أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    «التعليم» تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية «بنين و بنات»    طقس إيداع الخميرة المقدسة للميرون الجديد بدير الأنبا بيشوي |صور    رسالة قرينة الرئيس السيسي للمصريين في عيد شم النسيم    يستفيد منه 4 فئات.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات    أسعار سبائك الذهب BTC اليوم الاثنين 6-5-2024 في محافظة قنا    أسعار الجمبري اليوم الاثنين 6-5-2024 في محافظة قنا    تكثيف صيانة المسطحات الخضراء والمتنزهات بالمدن الجديدة بالتزامن مع فصل الربيع    «الري»: حدائق القناطر الخيرية تفتح أبوابها أمام زوار أعياد الربيع وشم النسيم    اقتراح برغبة لإطلاق مبادرة لتعزيز وعي المصريين بالذكاء الاصطناعي    تكثيف صيانة المسطحات الخضراء والمتنزهات بالمدن الجديدة مع عيد شم النسيم    في ظل مخاوف الاجتياح.. الأونروا: لن نغادر مدينة رفح    الرئيس البرازيلي: التغير المناخي سبب رئيس للفيضانات العارمة جنوبي البلاد    رئيسة المفوضية الأوروبية: سنطالب بمنافسة "عادلة" مع الصين    إيران تدرب حزب الله على المسيرات بقاعدة سرية    دقيقتا صمت مع صفارات إنذار.. إسرائيل تحيي ذكرى ضحايا المحرقة    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    "أنا حزين جدا".. حكم دولي يعلق على قرار إلغاء هدف الزمالك وما فعله حارس سموحة    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    مفاضلة بين زيزو وعاشور وعبد المنعم.. من ينضم في القائمة النهائية للأولمبياد من الثلاثي؟    كولر يضع اللمسات النهائية على خطة مواجهة الاتحاد السكندرى    تفاصيل القبض على عصام صاصا مطرب المهرجانات بتهمة دهس شخص والتسبب في وفاته بالطالبية    عيد الأضحى 2024: متى سيحلّ وكم عدد أيام الاحتفال؟    أشجار نادرة وجبلاية على شكل الخياشيم.. استعدادات حديقة الأسماك لشم النسيم    "هزار تحول لخناقة".. شاب يمزق جسد صديقه في سوهاج    توافد المواطنين على حدائق القناطر للاحتفال بشم النسيم .. صور    حمادة هلال: جالي ديسك وأنا بصور المداح الجزء الرابع    نور قدري تكشف عن تعرض نجلها لوعكة صحية    اليوم ذكرى ميلادها.. كيف ابتكرت ماجدة الصباحي «السينما المتنقلة»؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    هل يجوز قراءة القرآن وترديد الأذكار وأنا نائم أو متكئ    نصائح لمرضى الضغط لتناول الأسماك المملحة بأمان    «الرعاية الصحية» تطلق فعاليات المؤتمر العلمي الأول لفرعها في الإسماعيلية    عصير سحري تناوله بعد الفسيخ والرنجة.. تعرف عليه    دقة 50 ميجابيكسل.. فيفو تطلق هاتفها الذكي iQOO Z9 Turbo الجديد    قبل الامتحانات.. ما مصادر التعلم والمراجعة لطلاب الثانوية العامة؟    وزيرة الهجرة: نستعد لإطلاق صندوق الطوارئ للمصريين بالخارج    نيويورك تايمز: المفاوضات بين إسرائيل وحماس وصلت إلى طريق مسدود    البحيرة: رئيس كفر الدوار يتابع الاستعدادات لبدء تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    "ماتنساش تبعت لحبايبك وصحابك".. عبارات تهنئة عيد الأضحى المبارك 2024 قصيرة للأحباب    مع قرب اجتياحها.. الاحتلال الإسرائيلي ينشر خريطة إخلاء أحياء رفح    في يوم شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد في مستشفيات شمال سيناء    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 6 مايو    وسيم السيسي يعلق علي موجة الانتقادات التي تعرض لها "زاهي حواس".. قصة انشقاق البحر لسيدنا موسى "غير صحيحة"    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    طبيب يكشف عن العادات الضارة أثناء الاحتفال بشم النسيم    تعاون مثمر في مجال المياه الإثنين بين مصر والسودان    أحمد سامي: كنا قادرين على الفوز ضد الزمالك بأكثر من هدف والبنا لم يكن موفق    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد: مصر تتعرض لغزو خارجى..