وقعت حادثة فوكوشيما اليابانية الساعة 02:46 مساء يوم الجمعة يوم 11 مارس من العام الماضي. وأقول حادثة الزلزال والتسونامي (أوالفيضان) ولا أقول حادثة المفاعلات النووية في فوكوشيما كما يشيع البعض حيث أن أحد اليابانيين عندما قلت له ذلك أثناء لقائي به بالوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا إعترض وقال لما تشيعون أنه حادثة مفاعلات فوكوشيما إنما هو حادثة زلزال لم يحدث مثل قوته في تاريخ اليابان بلغت قوته 9.0 بمقياس ريختر واستمر 3 دقائق وحادثة تسونامي لم يحدث مثل قوته في تاريخ اليابان (بلغ 15 متر ارتفاع ) ونجم عنهما وفاة أكثر من 20 ألف نسمة من سكان المنطقة وتدمير قرى كاملة ومنشآت ومباني وغيرها فضلا عن الإظلام الكامل للمنطقة. وهنا يحضرني حادث عابر وهو أن الزبائن اليابانيين لمحلات المواد الغذائية عند انقطاع الكهرباء تركوا مشترياتهم التي لم يدفع ثمنها بالمحل وانصرفوا ولم تقع أي حوادث سرقة أو نهب أو اقتحام لمواقع نووية أو غير نووية!!! ورغم وفاة أكثر من 20 ألف نسمة من سكان المنطقة فقد أدى الزلزال والتسونامي إلي وفاة 3 أشخاص فقط من العاملين في المحطات النووية ولم تحدث أي حالة وفاة واحدة بسبب المفاعلات النووية أو أي مواد أو إشعاعات نووية منبعثة منها . أما مفاعلات فوكوشيما فرغم ما حدث بها بسبب إنقطاع الشبكة الكهربائية وبسبب تعطل ماكينات الديزل الإحتياطية لتوليد الكهرباء نتيجة غمر الماء لها واستنفاد طاقة البطاريات الإحتياطية، ورغم شدة الزلزال فإن الغلاف الخرساني الحاوي للوقود النووي بالمفاعل لم يتأثر ولم يتهدم ولم يتشقق ولم تنبعث أي إنبعاثات إشعاعية منه تفوق الحد الأقصى المسموح به، كما لم يتعرض سكان المنطقة لمستويات إشعاعية تفوق الحد الأقصى المسموح به طبقا للمعايير الدولية واليابانية. فقد أشارت القياسات إلي تعرض السكان حول المحطة النووية إلي جرعات إشعاعية بلغت 30 مللي سيفرت / سنة عن السنة الأولى مقارنة بالمتوسط الإشعاعي الطبيعي العالمي الذي يبلغ 2.4 مللي سيفرت/ سنة (ويصل إلي خمسين وأحيانا مائة مللي سيفرت/سنة في مناطق أخرى كثيرة) . ومع ذلك فقد روج الإعلام الإشاعات والمعلومات المغلوطة والمبالغ فيها ترويعا للدول النامية حتي تتخلى عن برامجها النووية في إنشاء وتشغيل محطات القوي النووية لإنتاج الكهرباء وتحلية الماء تحسبا من تطويع هذه الدول لبرامجها النووية لأغراض عسكرية, والدليل علي ذلك أن الإتحاد الأوروبي ينشئ حاليا 9 محطات نووية إضافية علي أراضيه منها واحدة بفرنسا (بها 58 محطة نووية شغالة) وفنلندا تنشئ واحدة (وبها حاليا أربع محطات نووية شغالة ورغم أن عدد سكانها حوالي خمس ملايين نسمة فقط) وأوكرانيا تنشئ محطتين نوويتين (بها حاليا 15 محطة نووية شغالة وهي التي وقع بها حادث مفاعل تشيرنوبل عام 1986) وسلوفاكيا بها محطتين تحت الإنشاء (وتعمل بها أربع محطات نووية حاليا ) وبلغاريا تنشئ محطتين نوويتين (وتعمل بها حاليا إثنين). كما اتفقت المملكة المتحدة مع فرنسا علي إقامة أربع محطات نووية جديدة علي أراضي المملكة المتحدة . وروسيا تنشئ حاليا 10 محطات نووية (بها حاليا 33 محطة نووية شغالة) وكوريا الجنوبية وهي علي حدود اليابان تنشئ حاليا 3 محطات نووية (وتعمل بها حاليا 23 محطة نووية) والصين المجاورة لليابان تنشئ 26 محطة نووية في آن واحد (وتعمل بها حاليا 16 محطة نووية) والهند تنشئ 7 محطات نووية (وتعمل بها حاليا عشرون محطة نووية) وباكستان تنشئ محطتين نوويتين (وتعمل بها ثلاث محطات نووية) والولايات المتحدةالأمريكية المقابلة لليابان تنشئ محطة نووية (وتعمل بها 104 محطة نووية وتم مد العمر الإفتراضي لتشغيل معظمها) وذلك طبقا لإحصائيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنشورة في أول مارس من هذا العام 2012. ---------------- خبيرالشئون النووية و الطاقة وكبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابقا) كاتب المقال حاصل علي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية عام 1986 وحاصل علي نوط الاستحقاق من الطبقة الاولي عام 1995 وحاصل علي جائزة نوبل عام 2005 ضمن مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ذلك الوقت.