وزير التعليم العالى يترأس اجتماع مجلس إدارة الاتحاد الرياضى المصرى للجامعات    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    الوفد: رحلة العائلة المقدسة ترسيخ لمفهوم مصر وطن للجميع    ميناء دمياط يستقبل 61708 أطنان بضائع عامة    وزارة البترول تعلن إعادة ضخ وتشغيل إمدادات الغاز لمصانع الأسمدة    رئيس الوزراء يستقبل وزير الصحة الإيطالي ووفدا من أبرز شركات القطاع الصحي    عاجل| انخفاض صادرات مصر للولايات المتحدة 15.5%    وزيرة الثقافة تشهد الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في قصر الأمير طاز    صوامع الشرقية تستقبل 605 آلاف و12 طن قمح محلي حتى الآن    المتحدث باسم اليونيفيل: نحاول منع حدوث أي تصعيد بين إسرائيل وحزب الله    جيش الاحتلال الإسرائيلى يعلن انتهاء مهمة لواء قتالى فى رفح الفلسطينية    المستشار الألماني يؤيد ترحيل المجرمين الخطرين إلى أفغانستان وسوريا    عاجل| إسبانيا تعلن انضمامها لجنوب إفريقيا في الدعوى ضد إسرائيل بارتكاب إبادة في غزة    قناة أون تايم سبورتس تعلن إذاعة مباراة منتخب مصر وبوركينا فاسو.. الليلة    محمد عبد الجليل: محمد صلاح يجب أن يكون له معاملة خاصة    عاجل.. كولر يحسم مصيره مع الأهلي وموقفه من عرضي بولندا واليونان    رئيس "رعاية الطلاب" تتفقد لجان البلاغة بامتحانات الثانوية الأزهرية بالإسكندرية    طقس الشرقية اليوم.. ارتفاع شديد في درجات الحرارة على المراكز والمدن    المشدد 3 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بالإتجار فى المخدرات بسوهاج    بعد قليل ميلاد هلال ذى الحجة و7 لجان تستطلعه لتحديد موعد عيد الأضحى    اعترافات المتهم بإلقاء مادة ك أو ية على طليقته في منشأة القناطر: رفضت ترجعلي فانتقمت منها    الخشت يهنئ الفائزين في مسابقة وقف الفنجري    مخرج أم الدنيا: الحلقة 2 تشهد حكم الرومان ووصول العائلة المقدسة الي مصر    حكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    تكبيرات عيد الاضحي المبارك 2024 كاملة ( فيديو)    «السبكى» يشارك في جلسة حوارية عن الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية(صور)    الكشف على 889 حالة خلال قافلة طبية بقرية الفرجانى بالمنيا (صور)    إصابات في قصف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية بجنوب لبنان    تخصيص 14 مجزرا لذبح الأضاحي بالمجان طوال أبام العيد بالفيوم (بالأسماء)    منها «التوتر باعتدال».. نصائح للتخلص من التوتر قبل امتحانات الثانوية العامة    «الداخلية»: حملات لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    «تعليم المنوفية»: لا وجود لأي شكاوي من امتحانات الثانوية الفنية    فوز الجامعة البريطانية في مصر بجائزة أفضل مشروع بحثي مشترك (تفاصيل)    محافظ الفيوم يتابع إجراءات تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    بوسترات فردية لأبطال فيلم عصابة الماكس قبل عرضه بموسم عيد الأضحى.. صور    ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة مسلسل خارج السباق الرمضاني    رحلة «أهل الكهف» من التأجيل 4 سنوات للعرض في السينمات    تنفيذ المستوي الثاني من برنامج المعد النفسي الرياضي بسيناء    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتابع سير العمل بمشروعات مدينة أخميم الجديدة    لو هتضحى.. اعرف آخر يوم تحلق فيه إمتى والحكم الشرعى    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    مستقبل أوروبا يعتمد على ثلاث نساء.. رئيسة المفوضية أبرزهن    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    قبل التغيير الوزاري، سويلم يقدم كشف حساب لوزارة الري على هامش المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    ليلة بكت فيها سميحة أيوب.. الأوبرا تكرم سيدة المسرح العربي (بالصور)    أحمد الدبيكي: إتفاقية دولية مرتقبة لحماية العاملين في التخصصات الخطرة    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة والفترة الماضية شهدت انخفاضا فى الأسعار    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    اعرف المدة المناسبة لتشغيل الثلاجة بعد تنظيفها.. «عشان المحرك ميتحرقش»    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    نجم الإسماعيلي: تلقيت عروضًا من الأهلي والزمالك.. وهذا قراري    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    مصادر: خطة لرفع أسعار الأدوية بنسبة 30%    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجه بين الناس
المعونة الأمريكية حقل من الألغام
نشر في الوفد يوم 23 - 02 - 2012

تأتي أهمية قراءة التاريخ بإمعان من الدروس المستفادة من تجاربه سواء كانت عظيمة أو مريرة.. هذا وإلا فإن لم يحسنوا الإفادة من أخطاء الماضي سيكتب عليهم أن يكرروها ربما في ظروف أسوأ.. هذا يجعلنا نتدبر الخلاف حول موضوع المنظمات الأهلية الأجنبية بين القيادة المصرية والولايات المتحدة.. نحن هنا لا نتحدث عن الموقف القضائي الذي له كل التقدير لكننا نركز باهتمام واجب علي كيفية إدارة الصراع السياسي بحسابات شاملة ودقيقة للموقف حتي لا نتعرض لانفجار ألغام لا تحمد عقباها مع تحفظنا من حيث المبدأ علي السياسة الأمريكية لارتباطها الكامل بإسرائيل.
