في محافظة البحيرة قرية اسمها البصيلي اهم معالمها الدخان الخانق المتصاعد فوقها والذي تستنشقه .. بمجرد ان تقترب منها هذا هو الانطباع الأول عن المكان .. لكن الحقيقة تقول إن هناك مأساة يتعرض لها 250 اسرة هم اهل هذه القرية والذين يعملون جميعا في صناعة الفحم علاوة علي ابناء القري المجاورة .. أبناء هذه القرية لايعرفون مهنة أخري سوي صناعة الفحم الذي يتم بيعه في مصر او تصديره لليونان وفرنسا .. الا انهم يتعرضون دائما لتحرير محاضر من المسئولين عن البيئة بسبب تلويث الهواء ولم تفلح محاولاتهم مع البيئة لإيجاد حل .. هم فقط يتمنون ان تمد الدولة لهم بيد العون في البحث عن مورد رزق آخر أو إيجاد حل لمشكلتهم . يقول محمد عبدالخالق 19 سنة طالب في كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر وهو يعمل في مجال الفحم منذ عشر سنوات : جميع افراد قرية البصيلي يعملون في الفحم منذ اوائل السبعينيات من القرن الماضي وهذه هي مهمتنا الوحيدة التي لانعرف غيرها والفحم يمر بمراحل صناعية عديدة حيث نقوم بجمع الخشب الاخضر ونضعه في الشمس حوالي 6 شهور من اكتوبر حتي يونيو حتي يجف تماما وطوال هذه الفترة نقوم بشراء خشب جاهز مجفف نعمل به ونقوم بعمل مكامير صغيرة وهو ما نطلق عليه لقب ( كيكة ) الي ان يجف الخشب الآخر فنقوم بجمعه ووضعه في مكامير خاصة بحرق الخشب وتحويله الي فحم وهي عبارة عن حفرة في الارض نضع فيها الخشب ونغطيه بالتراب الاسمر ونشعل فيه النيران وتظل مشتعلة من 5 الي 15 يوما حتي يتحول الخشب الي فحم اسود ثم نقوم بتبريده بمياه خفيفة ثم نبدأ بهزه بغربال ليتم تنقيته من التراب ونقوم في النهاية بتعبئته في أكياس كبيرة وتبدأ مرحلة البيع إما داخل مصر أو يتم تصديره الي اليونان أو فرنسا وذلك حسب درجته لأنه نوعان فحم الفواكه وهو المصنوع من شجر الفواكه مثل البرتقال والخشب البلدي المأخوذ من شجر الكافور والجازورين وبالطبع شجر الفواكه احسن وهو الذي يتم تصديره بكميات كبيرة والجميع هنا في البصيلي يعمل في الفحم وهم حوالي 250 اسرة ومن اشهر العائلات عائلة زكي وعائلة عامر وعائلة ابو احمد وتظل المشكلة هنا هي انه لايوجد شخص هنا لايعاني مشاكل في صدره وحساسية شديدة اضافة الي ان مشكلتنا الأزلية مع البيئة لاننا في عرف القانون مخالفون لقانون البيئة واقل محضر يتم تحصيله منا بمبلغ الف جنيه ولكن المشكلة اننا لانعرف لنا مهنة غير الفحم وصناعته . ويقول احمد السيد 21 سنة طالب في كلية الحقوق جامعة الاسكندرية : أعمل في مهنة صناعة الفحم منذ ان كان عمري 10 سنوات وصناعة الفحم في البصيلي غير مرتبطة فقط بسكان القرية انما بسكان القري المجاورة فالبلد يأتي اليه يوميا عمال من كفر الشيخ ورشيد والبحيرة ليعملوا لدينا باليومية ومشكلة البيئة حاولنا نحلها كثيرا لاننا بالجهود الذاتية جمعنا 50 الف جنيه وقمنا بعمل جهاز صحي يعمل بالشفاطات ويقوم بتنقية الهواء الخارج من حريق الفحم حتي يكون غير ملوث للبيئة وتم عرضها علي لجان البيئة ولم يرتضوها ودائما ما يظهرون فيه العيوب ويقولون إنه غير مطابق للمواصفات وهم يقومون بتطبيق القانون دون شفقة أو رحمة بكل هذه العائلات التي لاتملك اي دخل سوي الفحم وصناعته والبيئة طلبت منا عمل فكرة تطوير حتي لانلوث البيئة ولكن التطوير الذي وصلنا اليه لايرضي طموحهم بالرغم من اننا قمنا بعمله بالمجهودات الذاتية وهذا بالرغم من ان بعض المفاحم في بعض المحافظات يعملون بنظام مخلتف عن نظامنا ولايتعرضون لأي مضايقات من البيئة والتبرير ان البلد كله يعمل في الفحم وليس عائلة أو شخصا واحدا . ويؤكد عزت فهمي 25 سنة ان هذه المهنة الشاقة هي التي تفتح بيوت اهل هذه القرية بالكامل اضافة الي الاشخاص الذين يقومون ببيع الخشب لنا والعمال الذين يعملون بنظام اليومية لدينا ايضا والدخان مخالف للبيئة ولكن لم يثبت اصابة اي شخص بامراض خطيرة بسبب الدخان أو الفحم . وموظفو البيئة لم يعد لديهم اي عمل سوي تحرير المحاضر الكيدية لنا الي ان اصبحت لدينا قناعة بأن البيئة لاتريد ان تحل لنا مشكلتنا لأنها بوضعنا الحالي تقوم بتحرير المحاضر لنا بشكل دوري ويدر ذلك عليهم دخلا كبيرا فمجرد وجودنا شيء مفيد لهم فعدم حل المشكلة مصلحة لهم ولو اننا امتنعنا عن تصنيع الفحم اين سيذهب هذا الخشب سيتم حرقه فتتحول الي مئات السحابات السوداء . وتضيف ام السعد سيد والتي تعيش في البصيلي منذ حوالي 30 سنة وهي تعمل في صناعة الفحم : طوال عمرنا ونحن في صناعة الفحم ولم يصب اي شخص باي مرض من هذه الصناعة والبيئة لم تعد ترحم العاملين فيها لان دخل الشغل كله اصبح يذهب بشكل كامل للمحاضر ونحن نطالب الدولة فقط بايجاد بديل لنا وسوف نتركه , وانا أولادي كلهم ألحقتهم بالجامعات حتي يؤمنوا لانفسهم فرص عمل بعيدة عن الفحم . ومن المفاحم التي تنبعث منها رائحة الفحم والتي يعتبرها اهل البصيلي هواءهم النقي ومتنفسهم الاوحد توجهنا الي مكتب عضو مجلس الشعب عادل شعلان عن الدائرة والذي اكد لنا عملية صناعة الفحم توفر مئات فرص العمل لسكان القرية ولسكان الجوار ولو توقفت المفاحم هنا عن العمل سيحدث تلوث اكبر للبيئة لانه لن يكون هناك منفذ شرعي للتخلص من الخشب وأنا بصفتي عضو مجلس شعب احاول حل هذه المشكلة عن طريق التطوير الذي قام اهل القرية بعمله وهو نموذج صديق للبيئة والمفترض ان توافق عليه البيئة في القريب العاجل حتي يتم تعميمه علي كل مفاحم القرية لان هذا المنتج يتم صناعته للتصدير واستخدامه خارج مصر في نطاق واسع واعتقد ان هذا سبب كاف جدا لمحاولة ايجاد حل حقيقي لاهل القرية .