أخبار الأهلي : سيد عبد الحفيظ يختار تشكيل الأهلي الأمثل في مباراة الترجي التونسي    426 مليون جنيه إجمالي مبيعات مبادرة "سند الخير" منذ انطلاقها    رئيس اتحاد الجاليات الفلسطينية: إسرائيل لن تلتزم بقرارات العدل الدولية    فتح: نخشى أن يكون الميناء الأمريكي على شاطئ غزة منفذا لتهجير الفلسطينيين    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    الخارجية الروسية: لا نخطط للتدخل في الانتخابات الأمريكية    بعد افتتاحه رسميا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    إعدام 6 أطنان أسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    "القاهرة الإخبارية" تحتفي بعيد ميلاد عادل إمام: حارب الفكر المتطرف بالفن    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    وزيرة التخطيط تشارك بافتتاح النسخة الحادية عشر لقمة رايز أب    مصر تشارك بأكبر معرض في العالم متخصص بتكنولوجيا المياه والصرف الصحي بألمانيا "IFAT 2024" (صور)    تضامن الدقهلية تنظم ورشة عمل للتعريف بقانون حقوق كبار السن    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    سعر الدولار فى البنوك المصرية صباح الجمعة 17 مايو 2024    الجزار: انتهاء القرعة العلنية لحاجزي وحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    17 مايو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    مصرع ربة منزل ونجليها في حادث دهس أسفل سيارة بعين شمس    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق بقطعة أرض فضاء في العمرانية    تجديد تكليف مي فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحى الشامل    الخشت يستعرض دور جامعة القاهرة في نشر فكر ريادة الأعمال    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت.. موعد ومكان الجنازة    طارق الشناوي ل «معكم منى الشاذلي»: جدي شيخ الأزهر الأسبق    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    طريقة عمل الهريسة، مذاقها مميز وأحلى من الجاهزة    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    خبير سياسات دولية: نتنياهو يتصرف بجنون لجر المنطقة لعدم استقرار    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 17 مايو 2024 والقنوات الناقلة    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب استرداد الكرامة تحققت بإرادة وعزيمة المصريين
العميد محمد عبدالقادر مقاتل المدفعية فى أكتوبر:
نشر في الوفد يوم 04 - 10 - 2017

6 سنوات تكشف أسرار الملحمة الرائعة والترابط بين الشعب والجيش
مقذوف (مالوتيكا) المضاد للدبابات كان كلمة السر فى معركة العبور
«ويدور الزمن دورته وتحل علينا ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، وذكرى النصر المظفر للقوات المسلحة المصرية على الجيش الإسرائيلى، الذى كان قد ملأ الدنيا ضجيجًا وصياحًا بأنه الجيش الذى لا يقهر، ووصف قواته الجوية -صلفًا وغروراً- بأنها الذراع الطولى، فإذا بجيش مصر الباسل فى يوم السادس من أكتوبر عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين يقهرهم ويقطع تلك اليد الطولى ويحقق نصرًا شهدت به الدنيا وما زال صوته مدويًا عاليًا عبر الزمان وما زالت الأكاديميات العسكرية والمعاهد المتخصصة تتناوله بالفحص والدرس حتى يومنا هذا وإلى سنوات عديدة قادمة».
وفى تلك المناسبة العزيزة على قلب كل مصرى لا يسعنا إلا أن نلتقى بواحد من هؤلاء الذين رفعوا رأس مصر عاليًا ومحوا بعزيمتهم وتضحياتهم ظلام الهزيمة. هو العميد محمد محمد عبدالقادر. ليتذكر ونتذكر معه أمجاد تلك الأيام الخالدة ليس فى تاريخ مصر وحدها ولكن فى تاريخ الأمة العربية كلها.
ولنذهب معاً لنتعرف على هذا المقاتل المصرى، فهو العميد محمد محمد عبدالقادر.. السلاح: المدفعية.. الدفعة: 55 حربية.. تاريخ التخرج: يوليو 1969
كان وقت عمليات أكتوبر 73 برتبة «نقيب» قائد سرية مدفعية ميدان من العيار الثقيل «155مم».