وسيناء أصبحت إمارة إسلامية
نشر في الوفد يوم 15 - 05 - 2012

من الزنازين المعتمة وهوائها العطن وبرش السجن الذى تظل آثاره على الضلوع منقوشة إلى باحات البرلمان.. خرجوا بعد سنوات قضوها فى صحبة الجلادين بأسلاكهم المكهربة.. خرجوا
وتبادل المعتقلون الإسلاميون ورموز النظام السابق الكراسى: أصبح لهم المقاعد المريحة وكارنيه يحمل لقب نائب بالبرلمان وبقية عطور فرنسية مازالت تشير إلى الذين ظلموا، بينما خصومهم باتوا مجرد أرقام فى سجن المزرعة.. آيات إلهية حدثت فى العام 2011.. هكذا يزعم الإسلاميون بأن التمكين فى الأرض لدولتهم بات قاب قوسين أو أدنى كما مكن الله لطالوت وجنوده «كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله».. وبعد مرور كل ذلك الوقت على وصول الإسلاميين لسدة البرلمان يبدو السؤال وجيهاً، هل نحن على أعتاب دولة المؤمنين، وأن الخلافة قادمة أم أنها مجرد أحلام فى ليلة صيف سرعان ما تنتهى إلى زوال.. هل سيعود الإسلاميون للمساجد أم سيصبحون فرساناً ناجحين فى عالم السياسة، وهل ما يدعون إليه من ضرورة تطبيق شرع الله حتماً فى اللحظة الراهنة وما مواصفات التمكين فى الأرض؟!
هذه السلسلة من الحوارات تسعى لرصد مستقبل مصر إذا ما تمكن الإسلاميون من اختطاف مقعد الرئاسة أيضاً وكيف ستكون أوضاع أحوال البلاد والعباد فى زمرتهم وكيف يراهم خصومهم؟!
لن يحتاج الأمر هذه المرة لبدلة أنيقة هذا كان ظنى وأنا أعبر الردهة الرئيسية للأهرام.. فقد رحل الديكتاتور الذى كان يوفر لبعض العاملين بالمؤسسة غطاء من الثقة.. الآن تساوت الرؤوس بين صحفيى مؤسسات الشمال والجنوب غير أن ظنى سرعان ما تبدد بمجرد ما ان اقتربت من المكان حيث «روح» مبارك مازالت ترفرف على أرجائه نفس حالة الثقة بالنفس تسيطر على المشرفين على الأمن الذين يشعرون بأنهم أبناء أبرار للرجل الذى حكم البلاد ثلاثة عقود.. فى المصعد الكهربائى كانت روحه موجودة أيضاً عامل الأسانسير يتماهى صوته مع الديكتاتور فى خطبة جمعة الغضب..
فى الدور التاسع حيث المكتب الفخم للدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق شعرت بأنه ثالثنا وحينما رن الهاتف توهمت أن محدثه الديكتاتور يشكو لصديقه مستجداً حاله بالمستشفى الأنيق.. الحوار مع د. عبدالمنعم سعيد كان مهماً قبل الثورة وأثناءها بسبب علاقته الوثيقة وفق ما يتردد بالرئيس السابق ومازال مهماً لكونه خزانة الأسرار المتاحة عن النظام السابق فضلاً عن رأيه فيما تشهده مصر والمرحلة الفاصلة التى نحن بصددها ونحن نعبر نحو المستقبل ومن الطبيعى أن يكون الحديث عن الإسلاميين والحرب التى يتعرضون لها منذ احترافهم السياسة هو بداية حوارنا:
المتابع لتصريحات الكتاب والمفكرين المناوئين الإسلاميين يجد تناقضاً واضحاً فى آرائهم، ففى الوقت الذى يمطرون الشعب المصرى بآيات الإعجاب ويعتبرونه شعباً عبقرياً ومتحضراً يصفون الأغلبية التى صوتت للإسلاميين فى الانتخابات البرلمانية وأيدتهم فى الكثير من المواقف بأنها «حمقاء».