تاريخياً من المعروف أنه كان للولايات المتحدة الأمريكية دور كبير في استدراج قادة انقلاب يوليو 1952 إلي فخ المعونات الأجنبية والاعتماد عليها، أيضاً نعرف أن الضباط الأحرار الذين تولوا الحكم كان لديهم سعيا متلهف علي هذه المعونات التي لم تعرفها مصر في الحكم الملكي.. وقد فعل القادة العسكريون الجدد بعد 1952 ذلك دون شفافية أو مصارحة للشعب وأصبحت الميزانية المصرية غير مسموح لها بالمناقشة أو الحساب.
قبل 1952 كان من حق مجلس النواب المصري أن يستجوب أكبر قامة في البلاد إذا ما أساء استخدام المال العام، حدث هذا في برلمان الوفد عام 1936 حين تم سؤال الملك فاروق عن ارتفاع تكاليف إصلاح اليخت «المحروسة» وعن أسباب طلبه قرضاً من الدولة إبان زواجه الثاني من ناريمان، وقد وجه له السؤال فؤاد سراج الدين وزير داخلية الوفد عام 1951.. تعرض للمحاسبة العاصفة كذلك زعيم الوفد مصطفي النحاس عندما واجهه مكرم عبيد بالكتاب الأسود الذي كان يطعن في ذمته المالية، فوجئ أعضاء مجلس النواب بالزعيم الجليل يدخل البرلمان حاملاً معه فراء السيدة زوجته ومعه شهادة جمركية مما جعل القاعة تضج بالتصفيق وتذرف الدموع إعزازاً لخادم الأمة الأمين.
ذلك كان ما وصلت إليه مصر قبل أن تتعرض بلادنا للحكم العسكري عام 1952 وما اتسم به أسلوب الانفراد بالحكم واعتماد التجربة والخطأ دون محاسبة.
نتيجة هذه السياسة دخلت مصر علي يد الضباط الأحرار في لعبة الأمم الكبري، فهي لعبة شديدة الخطر لا سيما علي الجانب الأضعف.. كان نتيجة ذلك الإفراط في الثقة والتذاكي انتهاء حكم جمال عبدالناصر بكارثة 1967 التي لا نزال ندفع أثمانها رغم نصر أكتوبر 1973.
لم تكن مصر تعرف قبل يوليو 1952 مسألة المعونات الأجنبية لا سيما السرية منها وكانت مصر تنتج القمح والقطن وتصدرهما، فضلاً عن قاعدة صناعية عظيمة أسس لها زعيم التحرر الاقتصادي طلعت حرب باشا.
أجدني مهتمة بإعادة ما نشرته من قبل عن الركيزة التي أرستها حكومة يوليو من إمكان اتباع سياسة علنية تباهي بالاستقلال وأخري سرية تتسم بالتواطؤ.. من ذلك نص الوثيقة التي أثبتت اتصال الرئيس محمد نجيب ورجاله بأمريكا عن طريق محمد أمين وهي تتضمن أن القضية الأولي لمجلس القيادة هي كيف يبيعون الولايات المتحدة لجمهور المصريين وذلك مقابل مساعدات أمريكية.. ومن جهتهم فهم علي استعداد لتقديم تعهدات سرية بصدد الأهداف البعيدة لحلف الأطلنطي بالمشاركة مع الولايات المتحدة مع تأكيد بعدم رغبة مصر في تجديد العداء مع إسرائيل وبريطانيا «الوثيقة مسجلة في رسالة الكاتبة للدكتوراه والمنشورة في كتاب موقف الصحافة المصرية من القضايا الوطنية».
لا شك أن إظهار هذه الدرجة من المسالمة التي توحي بالتواطؤ مع الولايات المتحدة - وهي حليف لبريطانيا وإسرائيل - مسألة أبعد ما تكون عن الدراية السياسية بل والواجب.. لا يقلل من هذا المعني انقلاب ثورة 1952 لا سيما جمال عبدالناصر علي السياسة الأمريكية ووقوفه ضد الأحلاف العسكرية لأن ذلك التطرف في الاتجاه المضاد استفز الولايات المتحدة ضد مصر وكانت له عواقبه الخطيرة.
