لم يعد هناك مجال للشك ولأى متابع لمجريات الثورة والزخم المصاحب لها، أن مايسمى ب "ائتلافات الثورة" أخفقت وبامتياز فى قيادة قاطرة الثورة التى فجرها شباب آمنوا بالحرية ورفعو شعارها. ثائر بالمصادفة !! وأظهرت الأحداث أن معظم هذه الائتلافات التى ظهرت فى أعقاب تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك يوم 11 فبراير2010 تشكلت من مجموعة من الشباب المشارك فى الثورة، أو ممن وجدوا أنفسهم أعضاء بها مصادفة، ولم يخرجوا للميادين إلا بعد موقعة الجمل أو بعد التنحى، ليبدأ أعضاء هذه الائتلافات التى وصل عددها إلى ما يزيد على 200 ائتلاف فى احتلال القنوات الفضائية، منظرين ومحللين، وقطاع منهم لا يمتلك قدرة فعلية حتى على الاقناع أو استمالة الشارع السياسى والثورى، فى سبيل تحقيق أهداف الثورة وغايتها. ومنفصلين فى الوقت ذاته عن الشارع المصرى وعن تعريفه بمعنى الثورة وأهدافها وطبيعتها. مع العلم أن العمل الثورى هو عمل جماهيرى بالأساس واحتكاك مباشر بهم. وهو ما فشلوا فيه ووضح ذلك جليا فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتى وقعت تحت نير استقطابات القوى الإسلامية من جهة والليبرالية والعلمانية وباقى القوى من جهة أخرى، وهو ما سيخرج لنا برلمانا خاليا تمام إلا قليلا من شباب كانوا قوة الدفع الأساسى لهذه الثورة. قصور واضح فى هذا الإطار اعترف خالد تليمة الناشط السياسى وأحد الشباب الذين لم يوافقوا فى معركة الانتخابات البرلمانية بأن هناك قصورا واضحا فى أداء ائتلافات الثورة، حيث أثبتت تجربة الانتخابات أن هناك مفهوما خاطئا لاستمرار الثورة من خلال إقامة فعالياتها فى ميدان التحرير، وهو ما كان الخطأ الأكبر لأن الثورة كان لابد أن تكون فى كل ميادين وشوارع مصر. وأضاف "تليمة" أن غياب الاسترتيجية والتنسيق بين الائتلافات وبعضها خاصة وأن الهدف واحد ولكن ما حدث هو أننا وقعنا فى فخ الاختلافات الأيدلوجية. أخفقت فى الشارع واتفق فى ذلك "وليد المصرى" عضو مؤتمر التحالف الناصرى قائلا إن عدم وجود قيادة موحدة تقود العمل الثورى، وعدم سعى هذه الائتلافات لتفعيل دورها فى الشارع أفقدها ثقة الكثيرين، ناهيك عن فشلها فى تكوين قواعد ثورية فى كل محافظات مصر تعمل على إنماء الوعى السياسى والثورى لدى الجماهير، ما أدى إلى انفصال تام بينها وبين الشعب، بل الأدهى من ذلك اكتفاؤهم بالخروج على الفضائيات بالتنظير والأحاديث غير المجدية عن فترة حكم مبارك ولم يطرح أحد منهم فكرا أو تصورا عن مستقبل المرحلة ودور الشباب الثائر فيها . حجرة فى مجلس! وتابع محب أديب منسق مساعد حركة كفاية، ائتلافات شباب الثورة ارتضت أن تكون مجرد حجرة داخل مجلس الوزراء، على الرغم من أن الشرعية الثورية كانت تحتم على شباب مصر أن يقودوا بأنفسهم المرحلة الانتقالية للثورة التى أشعلوها، على الأقل من خلال طرح أفكار ورؤى ما فى صورة وثيقة فكرية تعبر عنهم، ويتم فرضها كشرعية ثورية خرجت من ميدان التحرير منبت الثورة، وعلى أساس أن كل ثورة كان لابد أن تتبنى أيديولوجية تعبر عن فكرها، واستشهد بثورة يوليو التى تبنت الفكر القومى، والثورة البلشفية التى قامت على الفكر الماركسى، وبالتالى كان لابد للشباب الثائر أن يتبنوا فكرا توافقيا جديدا يعبر عن ثورتهم. هذه الآراء بطبيعة الحال والخارجة عن شباب شاركوا وبقوة فى ثورة يناير تدل على المأزق الكبير الذى تعانى منه هذه الائتلافات فى تحسين صورتها والعودة مرة أخرى لقيادة القاطرة الثورية.