فكيف تنظر لهذا التناقض الواضح؟
أنا ممثلة أتعجب للرؤيتين المتناقضتين عن الشعب المصرى، فبينما يصفونه بالرقى والنضج يعتبرونه غير واع لكونه الكثيرين منه صوت للإسلاميين، والحقيقة التى لا جدال فيها أننا شعب نام وأسهمنا فى مجالات التعليم والصحة وغيرهما تتضاءل وعلى مدار مائتى عام ماضية فإن الواقع يقول إننا فشلنا فى إنشاء نهضة ديمقراطية، فمنذ العام 1805 وحتى 2010 مازال حوالى «28٪» من الشعب المصرى لا يعرف القراءة والكتابة والتسرب من التعليم ظاهرة لذا فإن علينا عند التصدى للحديث عن ذلك الشعب أن نكون أكثر تواضعاً، نعم هناك مزايا لمصر تتعلق بالاستمرارية التاريخية التى خلقت نوعاً من الحضارة ولدينا ستة آلاف سنة منها ثلاثة آلاف سنة كنا خلالها محتلين، فنحن أقدم مستعمرة فى التاريخ.. لذا فعلينا أن نكون أكثر رفقاً بالمصريين ولابد عند التعرض لمنجزاتنا أن نقيسها بضوابط علمية كتلك التى عليها دول العالم الأخرى كتقرير التنمية البشرية وتقرير التنافسية وعشرات التقارير الدولية الأخرى والتى تشير إلى أن وضع مصر فى النصف الثانى من قائمتى الدول وليست بالطبع من بين دول النصف الأول، أو حتى قريبة منها لكنها دولة نامية بامتياز.
هناك مقولة تتردد كثيراً فى أوساط الطبقات الدنيا لكنها للأسف بدأت تعرف طريقها لبعض النخب خاصة بعد التصويت للإسلاميين ومفادها ان هذا البلد لا يصلح معه سوى ديكتاتور؟
لا أوافق على هذا الرأى بالمرة ولابد أن من يروج له قد أفزعه تردى الأوضاع والفراغ الأمنى عقب ثورة «25 يناير» ولابد أن نعترف بأن تلك الثورة قد أعطبت بعض قدرات الدولة لكن الدولة لم تنهر فى «11 فبراير 2011» وظلت صامدة بفعل مؤسسات ثلاث هى:
1 القوات المسلحة والتى أنيط بها القيام بعمليات التغيير.
2 المؤسسة القضائية بأشكالها المختلفة ومنها المحاكم العادية وأنيط بها عدم صياغة الدولة بالاستشكال على أحكام مباشرة الحقوق السياسية وقد أصبحت الحكم الحقيقى بين السلطات ولحسن الحظ أنها جميعها مؤسسات قوية وجدت فرصتها مع الثورة فى أن تعيد التأكيد على حرية القضاء وسيادته.
3 البيروقراطية المتمثلة فى ستة ملايين موظف يمثلون إرهاقاً رأياً نظام مقبل.. يستطرد د. عبدالمنعم سعيد هل من قبيل المصادفة أن أفكار المرشحين للرئاسة هى أفكار سابقة وعماد تلك الأفكار هى «أ» تنمية سيناء. «ب» تنمية القناة، «ج» وضع حد أدنى للأجور.
هذه الأفكار كانت مثارة من قبل وكان عليها تحفظات لذا لم تجد فكرة واحدة جديدة طرحت بعد الثورة من قبل البيروقراطية ووزاراتها المختلفة.
«سيناء أصبحت إمارة إسلامية»
وماذا عن المؤسسات التى أعطبت؟
مؤسستان.. الأولى المؤسسة الأمنية الداخلية والتى ضربت كما ضرب الجيش المصرى فى عام 1967 ومن ثم كانت طعنة كبيرة للدولة، والقطب الثانى الذى انهار المؤسسة التشريعية المتمثلة فى مجلسى الشعب والشورى اللذين تم حلهما وكان نتيجة ذلك القطب حدوث فوضى وفقدان للأمن بشكل واسع، غير ان اخطر مظاهر ما يجرى هو ذلك الواقع فى سيناء التى حول نصفها تقريباً لإمارة إسلامية تضم العديد من أعضاء القاعدة وجيش الإسلام و حماس وما يعرف بجيش جنجنة وكلها تعمل ضد مؤسسات الدولة المصرية، ومن المدهش أننا لم نسمع من أى المرشحين الرئاسيين فى أولويات مطالبهم عن الحديث عن التصدى للإرهاب برغم كونه الخطر الأشد الذى يهدد الدولة المصرية.. إن ما تتعرض له سيناء الآن من خلال تواجد تلك المجموعات والأنظمة المسلحة يمثل غزواً خارجياً لا يهدد سيناء فقط، بل يهدد مصر كلها.
