الفابت المالكة لجوجل تعزز من عائداتها وأرباحها في الربع الأول    مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل، والسبب غريب    عاجل - حزب الله يعلن استهداف قافلة تابعة للعدو قرب موقع رويسات العلم.. وهذه خسائر قوات الاحتلال    إسرائيل تدرس اتفاقا محدودا بشأن المحتجزين مقابل عودة الفلسطينيين لشمال غزة    وزير الخارجية الصيني يجري مباحثات مع نظيره الأمريكي في بكين    أحشاء طفل و5 ملايين جنيه وتجارة أعضاء بشرية.. ماذا حدث داخل إحدى الشقق السكنية بشبرا الخيمة؟    أنغام تبدع في غنائها "أكتبلك تعهد" باحتفالية عيد تحرير سيناء بالعاصمة الإدارية (فيديو)    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    البنتاجون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ «ATACMS»    عاجل - قوات الاحتلال تقتحم نابلس الفلسطينية    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 26 أبريل    سيول جارفة وأتربة، تحذير شديد اللهجة من الأرصاد بشأن طقس اليوم الجمعة    طريقة تغيير الساعة في هواتف سامسونج مع بدء التوقيت الصيفي.. 5 خطوات مهمة    ماجد المصري عن مشاركته في احتفالية عيد تحرير سيناء: من أجمل لحظات عمري    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. توجيهات الصحة بتجنُّب زيادة استهلالك الكافيين    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    طارق السيد: ملف بوطيب كارثة داخل الزمالك.. وواثق في قدرات اللاعبين أمام دريمز    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    رئيس لجنة الخطة بالبرلمان: الموازنة الجديدة لمصر تُدعم مسار التنمية ومؤشرات إيجابية لإدارة الدين    نجم الأهلي السابق يوجه رسالة دعم للفريق قبل مواجهة مازيمبي    ناقد رياضي: الزمالك فرط في الفوز على دريمز الغاني    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    تطبيق "تيك توك" يعلق مكافآت المستخدمين لهذا السبب    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    يونيو المقبل.. 21364 دارسًا يؤدون اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    الزراعة: منافذ الوزارة تطرح السلع بأسعار أقل من السوق 30%    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    ذكري تحرير سيناء..برلماني : بطولات سطرها شهدائنا وإعمار بإرادة المصريين    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مرور 50 عامًا..هزيمة يونيو فى قاعة البرلمان
نشر في الوفد يوم 07 - 06 - 2017

أحمد القصبى: نحن وراء «عبدالناصر» كالمصلين وراء الإمام
توفيق الشال يهتف قائلاً: إلى الأمام يا شعب مصر.. سنلقنهم درسًا لن ينسوه طوال حياتهم
منذ خمسين عاماً، وعلى وجه التحديد يوم الاثنين الموافق 5 يونيو عام 1967.
تلقت مصر ضربة عسكرية موجعة من جانب إسرائيل أنزلت بها هزيمة ثقيلة، لكنها -وكعادة مصر عند الشدائد- لم تقصم ظهرها، كما تصور الأعداء ولم تكسر إرادتها، بل كانت وقودًا للثأر وتحقيق أعظم انتصار على إسرائيل فى السادس من أكتوبر عام 1973. ذلك النصر الذى رد الاعتبار للعسكرية المصرية. بعد نصف قرن من الزمان يتوافق يوم «الاثنين» 5 يونيو عام 67 مع يوم الاثنين 5 يونيو عام 2017، كما يتزامن أيضًا مع يوم العاشر من رمضان، وهو يوم العبور العظيم والنصر. و«الوفد» ترصد إرهاصات الهزيمة فى البرلمان (مجلس الأمة)، الذى رأسه أنور السادات آنذاك وهو من قاد مصر إلى انتصار أكتوبر، وذلك قبل يوم واحد من وقوع الهزيمة.
