شهدت المنطقة العربية قبل ستة سنوات، اندلاع بركان ثوري في عدد من البلاد العربية أطلق عليه البعض "الربيع العربي"، كمصر، وسوريا، وتونس، واليمن وليبيا وغيرهم، منهم من باء بالفشل وتحول لحرب اهلية وصراع، ومنهم من نجح وبدأ في طريق الاستقرار، فيما لحق ببعض الدول دمار شامل وخراب وتشريد لا يزال قائمًا حتى الآن،وهوا الامر الذي حير خبراء السياسة في وصفها ثورات او موجهات ثورية او مؤامرات غربية لاسقاط تلك الدول والسيطرة علي المنطقة العربية بعد اضعافها. وفي هذا الصدد، اتفق عدد من الخبراء السياسيين على أن مصطلح "الربيع العربي" غير مقبول لأنة مصطلح غربي وتحول في بعض الدول إلى خريف عربي ، وأن تونس تتصدر قائمة البلاد الأفضل، فيما تتدرجت باقي الدول كمصر والعراق واليمن وليبيا وسوريا إلى أن تنتهي القائمة. قال الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، أنه بعد مرور 6 سنوات علي الثورات العربية، لم ترقى أي منهم لكونها ثورة حقيقية محققة مطالبها، سوى ثورتي تونس ومصر، وذلك لأن الأولى أطاحت بالنظام القديم المتمثل في زين العابدين علي، وأجبرتة على الرحيل، والثانية عزلت النظام الفاسد المستمر لثلاثين عام، وهو نظام مبارك، الذي كان يأمل في التوريث. وأشار زهران في تصريح خاص ل"بوابة الوفد"، إلى أن الثورة التونسية تفوقت على الثورة المصرية، لأنها قامت بمحاسبة النظام محاسبة بناءة، وامتازت بالشفافية، وحصرت الأملاك كافة وكانت المحاسبة للنظام علنية، فيما تميزت مصر بثورتي لا بثورة واحدة، 25 يناير وثورة 30 يونيو، ولكنها فشلت في اقصاء عناصر النظام الأسبق من اجهزة الدولة، مما جعلنا ننتج نظام آخر مماثل بعض الشئ لنظام مبارك. ولفت إلى أن مصر لم تحاسب مسؤولي النظام السابق محاسبة جادة، قائلًا: "العصابة اللي حكمت مصر متحاسبتش". وأعرب أستاذ العلوم السياسية، عن اسياؤة من الأوضاع الحالية، مشيرًا إلى أن مشهد الثورات العربية بشكل عام "ضبابي"، ويسير إلى الأكثر ضبابية، وذلك نتيجة لانعدام الأولويات السياسية، فضلًا عن الاوضاع الانتقالية الصعبة للغاية. وقال الدكتور ناجي الشهابي، أن تسمية الربيع العربي تسمية غربية، ولابد من تصحيحها، واستخدام الثورات العربية أو ما يماثلها من مصطلحات، لاقتًا إلى أن الربيع العربي قد تحول إلى خريف عربي، نتيجة لما حدث به من دمار وخراب، فضلًا عن حرق المؤسسات الحكومية وأقسام الشرطة وغيرها، لولا تعاون الجيش والشعب لتخطي مثل هذة الأزمة. وأضاف الشهابي، أن الوضع يزداد سوءًا في الربيع العربي كافة، بسبب السياسات الحكومية والمشاكل الأمنية، علاوة على المشاكل الاقتصادية المصرية، فالخراب والدمار يجتاح العالم العربي أجمع من سوريا إلى ليبيا واقتصاد مصر وغيرها. ومن جانبه، قال الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية، أن الربيع العربي شهد ذروة الأحداث، بسبب التفاعل الناتج بين القوى المجتمعية، موضحًا أنه يفضل لفظ "موجة ثورية" لما شهدته مصر وتونس وليبيا وسوريا والجزائر والمغرب، لافتًا إلى أن الموجة الثورية هي أقل من الثورة، وتنشأ نتيجة لتذبذب الأوضاع، لافتًا إلى أنه تم احتواء الموجة الثورية في المغرب. ولفت أستاذ العلووم السياسية، إلى التصنيف الآخر المتمثل في تحول الموجة