وعن مرور أربعة وأربعين عامًا على نصر أكتوبر المجيد، الذى أعاد للأمة عزتها وكرامتها ورفع رأس العرب عالياً، يقول عبدالقادر فى هذه المناسبة لن أكون مبالغًا إذا ما بدأت بقولى إن نصر أكتوبر 73 قد بدأ فى اليوم التالى لنكسة يونيو 67، ذلك أن بشائر النصر بدأت برفض الشعب المصرى كله للهزيمة المفاجئة وغير المتوقعة والتى لم تكن أبدًا تعبر عن قدرات وكفاءات المقاتل المصرى، فقد خرجت جماهير الشعب كله رافضة تنحى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن الحكم فى أول إشارة إلى رفض الهزيمة والرغبة فى الأخذ بالثأر.
أعقب ذلك وفور نزول الرئيس عبدالناصر على رغبة الشعب، الإعداد لاستعادة الكرامة واسترداد أرض سيناء المحتلة.
شهدت الفترة من يونيو 1967 وحتى أكتوبر 1973 ملحمة رائعة وترابطًا منقطع النظير بين الشعب وجيشه وقيادته، فكان الجميع فى خندق واحد، وانصهر الكل فى بوتقة واحدة، وكيف لا والهدف للجميع كان واحداً. وهو تحرير الأرض واستعادة العرض. ولو خضنا فى الأمثلة لهذا الترابط لاحتجنا إلى صفحات وصفحات. وأنا هنا سوف أمر سريعًا على بعض المحطات التى قادت البلاد فى النهاية إلى النصر الذى نحتفل به اليوم.
فور رجوع الرئيس جمال عبدالناصر عن قرار التنحى، بدأ فى اتخاذ بعض الإجراءات والتى تمثلت فى الآتى:
1- تغييرات جذرية فى قيادة القوات المسلحة، فتولت وجوه شابة مشهود لها بالكفاءة قيادة كافة أفرع وأسلحة القوات المسلحة.
2- الاستفادة من العلاقة القوية التى كان يرتبط بها مع الاتحاد السوفيتى فى ذلك الوقت فى إعادة تسليح القوات المسلحة، وتحديث ما لديها من أسلحة.
3- إرسال بعثات تدريبية من الطيارين والضباط إلى الاتحاد السوفيتى وتشيكوسلوفاكيا للتدريب على الطائرات المقاتلة الحديثة.
4- تغيير العقيدة القتالية للقوات المسلحة، فصارت «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة».
5- استحداث شعار عام بأنه «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».
6- جعل ذوى المؤهلات العليا والمتوسطة هم عصب القوات المسلحة بما لهم من قدرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة.
7- إجراء تعديل مؤقت على قانون التجنيد سمح بمقتضاه بتأجيل تسريح المجندين لحين تحرير الأرض.
وقد أظهر الشعب المصرى -وقد أحس بالخطر- تجاوبًا وتعاونًا لا مثيل له. فبدأت بجهود شعبية حملة لجمع التبرعات لإعادة تسليح الجيش ولدعم المجهود الحربى أسهم فيها كل حسب قدراته دون طلب أو إجبار، كما أسهم رجال الأعمال بنصيبهم فى تلك الحملة، فقدموا السيارات لدعم الجيش وكتب عليها «مجهود حربى» لتمييزها عن باقى السيارات. فكان الشعب كله مثالًا ونموذجًا لإنكار الذات، ومن هنا نقول إن النصر بدأ يوم توحد الهدف لدى الجميع. جيشاً وشعباً وقيادة.
