أسوان تستعد لإطلاق حملة «اعرف حقك» يونيو المقبل    القنوات الناقلة لمباراة الأهلي والزمالك في دوري المحترفين لكرة اليد    دعاء اشتداد الحر عن النبي.. اغتنمه في هذه الموجة الحارة    محافظ أسيوط: مواصلة حملات نظافة وصيانة لكشافات الإنارة بحي شرق    برلمانية تطالب بوقف تراخيص تشغيل شركات النقل الذكي لحين التزامها بالضوابط    العاهل الأردني يؤكد ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لتكثيف إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى.. والاحتلال يعتقل 14 فلسطينيا من الضفة    الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد وحدة صواريخ تابعة لحزب الله فى جنوب لبنان    مصدر سعودي للقناة ال12 العبرية: لا تطبيع مع إسرائيل دون حل الدولتين    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    أبو علي يتسلم تصميم قميص المصري الجديد من بوما    يورو 2024 - رونالدو وبيبي على رأس قائمة البرتغال    مفاجأة مدوية.. راشفورد خارج يورو 2024    «نجم البطولة».. إبراهيم سعيد يسخر من عبدالله السعيد بعد فوز الزمالك بالكونفدرالية    تعرف على تطورات إصابات لاعبى الزمالك قبل مواجهة مودرن فيوتشر    محكمة بورسعيد تقضي بالسجن 5 سنوات مع النفاذ على قاتل 3 شباب وسيدة    ضبط 4 أشخاص بحوزتهم 6 كيلو حشيش فى الدقهلية    زوجة المتهم ساعدته في ارتكاب الجريمة.. تفاصيل جديدة في فاجعة مقتل عروس المنيا    الإعدام لعامل رخام قطع سيدة 7 أجزاء بصاروخ لسرقتها فى الإسكندرية    "السرفيس" أزمة تبحث عن حل ببني سويف.. سيارات دون ترخيص يقودها أطفال وبلطجية    النطق بالحكم على مدرس الفيزياء قاتل طالب الثانوية العامة بعد قليل    جيفرى هينتون: الذكاء الاصطناعى سيزيد ثروة الأغنياء فقط    تأجيل محاكمة 12 متهمًا في قضية رشوة وزارة الري ل25 يونيو المقبل    السيسي يستقبل مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية ويؤكد على دورها في نشر وتعميق المعرفة والعلم    لمواليد برج الثور.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    جهاد الدينارى تشارك فى المحور الفكرى "مبدعات تحت القصف" بمهرجان إيزيس    كيت بلانشيت.. أسترالية بقلب فلسطينى    محافظ الفيوم يترأس اجتماع اللجنة الاستشارية للسلامة والصحة المهنية    أمين الفتوى: قائمة المنقولات الزوجية ليست واجبة    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    رئيس الوزراء يتابع عددًا من ملفات عمل الهيئة المصرية للشراء الموحد والتموين الطبي    «الرعاية الصحية» تدشن برنامجا تدريبيا بالمستشفيات حول الإصابات الجماعية    أفضل نظام غذائى للأطفال فى موجة الحر.. أطعمة ممنوعة    الجامعة العربية والحصاد المر!    «غرفة الإسكندرية» تستقبل وفد سعودي لبحث سبل التعاون المشترك    السيسي: مكتبة الإسكندرية تكمل رسالة مصر في بناء الجسور بين الثقافات وإرساء السلام والتنمية    تفاصيل حجز أراضي الإسكان المتميز في 5 مدن جديدة (رابط مباشر)    المالية: بدء صرف 8 مليارات جنيه «دعم المصدرين» للمستفيدين بمبادرة «السداد النقدي الفوري»    وزير الأوقاف: انضمام 12 قارئا لإذاعة القرآن لدعم الأصوات الشابة    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    أفعال لا تليق.. وقف القارئ الشيخ "السلكاوي" لمدة 3 سنوات وتجميد عضويته بالنقابة    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    «الشراء الموحد»: الشراكة مع «أكياس الدم اليابانية» تشمل التصدير الحصري للشرق الأوسط    الجلسة التحضيرية الرابعة للمؤتمر العام للصحافة مع القيادات الصحفية، اليوم    هالاند.. رقم قياسي جديد مع السيتي    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    أسعار طن الحديد فى مطروح وسيوة اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    عمر العرجون: أحمد حمدي أفضل لاعب في الزمالك.. وأندية مصرية كبرى فاوضتني    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصير المجهول للدواعش العائدين من جبهات القتال
