هيمن الأداء السلبي على البورصة القطرية في أسبوع التداول الماضي لتغلق منخفضة شأنها شأن معظم البورصات الخليجية والعربية التي اتجهت هبوطا في ظل استمرار أزمة منطقة اليورو وتوقعات دخول الاقتصاد العالمي في ركود جديد . ومنذ بداية هذا الاسبوع كان الانخفاض هو العنوان الأبرز في معظم البورصات الخليجية والعربية على وقع خفض وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لعدة دول اوروبية وتحذير منظمة البلدان المصدرة للبترول ( اوبك ) من اضرار قد تسببها ازمة الديون في منطقة اليورو بالاضافة إلى توقعات التقرير السنوي لمؤتمر الاممالمتحدة للتجارة والتنمية بدخول الاقتصاد العالمي في ركود جديد. ومنيت البورصة القطرية ، رابع أكبر بورصة خليجية ، في ختام تعاملات الاسبوع يوم الخميس بخسارة قاسية بعد ان تراجع مؤشرها العام لليوم الثالث على التوالي وللمرة الرابعة خلال الاسبوع إلى مستوى 8461.77 نقطة فاقدا نحو 93 نقطة بمعدل 1.09 بالمئة وهو ادنى مستوى في 11 اسبوعا بسبب ضغوط بيع قوية تعرضت لها معظم الاسهم تقريبا مع تأثر نفسية المستثمرين بتراجع اسواق المال العربية وعجز البورصة عن التغريد خارج سرب الخسائر . وقادت عمليات بيع قام بها مستثمرون أجانب على أسهم منتقاة في مختلف قطاعات السوق تراجعات السوق بالإضافة إلى تراجع أغلب الأسهم القيادية بنسبة كبيرة ، ليهوي المؤشر مرة أخرى دون مستوى 8500 نقطة عبر تداول 6.138 مليون سهم في قطاعات البنوك والمؤسسات المالية والتأمين والصناعة والخدمات بقيمة 234.57 مليون ريال قطري ( الدولار يساوي 3.65 ريال قطري ) موزعة على 3312 صفقة . وبهذا يكون المؤشر فقد خلال الأسبوع أكثر من 230 نقطة ، وجاء هذا الانخفاض نتيجة عوامل كثيرها اهمها عدم رضا بعض المستثمرين عن التوزيعات النقدية التي أعلنت عنها الشركات خاصة قطاع البنوك، وتراجع الأسواق العالمية وقلة أحجام السيولة بعد امتناع المستثمرين عن البيع وتراجع أسعار النفط الذي يرتبط مباشرة بأسواق المال العالمية وأخيرا عمليات البيع القوية التي يمارسها كبار الملاك بهدف الضغط على الأسهم للوصول بها إلى أقل سعر لمعاودة شرائها من جديد . وبالنسبة لاداء البورصات الخليجية والعربية فقد كانت بورصة مسقط الاسوأ اداء اذ لازمها الخط الاحمر طوال اسبوع التعاملات ولم تحقق اي صعود يذكر، وانخفض المؤشر الرئيسي للسوق السعودية ، كبرى البورصات العربية من حيث الرسملة السوقية، ثلاث مرات خلال نفس الاسبوع متكبدة خسائر فادحة قبل ان يرتفع المؤشر بصورة طفيفة في آخر يوم تداول . وبالمثل انخفض سوق أبوظبي ثلاث مرات ليتعافى في النهاية فيما تراجعت بورصات الكويت ودبي ومصر مرتين آخرها في نهاية التعاملات امس ، واغلقت بورصة البحرين مرتفعة بعد ان تراجعت مرتين خلال الاسبوع نفسه.