لكن ألا ترى أنه بانتهاء الانتخابات الرئاسية بعد أيام قلائل وتسمية أول رئيس يختاره المصريون يكون الجسد المنهك قد بدأ فى استرداد عافيته؟
بالطبع انجاز الانتخابات الرئاسية يمثل إذا ما تم استكمال بناء مؤسسات الدولة لكن ذلك لا يعنى أن المرحلة الانتقالية قد انتهت وينبغى أن نتذكر أن لدينا نوعين من الصراعات الأول بين الدولة والثورة فبينما الدولة صارت فى استكمال مؤسساتها وتبقى مؤسسة الرئاسة التى تنتهى فى يونيو القادم مازالت الثورة لم تحرز أهدافها من وجهة نظر أبنائها وبالمعنى المؤسسى للكلمة وبالرغم من وجود أحزاب متعددة لكن ثلاثة أرباع الأعضاء الممثلين فى مجلسى الشعب والشورى من لديهم الأموال هم من الحركات الإسلامية وكأن الثورة قامت لكى يسلم الثوار الدولة للإسلاميين وهذا المنجز خلق نوعاً من التوتر بين الدولة والمؤسسات كالتوتر بين الإخوان والمجلس العسكرى والتوتر بين البرلمان والحكومة.. نوع ثان من التوتر نعيشه بالفعل يتمثل فى التوتر بين ما هو مدنى وما هو دينى وبدأ منذ الاستفتاء على مواد الإعلان الدستورى وصاحبه وتلاه توتر بين العناصر الثورية المختلفة وهذان النوعان من التوتر الدولة والثورة والدينى والمدنى يفسران ما يجرى فى الساحة ويحددان الأولويات المقبلة المتمثلة فى ضرورة إقامة دستور يحظى بالقبول العام وتحرير سيناء من قبضة الفصائل المسلحة واستعادة حركة الاقتصاد وهذا الهدف يجعلنا ننظر بدهشة لبرامج مرشحى الرئاسة على الصعيد الاقتصادى فهى قائمة على تصور المشروعات العملاقة التى كان يتم فيها الحديث فى السابق على سبيل المناسبات فموسم كان الحديث يكون فيه عن ممر التنمية ثم موسم عن قناة السويس يليه الحديث عن توشكى ومشروع قناة جديدة ومشروع رابع عملاق عن استخدام عرق الذهب النوبى وجميعها مشروعات تحتاج تمويلات وشركات عملاقة والأهم من ذلك تحتاج مدداً زمنية طويلة وفات هؤلاء الحديث عن استكمال مشاريع قائمة بالفعل بل فاتهم الأهم المتمثل فىإعادة تشغيل المجتمع المصرى مرة أخرى وتأخذنا برامج المرشحين فى تلك الزاوية لتصور عام يتمثل فى أنها قائمة حول إدارة الفقر وليس إدارة الثورة.