نشر في الوفد يوم 26 - 04 - 2017

فزع ورعب فى دول العالم من تسلل «الذئاب المنفردة» عبر حدودها
بريطانيا تنشئ سجناً جديداً لعزل الجهاديين العائدين بهدف منع الأفكار المتطرفة
تمثل ظاهرة المقاتلين الأجانب الذين يلتحقون بالجماعات الإرهابية المسلحة فى سوريا والعراق وليبيا أكثر الأمور الأمنية أرقاً بالنسبة لحكومات الدول التى يذهب بعض أبناء شعوبها إلى أماكن التوتر، ورصدت وكالات المخابرات العالمية 40 ألف عنصر إرهابى أجنبى ينتمون إلى 110 دول، وتسابقت المؤسسات القضائية فى الدول الأصلية التى يخرج منها هؤلاء الإرهابيون إلى سن قوانين للإرهاب، تخصص من بين أبوابها مواد قانونية تضع آليات للتصرف فى هذه العناصر، من بين هذه الآليات الاعتقال لمدد زمنية لا تقل عن 10 سنوات، وقد تمتد إلى أكثر من 25 عاماً طبقاً للعقوبات المقررة بعد إصدار الأحكام القضائية، وقد تكون العقوبة مراقبة المتهم 24 ساعة أو احتجازه فى بعض الأماكن وحظر تجوله فى أماكن أخرى، أو إطلاق سراحه مع أدائه خدمات للأجهزة الأمنية مثل الإدلاء بمعلومات عن العناصر الإرهابية النائمة، وأماكن تمركزها، أو إفشائه مواعيد أو مشروعات مستقبلية للجماعات الإرهابية سواء على أرض موطنه أو الدول الأخرى.
وكان معتقل جوانتانامو أشهر مكان احتجاز للعناصر الإرهابية على مستوى العالم، وتفضل الأجهزة الأمنية فى حالة احتجاز العناصر الإرهابية العائدة أن يتم حجزها فى أماكن معزولة حتى لا تؤثر فى باقى المساجين وتنقل أفكارها الأيديولوجية إليهم، وبعض أماكن الاحتجاز يتم تعذيب هذه العناصر فيها حتى تفشى أسرار جماعاتها وعملياتها وإمكاناتها واماكن وجودها، وبعض عمليات التعذيب يتم تبريرها من أجل إخضاع وإذلال هذه العناصر حتى لا تعود مرة أخرى لمثل هذه العمليات، خاصة فى ظل انتشار عمليات الذئاب المنفردة التى كثرت فى العواصم الأوروبية، إلا أن الدراسات الأمريكية أثبتت أن هناك أكثر من ألفى عنصر إرهابى كانوا محتجزين فى معتقل جوانتانامو عادوا لممارسة الأعمال الإرهابية أو الاشتراك فى الجماعات الأيديولوجية والمسلحة من جديد بعد الإفراج عنهم من جوانتانامو، كما عارضت بعض جمعيات الدفاع عن حقوق السجناء احتجاز هذه العناصر بشكل انفرادى لأنها تأتى بنتائج عكسية، ومن ثم عكفت مراكز الأبحاث فى كيفية التأثير فى عقول هذه العناصر فى أماكن احتجازها عن طريق التواصل العصبى، كما يقول مركز الدراسات المخابراتية الأمريكى، ولجأت بريطانيا فى بعض سجونها إلى انتهاج هذه الطريقة بوضع أجهزة لضخ ذبذبات معينة تؤثر فى أفكار والأجهزة العصبية للمساجين من أصحاب الأفكار الغريبة أو السياسية، وتنص لائحة السجون فى مصر على وضع مساجين القضايا السياسية ومن بعدها الإرهابية التى لها خلفية فكرية فى أماكن احتجاز منفردة، وتتطابق هذه المواد مع اللوائح الدولية المشابهة.
وبعض هذه القوانين مثل قانون الإرهاب فى مصر وتونس والاتحاد الأوروبى تلزم العناصر الإرهابية بالاشتراك فى برامج لإعادة التأهيل والتفاعل فى المجتمع من جديد بشكل تدريجى لحين الوصول إلى الشكل الطبيعى، وهناك بعض الدول من بينها دول الاتحاد الأوروبى مجتمعة وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا تلزم هؤلاء بإشراك زوجاتهم وأولادهم وخاصة ممن تمت ولادتهم فى ظل أجواء الحياة مع الجماعات المسلحة ذوات الأفكار والأيديولوجيات المتشددة، فى الخضوع للعلاج النفسى الاجتماعى والتأهيلى حتى تتم إعادة دمج هذه الأمهات وإرشادهن المستمر لتولى تربية الأبناء، مع العناية بالأبناء تمهيداً لإعادتهم إلى المدارس والزملاء الطبيعيين.
