أعادتنا قضية التمويل الأجنبى والجدل المثار حولها هذه الأيام بين مؤيد بشدة تصل لحد الفجور لهذا التمويل المشبوه لحد مشابهاتها بالمعونات التى تتلقاها الدولة ذاتها من تلك الدول! ومعارض بحماس شديد يصل لحد التخوين لمن يأخذها، إلى ضرورة تعريف الأشياء أو الأفعال بمصطلحاتها الأصلية دون مجاملة أو مواربة أو تجميل وإلا وقعنا فى مستنقع العشوائيات والغوغائيات التى تجعل من الخيانة وجهة نظر! وهو مايحدث الآن إذ تداخلت الأمور بعضها فى بعض وتشابك العاطل بالباطل واختلط الحابل بالنابل ومن هنا تكمن الخطورة خاصة مع جيل نشأ وتربى وترعر فى كنف نظام فاسد عميل فقد انتماءه القومى العربى والإسلامى، صديق للعدو الصهيونى وحليف لأمريكا بل تابع تماماً لسياساتها وخادم أمين لتنفيذ إملاءاتها فى المنطقة ،وحينما تتغير البوصلة ويصبح العدو صديقاً وحليفاً وتتغير المفاهيم والقيم والمقاصد العليا للشعوب تكون أشبه بالزلزال ولابد أن يصحبه اهتزاز فى النفوس قبل العقول وتتزلزل الأرض من تحت أقدامنا ومَن لديه القوة وأقصد بها هنا المناعة الوطنية الأصيلة التى تجرى فى العروق مجرى الدماء فلن تُزل قدمه أبدا عن الصراط ولن يهوى مهما بلغ هذا الزلزال مداه الأقصى لأن تاريخه وميراثه يحصنه ويحميه ويعصمه من كل الفيروسات القاتلة التى تحملها الرياح العاتية من كل الاتجاهات، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، وهذا رهاننا على غالبية الشعب المصرى الأصيل أما ما دون ذلك فهم شرذمة يجب أن تنكشف ويفتضح أمرها على الملأ ليعرفها الشعب وتتضح الحقيقة ويتم فرز الغث من السمين ولو أنه بفطنته وذكائه المعهود قد عرفها وأحصاها عدداً ولا يحتاج إلى إعلان أو قرار اتهام من قاضى التحقيق فسيماهم فى وجوههم من أثر السجود لأمريكا!! أما مايدهشنى حقاً فهو دفاع مَن يطلقون على أنفسهم بالنخبة عن هذه الشرذمة وهجومهم على المسئولين سواء كانوا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو الحكومة لاتخاذهم قرارات تعزز السيادة الوطنية وترسخ لمبدأ سيادة القانون فى البلاد فبدلاً من الترحيب بهذه الخطوات والثناء عليها لحفاظها على الكرامة المصرية بدأت حملات التشكيك فى توقيتها والغرض من ورائها وأكثر ما استوقفنى وأثار سخريتى ممن يعتبرون أنفسهم مناظرين عصرهم وزمانهم هذا الذى ربط بين التصعيد المصرى ورجوع الوفد العسكرى من أمريكا دون إجراء مباحثاته المقررة سلفاً بالعصيان المدنى الذى دعت إليه بعض القوى السياسية ولاقى من الفشل الذريع مالم تتوقعه هذه القوى!! فالمفكر العبقرى يرى أن المجلس أو بلغتهم المتدنية (العسكر) أراد أن يربط العصيان بالتمويل الأجنبى حتى يفشل العصيان والإضراب ويصنع لنفسه مواقف عنترية تعيد ثقة الشعب به!! عجبى على هؤلاء القوم المكابرين والمستكبرين والكذابين والضالين والمضللين، وللأسف الشديد هؤلاء هم مَن يملئون ساحات الفضائيات ضجيجاً وصراخاً وعويلاً محاولين فرض آرائهم على الشعب بصفتهم نخبة المجتمع وصفوته! ولكن إذا ماربطنا بين هذه الفضائيات الكثيرة والتى ظهرت فى أعقاب الثورة وبين ماتسرب من وثائق ويكيلكس من أن جزءا من المليار ومائتي جنيه التى صرفتها الحكومة الأمريكية فى الستة أشهر التى أعقبت الثورة قد ذهبت لإنشاء محطات فضائية جديدة ودعم لبعض الصحف المستقلة يتضح لنا الكثير من أمر هؤلاء النخب وينقشع عن عيوننا الكثير من الغمامة ونجد إجابة لتساؤلاتنا الكثيرة المحيرة وبالتالى لا معنى لاندهاشى الذى أبديته سابقاً وإلا أصبح هناك اندهاش من البعض على اندهاشى هذا!! ولكن ماذا نقول فى زمن أصبحت للخيانة فيه أشكال متعددة ورؤى مختلفة مما جعلها وجهة نظر مع الأسف والأسى الشديدين!!