن كل هذه التصريحات لم تنفذ ولا زال الأهالى يعيشون فى كارثة بلا حل والبركة فى البيزنس ولغة المصالح.