الهجوم على الإسلاميين
كيف تنظر للهجوم شبه الدائم على الإسلاميين وحالة الترصد التى يبديها المخالفون لهم من التيارات الأخرى؟
لا يوجد ما يبرر ذلك الهجوم لكن علينا أن ندرك أنهم يهاجمون الآخرين أيضاً فالجناح الدينى فى السياسة المصرية ليس سلبياً ولم يعد هو الطرف الأضعف لما يمتلكه من امكانيات تتمثل فى الفضائيات والصحف التى تنطق باسمه هذا بالاضافة لعشرات الساعات من البرامج فى فضائيات أخرى تستضيف الإسلاميين كما انهم يستخدمون سلاح الدين والتكفير لمطاردة خصومهم فليسوا هم الضحية وبقدر ما ندين الهجوم عليهم فإننا ندين هجومهم على الآخرين.. وتلك الحالة من الترصد والعدائية باتت سمة لا تكاد تنجو منها القوى السياسية وهى من أمراض السياسة المنتشرة لذا لابد من إقامة جسر بين الدولة والثورة لتحقيق الأهداف ولكى يتم ترجمة أهداف الثورة إلى واقع لذا لابد من الاتفاق بين ما هو مدنى وما هو دينى وقد أحرزنا تقدماً فى هذا الشأن حينما بدأ التوافق على فكرة المواطنة والمادة الثانية من الدستور وذلك هدف تحقيقه لكن لابد أن يرتبط التوافق بمصالحة تاريخية فى مصر بقدر ماتنزع نزعة التربص ايضاً تنزع نزعة الانتقام لابد أن يشعر الجميع بأنهم مواطنون لا يمكن إدانة عصر بأكمله من الممكن ان نحمل عصر فاروق عصر الاستعمار وكذلك عصر عبدالناصر والسادات ومبارك لكل منهم اخطاؤه ولكن ليس من المقبول أن يتم ادارة تاريخ بأكمله وبالنسبة للعصر السابق فإن رموزه يحاكمون الآن أمام القضاء وهناك محاكمة مجتمعية صدر بشأنها الكثير من الكتب والدراسات وهناك محاكمة تاريخية حول تطور الدولة المصرية وأرى ان لدينا فشلاً تاريخياً فى هذا الأمر فلا مصر فى الفترة الملكية نجحت ولا فى الفترة الجمهورية نجحت ومصر ليست دولة متقدمة ولا صاعدة لكنها دولة جرت فيها حلقات من التقدم أو الركود وأخرى من التعثر والتراكم.. ومن المدهش أننا ونحن بصدد التصدى لأخطاء ومحاكمات السابق ننسى أن نحاكم الواقع وعلى سبيل المثال من ذا الذى يتحمل ما يجرى فى سيناء وخروجها من السيادة المصريةومن يتحمل احراق أقسام الشرطة وقتل الجنود..من المؤسف بالفعل أنه لا يوجد مرشح واحد تحدث عن الإرهاب.
إذن هل ترى أن محاكمة الواقع تستحق الأولوية عن الحديث عن الماضى؟
بالطبع بالنسبة لمحاكمات رموز النظام السابق فهى تتم ولكن ماذا عن الواقع من يتحمل تلك الأخطاء التى أرهقت الاقتصاد المصرى مصر كانت قبل ثورة يناير تحقق معدل نمو يفوق «5٪» فى ظل الأزمة العالمية الآن يصل معدل النمو «1.5٪» أى ربع ما كان يحقق من نمو من هنا لابد من محاكمة من تسبب فى هذا التردى الذى نجم عن تدهور الاقتصاد وتوقف صناعة السياحة لابد أن نسأل الذين أطلقوا ثلاثين مليونية متتالية عن النتيجة التى وصلنا إليها كما نرجوهم ألا يكذبوا فى آثار تلك المليونيات فى إفزاع السياح وهجرتهم لمصر وتعطيل العمل ب«1300» مصنع.
لكن الكثير من الكتاب يحملون فلول مبارك مسئولية ضرب السياحة وإغلاق المصانع وتعثر الإنتاج؟
وهل هؤلاء الفلول هم الذين دعوا لتلك المليونيات التى أوقفت البلد وسدت منابع الانتاج فيها.. هذا الكلام غير منطقى فرموز النظام إما فى غياهب السجون أو بعيدين عن المشهد وليس لهم مصلحة فى تدمير عجلة الاقتصاد لأنهم سيكونون من بين الخاسرين.
كل البلدان التى شهدت ثورات تعرضت لهزات اقتصادية عنيفة؟
بداية لابد أن ندرك أن تحميل ما وقع من خسائر لمصر بعد الثورة للمتسببين فيه أمر مهم لانطلاق نحو المستقبل وطبيعي أن الثورات تسفر عن حالة من التراجع الاقتصادي وعلي سبيل المثال الثورة الأمريكية اهدرت ثلاثين عاماً فيما بعد حتي عاد الناتج الاجمالي القومي مرة أخري وكذلك إيران ونرجو الا يحدث ذلك معنا وبالطبع فإن أهداف الثورة نبيلة لكن منها ما يتنازعه المدني وما يتنازعه الديني وما تتنازعه الثورة وما يتنازعه الثوار وأري أننا ازاء مقترحين للبناء الأول نقيم نظاما يقوم علي قواعد في تقرير اقامة الأعمال الذي يقوم به البنك لدولي ولي اقتراح سابق في هذا الشأن أن نأخذ بمعايير كوبنهاجن التي عمل بها الاتحاد الأوروبي فيما هو متعلق بالاقتصاد والأمن ولا اقول ان ندخل الاتحاد الأوروبي ولكن نسير علي هدي تلك الدول أما المشكلة الكبري التي ينبغي تجاوزها فتتمثل في الاصرار علي إعادة اختراع «العجلة» لأن المهم أن نقيم نظاماً محكماً وواضحاً يعرفه من في الداخل ومن في الخارج وله حرس من قوة الدولة.
