لا مبرر للخوف من أي رئيس لو تمكن المصريون من وضع دستور يعبر عن مصر الثورة. فالدستور هو الحاكم الحقيقي، وأقرب مثال لذلك ما فعله الإعلان الدستوري بمصر إلي الآن. فهو الذي حكم وتحكم، رغم أنه مؤقت! لو أيقن المصريون أن عهد الرؤساء الفراعنة قد ولَّي إلي غير رجعة، وأن هؤلاء الرؤساء ما أصبحوا فراعين إلا بفضل دساتير فصلت من أجل فرعنتهم (قال يا فرعون إيه فرعنك قال ما لقيتش حد يردني)!. لقد سقط النظام القديم بثورة يناير ولن تعود عقارب الساعة إلي الوراء. وينبغي الإسراع في اتمام التوافق الوطني علي دستور تشارك فيه كل الانتماءات الدينية والجغرافية والسياسية والثقافية، وكل الأطياف الاجتماعية والاقتصادية والنوعية، ولا يعمد إلي إقصاء أي فكر أو جنس أو نوع أو فئة أو طائفة. دستور يحكم الرئيس ولا يحكمه الرئيس. دستور يحدد ويحجم صلاحيات الرئيس وسلطاته التنفيذية في مواجهة سلطات الدولة التشريعية والقضائية. إن معركتنا الحقيقية هي معركة الدستور لا معركة الرئاسة. لقد حاولوا إلهاءنا عنها بمعارك انتخابية للبرلمان ثم للرئاسة وما صاحب هذه المعارك من حروب شرسة أضاعت منا شهوراً بين «كر» و«فر» وشهداء ومصابين وجرحي ودماء تسيل، حتي وجدنا الوقت ينفد أمام وضع الدستور وهو الأهم والأولي لأنه الحاكم علي الحاكم. وقد وقعت الأغلبية البرلمانية في الفخ بسذاجة سياسية أو ربما بطمع سلطوي ناتج كرد فعل من طول الإقصاء والاضطهاد، فلهثت لتنفرد بالنصيب الأكبر من تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور مما أوقعها في المحظور ففقدت الكثيرين من الذين تعاطفوا معها في البداية بسبب اضطهادها وحظرها في النظام السابق، ولكنها حينما مارست السلطة أصابها نهم الهيمنة علي كل المؤسسات ما أدي لانسحاب الأزهر والكنائس والنقابات و... و.... حتي جاء الحكم القضائي التاريخي برفض الجمعية بتشكيلها الحالي مما أعاد الأمر إلي المربع صفر وأضاع وقتاً جديداً لا نعلم إلي متي سيطول. ما كان أغني الأغلبية عن هذا التعطيل الذي تسببوا فيه، وما كان أغناها عن الإسراع لسن تشريعات متعجلة لإقصاء أو حرمان رموز النظام القديم. فلنركز إذن جهودنا علي لم شمل قوي النظام الجديد لوضع الدستور الذي يعبر عن مصر الثورة قبل انتخاب الرئيس القادم. ولنوقن جميعاً ان عهد الحكام الفراعين قد ولي إلي غير رجعة ولن يسمح شعب مصر بعودته بأي حال، ولنجتهد في التوافق لوضع هذا الدستور الجديد الذي يؤسس لمصر علي مدي أحقاب وعقود. إن الدستور سيكون الحاكم أياً كان اسم هذا الحاكم