وعن الإجراءات يقول اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق، إن كل العناصر الإرهابية المصرية التى خرجت من البلاد بهدف الانضمام أو تنفيذ عمليات إرهابية فى أية دولة سواء سوريا، العراق، ليبيا أو غيرها، تتوفر حيالها معلومات مؤكدة ومسبقة لدى أجهزة الأمن المصرية ترصد كل تحركاتهم داخل وخارج البلاد، وبناء عليه تقوم الأجهزة الأمنية بضبطها وإحضارها وتمثيلها أمام النيابات المختصة وإحالتها للمحاكمة، وأوضح اللواء علام أن خطوة إقامة المجلس الأعلى للإرهاب كانت واجبة منذ العديد من السنوات، حيث نادى علام بإقامة المجلس منذ ثلاث سنوات، حيث يرى علام أن مثل هذا المجلس سيتولى تنظيم وتنفيذ وإنجاز كل ما يتعلق بالإرهاب فى مصر على كل الأصعدة الأمنية والمخابراتية حتى التأهيلية النفسية والاجتماعية للعناصر الإرهابية العائدة من الخارج أو التى يتم القبض عليها فى الداخل.
وعن أماكن احتجاز هذه العناصر الإرهابية يؤكد علام أنه يتم وضعها فى أماكن احتجاز منعزلة عن باقى المساجين حتى لا يتم نقل أفكارها وتأثيرها على الآخرين.
ولم تعلن وزارة الأوقاف فى مصر أو مؤسسة الأزهر الشريف على سبيل المثال عن أية برامج خاصة بالمراجعات الفكرية لمثل هذه العناصر الإرهابية تحت رعاية الدولة، أو لم تعلن وزارة الشئون الاجتماعية عن تدشين برامج إعادة التأهيل الاجتماعى والنفسى لها لإدماجها من جديد فى المجتمع، إلا أنه من المفترض حسب تصريح اللواء فؤاد علام ل«الوفد» أن يتولى مثل هذه الأمور المجلس الأعلى للإرهاب.
وبين مؤيد ومعارض لجدوى مثل هذه البرامج يؤكد اللواء محمد زكى الألفى مستشار أكاديمية ناصر العسكرية، أن ثبوت الأفكار المتطرفة فى أذهان الشباب وغيرهم من الصعب جداً أن تتغير، حيث تصبح عقيدة راسخة لديهم، وحين يتم القبض عليهم ومحاكمتهم سواء أكانوا عائدين من الخارج أو داخل الأراضى المصرية، فإنه لابد من عزلهم عن باقى المحتجزين والمسجونين لأنهم أصبحوا مثل «التفاحة الفاسدة» على حد قوله، يمكنها إفساد الآخرين، لأنه تحول من مرتزق، أى أنه يتكسب من قيامه بالأعمال الإرهابية والتخريبية إلى قاتل محترف يتبنى عقيدة ينفذ من خلالها العمليات عن قناعة وعقيدة. ومع ذلك فإن أفراد عائلاتهم مثل الأمهات والأطفال يمكن أن تجدى برامج إعادة التأهيل معهم، وقياس مدى استجاباتهم لتعديل أفكارهم، وقياس المدة التى يستغرقها ذلك، وهل يمكنهم الخروج للمجتمع بشكل مفاجئ أم تدريجى.