إذا عدنا للمعونات الأمريكية فنجد منها في البداية شحنات من القمح، بينما كان لدينا ما يكفي منه ويفيض، وقد تلي ذلك تجميد المساعدات الاقتصادية لمصر كعقاب علي تأميم القناة ثم العودة مرة أخري في سياسة شد وجذب متصلة.. كان لجوء مصر إلي الاتحاد السوفيتي من أجل التسليح يعد نوعاً من التهديد والاستنفار للولايات المتحدة فيما أسماه د. علي الدين هلال تعظيم دائرة المناورة.. الواقع أن استخدام الضغوط علي دول كبري في ظل الاحتياج لمعونتها الاقتصادية أو العسكرية يعد موقفاً متناقضاً ولعبة قد لا تسلم نتائجها دائماً.. كان الأفضل هو أن تظل مصر علي موقفها المستقل الحر من البداية وتنأي عن المعونات كبديل عن التنمية الذاتية لا أن تدخل الفخ وتستمر فيه دون حساب.. مثال ذلك ما اتخذته حكومة الوفد، والأخيرة برفض اتخاذ مواقف معادية للاتحاد السوفيتي لحساب الأمريكان، بينما اقتربت مصالح القصر الملكي آنذاك من الولايات المتحدة وهو ما مضت فيه سياسة الضباط الأحرار بعد انقلاب يوليو الذي بدأوا فيه مقتربين بشدة من الولايات المتحدة ثم انتهي الأمر بنهاية درامية.
يجيء في دراسة للأستاذ جمال يونس بجريدة الوفد أن جمال عبدالناصر طالب أكثر من مرة بتجديد اتفاقية التعاون مع الولايات المتحدة في ظل الانحياز المفرط من ناصر للسوفييت إلا أن الرئيس الأمريكي جونسون تحدث ضمناً عن مناورة ناصر بين المعسكرين بقوله «إن المقصلة لا يمكن استخدامها سوي مرة واحدة».
ظلت المساعدات متوقفة مع رفض أمريكا للطلبات المتكررة لعبدالناصر، بينما ظل هو يتحدث للجماهير أنه لا أحد يستطيع أن يجعل من المعونات وسيلة للتحكم فينا، وقد صدق الشعب المصري قائده ولكن الكارثة أن الآخرين في أمريكا كانوا يعرفون الحقيقة كاملة!
عبر الدكتور علي الجريتلي الاقتصادي الشهير في كتابه «التاريخ الاقتصادي للثورة» 1952 - 1966 أن حصول مصر علي معونات هائلة من الكتلتين الشرقية والغربية كان نتيجته أن القروض جعلت الشعب المصري عاجزاً عن تحمل التضحيات اللازمة وأن ثورة يوليو تمثل رأسمالية الدولة فثمار عمل الشعب وموارده الطبيعية تصب في خزانة الدولة لتنفقها حسب تقدير الحكام.
لقد أفرط حسني مبارك في التبعية للولايات المتحدة فتدخلت في كل شئوننا وفقاً لشروطها المجحفة وتولت أمر تسليح الجيش وقطع الغيار وخلافه وأثرت علي سياساتنا المفرطة في ممالأة إسرائيل ببيع الغاز الطبيعي لها بثمن بخس علي حساب الشعب المصري.. منذ ثورة 25 يناير 2011 من حقنا أن نشعر بأهمية استقلال الموقف ودعم الاعتماد علي الذات الوطنية، نتمني أن نستغني عن فخ المعونات الأمريكية التي تصب في معظمها في صالح الأمريكان وأن نفعل ذلك حقاً وفقاً لرؤية متكاملة ومستفيدة من تجارب التبعية المهنية أو الاستعداء الاستفزازي غير المدروس.
نتفق مع ما يطرحه د. ضياء رشوان في عموده مع العمل مع الولايات المتحدة؟.. إجمالاً منبهاً إلي أهمية مشاركة كل الأطراف علي رأسها القوات المسلحة والأحزاب والقوي السياسية في اختيار السياسة الأصوب تجاه الولايات المتحدة، خاصة أن قطع المعونة الأمريكية يتشابك بالضرورة مع احتياجنا إلي قروض وإلي مساندة أمريكية بشأن ما نحتاجه من البنك الدولي وصندوق النقد، وهما مؤسستان تخضعان للقرار السياسي الأمريكي.. إذا أضفنا إلي هذا ما نشره د. حسن نافعة تحت عنوان «لاتزال عملية النهب مستمرة»، وما جاء في رسالة الحملة الشعبية لمراجعة وإسقاط ديون مصر، أن القروض قد تزايدت خلال الفترة الانتقالية الحالية «بمقدار 8 أمثال» القروض في المرحلة السابقة للمخلوع، هذا طبقاً لما نشر علي لسان بعض الوزراء وعلي رأسهم وزيرة التعاون الدولي نفسها!!
المشكلة تبدو سياسية بامتياز وتتمثل في غياب المشاركة الشعبية والشفافية عن الموقف الاقتصادي في مصر.
بهذا فإن أسباب القلق تتفاقم إزاء التناقض الكبير بين ما يراد لمصر من استقلال وما هي رازحة تحته من قروض وديون وتبعية مضطردة للولايات المتحدة وغيرها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.