الزيادة السكانية تلتهم الموارد الاقتصادية.. ومصر ستصل 165 مليونًا 2050 خبراء يطالبون بإقرار تشريعات تلزم الدولة بدعم طفلين فقط لم ينس المصريون «حسنين ومحمدين» زينة الشباب الاتنين، وحفظوا عن ظهر قلب أن الراجل مش بس بكلمته.. الراجل برعايته لبيته وأسرته.. ولكن نادراً ما يتذكرون نصائح الست بهية.. عن فوائد تحديد النسل.. ومشاكل كثرة «العيال». وحتى الآن يتابعون بنهم فيلم «أفواه وأرانب» ويرددون أغنيته الشهيرة، وعلى الرغم من كل ذلك لم يشفع للشعب المصرى رجالاً ونساء على مدار ما يقرب من الخمسين عاماً الماضية الإعلانات والأفلام والبرامج الإرشادية لوسائل منع الحمل، بل تابعوها وحفظوها من باب التسالى ونجاح الأغانى وفشلت مراكز تنظيم الأسرة والرائدات الريفيات فى إقناع الزوج والزوجة للحد من النسل والاكتفاء بطفل واحد أو اثنين على الأقل، بل تجاوز عدد الأطفال فى البيت الواحد 4 و5 أطفال، كما فقدت وزارة الصحة والدولة معاً إحكام السيطرة على معدلات الإنجاب، خاصة بعد أن أجمع الفقهاء على أن إصدار قانون ينظم النسل حرام شرعاً وخلال العقود الماضية التزمت وزارة الصحة بالصمت وتجاهلت الدولة مخاطر الزيادة السكانية، ولم تجد مخرجا لتقنينها. تخطت مصر كل الخطوط الحمراء فى معدل الزيادة السكانية، وأصبحنا مهددين بمخاطر وكوارث على جميع المستويات. بعد أن اقتربنا من 92 مليون نسمة، فما هو الحل المناسب والشرعى للخروج من هذا المأزق؟ حذر اللواء أبوبكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى أكثر من تصريح صحفى، من أن معدلات النمو السكانى فى مصر تخطت كل الحدود العالمية بشكل كبير، لافتاً إلى أن نسبة النمو السكانى فى مصر تصل ل 2٫4٪، وأن معدلات المواليد تصل ل 2 مليون و700 ألف مولود مقابل 500 ألف متوفي سنوياً، كما توقع أن يصل عدد سكان مصر بحلول عام 2050 إلى ما يقرب من 165 مليون نسمة. منذ ثلاثة عقود ونصف العقد طبقت الصين سياسة الطفل الواحد بألا يزيد عدد أطفال أى زواج فى الحضر علي طفل، ومن يخالف ذلك يسدد غرامة مالية دورية تحدد وفقاً لعدة عوامل من بينها دخل الأسرة. هناك استثناءات من القانون للتوائم، والأقليات العرقية والمناطق الريفية، إضافة لتعديل فى نوفمبر 2013 منح حق إنجاب طفلين لأسرة أحد والديها وحيد. تعتبر سياسة الطفل الواحد فى الصين من أنظمة تنظيم الأسرة الفعالة، لقد منع النظام المطبق منذ عام 1978 أكثر من مائتى مليون ولادة فى العقود الثلاثة الأولى لتطبيقه، هذه الزيادة السكانية المحتملة كانت تعنى أن تعداد الصين الذى يبلغ مليارا و265 مليون نسمة قد يفوق المليار ونصف المليار الذي كان سيمثل ضغطاً اقتصادياً وبيئياً واجتماعياً على المجتمع الصينى. وبعد مرور سنوات من تطبيق هذا النظام، ظهرت عدة مشكلات مثل تفضيل بعض الأسر للمولود الذكر عن الأنثى، إذ يوضح أحد التقارير الحكومية الصينية فى 2007 أن عدد الذكور سيفوق الإناث بثلاثين مليونا فى عام 2020. المؤسف أن بعض الأهالى الذين رغبوا فى إنجاب الذكر ولم يقدروا على سداد الغرامة المالية فلم يسجلوا ميلاد بناتهم، أو فضلوا الدفع بهن إلى دور التبنى والرعاية، وتجلت هذه الظاهرة بوضوح خلال الثمانينيات أى السنين الأولى لتطبيق نظام الطفل الواحد. وحتى الآن، استمر المواطنون فى محاولات التحايل من خلال إنجاب التوائم عن طريق أدوية زيادة الخصوبة، أو السفر للإنجاب خارج الصين. أبرز المشاكل الاجتماعية تتمثل فى تدليل الطفل الوحيد، أو الإمبراطور الصغير كما يصف الإعلام الصينى الطفل المدلل، قد يؤدى ذلك لمشاكل تعليمية تتمثل فى عدم قدرته على العمل الجماعى أو التواصل الاجتماعى مع أقرانه، ما دفع البعض للمطالبة بتعطيل تلك السياسة الإنجابية من أجل جيل أكثر جماعية وأقل تدليلاً. أهم مشكلة اقتصادية تحمل اسم ظاهرة 4-2-1، وهى أن الطفل المولود سيتعرض لمشكلة تتمثل فى كونه العائل الوحيد لأسرة مكونة من والدين وجدود أربعة، ما يدفع الأجيال الأكبر إلى الاعتماد على المعاشات ومكافآت التقاعد بشكل تام، أو اللجوء لقبول الأعمال الخيرية من الآخرين فى حالة ضعف المستوى الاجتماعى، كما