يشار دائماً في المقام الأول إلي «الفلول» عند أي شاردة أو واردة تقع كما يتم الحديث عن اجهزة وميليشيات تعمل بالتنسيق معهم مسلسلات الحرائق والاضرابات الفئوية وعمليات الخطف فكيف تري الأمر؟
علينا أن نتذكر بأن النظام السابق كان دائماً يخلق الفزاعات.. الآن ذات النظام اصبح هو الفزاعة حيث يحلو لنا أن نتهم من نطلق عليهم الفلول بأنهم وراء ما يحدث بالرغم أنه تم حل الحزب الوطني وأعضاء النظام تجري محاكمتهم والحزب المنحل كان بيروقراطياً الناس التحقت به لقضاء مصالحها وهو الوريث الطبيعي وهيئة التحرير جزء من تراث ثورة 23 يوليو وانتهت بمولد ثورة يناير.. وأعضاء الحزب الوطني إما أن توقفوا عن العمل أو توزعوا علي أحزاب كثيرة وهم يريدون دولة قوية من أجل أعمالهم وبعض منهم يقف خلف أحمد شفيق.
البناء علي ما سبق ليس خطيئة
هل من الملائم أن نستجيب لمطالب البعض بشأن ضرورة أن نبدأ عملية البناء من الصفر؟
من غير المنطق أن ننسف انجازات النظام السابق علي اعتبار أنه عصر بلا انجازات فهناك العديد من المشاريع ينبغي البناء عليها مثل تعمير ساحل البحر الأحمر والساحل الشمالي لربط مصر بشبكة طرق عالمية كما شيد النظام السابق 13 مطاراً دولياً وسبعة موانئ وكلها مشاريع لخدمة مصر وبالتالي فالبناء علي ما سبق معهم وليس عيباً ولابد أن نتخلص من العيوب التي من ابرزها التخلص من الأهواء ولابد من التجرد في الأحكام.
كثر الحديث عن رغبة تصل لحد الاتفاق السري بين المجلس العسكري ورموز النظام السابق خاصة العريس وعائلته بتبرئة ساحتهم من خلال اطالة مدة المحاكمات؟
السؤال الذي علينا أن نطرحه أي ثورة نريد هل نريدها ثورة ديمقراطية أم دموية.. علي سبيل المثال في فرنسا كانت المقصلة لا تكف عن القتل فخلفت بعد ذلك نظاماً ديكتاتورياً أفرز نابليون بونابرت كما أن ثورات أوروبا الشرقية كلها باستثناء رومانيا لم تقع فيها عملية قتل واحدة والكثير من ثورات أمريكا اللاتينية والتحولات في آسيا لم يحدث فيها قتل هناك سوهارتو لم يعدم وبالنسبة للثوار المصريين عليهم أن يقرروا أي الثورتين يريدون الدموية أم الديمقراطية؟
مصير مبارك في يد القضاء والقدر
أستشعر من كلامك أنك راغب في العفو عن مبارك وتركه لشيخوخته وللزمن؟
مبارك في المستشفي وولداه في السجن والقضاء سيقول كلمته وعلينا احترام احكام القضاء وعلينا أن نتذكر أنه كان أمامه فرص كثيرة للرحيل عن مصر إلي ملاذ آمن ولكنه قال إن شرفه العسكري لا يسمح بذلك.
لماذا تأخرت عمليات إعادة الأموال المهربة للخارج؟
ليس كل ما يتردد في هذا الشأن من حجم تلك الثروات صحيحاً وقد يكون جزء منها أموال دولة أو الأمن القومي ولن نستطيع استعادة الأموال الا بأحكام قضائية ولأجل ذلك فإن المظاهرات التي تنطلق وتحاصر المحاكم تفقد الثقة في احكامها وتجعل العالم ينظر بريبة تجاه القضاء المصري وأري أن هناك صعوبة في استعادة معظم تلك الأموال وبالرغم من الجهود التي تبذل فلست متفائلاً.