فى يوم الثالث من يونيو، عقد مجلس الأمة جلسته الثلاثين برئاسة أنور السادات ومعاونيه العضوين محمد صبرى القاضى، ومفيدة عبدالرحمن. وكان عدد الغائبين بإجازة 14 عضوًا، فيما اعتذر 23 عضوًا عن عدم الحضور ووافق المجلس على منح عضوين إجازة لمدة شهر لمرضهما. فى بداية الجلسة أعلن السادات عن ورود ثلاث رسائل، الأولى من رئيس الوزراء محمد صدقى سليمان ومعها مشروع قانون فى شأن العقوبات. أما الرسالة الثانية فقد كانت برقية من صاحب السعادة أحمد زيد السرحان، رئيس مجلس الأمة الكويتى وتضمنت البرقية عدة نقاط أساسية:
اجتماع المجلس للدفاع الأعلى لوضع الترتيبات الخاصة بإرسال وحدات من جيش الكويت الباسل ليساهم بمعركة الشرف جنبًا إلى جنب مع إخوانه العرب فى السلاح.
تكليف وزير الخارجية باستدعاء سفراء الدول الكبرى وإبلاغهم بموقف الكويت الحازم وبأن أى عدوان على أى دولة عربية من جانب أى دولة من تلك الدول بالاشتراك مع العصابات الصهيونية، فإن الحكومة ستقوم بوقف جميع مصالح تلك الدولة فى الكويت.
إرسال برقيات شكر وتقدير إلى برلمانات الدول الشرقية والآسيوية والأفريقية التى أعلنت تأييدها ومساندتها للعرب.
إرسال برقيات استنكار واحتجاج إلى برلمانات الدول المساندة للعصابات الصهيونية الغاصبة فى تصرفاتها الجائرة تجاه الدول العربية.
إرسال برقية استنكار واحتجاج على تصريحات الرئيس الأمريكى جونسون ومناقضته لحقوق العرب المشروعة بالإشراف على الملاحة فى خليج العقبة.
مناشدة الجارة المسلمة الصديقة إيران بأن تقف إلى جانب الدول العربية فى موقفها الحق العدل باسترداد الوطن العربى السليب وبذل المساعى لديها لكى توقف تزويد العصابات الصهيونية بالبترول.
هذا هو نص برقية رئيس البرلمان الكويتى والتى نالت تصفيقًا حاداً، ثم تلا السادات نص برقية صبرى حمادة، رئيس مجلس النواب اللبنانى، التى أكد فيها أن الحكومة اللبنانية تعبئ أقصى طاقاتها لتمكين جيش لبنان من القيام بدوره كاملًا وأعلن تأييد لبنان الكامل للجمهورية العربية المتحدة والجمهورية العربية السورية ضد العدو المشترك.
وبعد التصفيق الحاد، فتح «السادات» باب المناقشة، وكان أول المتحدثين العضو سيد جلال، حيث طالب بإرسال برقيتى شكر للبرلمان الكويتى والبرلمان اللبنانى ورد عليه السادات قائلاً: نحن نتابع إرسال برقيات شكر باسمكم إلى جميع البرلمانات المؤيدة لنا».
وقال العضو حامد عبداللطيف: «إن ذكر الكويت للبترول وأهميته فى هذه المعركة عنصر أساسى وضمان للنصر الأكيد، لقد كان هذا الإحساس ملهمًا به قائدنا عندما خط بقلمه فلسفة الثورة. وقال إن البترول الذى تحصل عليه جميع البلاد من الشرق الأوسط الذى يحرك الطائرة والمدفع والغواصة، وهو بذلك إذا تخلف عن هذه الآلات فإنها تصبح حديدًا يعلوه الصدأ على مر الزمان دون حركة أو حيوية. وأضاف العضو: أن البترول هو المادة الاستراتيجية الأولى فى هذه المعركة.
الموقف الليبى
ثم تحدث العضو محمد زين العابدين على عطية، مشيرًا إلى خروج الشعب الليبى عن بكرة أبيه عقب صلاة الجمعة لتأييد مصر والمناداة بضرورة التحام ليبيا فى المعركة مع شقيقاتها.