يأتي هذا فيما كشف تقرير لشركة مشاريع الكويت الاستثمارية لادارة الاصول (( كامكو )) عن ان عام 2011 انقضى على خسائر كبيرة في معظم البورصات الخليجية التي خسرت 56 مليار دولار من قيمتها السوقية في العام الماضي. واوضح التقرير ان أحداث الربيع العربي ومشاكل الديون السيادية في منطقة اليورو وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي طغت على التطورات المالية الإيجابية التي طرأت على الميزانية العامة لمعظم الدول الخليجية نتيجة ارتفاع أسعار النفط وبالتالي استغلال الفوائض المالية في دعم الاقتصاد وتمويل المشاريع الحيوية ما ادى الى هذه الخسارة. وذكر التقرير الذي نشرته الشركة على موقعها الالكتروني يوم الاربعاء ان الخسارة الاكبر كانت لبورصة الكويت بنحو 26 مليار دولار تلاها سوق الأسهم السعودي الذي خسر 14.5 مليار دولار من قيمته السوقية جراء تأثره بالتطورات الخارجية رغم السيولة العالية وتحسن ربحية الشركات . وبالمثل خسر سوقا دبيوأبوظبي 12 مليار دولار نتيجة شح السيولة في السوق وهجرة المستثمر الأجنبي، فيما كانت الخسائر لبورصة البحرين وسوق مسقط للأوراق المالية، كبيرة مقارنة بحجم تلك الأسواق إذ بلغت 3. 9 مليار و ملياري دولار على التوالي. واشار التقرير إلى أن الرابح الوحيد خلال عام 2011، كانت بورصة قطر التي ارتفعت قيمتها السوقية بملياري دولار مدفوعة بالنمو الاقتصادي وتوفر السيولة لتمويل مشاريع البنى التحتية وتطوير إنتاج الغاز. اما الاسواق العربية الأخرى فلم يكن الوضع فيها افضل إذ خسرت 40 مليار دولار من قيمتها السوقية وتصدرتها البورصة المصرية بخسارة نحو 25 مليار دولار بسبب الأحداث السياسية وما نتج عنها من آثار سلبية على الاقتصاد وأسواق المال والوضع المالي للدولة تلتها المغرب والاردن بخسائر بلغت 7.7 مليار دولار و 3.3 مليار دولار على التوالي، لتخسر البورصات العربية مجتمعة نحو 96 مليار دولار امريكي في العام الفائت. وكشف تقرير ((كامكو)) عن أنه بالرغم من تحسن الأداء المالي وربحية البنوك والشركات التشغيلية في عام 2011 بالإضافة إلى استمرار عملية تخفيض الديون وإعادة هيكلة تلك الديون التي تتبعها العديد من الشركات، إلا أن عوامل مباشرة عدة سوف تؤثر في اتجاه السوق خلال عام 2012، ابرزها السيولة المنخفضة والنمو الضعيف للائتمان وإمكانية نجاح تنظيم وخصخصة البورصة وتعديل نظام التداول وإعادة النظر في الشركات الموقوفة عن التداول. وهناك عوامل أخرى منها على الصعيد الاقليمي التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الاوسط وعلى صعيد منطقة الخليج تجاوز بعض الدول الخليجية المرحلة السياسية الحالية كالكويت والبحرين، والمراهنة على الانفاق الحكومي في دول المنطقة ومساعي كل من قطر والامارات لادراج اسواقهما المالية ضمن مؤشر الاسواق الناشئة ما يضعهما على خارطة الاستثمار العالمي. كما ان مؤشرات التقييم الرخيصة نسبيا في معظم اسواق الاسهم الخليجية والعائد الجاري العالي مقارنة بالعائد على الودائع نتيجة ارتفاع الربحية وانخفاض اسعار الاسهم في عام 2011 سوف تشكل عاملا ايجابيا في اقتناص الفرص الاستثمارية. وتوقع التقرير أن تبقى قطر في الريادة هذا العام بالنسبة للنمو الاقتصادي والوضع المالي الجيد للشركات المدرجة والبنوك بسبب مساهمة الحكومة في دعم الاقتصاد والجودة العالية لمحفظة القروض لدى البنوك. وخلص التقرير الى ان جميع العوامل الايجابية قد لا تكفي بسبب أزمة ديون أوروبا واحتمال عدم التوصل إلى حل جذري للأزمة، اضافة الى أزمة رفع سقف الدين الأمريكي فوق 16.4 تريليون دولار وتباطؤ النمو في الأسواق الناشئة والتي ستشكل مجتمعة عاملا ضاغطا على أداء الأسواق وتذبذبها. وقال الخبير الاقتصادي حسن العلي لوكالة انباء (( شينخوا)) ان هذا الوضع الاقتصادي غير المستقر سيساهم في استمرار التذبذب في أسواق المال بالعام الحالي في خضم كل هذه العوامل . واضاف العلي ان اداء الاسواق المالية العربية مرهون بحل الازمات السياسية في المنطقة لتخرج دولها من ظلال التأثيرات السلبية وتعاود اسواقها واقتصاداتها نشاطها الطبيعي، مع تضافر الجهود اوروبيا وعالميا لاحتواء وحل الازمة الاوروبية التي تضع اقتصاد منطقة اليورو ووحدتها النقدية على المحك وتعرض الاقتصاد العالمي لمخاطر جمة هو في غنى عنها حاليا. ( نهاية الخبر )