الاتحاد الأوروبى فى أزمة
أثبتت المسوح أنه فى خلال السنوات الخمس الأولى من الربيع العربى قام نحو 4 آلاف أوروبى بالذهاب إلى سوريا والعراق، وعاد من بينهم ألف شخص، إلا أن اليوروبول أثبت أنه حتى 1 مايو المقبل 2017 سيصبح مجموع من سافر إلى الأماكن الملتهبة فى العالم 7 آلاف و884 مقاتلاً من أوروبا وحدها، وتحتل بلجيكا المرتبة الأولى فى توريد هؤلاء المقاتلين من أوروبا، حيث قام أحد البلجيك من أصول مغربية وشهرته «بلقاسم» بتدشين جماعة «الشريعة فور بلجيكا»، التى استطاعت جذب الكثير من البلجيك والفرنسيين إلى الانضمام إليها ثم السفر إلى سوريا، وتلت بلجيكا الدانمارك التى سجلت 1015 مقاتلًا فى داعش بسوريا مات بعضهم هناك، إلا أن نصفهم عاد إلى مدينتى كوبنهاجن وأهروس فى الدانمارك مؤخراً، وعلى الرغم من تأكد أجهزة المخابرات والتحقيقات من سفر أو قيام هذه العناصر بأعمال عنف، فليست لديها أدلة مادية حتى فى حالة وجود الأدلة، واستعداد بعضهم إلى العدول عن الأفكار المتطرفة والاشتراك فى برامج إعادة التأهيل، فإن القضاء الأوروبى فى بعض البلدان أمثال بلجيكا والدانمارك وبريطانيا، تركهم للعودة إلى دراساتهم والعمل ولأسرهم مرة أخرى مع استمرار المراقبة السرية لنشاطاتهم، والبعض الآخر يتحول إلى مرشد للبوليس عن أية عمليات او تحركات فى المستقبل للجماعات الإرهابية داخل بلدانهم الأوروبية، أما البعض الثالث فهو محتجز فى بعض أماكن الاحتجاز لحين إعادة تفكيرهم مع أنفسهم فى المصير الذى يمكن أن يلاقوه فى حالة استمرارهم فى طريق الإرهاب، ومع صعوبة إثبات ضلوع بعض العناصر فى أعمال إرهابية خارج البلاد إلا فى حالة تصويرهم ونشر الصور أو الفيديو، قامت وحدات المخابرات السرية البريطانية والأوروبية بإرسال العشرات من رجال المخابرات السريين إلى سوريا والعراق لمراقبة والاقتراب من العناصر الأوروبية المنضمة للتنظيمات الإرهابية لرصد وتسجيل أدلة إدانتهم لمحاكمتهم عند العودة إلى بلادهم.
تأهيل العناصر الإرهابية وأسرهم
نشرت صحيفة الجارديان تحقيقًا عن التحديات التى تواجه الدولة البريطانية فى كيفية التعامل مع العناصر الإرهابية العائدة إلى أراضيها ممن يحملون جنسيتها أو أية جنسية أوروبية أو دولة ثالثة، سواء من سوريا أو العراق أو أية دولة حاضنة لهم، وكشف الخبراء الأمنيون فى بريطانيا أن التحدى لا يقتصر فقط على العنصر الإرهابى فقط، بل يمتد إلى أطفاله الذين تمت ولادتهم أثناء وجودهم فى جو ملىء بالطائفية والتشدد الدينى والتراجع الحضارى، وكذلك إخوتهم المصاحبين لهم، بالإضافة إلى أمهاتهم ما يجعل التركة ثقيلة، حيث ستعمل محاكم الأسرة على استيعاب هذه المشكلات من ناحية، بالتعاون مع الجهات التعليمية والاجتماعية والنفسية التى ستتولى إعادة تأهيلهم وإعادة دمجهم فى المجتمع مرة أخرى.
تعديلات قانونية جنائية
ويوضح الخبراء القانونيون هناك أن لدى بريطانيا ترسانة من القوانين الجنائية والمحاكم التى يمكن لها ان تحكم على 850 عنصراً مرة واحدة ممن ثبت وجودهم حتى هذه اللحظة فى مسارح المعارك فى الدول الفوضوية، كل حسب المدة التى قضاها خارج البلاد ونوع الجرائم التى تم ارتكابها هناك. وتم تحديث وتطوير القوانين الجنائية بما يتلاءم مع الظروف الجديدة، حيث أصبحت تنص على أن تتم معاقبة كل من سافر إلى سوريا أو العراق أو أية دولة أخرى بهدف الانضمام أو تقديم المساعدة أو الاشتراك فى أية أعمال تصنف إرهابية، يتم تقديمه للمحاكمة وخضوعه لمواد القوانين الجنائية.
كما تضمنت التعديلات ذكر تركيا بالتحديد كجهة يقصدها المسافرون إلى باقى البلدان التى تعانى من قبضة الإرهاب فيها وعلى رأسها سوريا والعراق، حيث تعتبر تركيا من الناحية الجغرافية حلقة الوصل بين أوروبا والشرق الأوسط، كما تتركز فيها العناصر التى تتصل وتسهل تسفير العناصر الأجنبية المنضمة إلى داعش وغيره من الجماعات المسلحة، وهذا ما جعل بريطانيا بالتحديد تقلل من نبرة انتقاد نظام حكم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، حتى يتسنى له تحقيق التعاون الأمنى وتبادل المعلومات عن العناصر الخارجة والداخلة والعائدة إليها.