مازال الكثيرون يتحدثون عن أن المجلس العسكري يشرف علي انتخابات الرئاسة من وراء ستار وأن هناك مرشحاً بعينه هو أحمد شفيق محل رضا العسكر؟
دعني أقل لك إن «اللي في القلب في القلب» فقد يكون هناك رأي شخصي لكل عضو في المجلس العسكري نحو الترحيب بمرشح بعينه لكن أنا أصدق المجلس العسكري فيما يصدر عنه من بيانات تشير إلي أنه يقف علي مسافة واحدة من جميع المرشحين وأنه لا يريد مرشحاً بعينه والهدف الذي ينشده المجلس العسكري هو كيفية الانتقال من فكرة الثورة إلي الدولة والعسكر صادقون بالفعل في كونهم يريدون العودة لمهامهم وثكناتهم لأن هناك ملفات خطيرة ابرزها ما يجري في سيناء فهو خطر داهم يريدون التفرغ له.
كيف تقيم أداء مرشحي الرئاسة وأجهزة الإعلام المختلفة؟
ادهشني في المناظرة التي تمت بين عبدالمنعم أبوالفتوح وعمرو موسي أن أيا منهما لم يتطرق للحديث عما يجري في سيناء ولا عن الصواريخ عابرة المدن التي تم ضبطها. هناك مخاطر حقيقية وكوارث غائبة عن اذهان المرشحين ولا تجد حتي من يطرحها في صورة سؤال لذا فالأجهزة الإعلامية مقصرة للغاية في القيام بدورها.
امتيازات العسكر بين الاستمرار والتلاشي
كثيرون يرون أن العسكر لن يسلموا السلطة لرئيس بعينه حتي يطمئنوا علي امتيازات المؤسسة العسكرية؟
كل القضايا باتت في العلن مكشوفة ولو أن للمجلس العسكري طلبات ما سوف يطرحونها عقب تسليم السلطة ثم يكون هناك جلسات استماع كما اتصور لاحتياجات القوات المسلحة والأمن القومي والمصالح المختلفة للأجهزة السيادية.
لكن هل تعتقد أنهم من الممكن أن يسلموا السلطة لشخص مثل عبدالمنعم أبوالفتوح وهو يعلن صراحة بأنه سيحاكم أعضاء المجلس العسكري؟
دعني أقل لك انني مندهش من تصريحات أبوالفتوح خاصة تلك التي يردد فيها أن إسرائيل هي العدو الرئيسي لمصر وعلي الجانب الآخر ستعتبر إسرائيل أن مصر عدوها الرئيسي وتدخل في صراع مباشر وكذلك حمدين صباحي الذي يردد بأنه يريد التخلص من معاهدة كامب ديفيد ثم يقول بعد ذلك ليس معني إلغاء المعاهدة أن نعلن الحرب علي إسرائيل ونحن ننسي دائماً أن إسرائيل هي التي تبدأ دائماً الحرب.. باستثناء حرب أكتوبر فهي كانت صاحبة قرار الحرب في كل الحروب التي شهدتها المنطقة في 67 والحرب علي لبنان والحرب علي غزة.. ودعني أختر صحيفة الوفد لأوجه من خلالها نداء للمرشحين أن يتواضعوا في تصريحاتهم ويدركوا مدي خطورتها.
كيف تري الحملات الشرسة التي يتعرض لها العسكر؟
ننسي دائماً في الوقت الذي ننتقد ونهاجم المجلس العسكري وقياداته ونتهمهم بأشد التهم أنهم ذات القادة الذين أفنوا اعمارهم في الحروب حرروا الأرض وحققوا نصر أكتوبر كما انهم خاضوا حرب تحرير الكويت.. إن مصر ظلت دولة محتلة دائماً منذ القرن السادس الميلادي تعرضنا للغزو اليوناني ثم الفارسي ثم البطالمة والرومان العرب والاتراك ولم يكن لدينا جيش مصري خالص علي مدار قرون عديدة حتي احرزنا ذلك خلال العقود الاخيرة ويكفينا أن هؤلاء العسكر الذين يتعرضون للهجوم لم يورطونا في حرب غير عادلة يوماً من الأيام.
