سنوات طويلة أتابعه.. إعجابي بحكمته ورجاحة عقله يزداد يوماً بعد آخر.. صاحب ثقافة عالية.. ابن بلد.. مصري حتي النخاع.. لا يمكن أبدا ان يعرف أحد ديانته من حديثه.. فهو مصري.. وطني لا يفرق بين مسلم او مسيحي.. ليبرالي الفكر والسلوك.. يحمل خفة دم مصرية تجبرك علي سماع كلماته والضحك علي سخريته من نفسه ومن الآخرين.. صعيدي شهم.. عنيد.. لا يستجيب لأي ابتزاز أبداً تحدثت عنه مع الكثيرين.. فوجدتهم يشاركونني في الاعجاب بالرجل.. ولما سألتهم.. لماذا لا تبدون إعجابكم بالرجل، ومساندتكم لأفكاره.. قالوا.. هو نفس السبب الذي يجعلك انت تحجم عن الكتابة عنه.. فابتلعت لساني وصمت!! فالرجل رغم كل ما ذكرناه من خصاله ورجاحة عقله وفكره والتي كانت كفيلة بأن تجعل منه "حكيماً" كبيراً من حكماء مصر إلا أن به عيباً خطيراً.. وعجيباً في نفس الوقت.. صحيح انه غير مسئول عنه.. ولكننا نحن المسئولون!! أتدرون ما هو هذا العيب الخطير والعجيب؟! إنه "الثراء" و"الثروة" فصاحبنا يمتلك المليارات والشركات في مختلف أرجاء المعمورة.. ورغم ان المال نعمة من نعم الخالق إلا انه في حالة صاحبنا أصبح نقمة عليه فظلمناه بلا جريرة.. لا يملك أحد الكتابة عنه أو الإعجاب بأفكاره خوفاً من الاتهام الجاهز.. إنه "قبض" من الرجل.. واغترف من ثروته.. وكأن الرجل يمثل هارون الرشيد.. يتكئ علي أريكة مبطنة بريش النعام وتحيط به الغواني من كل جانب وينتظم المادحون في طابور طويل، وكلما أحسن أحدهم في القول ألقي إليه "بصرة" من الذهب والدنانير.. وهو أبعد ما يكون عن هذه الصورة فصاحبنا.. ابن بلد.. يرتاد المقاهي الشعبية اكثر مما يرتاد المسارح والأوبرات.. "حلنجي" ليس بمعني النصاب.. ولكن بمعني الفاهم "الحدق" الذي لا يمكن لأحد أن يضحك عليه.. ومع ذلك نظلم الرجل ولا نتحدث عنه بعد أن تحول الاعجاب به الي شبهة وتهمة جاهزة ولكنني ومنذ أيام جلست متسمراً أمام شاشة قناة المحور.. أتابع كل كلمة يقولها الرجل.. لا أسمح لنفسي أن اهدر جملة أو عبارة ينطبق بها.. هو والله حكيم لو توافرت لمصر عشرة منه لاصبحنا أفضل وأرقي دولة في العالم.. فرغم أن الرجل مسيحي الديانة إلا أن اكثر من 80٪ من عمال شركاته من المسلمين.. يعلن انه ضد الحجاب الوهابي إلا أن مديرة مكتبه مسلمة محجبة حسبما اعلن هو من قبل.. أي انه ينشد الحرية لنفسه وللآخرين.. يطالب بصياغة ورعاية دور العبادة دون تفرقة بين مسجد وكنيسة.. يطالب بحقوق المصريين.. مسلمين ومسيحيين كان يحرص علي كلمة الحق دون ان يخشي بطش السلطان وتضييقه علي أنشطته وشركاته.. رغم ثرائه وثروته كان من اوائل المتظاهرين بميدان التحرير.. دون ان يخشي شيئاً.. حتي وثق به الثوار وقادة الجيش.. فأصبح يحضر جلساتهم ليس كواحد من أنجح رجال الاعمال ولكن بصفته مفكراً مصرياً يثق به الجميع ويحملون له تقديراً كبيراً.. والآن لا أجد أي حرج في أن أكشف لكم عمن أتحدث أنه "نجيب ساويرس".. أذكر اسمه دون أن أخشي اتهام بالرشوة.. أو القبض من الرجل.. او الاغتراف من ثروته.. فهذه شهادة.. وكما يقولون كاتم الشهادة آثم!