سجون جديدة
أنشأت بريطانيا هذا الأسبوع وحدة تضم 100 خبير وعنصر من العمليات الخاصة المخابراتية، لوضع آليات لكيفية التعامل مع العناصر الإرهابية الراديكالية أو من أصحاب الأفكار المتشددة، والعناصر المماثلة الأخرى التى تصنف بالخطيرة، وأطلقت عليها وحدة «العناصر المسمومة»، وتتمثل الآليات الرادعة إقامة وحدة «الأعصاب» التى يتم فيها التحكم فى أجهزة العناصر الإرهابية العصبية عن بعد، ومن ثم السيطرة على أفكارهم وتحجيم انتقالها من شخص لآخر.
كما ستقوم وحدة العمليات الخاصة بتدريب العاملين والمسئولين فى السجون على كيفية التعامل مع العناصر الإرهابية الخطيرة، حيث وجدت إدارات السجون أن العناصر الإرهابية من أصحاب الكاريزما والتأثير فى الجماهير، تتعامل مع باقى المساجين بصفتهم الأمراء، الذين يدعون الباقين للولاء لهم ولأفكارهم، ما دفع المسئولين عن هذه السجون وإداراتها إلى تقديم طلبات إلى وزارة الداخلية وغيرها من الوزارات المعنية بعزل وحجز هذه العناصر فى سجون بعيدة عن الباقين، وبالفعل استجابت الحكومة البريطانية لهذه الطلبات وقررت استبعاد ألف عنصر إرهابى فى أماكن احتجاز منفصلة.
وتشمل قائمة مهام وحدة العمليات الخاصة ليس فقط التعامل مع العناصر الإرهابية، بل تشمل أيضاً العناصر والأفراد الذين ينتهجون الفكر اليمينى المتطرف أو العنصرى أيضاً.
وأقامت بريطانيا على إثر ذلك سجن «دورهام» للعناصر الإرهابية فقط، ما جعل الكثيرين يطلقون عليه «جوانتانامو بريطانيا»، أو «السجن الانعزالى للجهاديين»، وهو مكان يهدف بالأساس إلى عزل أصحاب الأفكار المتطرفة والخطيرة عن نقل عدوى أفكارهم إلى الآخرين، حيث أثبتت المسوح أن هناك الكثير من المساجين يخرجون متشبعين بالأفكار المتطرفة بعد قضائهم عقوبتهم، ما يمثل خطرًا على أمن وسلامة المجتمع حسب تصريحات وزير السجون البريطانى. وظهرت هذه الضرورة الملحة على عزل العناصر الإرهابية والمتطرفة فى الفكر بعد أن أثبتت جريمة اقتحام كوبرى ويست مينيستر، فخالد مسعود مرتكب الواقعة تحول إلى اعتناق الفكر الإسلامى المتطرف بعد أن كان زميلًا لأحد العناصر المتطرفة الإسلامية فى سجن لويس فى شرق سوسيكس ببريطانيا.
وتضم وحدة فراكلاند للسجناء الخطيرين فى سجن دورهام بعض العناصر المشهورة بضلوعها أو تنفيذها أعمال إرهابية خطيرة وواسعة النطاق، أمثال تنفير حسين الذى هدد بإسقاط إحدى طائرات الركاب المتجهة من هامبشاير إلى الولايات المتحدة مستخدماً القنابل السائلة المهربة فى إحدى عبوات المشروبات الغازية، كما تضم ديرين باروت العقل المدبر ومخترع القنبلة القذرة المشعة لمواد الراديو أكتيف التى كان من المخطط إلقاؤها فى بريطانيا وغيرهم.
وعلى الرغم من كل محاولات العزل التى تبذلها الحكومة البريطانية، إلا أنه فى عام 2015 تم اكتشاف تسريب لمجلة تنظيم القاعدة فى سجن فرانكلاند المعزول!، إلا أن الجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى أمثال جمعية زاهد مبارك أعدت تقريراً هذا الأسبوع عن تعرض المساجين ممن ينتمون إلى الأقلية العرقية والمذهبية أمثال السود والمسلمين إلى الاضطهاد والتمييز وبعضهم يتعرض للمعاملة العنيفة، ما أودى إلى موت زاهد حسين فى زنزانته على يد السجان المسئول عنه، وقام بالفعل بعض السجناء إلى رفع قضايا ضد مسئولى السجون ولم يكسب الدعاوى سوى 1% من بينهم، حيث تقول وزارة العدل البريطانية إن معظم هذه الدعاوى غير حقيقية ويتم إثبات عدم صحتها ومن ثم تسقط الدعاوى.
