بعين واحدة تطل على الدنيا، وبقلب يسع ضحكات كل أطفال الحى.. تحتضن أم السيد الصغار الملهوفين على ركوب المرجيحة لتدفعها العجوز الحانية بيدها الضعيفة أو يساعدها ابن أختها فى إدارة الملاهى الصغيرة التى تنشر البهجة فى مكان تزيل كآبة مشهد المتخاصمين أمام المحكمة على بعد خطوات ضحكات الصغار تغلب صرخات الباحثين عن موتاهم على أبواب المشرحة الأشهر فى مصر. الضحك غلاب.. ويكفينا ما فينا من هموم.... فرحة العيال وهما راكبين وبيطوحوا فى الهوا تشرح القلب وتنسينى عينى اللى راحت فى غلطة طبيب.. الزمن جار علينا والراجل نايم تعبان فى البيت وليس لنا فى الدنيا من سند حتى المعاش لم نستطع الحصول عليه.. لذا فهذه المرجيحة هى كل رأسمالنا. كانت تشكو كأنها تصرخ من شدة الحاجة وضغط ظروف الحياة القاسية، قالت: والله الدنيا أصبحت صعبة، ولقمة العيش عزيزة، وكل شيء غالى، والفقير هيموت من الجوع.. مين يصدق أن كيلو الطماطم ب12 جنيهًا.. وأصبحنا نشتهى حتى طبق الفول، مش عارفين ناكل إيه.. والله عينى راحت بسبب خطأ طبى ولم أستطع شراء الدواء أو مقاضاة الطبيب، سلمت أمرى لله، وأعيش راضية بحالي.. على قدر استطاعتى أحاول إسعاد الأطفال لأنهم غلابة وأهلهم فقرا وعايشين اليوم بيومه زى كل الناس فى شارعنا وربنا بيبارك فى الجنيه علشان العيال تفرح. سألتها، وفى موسم الدراسة كيف تدبرين أمورك والأطفال مشغولين بين المدرسة والدرس؟ ضحكت أم سيد، قائلة: ده أحلى حاجة المدارس.. العيل بيشيل الجنيه ويحرم نفسه من أى حاجة حلوة فى الفسحة ويجى يتمرجح. سكان الحى يحبون صاحبة الملاهى الفقيرة التى تسعد أبناءهم الفقراء الذين يرون الملاهى فى التليفزيون فقط، وتداعب خيالهم الألعاب العملاقة التى تطير بمن فيها لأعلى ارتفاع ممكن.. لكن مرجيحة أم سيد تطير بلا حدود فتصعد الأحلام للسماء مع كل نفس يتنفسونه.. ثم تهبط لواقع تغييره هو الحلم الأكبر. عندما تنتهى المدة يصرخ الطفل رافضاً ترك المرجيحة فتنهره أمه فيتوجه مباشرة إلى صانعة البهجة.. «خللينى شويه كمان والنبي» فيرق قلب العجوز، قائلة: العب لحد ما تشبع.