هل ما يحدث في سيناء وراءه قوي كبري؟
بل قوي صغري وهناك تراخٍ في موضوع الانفاق السرية بين الحدود المصرية وقطاع غزة وهناك ثروات طائلة تحققها المنظمات التي تعمل علي الحدود كما أن حركة حماس تفرض ضرائب علي تلك الانفاق وعائداتها وبات هناك تهديدات وعمليات تقع علي الأرض في طابا وشرم الشيخ ودهب ومنذ وقوع ثورة يناير فهناك خمسون عملية ضد الأمن المصري وخطوط الغاز والبريد والمواقع العسكرية وقسم شرطة العريش في اقتحامه ثلاث مرات وقتل الجندي وضابط وحركة حماس تدعم ذلك النشاط إما بالموافقة أو الصمت والتستر علي ما يجري.
هل تشعر بالفقد لغياب مبارك عن سدة الحكم؟
مبارك ارتكب أخطاء فادحة وجري تحذيره أكثر من مرة ومن أشد الاخطاء بقاؤه في السلطة 30 سنة موضوع التوريث كان يحتاج لموقف حاسم وكنت أري أنه لن يتم والخطأ الثالث كان هناك مستوي من الفساد موجود لا يليق بمصر ولا بمبارك ومن الأخطاء تأخر مصر في الديمقراطية.
لم تجب عن سؤالي هل تشعر بالفقد لغياب مبارك؟
مبارك لم يكن صديقاً لي ولقد انتقدت نظامه في مقالات منشورة وكتبت ستة مقالات أدعو فيها لدستور جديد لكنه لم يكن يستجيب وهذه واحدة من ابرز أخطائه بمعني أنه كان يدير نظاماً سياسياً متخلفاً ولكن في الوقت ذاته كان هناك جناح اصلاحي انا أحد دعاته لكني اقول بشجاعة لقد فشلنا في تحقيق ما نريد بسبب بطء وجمود مبارك وبالنسبة للألم علي مصيره فبالطبع الشفقة موجودة تجاه من يحرم حريته وحياته أما مصيره فهو في يد القضاء.
هل شعرت يوماً بالعار لأنك انتميت لنظام يحمل كل تلك السوءات؟
لم أكن ابن النظام يوماً ولكني دخلت الحزب في 2003 لمهمة محددة قمت بها علي أكمل وجه وهي الاصلاح وانا لا أدعي أنني من الثوار أنا من المعتنقين لفكرة الاصلاح وطالبت بإلغاء الطوارئ وناديت بالديمقراطية ودستور يليق بمصر وأنا الوحيد الذي كنت اقدم برنامجاً مع المعارضة غير أن البرنامج تم وقفه بواسطة من يزعمون أنهم ثوريون.
علاقة هيكل بعبد الناصر لن تتكرر
هل تعتقد أن هذا النوع من العلاقات كالتي ربطت بين هيكل وعبدالناصر وبينك ومبارك لن يتكرر خلال المستقبل بعد أن انتهى من الديكتاتور؟
لن يكون هناك كاتب علي علاقة برئيس كما كان هيكل مع عبدالناصر كانت هناك وحدة عضوية فيما بينهما أما أنا فلم أكن قريباً لمبارك علي وجه الاطلاق ولكنني كنت موجودا في اطار مؤسسي ولست من المنبطحين الذين استبدلوا بنفاق مبارك نفاق الثورة.
هل يتمكن الإسلاميون من النجاح وأمامهم العديد من الملفات الخطيرة وبلد بأكمله ينزف بالجراح؟
لا يجب أن نتحدث عن نجاح الإسلاميين أو فشلهم ولكن نتحدث عن المصريين هل سينجحون أم لا فنحن منذ أيام محمد علي عام 1805 والدولة المصرية الحديثة لم تنجح في أن تلحق بركب الدول المتقدمة وظللنا في ركب الدول المختلفة والنجاح والفشل هما فعل انساني وبالنسبة لنا توجد موارد كثيرة لم تستغل وهناك توافق عام حول الكثير من الموضوعات والأهداف منذ ما يزيد علي مائتي عام لكننا لم نتصد لها مثل قضايا التعليم وغيرها من القضايا لدينا استثمارات وامكانات هائلة من الممكن عبر شواطئنا الممتدة أن نخلق 20 مدينة مثل دبي في البحر الأحمر يوجد 81 جزيرة وفي النيل 155 جزيرة من الممكن ان تصبح كل منها مثل الزمالك علينا أن نبدأ وأن نعيد المجتمع للعمل بسرعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.