يشكل ذلك ضغطاً اقتصادياً على عاتق العائل الأوحد للأسرة الكبيرة. وبعد مرور 36 عاماً على تطبيق سياسة إنجاب الطفل إجبارياً على الزوجين، أنهت الصين رسمياً تلك السياسة، واستبدلتها بسياسة أخرى، تسمح للزوجين بإنجاب ما لا يزيد علي طفلين، لتحقيق نمو سكانى متوازن، ومواجهة تزايد نسبة الشيخوخة، حيث وصلت معدلات كبار السن والشيخوخة فى الصين لنسب عالية جداً من مجمل عدد السكان، كنتيجة لتطبيق سياسة إنجاب الطفل الواحد منذ عام 1979، وهو ما انعكس بالسلب على عدد الصينيين القادرين على العمل، وإلى تقليص عدد السكان فى النطاق العمرى الأصغر نسبياً. سألت الدكتور عادل عامر مدير المركز المصرى للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية بعد فشل كافة الطرق والوسائل والبرامج فى إقناع المواطنين بتحديد النسل، كيف تستطيع الدولة وبالقانون التحكم فى الزيادة السكانية؟ - الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وفق أحكام الدستور، حيث استقرت الأحكام الشرعية على أن صدور قانون ينظم النسل محرم شرعاً وبالتالى لا يجوز إصدار مثل هذا القانون لمخالفته أحكام الدستور، ومن أجل ذلك يجوز للدولة التحكم فى الزيادة السكانية من خلال تشريع يلزم الدولة بالدعم للأسرة التى لا تتجاوز أربعة أفراد (الزوج والزوجة وطفلين) وأما الأسرة التى يزيد عدد أفرادها على ذلك فإنها لا تتمتع بدعم من الدولة على الإطلاق ومن خلال ذلك يمكن التحكم فى الزيادة السكانية. كم يبلغ معدل النمو السكانى فى مصر مقارنة بالدول ذات الكثافة السكانية العالية؟ - يقدر معدل النمو السكانى الحالى فى مصر ب 2.4% وهو أكبر خمسة أضعاف عن المعدل بالدول المتقدمة، وحوالى ضعف معدل الدول النامية، وأنه بالتحديد ثمانية أضعاف معدل النمو السكانى بكوريا الجنوبية وخمسة أضعاف معدل النمو بالصين. وهل تعتبر الكثافة السكانية مقلقة بالنسبة لمصر؟ - الزيادة السكانية فى ذاتها ليست مشكلة إذا كانت الموارد والدخل القومى للفرد تتواءم مع هذه الزيادة، وبالطبع فإن ذلك لا يتوافر فى دولة مثل مصر لأنها ظلت لفترة طويلة تعتمد على الزراعة كمصدر رئيسى لدخل الدولة مما أدى إلى انحسار دور الصناعة لعهود طويلة.. إن الزيادة السكانية السريعة ليست مصدر ازعاج بحد ذاتها، ولكن فى مصر بلغت هذه الزيادة حد الأزمة المعضلة، نتيجة تجاوز النمو السكانى للنمو الزراعى. ما أهم المشكلات الناجمة عن الزيادة السكانية فى مصر؟ - المشكلات الناجمة عن المسألة السكانية عديدة تعيق عملية التنمية الشاملة ولعل أهمها مشكلة البطالة، فمصر تحتاج إلى إنفاق ما يقارب 150% من قيمة الناتج المحلى لخلق فرص عمل جديدة والحد من هذه المشكلة، كما أن الزيادة السكانية فى المدن الكبرى تكون على حساب تنمية وتحديث الريف وما ينجم عنه من ضغط على موارد المدن الطبيعية من مياه وهواء وتربة ومساحات خضراء والمرافق العامة فيها من كهرباء وماء وهاتف بما يتطلب إنفاق مبالغ كبيرة لتأمين الحد الأدنى من الخدمات الضرورية للوافدين الجدد. ما دور جمعيات تنظيم الاسرة المنتشرة فى أنحاء الجمهورية.. ومدى الإقبال عليها.. ولماذا فشلت فى إقناع الأسرة بتحديد النسل؟.. سؤال طرحته على عبدالقوى قنديل مدير تنفيذى للإدارة المركزية لجمعيات تنظيم الأسرة. - ما زالت جمعيات تنظيم الأسرة مفتوحة أمام المواطنين، ولكن دورنا ضعيف لأن إمكانياتنا محدودة، و85% من المسئولية تقع على عاتق وزارة الصحة. وأضاف: الإدارة المركزية تضم 56 عيادة فى جميع المحافظات تبعية مباشرة، ونقوم بمخاطبة وزارة الصحة باحتياجات الفروع لوسائل تنظيم الأسرة، وبعد ذلك نتوجه للوزارة لاستلام الحصة، ويتم بيعها بأسعار رمزية، ولكن هناك وسائل غير متوفرة تماماً لدى الوزارة، كبعض أنواع الحقن والواقى الذكرى. وأكد «عبدالقوى» أن انخفاض الإقبال على وسائل منع الحمل والرغبة فى تنظيم الأسرة طبيعة الشعب المصرى، والخلفية الدينية تؤثر بشكل كبير فى إقناع الأسرة، فعادات الصعيد وحدها حتى الآن تؤكد أن «الخلفة عزوة»، فيصعب تغيير عاداتهم وإقناعهم وهذا يحتاج لجهد كبير من الدولة من وعى وتنمية وتعليم.