«كتبت هذه الخواطر على عشب ميدان الشهداء».. أهدي هذه الخواطر الى روح شهداء مصر، وكتبت بدم القلب تحية وإجلالاً إليهم في مقعد صديق عند مليك مقتدر هنا في الميدان وهناك على العشب الأخضر في بورسعيد. كانت لنا في الميدان.. أماني وأحلام.. والشجر أخضر قبل الأوان.. والحبايب على البساط الأخضر.. والزهر والورد.. والخلان.. كنا هنا.. من زمان.. وألف زمان «والليل جه وراح».. وطلع بعده «قمر قمرين».. والعشب الأخضر نور.. طلع من البستان.. والضحكة مليانة على خدود الصبيان.. الله.. الله يا شمس الزمان.. الصبح صحصح.. خلاص يا عبلة.. صحي عنتر النعسان.. طلع فارد جناحه.. بطل زمان من زمان.. والحكاية إنه أشجع الشجعان.. كتبت قصيدة حب.. «ثورة جوه إنسان».. قال الزناتي الهمام.. طلع بالسيف في إيده.. والقلب عطش عشق وهيام.. الصبح رفرف صباحه.. والطير.. والشجر.. وعاد الربيع.. عاد أيها الإنسان.. كل الحكاية مكتوب سطورها.. منقوشة على قلوب الفتيان.. أحمد جنب ماهر.. وسط الميدان.. وفاطمة ومريم.. وصوت الأذان.. وقف الخطيب يقول.. وأجراس الكنيسة مع الأذان.. الطفل اتولد ليلة الخمسة وعشرين.. شهد أول العام.. صبح كالصبح الوليد.. اللي ناداه الأب والأم والعم والخال.. حلم.. علم.. دي حكاية جديدة.. رتلها السمر والسمار.. وقف ابن الحياة في الميدان.. أبويا كان هنا ضد الانجليز.. وعسكر السلطان نزل الواد زهران.. ومعاه.. معاه إيه.. معاه خيوط مشنقة من حكاية الحمام.. يوم ما قتلوه الحمام.. وعلقوا المشانق في دنشواي.. اليوم بس.. كنا في الانتظار.. العين بالعين.. والراية مرفوعة.. مكتوب عليها.. هنا في الميدان.. مولد الشجعان.. القصيدة كانت ناقصة بيت.. بيت من كل سطر كلام.. عن الشباب اللي واقف هناك.. على الخط الأبيض.. بيتلي البيان.. احبابي.. هنا «نكون أو لا نكون».. هنا.. رأينا النار تقتل الأطفال.. والشهيد ماسك العلم.. أسود.. أبيض.. أحمر.. والجنة مفتوحة الليلة.. والملائكة تغسل الشجعان.. والسما عالية.. والدموع مسكوبة.. شهيد.. بعد شهيد.. والدم يكتب بداية.. بداية تاريخ الشجعان.. نعم في الميدان.. ومصر فرحانة.. وفستان الفرح ليلة الميلاد.. والكلام.. والبيان.. «نموت.. نموت.. فدا الأوطان».. الشهيد والدمع مالي الراية.. الراية مرفوعة.. بكل حنان.. وجنود الوطن.. حصن الوطن.. وفي ثاني يوم خمسة وعشرين من الشهر اللي بادي بيه العام.. صبح ستة وعشرين.. وثلاثين.. زي القمر.. عمره كده.. وفي القديم قالوا عن القمر.. «قالوا بدا الشيب في فوديك مشتعلاً وتلك سنك لم تعد الثلاثينا» شباب.. شباب.. «والعمر شباب على طول».. وتحية مني لأبطال.. اليوم.. وغداً.. وكل زمان.. عاشق مصري على طول المدى وقبل شهيداً على أرضها دعا باسمها الله واستشهدا كتبت على العشب الأخضر بميدان الشهداء «التحرير سابقاً»..