وقال: نريد أن نعرف نحن ممثلى الشعب فى الجمهورية العربية المتحدة، وقد ارتفعنا إلى مستوى أمة عربية واحدة فالتحمت معنا جبهة الأردن بطول 600 كيلومتر وأصبحت لنا قدم فى الأمة العربية وتوشك الأخرى أن تدخل الأرض المقدسة المغتصبة ونريد أن نعرف رأى السلطات الحاكمة فى ليبيا بعد أن تفجر البترول بغزارة فى هذه البلاد، لأن أعين القوات المعادية لنا أصبحت مسلطًا على هذا البترول يودون استخدامه بديلًا عن بترول تلك البلاد العربية المنتجة له وأعلنت التأهب لمعركة الحرية داخل الأراضى العربية.
واختتم العضو كلامه بالمطالبة باتخاذ قرارات ثورية باسم الشعب وممثليه فى جميع برلمانات الأمة العربية ضد الذين وقعوا وثيقة العدوان فى أمريكا ويعرضونها على الدول العربية.
ورد عليه رئيس المجلس أنور السادات بقوله: أرجو ألا يأخذنا الحماس وقد فوضنا الأمر للقيادة السياسية ومنحناها التأييد الكامل فى أن تتخذ فى حرية ومرونة كاملتين جميع القرارات اللازمة لمواجهة كل ظرف وهى والحمد لله قد أعدت لكل احتمال عدته وبعد تصفيق حاد وافق المجلس على إرسال برقية إلى البرلمان الليبى بالتساؤلات عن موقف حكومته.
الدول الكبرى الفريدة لإسرائيل وذلك فى كتاب فلسفة الثورة، وأن الكويت أول من لوح باستخدام سلاح البترول، كما أنها كانت الأولى فى التهديد بالمقاطعة الاقتصادية، فضلًا عن ذلك فقد كشفت المناقشات عن التضامن العربى مع مصر وسوريا.
تقرير لجنة الشئون العربية
وطلب أنور السادات رئيس المجلس مناقشة تقرير لجنة الشئون العربية والعلاقات الخارجية والدفاع الوطنى المدرج فى جدول أعمال الجلسة. وقام المهندس سيد مرعى، رئيس اللجنة بعرض التقرير (ملحوظة: سيد مرعى أصبح رئيسًا لمجلس الشعب فى عهد الرئيس السادات فيما بعد كما ارتبطا بعلاقة نسب ومصاهرة، حيث تزوج ابن المهندس مرعى ابنة الرئيس السادات). وننشر مقتطفات من التقرير، الذى يعبر عن الأجواء التى سبقت ومهدت لهزيمة الخامس من يونيه.
ما كادت الجمهورية العربية المتحدة تبادر إلى اتخاذ الإجراءات السياسية والعسكرية التى يمليها عليها واجبها الوطنى والقومى ويفرضه عليها الحفاظ على سيادتها على أراضيها ومياهها الإقليمية حتى طار صواب الاستعمار وإسرائيل وحمايتها.. كيف تنتهى مهمة قوة الطوارئ الدولية بطلب من الجمهورية العربية المتحدة؟ وكيف لا يعرض الأمر على الأمم المحدة؟ وينكرون على السكرتير العام للأمم المتحدة حقه عندما استجاب بنزاهة وشرف لطلبها تأسيسًا على أن وجود القوة كان بالاتفاق بين السكرتير العام الراحل (همرشلد) والجمهورية العربية المتحدة التى أعلنت سيادتها الكاملة على مضيق تيران وعودة الأوضاع فيها إلى ما كانت عليه قبل العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 وتوالت التصريحات المحمومة من جانب المسئولين فى الولايات المتحدة الأمريكية وتصاريح أعضاء مجلس الشيوخ والنواب فى الكونجرس الأمريكى من عملاء إسرائيل ومأجوريها.
وترددت التصريحات «بأن إسرائيل أهم لأمريكا من فيتنام»، وسارع مجلس العموم البريطانى الذى أصبح ولا شىء إلا ترديد لصوت سيده بلاده أمريكا وأداء تحركه الصهيونية والاحتكارات العالمية وبدأنا نسمع من يقول منهم إن إغلاق خليج العقبة فى وجه الملاحة الإسرائيلية «عمل عدوانى» ثم رأينا إسرائيل تطالبه بعمل حاسم وسريع لأن الزمن ليس فى صالحها».
