ماذا يجمع بين حسني مبارك والملك عبدالله الثاني والملك حمد بن عيسى والشيخ حمد بن خليفة، والشيخ محمد بن زايد والأمير خالد بن سلطان؟ كلهم عسكري تخرج في كلية أركان وخدم في القوات المسلحة لبلاده، وكلهم يكره الحرب وعمل أو يعمل لتجنبها. وأقول قبل أن يقوم قارئ غيور يزعم أنني «أمجد» الحكّام العرب إنني لا أمدح القادة العرب الذين أوردت أسماءهم، ولا أنتقدهم، وإنما أسجل ما أعرف عنهم شخصياً، فالذي يعرف ويلات الحرب بعد أن درس مدى الدمار المرافق لها، لا يريدها. والآن أسأل ماذا يجمع بين ايليوت ابرامز وبول وولفوفيتز وريتشارد بيرل ودوغلاس فايث وجون بولتون؟ كلهم يهودي أميركي، وكلهم ليكودي من المحافظين الجدد، وكلهم تهرب من الخدمة العسكرية في فيتنام أو غيرها، وكلهم سعى إلى حروب أميركية يُقتل فيها زهرة شباب أميركا لخدمة مصالح إسرائيل وتدمير مصالح «بلادهم». خارج نطاق عصابة إسرائيل من خونة ليكوديين، قائدا العصابة كانا ديك تشيني ودونالد رامسفيلد، وكلاهما تجنب الخدمة العسكرية وأيّد كل حرب لفرض امبراطورية أميركية على العالم. وفوق الجميع كان جورج بوش الابن الذي تهرب من الخدمة العسكرية في فيتنام وعمل في الحرس الوطني الأميركي في تكساس. على سبيل التذكير، بوش وتشيني، اللذان كانا أجبن من أن يحاربا، هاجما سجل تصويت المرشح الديموقراطي للرئاسة جون كيري على الأمور العسكرية في مجلس الشيوخ، وهذا مع أن كيري خدم في فيتنام وكان بطلاً فاز بوسام «القلب القرمزي» ثلاث مرات. في المقابل، كل سجل بوش الابن في تكساس أنه صلّح أسنانه. الأميركيون يصفون الذي يتهرب من الخدمة العسكرية والحرب ثم يؤيد الحروب بأرواح الآخرين بأنه «الصقر الدجاجة» chickenhawk، وفي شرح ذلك أن هذا الجبان له صرخة صقر والعمود الفقري لدجاجة. وثمة طرفة أميركية تفقد كثيراً من لسعتها في الترجمة ولكن أحاول، هي: ماذا يحدث إذا زوجت صقراً على دجاجة؟ الجواب: فِرّي. وهذا الجواب لعب ذكي على الكلام لأن فِرّي بالإنكليزية «كويل» وهو اسم نائب الرئيس دان كويل الذي تجنب الخدمة في فيتنام وأيد الحروب وهو نائب الرئيس مع بوش الأب. اليوم، التاريخ الأميركي يعيد نفسه مع أنه تاريخ حديث ولا يزال المواطن الأميركي العادي يدفع ثمنه كل يوم، إن بعدد القتلى من الجنود الأميركيين وعشرات ألوف المعاقين العائدين، أو بتدمير الاقتصاد الأميركي والعالمي. المتنافسون على الترشيح للرئاسة عن الحزب الجمهوري، باستثناء الطبيب رون بول الذي خدم في فيتنام وهو متزوج وله ولدان، يؤيدون حرباً على إيران، والمتطرف الزاني المهرج نيوت غينغريتش لا يكتفي بغارات جوية لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وإنما يريد حرباً وقلب النظام لإنهاء النفوذ الإيراني في العراق. والحاكم ريك بيري اقترح عودة عسكرية إلى العراق لإخراج النفوذ الإيراني ثم إبقاء قوات أميركية فيه. أما ميت رومني فهو اتهم إدارة أوباما بالتخاذل لأنها لا تواجه إيران. والكل أعلن التزامه الكامل بإسرائيل، وهي بقيادة حكومة فاشستية، تصدر قرارات عنصرية من مستوى نازي وتحتل وتطرد وتقتل. وكما في إدارة بوش الابن، أو الولد، هناك عصابة في الميديا ودُور البحث تؤيد الحرب، وهي أيضاً من نوع «الصقر الدجاجة» وأعضاؤها تهربوا من الخدمة العسكرية، ولا يزالون يصرون على إرسال شباب أميركا إلى الموت في حروب عنصرية. من هؤلاء وليام كريستول، وهو مثل أبيه ارفنغ حقارة وتطرفاً، وجونا غولدبرغ ومايكل ليدين ودانيال بايبس، ابن ريتشارد، وديفيد وورمزر وزوجته ميراف (وأعتبرهما إسرائيليَيْن) وفرانك غافني وماكس بوت وروبرت وفردريك كاغان، إبنا دونالد، وجيمس وولزي ونورمان بودهورتز ومعهم أمثال بيل اورايلي وراش ليمباو. ولا أنسى السناتور جو ليبرمان الذي أعتبره يمثل إسرائيل فقط في مجلس الشيوخ، وهو أيضاً لم يؤد الخدمة العسكرية. كلهم ذلك «الصقر الدجاجة»، والأميركيون يدفعون الثمن، ومعهم العالم كله. نقلا عن صحيفة الحياة