وسط الجدل الدائر حاليا بشأن التمويل الأجنبي لجمعيات ومنظمات المجتمع المدني نقلت بعض صحفنا عن وكالة "أمريكان إن أرابيك" عددا من الوثائق الخطيرة التي يعرضها موقع ويكيليكس الشهير بخصوص علاقة نشطاء مصريين بالسفارة الأمريكية في القاهرة.. والمعلومات التي قدمها هؤلاء النشطاء وأوجه التعاون الذي قاموا به مع رجال السفارة وضيوفها. هذه الوثائق كانت ترسل من السفارة بالقاهرة إلي وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن بصفتها سرية للغاية.. وكانت السفيرة الأمريكية تضع علي تلك الرسائل الخاصة بالنشطاء كلمة "سري" وتكتب تنبيها خطيرا لوزارتها تقول فيه "أرجو حماية هذه الأسماء بصرامة". وقد تضمنت وثائق ويكيليكس رسائل ومعلومات في غاية الخطورة عن علاقة هؤلاء النشطاء السياسيين والإعلاميين وبعض المسئولين السابقين بالسفارة.. والأنشطة التي تورطوا فيها.. وبينهم أسماء عديدة من أولئك المشهورين الذين ننام ونصحو علي صراخهم في الفضائيات يعلموننا أصول الوطنية والنزاهة وقبول الآخر واحترام حقوق الإنسان. وإلي الآن لا نستطيع أن ندين أحدا من هذه الأسماء.. وعلينا أن ننتظر نتيجة التحقيقات التي تجري الآن مع بعض الجمعيات والمنظمات.. لكن الغريب ان الشخصيات المريبة والمتورطة في التمويل الأجنبي هي التي تسارع إلي الهجوم.. باعتبار ان الهجوم أفضل وسيلة للدفاع. هذا الهجوم يأخذ في كثير من الأحيان شكلا مستفزا.. فالبعض يبرر حصوله علي أموال السفارة الأمريكية بأن الدولة تحصل علي معونة من أمريكا.. وحين تتوقف الدولة عن المعونة سوف يرفض التمويل.. والبعض الآخر يكذب ما نشره ويكيليكس ربما من هول ما في تلك الوثائق من معلومات تتعلق بأمن مصر القومي. الوحيد الذي تقدم إلي النائب العام ببلاغ طالبا التحقيق في الوقائع المنسوبة إليه في وثائق السفارة هو د. حسن نافعة.. وهذا أسلوب جدير بالاحترام نتمني أن يسلكه الباقون ممن تحوم حولهم الشبهات وفيهم أسماء محترمة مثل الناشطة جميلة اسماعيل ود. عمرو الشوبكي عضو مجلس الشعب الجديد وهشام قاسم مؤسس صحيفة "المصري اليوم" والناشط الحقوقي حافظ أبوسعدة ونجاد البرعي المحامي ومحمد عصمت السادات ود. مني ذو الفقار ومايكل منير وآخرين. ومن يقرأ وقائع اللقاءات التي كشفت عنها وثائق ويكيليكس يشيب رأسه من هول ما فيها.. وقد تجرأت بعض الصحف التي تناولت هذا الموضوع إلي الحد الذي جعلها تقول إن الوثائق "كشفت عمالة العديد من مسئولي المنظمات الحقوقية". في بعض هذه الوثائق ان وزارة الخارجية الأمريكية كانت تمول سفريات قيادة صحفية شابة لمعت بسرعة من خلال رئاسته لتحرير صحيفة اليكترونية ثم سرعان ما تحولت هذه الصحيفة إلي ورقية ويومية.. ولا أحد يسأل عن مصدر التمويل. نحن لا نبريء أحدا ولا ندين أحدا.. لكننا فقط ننبه إلي خطورة هذا التمويل الأجنبي وخطورة الأنشطة غير المشروعة بل المريبة التي يوجه إليها.. ولدينا إحساس مجرد إحساس بأن الطرف الثالث الذي يجري البحث عنه في كل الكوارث التي حلت بنا هو صناعة هذا التمويل الأجنبي الذي لا يريد لمصر أن تستقر وتهدأ لتبني الأمجاد بعدما ثارت علي الفساد وأسقطته طبقا لنظرية الثائر الحق التي صكها المرحوم الشيخ الشعراوي. التمويل الأجنبي الذي يأتينا من كل جانب: أمريكا واسرائيل وكندا والنرويج وهولندا وبعض البلدان العربية لا يمكن أن يستمر بعيدا عن عين الدولة ورقابتها.. وما نراه الآن من محاولات مستميتة لإثارة القلاقل والفتن الطائفية والفئوية هدفه منع الدولة من أن تنظم شئونها وتقوم بدورها حماية لمصالح مصر المستباحة وأيضا حماية للشعب المصري الذي يفتقد الأمن والأمان. سيقول الموتورون ان هذا الكلام يسيء إلي الثورة والثوار ويظهرهم بأنهم إجراء وعملاء وأسارع بالقول بأننا نفرق دائما بين الثوار الحقيقيين الذين استشهدوا وأصيبوا وكانت تحركهم المبادئ والأهداف النبيلة وبين الذين تورطوا في أعمال البلطجة والتحريض وإتلاف وحرق المنشآت.. وسوف تتكشف حقائق خطيرة في هذا الصدد إذا ما أتيح لجهات التحقيق أن تنجز عملها بسرعة ولا تفاجأ كل يوم بكارثة جديدة تزيدها مشقة وارتباكا. مقال مؤمن الهباء- نقلا عن صحيفة المساء