ويمضى التقرير شارحًا الموقف الدولى من إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية ويقول: «لجأت الدول الاستعمارية إلى مجلس الأمن وانعقد المجلس بناء على طلب كندا والدانمارك لعله يجد لها سندًا للنصر فى العدوان تحت اسم المنظمة الدولية. واجتمع المجلس وانتهى اجتماعه كما بدأ بخيبة أمل وفشل ذريع، ذلك لأنهم نسوا أن هذا حق الجمهورية العربية المتحدة الطبيعى فى سيادتها على مياهها الإقليمية، وأن القوانين الدولية تؤكد هذه السيادة وأن مضيق تيران لا يدخل فى نطاق اتفاقية جنيف، فليس مضيقًا دولياً، ولم توقع مصر على هذه الاتفاقية. ونسوا كذلك أن استخدام إسرائيل لهذا الخليج إنما كان فى أعقاب العدوان الثلاثى سنة 1956 وعلى أساس سياسة الأمر الواقع التى فرضها العدوان الثلاثى الآثم على مصر وأن العدوان لا يرتب حقاً. كما أن الإجراءات التى اتخذتها مصر إنما هى عودة طبيعية ومشروعة لما كان عليه الوضع قبل العدوان الثلاثى ووضح انحياز أمريكا الكامل لإسرائيل وراحت تجر وراءها كندا وبريطانيا التى لم تتعظ بدرس السويس بعد أن تكشفت أسرارها».
وتناول التقرير تحركات حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية فى البحر الأحمر فى فجر يوم الخميس الأول من يونيو، وقال التقرير: «لقد أبحرت فجر أمس الأول حاملة الطائرات الأمريكية (انتربيد) قناة السويس من بورسعيد إلى البحر الأحمر وتجوب البحر الأحمر الآن حاملة الطائرات الإنجليزية (هرميس) بناء على تعليمات لندن. ويتحدث قائد الأسطول الأمريكى عن انتظار تعليمات من الرئيس جونسون الذى يقود حملة الضغط العسكرى والاقتصادى والسياسى والنفسى ضدنا، ويطير جونسون إلى كندا، ثم يسافر إليها هارولد ويلسون، رئيس وزراء إنجلترا ليجتمع مع مستر بيرسون، رئيس وزراء كندا ويعود إلى الولايات المتحدة، والهدف من ذلك خلق جو من الافتعال يخدم العدوان ويمهد الطريق لتدخل عدوان جديد وقد كملت خيوط المؤامرة بالأمس وأعلنت أمريكا وبريطانيا وإسرائيل عن توقيعها على ما يسمى «إعلاناً دولياً» مع محاولة للتأثير على الدول المشتركة فى هيئة الملاحة الدولية للانضمام لها بدعوى القيام بإجراء مشترك لتأكيد حرية الملاحة فى خليج العقبة. إنه مظهر من مظاهر القرصنة فى القرن العشرين، وأسلوب يعيد إلى الذاكرة ما كان يسمى ب«دبلوماسية البوارج».
والشعب العربى فى مصر سيعتبر أى محاولة من جانب الولايات المتحدة وإنجلترا والدول التى تقبل التوقيع على مثل هذا الإعلان المعادى للجمهورية العربية المتحدة ولسيادتها لفتح خليج العقبة بالقوة أمام الملاحة الإسرائيلية أو الملاحة التى تخدم إسرائيل عملًا يشكل عدوانًا مباشرًا وستباشر الجمهورية العربية المتحدة فى مواجهة هذا العدوان السافر استخدام كل حقوق الدفاع عن النفس (تصفيق حاد).
ويستمر المهندس سيد مرعى فى تلاوة التقرير إلى أن يقول: «إن الشعب العربى قد حانت فرصته ليثأر لشهداء معاركه فى غزة والضفة الغربية والتوافيق والمسموع يريد أن يدحر العدوان وأن ينهى هذا الوضع البغيض فما عاد يحتمل أن يرى الغاصب يتجاسر على الأرض المقدسة وأهلها الشرفاء وقد آن الأوان للعودة الظافرة واليوم تتجمع ألوية جيوشه من كل بلد عربى على أرض المعركة فى شرم الشيخ وعلى الخطوط الأمامية فى روح معنوية عالية إيمانًا بالمصير المشترك ووحدة الأمة العربية وتأمين سلامتها ومثلها القومية بظاهرة تأييد العالم وشعوبه والدول الاشتراكية والصديقة.