وعما تم من إعداد قبل حرب التحرير وحرب أكتوبر ذاتها، قال عبدالقادر: تلك فترة ما زالت وستظل مرسومة فى مخيلتى بأدق تفاصيلها ولا أكون مبالغًا لو قلت إنها عمرى كله. دعنى أقدم لك لقطات، أو لنقل ومضات، من تلك الفترة كانت بمثابة علامات فارقة: أولاً: الروح المعنوية العالية للقوات جميعها، فصيحة «الله أكبر» التى كانت تدوى بصوت هائل لم يسبق له مثيل. لم يكن متفقًا عليها ولم يتم تلقين أحد من القوات بها، بل خرجت بعفوية من كل من كانوا على شاطئ القناة يستعدون للعبور فور مشاهدتهم للطائرات وهى تعبر القناة وسماعهم لقذائف المدفعية وهى تدك حصون العدو فى خط بارليف. هذه الصيحة إنما تعبر عن إيمان عميق بالله غشى كل الجنود والضباط، كذلك الإيمان بعدالة قضيتهم فكانت مفتاحًا للنصر ثانياً: قهر الجنود للساتر الترابى العملاق والمنشأ على حافة الضفة الشرقية للقناة وبزاوية ميل حادة فإذا بهم يتسلقونه حاملين أسلحتهم ومعداتهم ومرتدين «جاكت العبور» ذلك الاختراع الفذ الذى جمع كل مستلزمات الفرد المقاتل فيه ليمنح الأيدى حرية الحركة هذا إنما يؤكد على عزم وتصميم الجندى على تحقيق الهدف المحدد له ما دام قد اقتنع بعدالته.
ثالثاً: السلاح الرهيب -كما أسميه- وأعنى به المقذوفات الموجهة م/د (مالوتيكا) والذى رغم صغر حجمه فتأثيره عظيم فكان بحق مفاجأة تلك الحرب والتى قدر المخططون العسكريون أنها ستكون حرب دبابات بامتياز فاستقدموا ذلك السلاح ذو الدقة العالية فكان الصاروخ يعادل دبابة. ويدلنا ذلك على الرؤية الثاقبة للقيادة العامة للقوات المسلحة بتكثيف وتوزيع هذه الصواريخ على كامل الجبهة وأن التخطيط الجيد قد أتى بثماره. رابعاً: دقة معلومات الرصد والاستطلاع فيما قبل العمليات بواسطة عناصر الاستطلاع والمخابرات الحربية وفرت كثيراً من المعلومات والإحداثيات الدقيقة للأهداف فى عمق سيناء للقوات الجوية والمدفعية التى قامت فى التمهيد النيرانى بإحداث خسائر تخطت نسبتها 80% وبذلك تم الاستغناء عن القصفة الثانية التى كان مخططًا لها.
خامساً: التدريب الجيد، والذى تم على أيدى الضباط وضباط الصف على مدى السنوات الست السابقة على حرب التحرير. ذلك التدريب بكل أنواعه (نهارى/ليلى/ فردى/ مجمع/سرايا/كتائب) والذى أوصل الجندى لمستوى الاحتراف، أما عن العمليات القتالية فأقول: ما إن بدأ قصف المدفعية حتى أخذت القوات فى ركوب القوارب طبقًا لجدول معد سلفاً بحيث معلوم لكل فرد متى وأين سيركب القارب ورقم القارب المحدد له، كان مخصصًا لى ولجنودى القاربين رقم 2، 1 فى المعبر رقم 24 ضمن الموجة الثانية للعبور. كان محددًا لنا زمن الرحلة بسبع دقائق ونصف إلا أن حماس الجنود فى التجديف قد أوصلنا فى خمس دقائق فقط، تسلقنا الساتر الترابى دون أى معدات حيث لم تكن معدات الصعود المتمثلة فى سلالم من الحبال قد وصلت بعد. ما أن صعدت القوات الساتر الترابى وبدأت فى التقدم، حتى خرجت دبابات إسرائيلية من حفر مموهة. وأخذت تستخدم الرشاشات بصورة عشوائية تعكس مدى الذعر والهلع الذى انتابهم. إلا أن كتائب وسرايا الصواريخ والمقذوفات الموجهة، والتى ما زالت تحتل الهيئات العالية فى الضفة الغربية –وقد كانت ترصد ما يدور أمامها على أرض الضفة الشرقية- قد أخذت فى اصطيادها الدبابة تلو الأخرى فى صورة رفعت من معنويات قوات الموجات الأولى، ما إن بدأ دخول الليل حتى بدأ العدو هجوماته المضادة بالمدرعات ولكون المعلومات لديه قليلة إضافة إلى عنصر المفاجأة فقد أمكن تدمير الكثير من مدرعاته فى تلك الليلة. ولما بدأ فى القصف العشوائى بالمدفعية أمكننى مستخدمًا إحدى طرق إدارة النيران (إدارة النيران بنقص الإمكانيات) من تدمير بطارية للعدو شاهدناها وهى وتتطاير شظاياها فى الجو. اعتبارًا من صباح اليوم الثانى للقتال كان استخدام المدفعية هو العنصر الغالب على العمليات فى قطاع الطريق الأوسط لسيناء والذى كنت أعمل بسريتى ضمن الكتيبة، وشهدت تلك العمليات بطولات فردية وبطولات جماعية كثيرة، فهناك على سبيل، المثال أسر النقيب يسرى عمارة للعقيد الاسرائيلى عساف ياجورى- قائد لواء مدرع، كما كانت معركة المزرعة الصينية والتى كان بطلها المقدم حسين طنطاوى نموذجًا للعمل الجماعى. كما أن هناك الكثير والكثير من البطولات من رجال الصاعقة والمظلات تحتاج إلى مجلدات لنشرها وإعطاء كل ذى حق حقه فيها. خلاصة القول إنه قد تم تلقين العدو الإسرائيلى درسًا أظن أنه لم ينسه ولن ينساه أبدًا على أيدى قوات مسلحة ساندتها بقوة قوى الشعب، فكان النصر.