إجراءات الردع المسبق
فى مطلع العام الحالى قامت مفوضية الأمن الأوروبية بعقد مؤتمر فى إستونيا برئاسة جوليان كينج المفوض الأمنى الأوروبى، أقرت إجراءات الردع الجنائى المشترك بين دول الاتحاد، وذلك لعدم قدرة بعض دول الاتحاد تمويل القيام بهذه الإجراءات بشكل منفرد، وتتلخص هذه الإجراءات فى النقاط التالية:
زيادة تشديد إجراءات الأمن والفحص على حدود كل دولة سواء البرية أو لبحرية أو الجوية، التى تصل إلى التفتيش الشخصى لكل الأفراد الداخلين لأية دولة من أعضاء الاتحاد سواء من حاملى جنسية هذه الدولة أو من حاملى جواز السفر الأوروبى أو أية دولة أخرى، وتتم تلك الإجراءات فى إطار نظام شنجن للتبادل المعلوماتى «ETIAS».
تبادل المعلومات المخابراتية بين دول الاتحاد، وإنشاء نظام معلوماتى إلكترونى للإرشاد عن المواد التى تحمل مادة أو محتوى تحريضيًا إرهابيًا أو تخريبيًا أو أفكارًا متطرفة على أى موقع على شبكة الإنترنت، أو مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى إثر ذلك ذهب وفد مكون من مسئولين أوروبيين إلى القرية الذكية الأمريكية التى تضم الشركات العاملة فى الإنترنت أمثال فيسبوك وإنستجرام وتويتر وياهو وجوجل وغيرهم، للاتفاق بينهم وبين الاتحاد على إزالة مثل هذه المواد من أى موقع ثم منحها خاصية عدم القدرة على إعادة تحميلها فى موقع آخر، مع توجيه الاتحاد الأوروبى تحذيراً للشركات فى تعريضها للعقوبة الجنائية فى حالة عدم تنفيذها للاتفاق.
تعزيز قدرات جهاز الشرطة الأوروبى اليوروبول فى ضبط وإحضار العناصر الإرهابية التى يثبت تورطها فى أية أعمال داخل أو خارج البلاد فور وصولها، مع تأمين المطارات الكبيرة خاصة شارل ديجول فى باريس الذى سجل أكثر من ألف حالة دخول مشتبه فيها إلى فرنسا وباقى الدول الأوروبية، كما منحت مفوضية الأمن الأوروبية صلاحيات لجهاز اليوروبول لتفتيش المنشآت النووية وغيرها من معامل المواد الكيميائية والبيولوجية، بعد ثبوت ضلوع الإرهابيين المنفذين لعمليتى باريس وبروكسل العام الماضى فى الوصول إلى المواد النووية من محطة الطاقة النووية فى بلجيكا، من أجل إعداد أسلحة متطورة ما يمثل خطورة عالية على أمن وسلامة القارة الأوروبية كلها.
ولا تخلو الإجراءات الأوروبية من تدشين برامج للتأهيل الاجتماعى والنفسى للعناصر الإرهابية العائدة لدول الاتحاد من سوريا والعراق وغيرهما من البلاد الحاضنة للجماعات المسلحة، بالإضافة إلى برنامج نشر الوعى المجتمعى ضد الأفكار المتطرفة والراديكالية ويسمى «RAN» الذى قامت بتشكيله كل من فرنسا وألمانيا.
وأصدرت العديد من الدول العربية قوانين لمكافحة الإرهاب كما فعلت تونس، كما اجتمعت مجموعة دول التعاون الخليجى لوضع التشريعات المشتركة وآليات متبادلة بين المجموعة لمكافحة الإرهاب داخل أراضيها، ومن ثم أصبحت التجمعات الإقليمية للدول تضع مجموعات من القوانين التى تشترك فيها، بدءًا بالاتحاد الأوروبى والدول العربية حتى داخل الإقليم الواحد، ما يسهل ويوفر التعاون والتبادل المعلوماتى على نطاق أضيق من مثيله العالمى الذى يصعب عمليات المسوح والتوصل لنتائج فعالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.