لقد استردت الإرادة العربية فى عشرة أيام ما أجهدوا أنفسهم فى العمل من أجله عشر سنوات وأصبح على الاستعمار أن يدرك أن العرب اليوم غيرهم بالأمس. إنهم فى عام 1967 غيرهم فى عام 1948 يوم نكبوا فى أملهم الكبير أمام عصابات من شذاذ الأفاق ولم يعد التاريخ نفسه كما يتوهم الاستعمار».
وأشار التقرير إلى تراجع صندوق النقد الدولى عن موافقته بسحب مبلغ من حصة مصر وطلبه إيفاد بعثة أخرى للتفاوض تحت ضغط الولايات المتحدة والاستعمار. وكذا ترديد ادعاءات باستخدام القوات العربية للغاز فى اليمن، كما أشاد التقرير إلى توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والأردن يوم 30 مايو وما نجم عنه من بث الرعب والفزع فى إسرائيل وحمايتها من هول المفاجأة وتعليقات واشنطن ولندن على نتائجها بعبارة «لقد قلبت خططنا رأسًا على عقب». ووجه التقرير الشكر إلى الجيوش العراقية والجزائرية والسورية والسودانية والكويتية ليكونوا إلى جانب الجيش المصرى كقوة ضاربة تطحن العدوان المتمثل فى إسرائيل».
وانتهى المهندس سيد مرعى، رئيس اللجنة المشتركة ووكيل المجلس من تلاوة التقرير وفى أعقاب ذلك طلب أنور السادات رئيس المجلس من الأعضاء طالبى الكلمة ألا تجاوز كلمة كل منهم خمس دقائق وكان أول المتحدثين العضو (حافظ بدوى) الذى تولى رئاسة المجلس فى عهد السادات أيضًا وكانت شهرته حافظ الميثاق، الذى استعرض الانتصارات العربية من أول موقعة اليرموك بقيادة خالد بن الوليد مرورًا بمعارك القادسية وأجنادين وذات الصوارى وحطين وانتهاء بموقعة بورسعيد سنة 1956 بقيادة البطل العربى جمال عبدالناصر.
ثم تحدث العضو محمد سعيد توفيق الشال، مشيرًا إلى مقال «سلوين لويد» وزير خارجية إنجلترا أثناء العدوان الثلاثى والذى يطالب فيه أمريكا وإنجلترا والدول البحرية باستخدام القوة لضمان فتح خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية باعتباره ممرًا مائيًا دولياً. واختتم كلامه صائحاً: إلى الأمام يا شعب الجمهورية العربية المتحدة خلف رئيسكم جمال عبدالناصر إلى العلا.. إلى الكرامة.. إلى العزة غير مكترثين بما يقولون ولا مصغين لما يهدفون به ولنحاربهم ولنقاتلهم وأن النصر لنا وسيسير الشعب العربى والعالم الحر كله وراء مبادئ رئيسنا المحبوب حتى نقهرهم جميعًا وأننا لقادرون عليهم إن شاء الله وسنعلمهم وسنلقنهم درسًا لن ينسوه طوال حياتهم». (تصفيق حاد).
أما العضو أحمد الصبى فقد قال: «عندما بدأت إسرائيل تكشر عن أنيابها معتقدة أننا مشغولون فى الحركات التحررية فى اليمن أو غيرها إذا بالقيادة السياسية الواعية تلقنهم درسًا وتمسك بزمام الموقف تمامًا منذ 14 مايو الماضى، وهكذا رأينا أن جميع القرارات التى أصدرتها قيادتنا وما ترتب عليها من نتائج إن دلت على شىء فإنما تدل على أن تلك القيادة تسيطر على الموقف سيطرة كاملة»!! وعلينا جميعًا أن نكون وراء تلك القيادة كالمصلين وراء الإمام!!