الثورية إلى حرب أهلية، أو صراع طائفي، كالذي شهدتة بعض الدول ك"سورياوالعراق واليمن والبحرين"، فهذة الدول اخذت مسار آخر للموجة الثورية، وأوضاعها تتدهور ولا يمكنها الرجوع لما كانت علية. وأكد عودة، أن الأوضاع المصرية والتونسية وغيرهم ممن شهدوا موجة ثورية، تحتاج إلى استقرار مؤسسي لعدم الرجوع إلى الموجة الثورية، فكلما كان الاستقرار المؤسسي مرتفع انخفضت الموجة الثورية إلى أن تختفي، وكلما كان الاستقرار المؤسسي مضطرب أدى إلى ظهور الموجة الثورية، لافتًا إلى أن تونس شهدت استقرار أفضل من مصر نسبيًا. وتابع أستاذ العلوم السياسية، أن الدول المصنفة من جانبة ب"الحرب الأهلية"، أو "الصراع الطائفي"، المتمثلة في سورياوالعراق واليمن والبحرين، تحتاج إلى تسوية دولية. فيما استنكر الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية، من مصطلح الربيع العربي، مشيرًا إلى أنة مصطلح غربي ولا يفضل استخدامة، لافتًا إلى أنه يعمم الحكم على أشياء مختلفة، موضحًا أنه عبارة عن حركات في أكتر من بلد بطرق مختلفة، فقد استخدمت ثورتي مصر وتونس وسائل سلمية، أما اليمن وسوريا استخدموا وسائل عنيفة، وبالتالي تعيم المصطلح جمع بين غير المتشابهة. وأشار دراج، إلى أن فكرة الربيع العربي نفسها ليس لها علاقة بالواقع، لأنها أعطت أمل في غير محلة، وهو تحرير الشعوب العربية من الاستبداد والفساد، ولكن لم تستطع بعض الدول النجاح في تحقيق مرادها، ماعدا تونس بشكل نسبي، وحتى مصر هناك من يسميها ب"25 خساير"، رغم كونها ضد نظام الفساد. ولفت أستاذ العلوم السياسية، إلى أن كل بلد شهدت نتيجة مختلفة، ولكن جمعتهم الأوضاع الأسوء بنكهات مختلفة، فيما عدا تونس، ففي سوريا لايزال "بشار" في الحكم، واليمن تدهورت للأسوأ، والأمور غير مستقرة في ليبيا. وأضاف دراج، أن الوضع ضبابي في سوريا واليمن ويسير إلى أكثر ضبابية، اما تونس، فمن الممكن أن تحرز خطوات أفضل من غيرها بكثير نظرًا لارتفاع نسبة التعليم بها، بينما تسير مصر إلى "الله أعلم". وأشار الدكتور سعيد اللاوندي، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن الدول الغربية الكبرى وظفت الربيع العربي لخدمتها، فقد نجحوا في تفشي البطالة، وعدم وجود العدالة الاجتماعية، فقد سارت ثورات الربيع العربي في إتجاة غير الذي تبنته، مما أدى إلى انكساتها في بعض الدول. ولفت اللاوندي، إلى أن مصر تشهد درجة من العند، نتيجة احتفاظ الرئيس عبد الفتاح السيسي بشريف إسماعيل، ولتخطي مثل هذة الأزمة لابد وأن يحترم الرئيس الشعب، بينما تونس تشهد نوع من عدم الاستقرار نتيجة لوجود خلافات بين حزب النهضة والنظام الحاكم، وسوريا تآمرت عليها الدول الغربية للقضاء على بشار، مؤكدًا أنه لا تزال الكرة بملعب الدول الكبري لترسم السياسية الخارجية لتلك الدول، لكن الوضع يمكن أن يتحسن في ظل تولي "ترامب" مقاليد الحكم في امريكا، لأنه يعمل على تبني سياسة خارجية جديدة لمحاربة الفساد. وتابع أستاذ العلوم السياسية، قائلًا: "مصر على كف الرحمن"، لأن الأمور الداخلية صعبة للغاية، وسوريا مضطربة ولازلت الحروب بها قائمة حتى الآن، وربنا تسيير إلى الخير بعد تولي "ترامب" مقاليد الحكم، مشيرًا إلى أن اختزال العراق في الموصل، أزمة خطيرة جدًا وخاطئة.