قالت صحيفة "تليجراف" البريطانية إن العنف الذى شهدته مصر خلال الايام الثلاثة الماضية، يعيد البلاد إلى الوراء بعد ان كانت قد أحرزت خطوة نحو الاستقرار بانطلاق عمل البرلمان الجديد . واوضحت الصحيفة ان القاهرة والسويس وبورسعيد والإسكندرية شهدت مواجهات عنيفة سواء بين المواطنين الغاضبين والشرطة، او بين مشجعى كرة القدم فى فريقى الاهلى والمصرى البورسعيدى. وقالت الصحيفة إن الشباب الثائر يحمل المجلس العسكرى المسئولية ويعتبر ان تسليم السلطة للمدنيين هو الحل لتلافى مثل هذه الاحداث. ورأت ان هناك إجماعا بين المتظاهرين الذين تجمعوا فى التحرير وشارع محمد محمود وامام النادى الاهلى، على ضرورة رحيل المجلس العسكرى، بل انهم طالبوا بمحاكمة المشير "محمد حسين طنطاوى" رئيس المجلس . وقالت الصحيفة إن العنف والاضطرابات ستزيد من الضغوط على العلاقة بين اكبر ثلاثة قوى سياسية فى البلاد حاليا، وهم المجلس العسكرى الذى يدير البلاد، وجماعة الاخوان المسلمين التى تسيطر على مجلس الشعب، وقيادات الثورة من الناشطين الشباب. واوضحت الصحيفة أن المتظاهرين وبعض السياسيين اتهموا "علاء" و"جمال مبارك" ابناء الرئيس السابق "حسنى مبارك"، اللذان يملكان علاقة وطيدة بالمؤسسة الرياضية وخاصة كرة القدم, بتحريص اتباعهم على تنفيذ مذبحة بورسعيد التى راح ضحيتها 74 شخصا. وأشارت الصحيفة إلى أن المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الاخوان المسلمين اتهم نظام "مبارك" بالوقوف وراء الاحداث الاخيرة، دون ان يشير الى الجيش او المجلس العسكرى، حرصا على العلاقة بين الاخوان والمجلس العسكرى والتحالف بينهما، وهو ما اغضب الناشطين والشباب الذين يتهمون الاخوان المسلمين بسرقة الثورة. واوضحت الصحيفة ان ما يسمى ب " الألتراس" من جمهور النادى الاهلى كان لهم الدور الاساسى والفعال فى مواجهة انصار الرئيس السابق "حسنى مبارك" فى موقعة الجمل الشهيرة فى ميدان التحرير العام الماضى. وربطت الصحيفة بين ما حدث فى بورسعيد وموقعة الجمل, ناقلة عن بعض الناجين من حادث استاد بورسعيد قولهم: عصابات مسلحة بالاسلحة البيضاء اندفعت الى الملعب عقب انتهاء المباراة يوم الاربعاء الماضى. وقال "مصطفى صالح" البالغ من العمر 25 عاما: مجموعة كانت تجلس فى الاتجاه المعاكس للمكان الذى كان يجلس فيه مشجعى النادى الاهلى، وكانوا منفصلين عن المشجعين العاديين لنادى المصرى، وعقب انتهاء المباراة شاهد 20 شخصا تقريبا يندفعون وراء جماهير الاهلى ومعهم اسلحة بيضاء، فلجأت جماهير الاهلى الى الاحتماء بغرفة خلع الملابس للاعبى الاهلى, وتمت اصابة العديد من المشجعين بينما سقط آخرين قتلى. كما نقلت الصحيفة عن شهود عيان انه كانت هناك تحذيرات قبل المباراة من ان جماهير المصرى ستهاجم جماهير الاهلى، وقال "شريف جلاء" 24 عاما: انه لم يذهب الى المباراة بسبب هذه التهديد، وكان ذلك على موقع مشجعى المصرى على "الفيسبوك"، ولكن لم يتوقع احد ان يصل الامر الى حد القتل. واضاف ان صديقه "محمد سمير" اصر على الذهاب الى بورسعيد، وذهب بالفعل ولقى حتفه هناك. واشار الى ان مباريات كرة القدم غالبا ما تشهد مشاكل وعنف، الا ان الامر لم يصل الى حد القتل، وما حدث فى بورسعيد كان نتيجة غياب الامن الكاف. وقالت الصحيفة ان الشرطة المصرية فقدت قوتها منذ قيام الثورة، ولم تعد قادرة على توفير الامن، فقد تم السطو على البنوك، وتزايدت السرقات والتحرش الجنسى بالسيدات، وغيرها من الاعمال الاجرامية. ونقلت الصحيفة عن المشجعين الذين حضروا المباراة انه رغم المضايقات التى تعرضت لها جماهير الاهلى من مشجعى بورسعيد، الا ان الشرطة لم تتدخل، كما انه عقب انتهاء المباراة اندفعت الجماهير للخروج، فوجدت الابواب مغلقة، مما ادى الى تراجعهم مرة اخرى الى المدرجات وهنا حدثت الاحتكاكات والتزاحم والقتل. ومع ذلك هناك من يرى ان ماحدث فى بورسعيد ليس له بعد سياسى، وانما يرجع لعدم كفاية الاجراءات الامنية. واشارت الصحيفة الى ان بعض جماهير المصرى يبررون ما حدث بان جماهير الاهلى استفزتهم، ووجهت اليهم اهانات، وهو ما جعل بعض المسلحين بالاسلحة البيضاء يهاجمونهم عقب المباراة لرد الاهانة .