خليج العقبة ومضيق تيران
وأخذ العضو صبرى القاضى الكلمة، حيث أشار إلى واقعتين ذات أهمية ودلال تتعلق بمضيق تيران.
الأولى تتعلق باحتجاز السفينة البريطانية «امباير روش» فى خليج العقبة عام 1951 وتولت حراستها قوة مسلحة مصرية، ثم أعطى لها الإذن بالمرور بعد تفتيشها وذلك بعد أن تم اتصال من السفير البريطانى بالقاهرة بوزير الخارجية أبلغه فيه احترام إنجلترا للسيادة المصرية على المياه الإقليمية وترجو الموافقة على أن السفن الإنجليزية التى يتم تفتيشها فى ميناءى الأدبية أو السويس تقوم السلطات المصرية بإخطار سلطات التفتيش فى مضايق تيران وخليج العقبة بأنه تم تفتيشها ومن ثم لا يعاد تفتيشها مرة أخرى.
والواقعة الثانية عندما انسحبت قوات إسرائيل عام 1957 بعد العدوان الثلاثى طلب ممثل إسرائيل فى الأمم المتحدة أن يضمن الأمين العام بواسطة قوات الطوارئ الدولية حق مرور السفن فى خليج العقبة، وهذا الطلب ثابت فى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 7 فبراير عام 1957. وقد رد التقرير على ذلك بأن قوات الطوارئ الدولية لا يمكن أن تستخدم لإقرار أو فرض أية مشكلة سياسية أو قانونية وبالتالى لا يمكن أن تضمن هذه القوات لإسرائيل حق المرور.
وأوضح العضو شكرى ديمترى الذى كان حديثه هادئًا ومرتبًا واتسم بالعقلانية بعيدًا عن الحماس عدة حقائق مهمة ربما تفيدنا بجانب حديث زميله صبرى القاضى فى الجدل الدائر حول مصرية تيران وصنافير.
الأولى: إن علماء القانون الدولى متفقون على وجوب التفرقة بين الخلجان التاريخية وغير التاريخية. ويقولون إن الخلجان التاريخية لا يشترط فيها شرط معين لا من ناحية الطول أو العرض أو سمة الفتحة وإنما تعتبر إقليمية إذا كانت قد درجت على هذا النحو مدة طويلة.
الثانية: أجمع علماء القانون الدولى أن خليج هدسون فى كندا خليج إقليمى رغم أن طوله يصل لأكثر من 900 ميل وأن عرضه يتجاوز 700 ميل وتصل فتحته إلى 80 ميلاً. وأن خليج بطرس الأكبر الذى يقع فيه ميناء «ليفوستك» لم يبدأ ليكون خليجًا إقليميًا إلا منذ عام 1901 أى فى أول القرن العشرين.
أما خليج العقبة فلا نزاع فى أنه أكثر من 13 قرنًا هو خليج إقليمى للعرب وهو الطريق الوحيد للحج بالنسبة للدول التى تقع على جانبيه.
الثالثة: يشترط علماء القانون الدولى وأحكام القانون الدولى صراحة فى الممرات أو الخلجان الدولية شرطًا واضحًا وهو أن تكون موصلة بين جزءين من بحر عال أو بحرين عاليين، وأن خليج العقبة لا يوصل بين بحرين عاليين فهو لا يتصل إلا بالبحر الأحمر، كما أن هناك شروطًا أخرى للمياه الإقليمية فبعضهم يقول إنها ستة أميال وأكثرهم يقول 12 ميلاً.
الرابعة: خليج العقبة خليج إقليمى لأن اتساعه لا يجاوز 18 ميلًا فإن السعودية من جانب والأردن من جانب ثان ومصر من جانب آخر ما يؤكد أن الخليج إقليمى.
الخامسة: مضيق تيران لا يصل اتساعه إلى أربعة أميال وأن السفن التى تمر منه تكون على بعد ميل واحد من حدود مصر.