ويحضرنى هنا بعض أبيات من الشعر من قصيدتى «أكتوبر» إذ مَنّ الله على بتلك الموهبة أقول فيها:
أكتوبر يا شهرًا عظيمًا بِكَ نَزْهُو
وبِذِكْرِ ما أَنْجَزْنَا وحَقَقْنَا أَيَّامُكَ تَحْلو
فَفَى رِحَابِكَ حَارَبْنَا وعَبَرْنا القناةَ
وصيحاتُ التكبيرِ لِعَنانِ السماءِ تَعْلُو
**********
بِذِكرِ سِيرَتُكَ العَطِرة الرُوحُ تَسمو
ولاستعادةِ شريطِ الذكرياتِ تَهفُو
ويَغيِبُ العقلُ قليلا فى تَذَّكرٍ
فهنا قواتٍ وتلك قواتٍ والكل مُلْتَحِمُ
(... وانتصرنا)
وما زال العطاء غزيراً، إذ يواكب حلول الذكرى الرابعة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد خروج وليد جديد إلى الحياة. فبالأمس القريب خرج للنور كتاب (.. وانتصرنا) من إعداد العميد محمد محمد عبدالقادر، أحد أبطال نصر أكتوبر 1973، وأحد رجال المدفعية الذين دكوا فى اللحظات الأولى للهجوم حصون العدو فى خط بارليف من خلال التمهيد النيرانى العنيف والذى شهد العدو قبل الصديق بأنه أقوى تمهيد نيرانى حدث فى العصر الحديث، وفى الكتاب يتناول الكاتب بالتحليل المراحل المختلفة التى مرت بها البلاد من بعد النكسة وحتى الوصول إلى قرار الحرب ثم العبور وإحراز النصر المستحق.
ويتعرض الكاتب فى كتابه (... وانتصرنا) إلى أبرز الأحداث التى مرت عليه كقائد لوحدة فرعية صغرى، حيث كان برتبة نقيب قائدًا لسرية مدفعية ميدان من العيار الثقيل 155 مم، ويتضمن الكتاب الذى يأتى فى ثمانية فصول سرداً لقصة الشهيد البطل البرعى نصر البرعى، وقصيدة من تأليف الكاتب بعنوان «ملحمة النصر» تحكى قصة الحرب التى هى قصة دفعته الدفعة رقم «55»، مع تعريف مختصر بدور الدول العربية التى أسهمت فى الإعداد للحرب؛ وهمسة من الكاتب فى أذن شباب مصر يناشد فيهم وطنيتهم فى الوقوف صفًا واحدًا لبناء الوطن وتحقيق نهضته داعيًا إياهم إلى تدبر ما قام به جيله من نصر ما زال يتغنى به العرب فى كل مكان، مؤكدًا أنهم ليسوا أقل وطنية ولا حبًا لهذا الوطن.
ويتضمن الفصل الأول الأجواء فى مصر عقب نكسة يونيو 1967.
