عواصم : - اليوم تحل الذكرى التاسعة والخمسون لثور 23 يوليو , ويرى مؤرخون وسياسيون وقياديون ، أن ثورتي 23 يوليو و25 يناير وجهان لمسببات وأهداف واحدة . تشابه الظروف وقال هؤلاء لجريدة"الخليج" إنه من الخطأ الكبير القول إن إحداهما جاءت بعيدة الصلة عن الأخرى، وذلك لتشابه الظروف الموضوعية التي أشعلت فتيل الثورتين، لافتين إلى أن ثورة 23 يوليو قامت في مواجهة فساد حاشية الملك وسيطرة رأس المال على الحكم، وإنهاء الاحتلال والقضاء على الإقطاع، وهي مسببات مشابهة لثورة 25 يناير التي رفعت شعار "خبز . . حرية . . كرامة إنسانية" . 25 يناير احدى حلقات النضال المصرى أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عين شمس جمال شقرة قال: إن التاريخ لا يعرف الفجوات والفوارق الزمنية، وبالتالي من الخطأ الكبير القول إن ثورة 25 يناير جاءت بعيدة الصلة عن تاريخ مصر الحديث والمعاصر، معتبراً أن ثورة 25 يناير إحدى حلقات النضال المصري الممتد عبر الزمن وجزء من تاريخ الثورات المصرية، حيث إن بانوراما حركة التاريخ تؤكد التواصل . والحديث عن أن ثورة 25 يناير جاءت منفصلة عن ثورة جمال عبدالناصر يفقدها الكثير من خصوصيتها، كون الثورتين تتقاربان من حيث الظروف الموضوعية والأهداف المرجوة . كفاح مشرف أضاف أن ثورات مصر المتصلة جاءت نتيجة كفاح الشعب المصري من أجل العزة والكرامة والحرية والاستقلال في حالة وجود مستعمر أجنبي، أو من أجل التحديث والتطوير والتنمية، والادعاء بانقطاع التواصل بين الثورات المصرية لا يقوم على أسس علمية، فثورة 1919 ولدت وتفجرت لتحقيق الأهداف التي أخفقت في تحقيقها ثورة أحمد عرابي، وثورة 23 يوليو تفجرت لعدم إنجاز أهداف ثورة ،1919 وكذلك جاءت ثورة 25 يناير لتستكمل ما حدث من ردة على ثورة 23 يوليو، وهي جاءت لتصحيح المسار الذي انحرف بثورة يوليو بعد تولي السادات الحكم ومن ثم مبارك، حيث عانى الشعب المصري معاناة شديدة بعد انحراف السادات ومبارك عن مبادئ ثورة يوليو . وشدد شقرة على أن ثورة 25 يناير هي امتداد لثورة 23 يوليو التي توقفت وانتهت بعد حرب أكتوبر 1973 وانحرف بها الرئيسان السابقان أنور السادات وحسني مبارك نحو الغرب والانفتاح الاقتصادي، وأن أسباب انفجار ثورة يوليو التي من بينها أن المجتمع المصري عانى أزمة طاحنة شاملة في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، هي نفس الأسباب التي أدت إلى انفجار ثورة 25 يناير، وذلك بعد أن عانى الشعب حكماً استبدادياً وسياسات اقتصادية واجتماعية خاطئة . تدهور المجتمع ولفت إلى أن كل هذه السياسات أدت إلى تدهور المجتمع، بعدما تم إدماج مصر في المجتمع الرأسمالي العالمي وتحول الهيكل الاقتصادي المصري إلى هيكل متخلّف، وأن النمو الاقتصادي كان نمواً مشوهاً بسبب سيطرة كبار رجال الملاك والأعمال والمال على علاقات الإنتاج والشأن السياسي من دون مراعاة للعدالة الاجتماعية فضلاً عن الفساد السياسي والإداري الذي اجتاح مصر سواء كان ذلك قبل 23 يوليو أو قبل 25 يناير التي شهدت توحشاً للرأسمالية الطفيلية والاحتكارية، وأهدر الرأسماليون فائض الاقتصاد في الاستهلاك الترفي، كما كان في عهد الملك فاروق . غليان واعتبر شقرة الظرف الموضوعي الذي سبق ثورة 25 يناير يتوافق مع ما جرى في مصر قبل ظهور تنظيم الضباط الأحرار، حيث كان الشارع المصري في حالة غليان، وكانت النخبة الوطنية هي الدافع الرئيس لهذه الحالة، سواء على مستوى الشعب أو الجيش إلى أن أصبح المناخ مهيأ للانفجار، وأن ما قبل 23 يوليو تسبب في إخفاق مصر في الاستقلال، واندفعت حكومات ما قبل الثورة إلى معالجة المشكلات الاقتصادية والتنمية وحققت إخفاقاً ذريعاً رغم تبني تلك الحكومات مشروعاً قومياً أطلق عليه حينها "مكافحة الحفاء"، بينما في سنوات ما قبل ثورة 25 يناير استسلم السادات ومبارك إلى التبعية للولايات المتحدة و"إسرائيل"، وظلا أسيرين لمعاهدة "كامب ديفيد" بما فيها من إجحاف في حقوق الشعب المصري، فضلاً عن تجاهلهما لمشكلات الفقر وتزايد العشوائيات وأطفال الشوارع إلى أن انفجر الشعب . تطابق في الأهداف وأكد أستاذ التاريخ المعاصر أن أهداف الثورتين تكاد تكون متطابقة، لافتاً إلى أن أهداف 23 يوليو التي نادت بالقضاء على الاستعمار وأعوانه وسيطرة رأس المال على الحكم، والقضاء على الإقطاع، استبدلت في 25 يناير بالقضاء على التبعية وإعادة الدور القومي لمصر والقضاء على الفساد الناجم عن زواج الثروة بالسلطة . ورأى شقرة أن الإيقاع بين ثورتي 23 يوليو و25 يناير مهزلة تاريخية يجب التوقف عنها، لافتاً إلى أن الذين يسعون إلى إحداث هذه الوقيعة هم من صودرت أملاكهم لمصلحة الشعب المصري وبقايا نظام مبارك وجماعة الإخوان المسلمين الذين كان لهم موقف من ثورة يوليو . قواسم مشتركة ومن جانبه قال نائب رئيس الحزب الناصري الدكتور حسام عيسى إن بين الثورتين قواسم عديدة مشتركة من حيث الأسباب والأهداف، لأن المسببات تتمثل في سيطرة رأس المال على الحكم وانتشار الفساد السياسي والمالي، بينما تطابقت الأهداف، ولاسيما أن الثورتين هدفتا إلى إقامة حياة ديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية . أضاف عيسى أن ثورة يوليو أثّرت في البعد العربي وسرعان ما ضربه السادات في مقتل عقب وفاة الزعيم جمال عبدالناصر، حيث وقّع اتفاقية صلح مع الكيان "الإسرائيلي"، ودخوله في تحالف استراتيجي مع دولة الكيان، وانقلابه المتدرج على منجزات يوليو، ما أعاد سيطرة رأس المال على الحكم، واستمرت تلك السياسات ما بين وفاة عبدالناصر إلى اندلاع ثورة 25 يناير، حيث واجه الشعب المصري نظاما فاسداً وانفجر طالباً الحرية والديمقراطية، وإنهاء حكم النظام السابق، وإقامة العدالة الاجتماعية، معتبراً أن ثورة يناير استعادت عروبة مصر التي زرعت جذورها ثورة يوليو .