السادسة: إن مصر رفضت أن تنضم إلى اتفاقية جنيف لأنها أحست بأن هذه الاتفاقية قد وضعت خصيصًا من أجل خليج العقبة وأن الاتفاقية أسقطت شرط أن يكون الخليج خليجًا إقليميًا أن يصل بين جزأين من بحر عال ولا يمكن العدول عن هذا الشرط بالاتفاقية لوجه الله وإنما لوجه الشيطان ووافق المجلس على اقتراحه بإحالة الموضوع إلى اللجنة التشريعية لبحثه تفصيلًا وإبلاغ تقريرها إلى برلمانات العالم والمنظمات الدولية.
وتوالت الكلمات الحماسية من جانب الأعضاء وها هو العضو خالد حماد يقول: إننا اليوم نسير فى ركاب الثائرين خلف زعيم قوى وقائد ملهم هو الرئيس جمال عبدالناصر الذى حدد لجيلنا والأجيال القادمة معالم الطريق إلى النصر وتبعته الدول العربية الذى وجدت فيه القائد الذى أعاد للجيش العربى مجده وقوته.
فيما تساءل العضو حسن حافظ الذى أصبح رئيسًا للهيئة البرلمانية للحزب الوطنى فيما بعد عن ضمانات عدم استخدام القاعدة الأمريكية فى ليبيا ضد مصر وعدم قيام اليهود فى ليبيا بالتعاون مع إسرائيل. ورفع المهندس سيد مرعى رئيس الجلسة بعد مغادرة السادات أثناء الجلسة وطلب الانتقال إلى جدول الأعمال ورفعت الجلسة على أن تعود للانعقاد يوم الأحد 4 يونيو والتى ناقشت قانون العقوبات.
حقائق تاريخية
وقائع جلسة الثالث من يونيو التى سبقت الهزيمة تكشف عن العديد من الحقائق - الوقائع التى نوجزها فيما يلى:
أولاً: غلب على المناقشات الثقة الزائدة والحماس الجارف والاستعجال فى ملاقاة العدو الإسرائيلى المدعوم سياسيًا وعسكريًا من أمريكا وبريطانيا دون الاستعداد اللازم.
ثانياً: إن الرئيس عبدالناصر أول من طالب باستخدام سلاح البترول فى مواجهة الدول الكبرى المؤيدة لإسرائيل، وذلك فى كتابه فلسفة الثورة، وهو ما تم استخدامه بفعالية فى حرب أكتوبر فيما بعد.
ثالثاً: دولة الكويت أول من لوح باستخدام سلاح البترول والتهديد بالمقاطعة الاقتصادية.
رابعاً: كشفت المناقشات عن تضامن العرب مع مصر وسوريا فى عشرة أيام رغم الخلافات بينهم وبين مصر وأبرزها المملكة الأردنية.
خامساً: لم يصدر أى رد فعل من جانب المملكة السعودية نظرًا للخلافات القائمة بسبب التدخل المصرى فى اليمن والذى تعتبره السعودية منطقة نفوذ خاصة بها.
سادساً: إن طلب مصر من الأمم المتحدة سحب قوات الطوارئ الدولية وإغلاق خليج العقبة مضايق تيران لم يكن فى توقيته المناسب لعدم جاهزية الجيش المصرى المنهك فى حربه باليمن وأنه كان من الظلم للجيش المصرى جره إلى حرب ومواجهة مع إسرائيل فى أيام معدودات.
سابعاً: كشفت وقائع الجلسة عن إقليمية خليج العقبة وتأكيد السيادة المصرية على مضيق تيران منذ العهد الملكى واعتراف إنجلترا بالسيادة المصرية، فضلًا عن رفض أمين عام الأمم المتحدة مع إسرائيل حق المرور والملاحة باعتبار أن خليج العقبة ومضيق تيران ممر دولى.
ثامناً: لماذا لا يرجع مجلس النواب برئاسة الدكتور على عبدالعال إلى مضبطة الجلسة وتقرير لجنة الشئون التشريعية وكذلك تقرير اللجنة المشتركة من لجان الشئون العربية والعلاقات الخارجية والدفاع الوطنى للاستفادة بها قبل الإقدام على مناقشة اتفاقية تيران وصنافير.
وإلى اللقاء فى الحلقة القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.