أتعجب لإندهاش المصريين بأنفسهم ،واندهاش العالم بهم ،ولا أرى فيما حدث من خروج شعبى للمصريين للإدلاء بأصواتهم ؛ إلا ما عهدناه من شعب يعشق بلده ،ويتغنى بعشقه لها ،ولكن السؤال :هل ما حدث مجرد حسابات سياسية أخطأ أصحابها فيها ..أم توقعات خيبت ظن أصحابها ؟،وأكاد أجزم أنهم لا يعرفون مصر حق المعرفة..وربما أكون مخطئاً لكونى لم أصب بعدوى الإندهاش ..كل ما أعرفه أننى كنت دائماً على يقين من أن "مصر عبد الناصر"لم أرها يوماً إلا من خلال عيون كتابها وشعرائها وعظمائها ، ويكفينى هذا لأراها كما هى حقاً.فمصر عظيمة وكبيرة ولو كره الكارهون ، وهى فى عليين إلى يوم الدين ،ولتسقط كل الأقنعة الزائفة ،وليسقط المزايدون على الحق الوطنى ،ولتقطع كل الأيادى التى تمتد بالإعتداء على كل الشرفاء ، فما حدث من اعتداء على المتظاهرين فى ميدان التحرير أو فى شارع محمد محمود أو أمام مجلس الوزراء ؛ يعد بمثابة فضيحة معلقة فى رقاب شرفاء هذا البلد والساعين للحكم ، ومجلس الوزراء الذى أتحفنا بمنحة صلاحيات واسعة ،وكذلك فى رقاب رجال الجيش الشرفاء الذين يأبون ما تفعله تلك الشرذمة من اعتداءات سافرة ؛حتى ولو كانت على من يصفونهم بالخارجين عن القانون ؛ فالسكوت والتغاضى والإهمال عن تلك الجرائم يفتح الكثير من اللغط حولها . إن أصعب احساس فى الدنيا ؛أن تشعر بالغربة وأنت فى حضن وطنك ،ولكن أعتقد أن الشعور الأصعب أن تشعر وتلمس وتشاهد وطنك وهو يتألم من احساسه بالغربة وهو فى حضن أولاده ، فلو فكر الناس فى مصيرهم لأمن الكل ،ولو تأملوا دنياهم ما غرقوا فيها ،ولو تأملوا الموت ما تكالبوا عليها ،ولو ذٌكِروا بالآخرة لفروا فراراً إلى جنات ربهم ،ولكن لا أحد يفكر ..الكل يهرول ليلحق بشىء ..وهو لا يدرى أن ما يجرى خلفه "سراب"،وأن الدقائق والساعات والأيام تجرى وعمره يجرى وآخر المطاف ..الموت!!وإن لله وإن إليه راجعون . وكلمة أخيرة أقولها ..إن من الشيوخ من حصل على كرسى فى المجلس على حساب دم الشهداء ،وعلى حساب تكفير البشر ،وأى شىء فى سبيل الكرسى ..أما من ماتوا فى سبيل هذا الوطن ؛فربما يحصل بموته على مقعد فى الجنة بجوار الشهداء.