ويتعرض فيه الكاتب لحال البلاد عقب النكسة، ويتطرق إلى إعادة بناء القوات المسلحة وجهود الدولة والشعب وقطاعاته المختلفة لدعم المجهود الحربى، ويقدم الكاتب فى الفصل الثانى نبذة عن حياته وزملائه من الدفعة داخل الكلية الحربية، ويتعرض فيه إلى الحياة العسكرية فيما بعد التخرج والانضمام إلى إحدى كتائب المدفعية ثقيلة العيار، ثم الحياة على جبهة القتال على الشاطئ الغربى للقناة فى الاسماعيلية. خلال الفترة التى عرفت بحرب الاستنزاف وما تلاها من أحداث. ويحكى الكاتب عن تعرضه لموقفين أثرا فى حياته، ويحدثنا الكاتب فى الفصل الثالث عن تحضيرات وتجهيزات الأيام القليلة التى سبقت هجوم السادس من أكتوبر وحتى تمام استعداد القوات يوم الخامس من أكتوبر 1973.
وفى الفصل الرابع يصور لنا الكاتب بصورة تفصيلية أحداث يوم السادس من أكتوبر 1973 والتمهيد النيرانى بالمدفعية والطيران، ثم عبور وحدته تحت ستار التمهيد النيرانى وصيحات «الله أكبر»، ويقدم لنا الكاتب فى الفصل الخامس وصفاً دقيقاً للتغلب على معاناة القوات فى صعود الساتر الترابى ثم ملاقاة مدرعات العدو وجهاً لوجه. ثم يتعرض لقيامه وبواسطة السرية التى يقودها بتدمير بطارية مدفعية للعدو مساء يوم السادس من أكتوبر.
وتتضمن الفصول الأخيرة قصة الانضمام إلى مركز قيادة اللواء المشاة الميكانيكى الذى كان مكلفًا بتطوير هجوم الفرقة. وإصابة قائد السرية الثانية واستشهاد العريف البرعى نصر البرعى، وقصة مفرزة اقتناص الدبابات. وقصة العريف البطل الشهيد سيد. من المدفعية من إحدى فصائل المقذوفات الموجهة م/د. والذى كان ضمن المفرزة والتى كان الكاتب يمثل فيها عنصر المدفعية غير المباشرة، ذلك البطل الذى بما لديه من صواريخ (أربعة صواريخ) دمر دبابتين ومدفعين ذاتيى الحركة، محققًا أعلى معدل إصابة بنسبة 100% ثم استشهاده فور إطلاق آخر صاروخ معه، كما يتضمن الهجمات الجوية للعدو وتصدى صواريخ الدفاع الجوى لها، وواقعة إصابة أحد جنود السرية (جندى الإشارة/ سيد محمد سالم) جراء القصف الجوى بأسلحة محرمة دوليًا وكنا نطلق عليها (قنابل الجوافة)، وإيقاف إطلاق النار، والعودة إلى غرب القناة للمشاركة ضمن قوات حصار الثغرة والأثر النفسى الذى أحدثه ذلك القرار بعد التأكد من تحقيق النصر. واحتلال مراكز الملاحظات لمناطق زراعية وأثر ذلك فى إحداث هدوء نفسى للجميع. ووضع خطط لمنح الجنود إجازات قصيرة جدًا لطمأنة ذويهم مستغلين فى ذلك استتباب إيقاف إطلاق النار على كامل الجبهة.
ولقد قدم الكاتب ذلك الجهد فى هذا التوقيت إيمانًا منه بأن تلك الملاحم والبطولات لا يجب أن تموت بموت أصحابها وقد استغل قدرته على تطويع اللغة وملكة نظم الشعر لديه للخروج بكتاب تميز عن غيره بالمزج بين تسجيل وتوثيق الأحداث لتلك الفترة الهامة فى تاريخ هذا الوطن مع استخدام وسائل أدبية أخرى تقرب الصورة للقارئ كالشعر. ثم اختلف عن غيره من كاتبى القصص بأن ضمن كتابه نصائحًا للشباب مستغلًا تشابه الظروف بين تلك الفترة فى حرب أكتوبر وهذه الأيام حيث تخوض فيها البلاد حربًا لا تقل ضراوة بل تزيد، فجاء كتابه جامعًا ومحققًا تمامًا الغرض من كتابته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.